(البرهان وحميدتي).. اتهامات الخيانة وإشارات إستمرار الحرب

عاين- 5 سبتمبر 2023

إلى جانب الرسائل العديدة التي حملها خطاب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان “حميدتي” حول الحرب المندلعة في السودان، تضمن إشارات باستمرارها والتهديد بتوسعتها في سياق ملاحقته لقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان الذي خرج من مقر قيادة الجيش في  العاصمة مؤخرا ويقيم في مدينة بورتسودان شرقي البلاد.

وجاء خطاب حميدتي الذي بثته صفحات رسمية للدعم السريع مساء أمس الأثنين، أكثر حدة في وصف قائد الجيش بـ “الخيانة والغرور والكذب والعنصرية” لجهة ما يتردد أن عملية خروج البرهان من مقر قيادة الجيش السوداني تمت بتوافق إقليمي من شأنه بداية عملية سياسية تنهي الحرب المستعرة في البلاد، لكن خطابات قائد الجيش فور خروجه اتسمت بالاستمرار في الحرب وهزيمة “الخونة” في إشارة لقوات الدعم السريع.

“حميدتي” رفض اتهام البرهان له ولقواته بالخيانة. وأشار إلى أن الجيش هو الذي بادر بالهجوم عليهم في معسكراتهم. وقال إنه بعد التوترات الاخيرة عرض مقترح توأمة بين الجيش والدعم السريع وافق عليها “البرهان” بتردد. وقال مخاطباً البرهان: “نحن لا نخون.. الخيانة لا تشبهنا.. الخيانة تجري في دمك”.

كما نفى في حديثه تناقص عدد قوات الدعم السريع إلى 5% من عددها الكلي، وتساءل مخاطباً “البرهان” “إن كانت قواتنا تناقصت بالفعل لماذا غادرت الخرطوم، مشيراً إلى أن قواته تتزايد بمعدل ثلثين”.

وقال حميدتي، أنه كان يعتقد أن “البرهان” سيتعظ بعد حصاره في القيادة العامة للقوات المسلحة لأكثر من أربعة أشهر، إلا أنه لم يتعظ  وبات يتجول في “الكورنيش” بمدينة بورتسودان،  دون أن يضع في اعتباره القادة العسكريين الموجودين بالقيادة العامة.

بحث عن شرعية 

وفي الـ 25 أغسطس الماضي خرج البرهان من القيادة العامة للجيش بالخرطوم، بعد حصار استمر لأكثر من أربعة أشهر، بعدما غادر إلى مدينة أمدرمان وسافر بعدها إلى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل ثم إلى مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر.

ويرى المحلل العسكري، عمر أرباب أن خطاب حميدتي الأخير اتسم بالحدة والهجوم الضاري على البرهان، خاصة أن حدة الخطاب شهدت تراجعا في الفترة الأخيرة مقارنة بأيام الحرب الأولى.

وقال في حديث لـ(عاين): “إن الحدة التي لازمت خطاب “حميدتي” يوم أمس تعني أنه يشعر بتعرضه للخداع من قبل البرهان.

 ويرى أرباب، أن التفاهمات التي أدت لعملية خروج البرهان كانت من أجل المضي نحو حل سياسي عبر عملية تفاوضية تقود في نهايتها إلى إيقاف الحرب.

واتسمت خطابات “البرهان” منذ خروجه في كثير من الأحيان بالدعوة إلى الاستمرار في الحرب وتتعهد بمواصلة القتال ضد قوات الدعم السريع والقضاء عليها.

والسبت الماضي، قال البرهان لدى مخاطبته حشدا عسكريا في قاعدة “سنكات” بولاية البحر الأحمر إن الجيش والشعب متفقان على دحر التمرد. وفي نفس اليوم وجه البرهان انتقادات لاذعة لقوات الدعم السريع من مدينة كسلا، واتهمها بارتكاب عادات دخيلة تضرر منها كل الشعب السوداني-في إشارة  إلى جرائم القتل والنهب  والاغتصاب وتدمير المرافق الخدمية.

ويعتبر أرباب أن حالة “التجييش” التي أعقبت خروج البرهان تعني أن بعض الجهات مارست عليه ضغوط شديدة للتراجع عن موقفه الذي يهدف لوقف الحرب. وأوضح أن “البرهان” عُرف عنه التردد وعدم القدرة على السباحة ضد التيار وعدم القدرة على تنفيذ قراراته، كما أنه تنقصه الشجاعة.

ولفت المحلل العسكري عمر أرباب، أن انزعاج “حميدتي” في خطابه ليس بسبب زيارات “البرهان” الخارجية لكن بسبب الخط السياسي الجديد الذي بات يتبناه الأخير، من خلال هذه الزيارات التي أحد أهدافها البحث عن شرعية. وأشار  إلى أن “حميدتي” يرى أنه هو من منح “البرهان” الشرعية عندما سمح له بالخروج من الخرطوم والتجول بحرية.

مؤشر استمرار الحرب 

من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، مصعب محمد علي، أن خطاب حميدتي جاء محملاً بالاتهامات والإشارات لاتفاقات واجتماعات حدثت في السابق.

وأشار في حديث لـ(عاين) إلى أن تسجيل “حميدتي” الجديد أعطى مؤشراً باستمرار الحرب، مع احتمال نقلها إلى ولايات جديدة على الرغم من أن التسجيل يحمل أيضا رسالة جنوح إلى السلم.

ويرى أستاذ العلوم السياسية يرى أن جولات “البرهان” الخارجية  لا تتعلق  بالشرعية فحسب بل بحشد الدعم السياسي وكسب مواقف الدول أيضاً، إلى جانب أنها يمكن أن تُقرأ في سياق الترتيب للحلول السلمية والاتفاق فيما بعد.

ونوه محمد على، إلى أن إشارات “حميدتي” لمسئولية “البرهان” عن الانقلابات العسكرية السابقة في الفترة  التي تلت إعتصام القيادة العامة، وغيرها من الإشارات تجعل الصراع بينهما شخصيا، وهذا من شأنه إطالة أمد النزاع العسكري بينهما.

وأدى القتال الذي اندلع بين الجيش والدعم السريع في منتصف أبريل الماضي إلى مقتل آلاف المدنيين وشريد نحو 4.5 مليون شخص بحسب منظمات دولية، مع توقف شبه تام لحياة المواطنين في العاصمة. كما تسبب القتال  في أزمة إنسانية كبيرة، مع استمرار إغلاق المستشفيات وانقطاع الكهرباء والمياه ونقص الغذاء.