غارات جوية ومعارك ضارية قبل ساعات من سريان (وقف النار)  

22 مايو 2023

دارت معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اليوم الإثنين في مناطق متفرقة بمدن العاصمة الثلاث، وذلك قبل ساعات من سريان هدنة إنسانية لسبعة أيام وقعها طرفي الحرب في مدينة جدة السعودية.

إلى جانب القتال المستمر في الخرطوم، تعيش نيالا عاصمة جنوب دارفور مأساة إنسانية بالغة تجلت في انتشار جثث قتلى المواجهات العسكرية الأخيرة في شوارع المدينة والذين ارتفعت حصيلتهم إلى 31 شخصاً من المدنيين، وفق وزارة الصحة الولائية.

ومن المقرر أن تدخل الهدنة الانسانية حيز التنفيذ في تمام الساعة (45 : 9) مساء اليوم الإثنين بتوقيت السودان، وسط تعهد من الجيش وقوات الدعم السريع بالإلتزام بها، فيما يأمل المواطنين السودانيين في أن 

يضع الاتفاق حداً لمعاناتهم الإنسانية التي يعيشونها منذ اندلاع الحرب في منتصف ابريل الماضي.

وقالت مصادر عسكرية لـ(عاين) إن اشتباكات عنيفة وقعت شمال مدينة بحري بين الجيش وقوات الدعم السريع التي قادت عدة محاولات خلال مساء الأحد واليوم الاثنين، لاقتحام قاعدة وادي سيدنا أكبر قاعدة حربية للقوات المسلحة السودانية، تقع شمالي العاصمة، وتصدى لها الجيش بالطيران والمدفعية الثقيلة.

وسِمع السكان في المناطق الواقعة شمال العاصمة السودانية دوي انفجارات قوية اهتزت معها الأرض، بينما حلقت الطائرات الحربية بكثافة وسماع المضادات الأرضية تتصدى لها.

وبحسب شهود (عاين)، فقد شن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني غارات جوية على مواقع قوات الدعم السريع في منطقة أمبدة حمد النيل والمنصورة، والكدرو شمالي مدينة بحري، في منطقة الصالحة جنوبي أمدرمان، وضاحيتي جبرة والأزهري جنوبي الخرطوم. وشهدت منطقة وسط الخرطوم التي تضم القصر الرئاسي وقيادة القوات المسلحة السودانية والدوائر السيادية، اشتباكات مماثلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسمع سكان المناطق القريبة دوي المدافع والأسلحة الثقيلة وتبادل إطلاق النار.

جثث على الطرقات

ونقل مراسل (عاين) في ولاية جنوب دارفور، أن عشرات الجثث مجهولة الهوية منتشرة في الشوارع وسط مدينة نيالا التي شهدت قتال دام الأسبوع الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع وجود صعوبة في إجلاء هذه الجثامين نتيجة إغلاق طرفي الصراع مناطق سيطرتهم.

وقال المدير الإداري بجمعية الهلال الأحمر السوداني بولاية جنوب دارفور شهاب الدين عبدالله محمد لـ(عاين) إن جهودهم جارية للتواصل من مع قيادة الفرقة السادسة عشر مشاة في “نيالا” لبحث إمكانية الوصول الآمن لمحيط السوق لإجراء عملية دفنهم علاوة على فتح خط التواصل مع المدنيين للبحث عن مفقودين.

وتسببت المواجهات المسلحة بين الطرفين في انقطاع التيار الكهربائي لليوم الخامس على التوالي عن مدينة نيالا بعد أن ألحقت أضرارا بمحولات رئيسية. وأكد مهندسين من شركة توزيع الكهرباء حدوث أضرار بالغة بالمحولات والخطوط وعدم قدرة وصول فرق الصيانة بسبب إغلاق المنطقة.

وشهدت مدينة نيالا ثاني أكبر المدن السودانية اليوم الاثنين، هدوءاً حذراً مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين طرفي القتال في السودان النار حيز التنفيذ. 

وياتي ذلك وسط تخوف المدنيين من تجدد القتال خاصة بعد حشد قوات الدعم السريع مركبات قتالية بالأحياء الشمال والشرقية من المدينة قبيل سريان اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بوساطة سعودية وامريكية في مدينة “جدة”.

ويقول الخبير العسكري المتقاعد اللواء شرطة علي محمد ايدام لـ(عاين)، إن طرفي القتال سعيا لتوسعة دائرة نفوذهما داخل مدينة نيالا من خلال المعارك التي دارت بينها وذلك لأهمية المدينة 

استعداد للهدنة

ويستعد الطرفين للدخول في أول هدنة منظمة باتفاق وقع في مدينة جدة السعودية، والذي يشمل آلية مراقبة يشارك فيها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بجانب ممثلين من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية اللذين توسطا في الاتفاق خلال محادثات جدة.

ويركز اتفاق جدة على السماح بوصول المساعدات واستعادة الخدمات الأساسية. ويقول وسطاء إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات التي تستهدف سحب القوات من المناطق الحضرية من أجل إبرام اتفاق سلام دائم بمشاركة قوى مدنية.

ورغم استمرار الاشتباكات العسكرية قبل وقت قصير من سريان الهدنة، الا أن الاتفاق انعش آمال السودانيين في الحصول على بعض الخدمات الأساسية. 

وتسبب الصراع المسلح الدائر منذ منتصف أبريل الماضي، في مقتل نحو 900 شخص من المدنيين، ونزوح 1.1 مليون شخص من منازلهم، بينهم 250 ألف لجأوا الى خارج البلاد، وفق الأمم المتحدة.

وأكد مبعوث الأمم المتحدة لدى الخرطوم فولكر بيرتس في كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الوضع في البلد الأفريقي الإثنين أنه “لم يمر يوم من دون قتال بين الجيش وبين قوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي”، مشيداً بالجهود السعودية والأميركية، وقال إنها أثمرت عن اتفاق جدة لوقف الاقتتال في البلاد.

وقال بيرتس إن نحو 900 شخص قتلوا بينهم أطفال بسبب الصراع، فضلا عن تسبب القتال في تشريد أكثر من مليون شخص، كما حوصر الكثير من السودانيين في منازلهم و(باتوا) يفتقرون إلى إمدادات، متهما طرفي النزاع بانتهاك القانون الإنساني الدولي.

“حاولنا لعب دور الوساطة بين الجيش وبين قوات الدعم السريع لكن دون جدوى”، مؤكدا أن “نقل البعثة الأممية إلى بورتسودان لا يعني التخلي عن الشعب السوداني”، يضيف فولكر.