تظاهرات وأخرى مضادة عشية الحكم على البشير
تقرير: عاين 15 ديسمبر 2019م
تحولت الشوارع المؤدية إلى القصر الرئاسي وسط العاصمة السودانية، إلى ساحة للاحتشاد بين أنصار نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، ومؤيدي حكومة ثورة 19 ديسمبر، بعد دعوة انصار النظام البائد الى مظاهرة مليونية بالتزامن مع النطق بالحكم في القضية التي أدين فيها البشير يوم السبت بالفساد والثراء الحرام وحيازة النقد الأجنبي واستغلال السلطة.
وشهدت مناطق تجمعات أنصار المخلوع في الصباح الباكر، في عدد من مناطق وسط العاصمة، تجمعات مناوئة من قبل مؤيدي حكومة الثورة، وردد الثوار هتافات تندد بموكب “الزحف الأخضر” الذي دعت له عدد من الجماعات الاسلامية، قبل ان تتجمع أعداد تقدر بنحو 1500 شخص من أنصار النظام البائد في شارع القصر على بعد أمتار من البوابة الجنوبية للمقر الرئاسي وسط العاصمة، وهناك بدأت قيادات الاسلاميين مخاطبة جماهيرية من على مسرح كان معدا من ليلة أمس لاستقبال المناسبة.
مغازلة الجيش والتحريض على الانقلاب
وأغلقت قوات من الجيش والشرطة عدد من الطرقات في وسط المدينة، سيما الشوراع المحيطة بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، والشوارع حول القصر الرئاسي فيما كانت الحركة تنساب بشكل طبيعي في كل شوارع وسط المدينة والطرق الرئيسية.
ورصدت (عاين)، مغازلة عدد من المتحدثين من قيادات حزب المؤتمر الوطني البائد والاسلاميين، للقوات المسلحة وطالبوها بالعدول عن مشاركتها المنفردة لقوى اعلان الحرية والتغيير، ودعا بعضهم صراحة للانقلاب على حكومة الثورة وردد المتظاهرين هتافات “تسقط تسقط.. حكومة حمدوك”، وفيما تبث مكبرات الصوت في المكان اناشيد الجهاد وعدد من الشعارات التي عرف بها التيار الإسلامي الذي حكم البلاد لثلاثين عاما، ردد المتظاهرون أيضا هتافات اشتهرت بها ثورة 19 ديسمبر “تسقط بس” و “صابنها”. في إشارة للاعتصام أمام القصر الرئاسي والذي دعا له القيادي في حزب المؤتمر الشعبي الناجي عبدالله، الذي أكد استمرار الاحتجاجات كل سبت ضد حكومة حمدوك، مغازلاً قوات الشرطة والدعم السريع وقال “يجب ان لا ننجر لحماقات مع قوات الشرطة والدعم السريع هي قوات صديقة وملك للشعب السوداني”.
الإسلاميين محاولة للعودة
وعلى الجانب الآخر، منعت قيادات في لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير تجمعات من الثوار من التوجه إلى مقر تجمع أنصار النظام المخلوع قرب القصر الرئاسي، وقال عباس السيد لـ(عاين)، “تمكنا من إقناع أعداد كبيرة من الثوار كانوا ينوون التوجه من ميدان جاكسون إلى مكان تجمع أنصار المخلوع تجنبا للاحتكاك معهم وتفويت الفرصة لاي احداث عنف كانت وشيكة”.
وعلمت (عاين)، ان دعوات واسعة انطلقت وسط تنسيقيات لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم للحشد والتنديد بخروج انصار النظام المخلوع وتأكيد ان الثورة السودانية محروسة بجماهيرها الوفية، إلا ان قيادات في قوى إعلان الحرية والتغيير وتنسيقيات لجان المقاومة عملت على تجنب أي مواجهات واعمال عنف ربما كان يرتب لها انصار المخلوع.
وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير، منذر ابو المعالي، ان مسيرة الإسلاميين اليوم محاولة لعودتهم وليس لتصحيح الثورة كما يدعون، وأكد على أن من حقهم التعبير والخروج، وهذا ما تم، وان المسيرة لم تتعرض للقمع .
واضاف ابو المعالي لـ(عاين)، “رغم الإحتقان فى الشارع السوداني ضد الإسلاميين إلا ان المسيرة لم تتعرض لأي عنف من الشارع او السلطات، وهذه هي السلمية الموجودة وظاهرة جيدة وأول بشريات الحرية “. وأشار الى ان الأعداد التي خرجت من الإسلاميين في ما سموه بمواكب “الزحف الاخضر” لا ترقى لوصفها بالمليونية.
ادانة البشير
وكانت محكمة سودانية، أدانت في وقت سابق اليوم الرئيس المخلوع عمر البشير بالفساد وحيازة مبالغ بالعملة الأجنبية بصورة غير مشروعة وقضت بإيداعه مؤسسة الإصلاح الاجتماعي لمدة عامين، بعد أن أصدرت المحكمة حكما بالسجن 10 سنوات قررت إسقاط الحكم وإخضاع البشير للإقامة في دور الرعاية الاجتماعية لمدة عامين لجهة ان القانون الجنائي السوداني لا يجوَز توقيع عقوبة السجن على السبعيني إلا إذا كان مرتكباً لجريمة الحرابة.
وقال التحالف الديمقراطي للمحامين، معلقا على الحكم، أن المحاسبة والإدانة ومبدأ عدم الإفلات من العقاب هم الأكثر أهمية، ويشيرون إلي سيادة حكم القانون ، غض النظر عن العقوبة الموقعة، كما أن القرار الذي صدر اليوم أكد في طياته أمرين هامين للغاية، الأول : حين استرشد القاضي بحكم الإعدام الذي أصدره وأوقعه المخلوع ونظام حُكمه البائد على الشهيد مجدي محجوب محمد أحمد، وهي النقطة التي استثارت هيئة الدفاع عن المخلوع، بموجبها وصموا المحكمة بأنها سياسية..
“هذهِ الإشارة تكمن أهميتها في تطبيق القانون دون تأثرٍ بالمطالب الشعبية، ودون تكوين عقيدة مسبقة، إذ لو رأت المحكمة الإنحراف عن نص القانون وروحه لساقت المعزول نحو ذات المصير الذي لقيه الشهيد مجدي”. واشار التحالف في بيان اطلعت عليه (عاين)، إلى ان القرار اكد للعالم أجمع الكيفية التي كان يدير بها المخلوع السودان، بذهنية تاجر العملة، دون إكتراثٍ بمؤسسات الدولة، وإثرائه ثراءً حرام
من جهته، اعتبر تجمع المهنيين السودانيين، ان الحكم ضد الرئيس المخلوع يمثل إدانة سياسية وأخلاقية للمخلوع ونظامه، وتكشف حيثيات المحكمة عن جانب من سوء إدارة الدولة والمال العام، لكنه قطعاً ليس نهاية المطاف. وقال التجمع في بيان “صحائف اتهام البشير على موبقاته الأكبر تعمل عليها عدد من اللجان والنيابة العامة في مراحل مختلفة وهي تشمل انقلابه على الديمقراطية وتقويض الشرعية في ١٩٨٩ وكل جرائم نظامه”.
رفض النازحين
وعلى الرغم من الاحكام الصادر بحق الرئيس المخلوع، لا يتعلق بأي من التهم الموجه اليه من المحكمة الجنائية الدولية او القضاء السوداني المتعلقة بالانتهاكات في دارفور، إلا ان حالة من الغضب سادت المعسكرات إزاء الحكم المخفف الذي صدر بحق المخلوع اليوم، وصفت منسقية اللاجئين والنازحين بدافور، قرار الحكم ضد البشير بـ “المهزلة”، وقال نائب الامين العام للتنسيقية، الشفيع عبدالله، ان الحكم لن يثنهم عن مطالبتهم بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية التي يثقون في نزاهتها.
إلى ذلك قال، سليمان آدم علي وهو أحد قيادات مخميات النازحين بولاية شمال دارفور لـ(عاين)،” الحكم المخفف على المعزول يعتبر استفزازا لدماء الشهداء وضحايا الابادة الجماعية وأسرهم المكلومة.. كيف لشخص يقتل ويغتصب ويسفك الدماء يحاكم بعامين فقط”.فيما قالت الناشطة بمخيم السلام للنازحين سلوي صالح، لـ(عاين)، ان العدالة حتى الآن لم تطال الرئيس المخلوع البشير، وأشارت إلى ان هناك جرائم اغتصاب وقتل وتشريد وعدد من التهم لا يستطيع الهروب منها.. وأضافت ” هذا حكم غسيل أموال ولكن القضايا الجنائية مكانها لاهاي”.