كيف يعمل سوق الطيران في السودان خلال الحرب؟
عاين- 24 سبتمبر 2024
مع تزايد حركة اللجوء من السودان إلى دول الجوار والإقليم، استخدم نحو مليون شخص الطيران المحلي لمغادرة البلاد خلال عام واحد من مطار صغير يقع شرق البلاد فيما فرضت الشركات المحلية أسعار عالية على التذاكر بين مطار بورتسودان ودول الإقليم والجوار منذ اندلاع الحرب وصلت قيمتها في فترات إلى ألف دولار أميركي.
الأسبوع الماضي أفادت تقارير إعلامية عن اقتراب الخطوط الجوية الإثيوبية من العودة إلى العمل من مطار بورتسودان اعتبارا من مطلع أكتوبر القادم. أنعشت هذه الأخبار آمال السودانيين المهتمين بالسفر بخفض تذاكر الرحلات بين بورتسودان ودول الخليج أو شرق أفريقيا أكثر وجهات السودانيين خلال الحرب لغرض اللجوء والبحث عن الأمان وفرص العمل والدراسة.
عقب اندلاع الحرب استحوذت شركتا “تاركو” و”بدر” المحليتين على قطاع السفر من مطار بورتسودان منذ مطلع مايو 2023 أي منذ اندلاع القتال في العاصمة السودانية وتدمير طال مطار الخرطوم، وحصلت الشركتان على أرباح تقدر بملايين الدولارات خلال عام واحد.
رحلات الذهاب بلا عودة
في رحلة بين مطاري بورتسودان وعنتيبي في أوغندا تبلغ قيمة تذكرة الطيران نحو 650 دولاراً أميركياً وبدأت الشركتان المحليتان بيع التذاكر من ألف دولار قبل أن تخفضها مطلع هذا العام مع تزايد حركة اللجوء إلى دول شرق أفريقيا ودول الخليج ومصر.
تقول مسؤولة التخطيط السابقة بشركة سودانير الحكومية هبة عثمان، إن “انضمام شركات أخرى إلى العمل من مطار بورتسودان لن يساعد على خفض قيمة التذكر؛ لأن السبب الرئيسي يعود إلى ارتفاع تكلفة التأمين؛ بسبب الحرب في السودان”.
وترى هبة عثمان في مقابلة مع (عاين) إن شركات الطيران تعمل في ظروف صعبة مع ارتفاع تكلفة التشغيل خلال الحرب ورغم استثناء منطقة شرق السودان واعتبارها منطقة آمنة للملاحة الجوية هذا لم يقلل تكلفة التشغيل وارتفاع التأمين على الطائرات.
وتابعت: “التكلفة تشمل طواقم العاملين في المعيشة والسكن وأغلب الرحلات من مطار بورتسودان عبارة عن رحلات إجلاء تنقل الطائرات من يغادرون البلاد بسبب الحرب والغالبية لا يعودون على الرحلة نفسها”.
وأردفت: “جربت سودانير على سبيل المثال رحلات بين مطاري بورتسودان ومسقط في سلطنة عمان، ووجدت أن الطائرة تغادر وهي مليئة بالركاب، وتعود شبه خالية؛ لأن الناس لا يعودون في ظل هذه الظروف”.
ارتفاع تأمين الطائرات
ففيما تقول مي عروة وهي عضوة تجمع نقابي للعاملين بالطيران والمطارات، إن تكلفة التأمين على الطائرات تصل إلى خمسين ألف دولار وأي شركة تعمل من مطار بورتسودان ستدفع التكلفة نفسها بالتالي لا يمكن انخفاض قيمة التذاكر.
وترى في حديث لـ(عاين) أن الرحلات الجوية من السودان إلى الوجهات خارج البلاد مكلفة جدا في الوقود وتكلفة تشغيل الطائرة أكثر من مطارات الدول المجاورة خاصة عقب ارتفاع سعر الصرف خلال الحرب.
وتأثر قطاع الطيران وحركة الملاحة الجوية في السودان بالحرب التي اندلعت شرارتها من العاصمة السودانية بشكل أساسي بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، ولا زال مطار الخرطوم خارج الخدمة، وتعرض إلى انهيار أغلب المباني ومراكز الملاحة.
خدمات رديئة
تواصلت (عاين) مع عامل من مطار بورتسودان، وتحدث حول الرحلات الجوية وشركات الطيران المحلية، وقال إن شركة تاركو على سبيل المثال نفذت قرابة 250 رحلة خلال الشهور الأولى من الحرب وكسبت مئات الآلاف من الدولارات.
ويرى العامل مع اشتراط عدم ذكر اسمه أن الحديث عن تكلفة التشغيل مجرد تبريرات غير منطقية مقارنة مع قيمة تذكرة من مطار بورتسودان إلى مطار جدة يصل إلى سبعمئة دولار، بينما يمكن لراكب من مطار القاهرة أن يستغل شركة مصرية إلى مطار نيويورك بقيمة قريبة من التكلفة نفسها.
ويقول العامل إن “الشركات المحلية متضررة من الضرائب الحكومية التي ضاعفت التحصيل خلال الحرب بسبب الوضع الاقتصادي وتآكل قيمة الجنيه السوداني”.
وأضاف: “الشركات المحلية لا تمول رحلاتها من مطار بورتسودان إلى دول الإقليم والجوار بشكل كبير؛ لأنها تقدم وجبات رديئة شبيهة بالطعام الذي تقدمه البصات السفرية داخل البلاد”.
تدخل لصالح الشركات المحلية
بينما يقول الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم لـ(عاين): إن “الشركات الإقليمية التي تود العودة إلى السوق السوداني من مطار بورتسودان لن تتمكن من العمل تحت هذه الظروف دون اتباع ذات التعرفة التي وضعتها الشركات المحلية المستحوذة على سوق الطيران”.
وأردف: “غالبا سلسلة الإجراءات من سلطة الطيران المدني التابعة لوزارة الدفاع السودانية قد تفرض متوسط أسعار التذاكر لشركات الطيران ترغب العمل من مطار بورتسودان”.
ويرى إبراهيم، أن سلطة الطيران المدني في السودان لم تعتد تقديم الحماية للمسافرين، بل توفرها للشركات المحلية التي تحدد تعرفة الرحلات بأرقام فلكية، وعلى الخطوط التي تريد الاستثمار في السوق السوداني أن تبيع التذاكر بأسعار قريبة من قيمة الشركات المحلية.
وأردف: “نقلت الشركات المحلية ما لا يقل عن مليون شخص خلال عام ونصف من الحرب من مطار بورتسودان والأرباح التي حصلت عليها لا تقل عن ملايين الدولارات”.