إنتاج زراعي ينقذ سكان بلدات في دارفور من الجوع
عاين- 7 أكتوبر 2024
شهدت أسعار الذرة وبعض المواد الغذائية انخفاضاً في عدة مناطق بإقليم دارفور غربي السودان، وذلك مع بدء موسم الحصاد الزراعي، مما ينبئ بتخفيف وطأة أزمة الغذاء على سكان عدد من البلدات في الإقليم المضطرب.
ومع شبح المجاعة الذي يلوح في الأفق نتيجة للقتال المتواصل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل من العام الماضي، بدأ مواطنو دارفور في حصاد مساحات محدودة تمكنوا من زراعتها وسط نيران الحرب، الشيء الذي كان له مردود إيجابي على أسعار الذرة والدخن التي تمثل سلعاً أساسية يعتمد عليها سكان الإقليم في غذائهم، كما انخفض دقيق القمح بعد أن وصلت أسعاره إلى أرقام قياسية الأشهر الماضية.
تحت تهديدات أمنية واسعة انخرط المزارعون في مختلف أنحاء دارفور في حصاد مساحات محدودة غامروا بزراعتها من أجل تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي
وأدت الحرب الضارية إلى إغلاق كافة المسارات الآمنة، وتبع ذلك صعوبة في وصول المواد الغذائية، مما أدى إلى تصاعد غير مسبوق في الأسعار، وتفاقم الوضع بعد كارثة السيول والفيضانات التي أعاقت الحركة في الطريق البديل الذي يربط إقليم دارفور مع مدينة الدبة في الولاية الشمالية، ومن ثم شرق السودان.
وانخفض سعر جوال الدخن 240 الف بدلاً من 450 ألف جنيه، والذرة إلى 200 الف جنيه بدلاً عن 320 الف جنيه في الأشهر القليلة الماضية، وهذا انعكس على أسعار دقيق القمح الذي تراجع سعره إلى 65 الف جنيه للجوال بدلاً من 90 الف، كما تراجع سعر السكر الذي وصل جواله زنة 50 كيلو إلى 150 جنيهاً، عوضا عن 220 الف جنيه، وذلك وفق ما أفاد به تجار في سوق الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور (عاين).
فتح طرق
وبحسب تجار، فإن الانخفاض شمل حتى الدخن القادم إلى من خارج الإقليم نتيجة لحلول موسم الحصاد الذي سوف يجعل أسعار الحبوب في تراجع مستمر لثلاثة أشهر قادمة، كما أدى انسياب الحركة مع دولة جنوب السودان بعد جفاف الطرق من السيول إلى انخفاض أسعار دقيق القمح والسكر وبعض المواد التموينية.
وتحت تهديدات أمنية واسعة ينخرط المزارعون في مختلف أنحاء دارفور في حصاد مساحات محدودة غامروا بزراعتها من أجل تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي، في الوقت الذي ما يزال فيه خطر المجاعة يلاحق الملايين في ربوع السودان نتيجة استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع لأكثر من 15 شهراً.
ويقول حسين هرون وهو مزارع من شرق دارفور لـ(عاين): إن “دخول إنتاج الذرة والدخن واعتماد المزارعين عليه أدى إلى انخفاض كبير في أسعار الغذاء وفك احتكار التجار الحبوب الغذائية ودقيق القمح خوفاً من تدني أسعارها والتعرض إلى خسائر”.
ويضيف: “منذ منتصف سبتمبر الماضي تعتمد معظم الأسر في جنوب وشرق دارفور على المحصول الجديد من الذرة والدخن، رغم أنها لم تصل مرحلة النضوج الكلي، وبإمكان الأسر توفير وجباتها اليومية بكل سهولة الآن”.
انخفاض المساحات
من جانبه، يقول مستشار منظمة الفاو في دارفور عبدالله حامد، إن “المساحات الزراعية في إقليم دارفور تُقدر بنحو (50) مليون فدان قبل اندلاع القتال في أبريل من العام الماضي، بينما تقديرات المساحة المزروعة هذا العام بنحو 13 مليون فدان، وهي في مناطق آمنة نسبياً في بعض أنحاء الإقليم”.
وأشار حامد في مقابلة مع (عاين) إلى أنه رغم التأثير الإيجابي الجزئي لدخول المحاصيل الجديدة إلى الأسواق ومساهمتها في تخفيض الأسعار وتحسين الوضع المعيشي، إلا أن ذلك سيكون لمدة قصيرة جداً لجهة أن معظم المزارعين لم يتمكنوا من زراعة مساحات واسعة.
وذكر أن مشاكل تسويق المحاصيل النقدية مثل الفول والخضر بسبب تداعيات الحرب، وارتفاع أسعار النقل وجبايات الطرق التي تشكل عائقاً جديداً للمزارعين، وتضطرهم إلى بيع الذرة والدخن بأسعار زهيدة إلى التجار الذين يقومون باحتكاره ورفع أسعاره مرة أخرى خلال الأشهر القادمة.
وساهمت المساحات القليلة التي زُرِعَت هذا الموسم بصورة جلية في انفراج محدود في أزمة الغذاء خاصة في ولايات شرق وجنوب ووسط دارفور التي هطلت بها الأمطار في وقت مبكر، بينما لا تزال عدة مناطق تعاني ندرة الغذاء وارتفاع أسعاره خاصة في ولايات شمال وغرب دارفور التي تشهد عمليات قتالية.