ماذا وراء حركة الطائرات المجهولة بدارفور؟

عاين- 29 أكتوبر 2024  

بينما تنشط مؤخرا حركة طيران مجهولة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع بدارفور، يعتقد عاملون في تتبع حركة الملاحة الجوية أن شركات الطيران لا تغامر بإيصال الأسلحة إلى مطار نيالا بولاية جنوب دارفور التي تسيطر عليها قوات الجنرال محمد حمدان دقلو “حميدتي” لأن الإقليم  يشهد صراعًا مسلحًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ولا توجد منطقة آمنة لهبوط طائرات باهظة الثمن.

في 21 سبتمبر 2024 هبطت طائرة صغيرة نقلت بعض المعدات إلى جانب إجلاء المصابين إلى خارج البلاد سيما كبار الضباط في قوات حميدتي الذين أصيبوا خلال المعارك الطاحنة في بعض الجبهات بالعاصمة السودانية ومدينة الفاشر- وفقاً لوسائل إعلام سودانية محلية.

هبطت طائرتان على الأقل خلال سبتمبر 2024 في مطار نيالا، ولم تعلق قوات الدعم السريع على التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام السودانية فيما رفض مسؤول من هذه القوات التعليق على نفس السؤال من (عاين).

طائرات صغيرة في سماء نيالا

يقول المهيلم محمد وهو محلل بيانات حركة الملاحة الجوية إن: “طائرات اليوشن الصغيرة حلقت بين مطار نيالا ومطار أم جرس في تشاد، الأمر مرتبط بحركة طيران محدودة لا طائرات كبيرة لأنها لن تغامر بالوصول إلى منطقة عسكرية تشهد صراعًا نشطًا”.

ويرى المهيلم في مقابلة مع (عاين)، أن سعر طائرة اليوشن الصغيرة لا تتعدى 14 مليون دولار قد تغامر الأطراف التي تعمل مع حميدتي بإرسال طائرة صغيرة لإجلاء المصابين عبر مطار نيالا لكن إرسال طائرة كبيرة لنقل الأسلحة يعني وضعها في منطقة خطرة عسكريا.

بالمقابل يشير الخبير والمهندس في مجال الطيران، محمد طاهر، إلى أن مطار نيالا استقبل وودع رحلات جوية بين السودان ودول الإقليم قبيل اندلاع الحرب حينما كانت المدن الرئيسية في دارفور تشهد استقرارًا نسبيًا  وتستقبل حركة الملاحة الجوية المدنية.

ويضيف قائلًا: “بالتالي ليس هناك ما يمنع هبوط طائرات شحن كبيرة في المدرج الذي لم يطاله أي تدمير خلال القصف الجوي للطيران الحربي التابع للجيش السوداني لأنه بحالة جيدة حسب المعلومات الواردة”. ويرى أن طائرة الانتنوف الروسية الصنع بإمكانها الهبوط تحت أي ظروف ملائمة من الحد الأدنى حتى لو كان على مدرج ترابي.

قوات الدعم السريع تخطط لتركيب أنظمة دفاع جوي في إقليم دارفور لإفشال غارات الجيش الجوية

خبير طيران

ويقول طاهر في حديث لـ(عاين): إن “وضعية قوات الدعم السريع في إقليم دارفور خاصة في مناطق جنوب دارفور تتعلق باتجاهها نحو تركيب أنظمة دفاع جوية مثل الرادارات ومنصة صواريخ ذكية تتعقب الطائرات الحربية التابعة للجيش السوداني وكبح جماح الغارات الجوية التي تهدد هذه القوات بشكل رئيسي”.

وتابع: “العمل في مطار نيالا لن يكون مقتصرًا على إيصال شحنات أسلحة كما حدث في سبتمبر الشهر الماضي من بعض الجهات الدولية العابرة للقارات والتي هي على صلة وثيقة بالقوى الإقليمية الداعمة لحميدتي… هذا يعني أن الطائرة التي تنقل السلاح إلى قوات الدعم السريع في مطار نيالا ستصل مباشرة من الشركات الرمادية المتعاملة في صفقات الأسلحة مع حميدتي”.

ويرى الطاهر، أن قوات الدعم السريع لم تعد تفضل تمرير شحنات الأسلحة عبر دولة تشاد الواقعة على الحدود مع السودان من الناحية الغربية لأن الأضواء مسلطة عليها على خلفية التقارير التي نشرتها وسائل إعلام أميركية.

وحسب طاهر منذ إعلان قوات الدعم السريع توقيع اتفاق تشغيل المطارات بواسطة الأمم المتحدة في المطارات الواقعة في إقليم دارفور تحت سيطرتها للأغراض الإنسانية تريد أن تتبع ذلك بتركيب أنظمة دفاع جوية وأجهزة رادارات حديثة تتعقب الطائرات الحربية في إقليم دارفورعلى الأقل.

وتابع: “الملاحظ تراجع حماس الأمم المتحدة في تنفيذ اتفاقها الذي وقعته في جنيف أغسطس الماضي مع الدعم السريع لتشغيل المطارات الواقعة تحت سيطرتها على خلفية التقارير التي تتحدث عن وصول طائرات مجهولة قد تحمل السلاح والعتاد لقوات دقلو”.

دفع قرب الحدود مع تشاد قوات الدعم السريع إلى اتخاذ إقليم دارفور قاعدة عمليات عسكرية منذ السنوات الماضية، واتسعت البنية التحتية التي اتخذتها قوات حميدتي منذ اندلاع الحرب بصيانة مهبط الطائرات في مطار نيالا في ولاية جنوب دارفور الغنية أيضا بإنتاج الذهب حيث تشرف عليها شركات الدعم السريع جنبًا إلى جنب مع صفقات الأسلحة وتصدير الذهب عبر تشاد.

مستقبل الصراع يحدد القادم

تتراجع الآمال بشأن وقف الحرب عبر المفاوضات واتخذ الجيش السوداني والدعم السريع التصعيد العسكري منذ نهاية سبتمبر 2024 هذه التطورات تقود إلى تجهيزات لوجستية بالنسبة للطرفين لتعزيز القدرات الحربية.

ويفسر الباحث الاستراتيجي محمد عباس، اهتمام قوات الدعم السريع بحركة الطيران في مطار نيالا إلى رغبتها في تعزيز القدرات الدفاعية الجوية وجلب أجهزة ومعدات عسكرية حديثة عبر صفقات مع “مافيا دولية”.

قوات الدعم السريع تتجه لتقوية أنظمة الدفاعات الجوية لإبقاء كامل إقليم دارفور تحت سيطرتها

باحث استراتيجي

ويقول عباس في مقابلة مع (عاين) إن تطورات الوضع الميداني ربما تجعل استراتيجية الدعم السريع التراجع غربا نحو إقليم دارفور وكردفان إلى حد ما وترك الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض لذلك يرغب في تطوير أنظمة الدفاعات الجوية لإبقاء كامل إقليم دارفور تحت سيطرته.

ولا يقتصر طموح قوات الدعم السريع على تشغيل مطار نيالا أمام حركة طيران ومع توسع العمليات العسكرية نقلت بعض الأنشطة الخاصة بالملاحة الجوية إلى مطار “سقرة” الواقع شمال مدينة نيالا وهي منطقة كانت تشغلها بعثة اليوناميد.