هل أذعن (حمدوك) لإرادة العسكريين في الانفراد بالسلطة في السودان؟

26 نوفمبر 2021

توالت ردود الأفعال المناهضة للاتفاق السياسي الإطاري، الذي جرى التوقيع عليه الأحد الفائت بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان البرهان، وآخرها المليونية التي دعت لها لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير، وتجمع المهنيين السودانين، الخميس الماضي للمطالبة بالاستمرار في التظاهر رفضاً للإنقلاب والاتفاق السياسي.

في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، نفذ “البرهان” أحد أهم المستفيدين من إزاحة قوى الحرية والتغيير من معادلة الحكم، إنقلاباً حل بموجبه أجهزة السلطة الإنتقالية وعطل بعض مواد الوثيقة الدستورية، وأعلن حالة الطوارئ.

وبعد نحو  شهر من الإنقلاب على الحكومة الإنتقالية، تم الإعلان عن توقيع إتفاق سياسي إطاري بين رئيس الوزراء والقائد العام للجيش، تضمن أربعة عشر بنداً أبرزها التأكيد على أن الوثيقة الدستورية المُعدلة 2020، هي المرجعية الأساسية لإستكمال الفترة الإنتقالية.

وتضمن البند الثاني من الإتفاق تأكيد الطرفان على ضرورة تعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق بما يحقق ويضمن مشاركة سياسية شاملة لكافة مكونات المجتمع عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول. وفي أعقاب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة، توافقت القوى المهنية والمدنية وقوى الحرية والتغيير، على “حمدوك” ليكون رئيساً لوزراء الفترة الإنتقالية.

وبالعودة للظروف السياسية التي أحاطت بإختيار “حمدوك” كرئيس لمجلس وزراء الفترة الانتقالية، يرى خبير الاقتصاد السياسي حاج حمد محمد خير، في حديث مع (عاين)، أن “حمدوك” رُشح كطرف محايد، خاصة أنه لفت الأنظار برفضه أن يكون وزيراً لوزارة المالية في نهاية عهد حكومة الرئيس المخلوع البشير. مشيراً إلى أن تعيين حمدوك في ذلك الوقت مثل “صفقة تنازلات” بين قوى الحرية والتغيير نفسها.

هل أذعن (حمدوك) لإرادة العسكريين في الانفراد بالسلطة في السودان؟

وأعاد الإتفاق السياسي الإطاري الموقع الاحد الماضي “حمدوك” كرئيس للوزراء، عندما ألغى الإتفاق قرار “البرهان” إعفاء رئيس مجلس الوزراء الانتقالي من منصبه. ورفض كل من تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” ولجان المقاومة وعدد كبير من الأجسام النقابية والمهنية، الإتفاق السياسي، ودعوا لمقاومته، عندما تنادوا لمليونية الخامس والعشرون من نوفمبر الجاري، رفضاً لإنقلاب “البرهان” والخطوات التي تلته.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، مصعب محمد علي، في حديث مع (عاين) إن “حمدوك” وقع على الإتفاق السياسي الإطاري بصفته رئيساً للوزراء قبل إتخاذ القائد العام للجيش لقرارت الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، لافتاً إلى أن “حمدوك” لم يعد يمثل قوى الحرية والتغيير، مشيراً إلى أنه سيختار حكومته المقبلة دون التشاور معها.

صدمة

وحظي رئيس مجلس الوزراء الإنتقالي بقاعدة شعبية كبيرة، ودعم دولي غير مسبوق، مما شكل صدمة سياسية كبيرة، لداعمي ثورة ديسمبر المجيدة، لجهة أن توقيعه أضفى شرعية على الانقلاب الذي قوبل برفض شعبي ودولي منذ لحظاته الأولى، لكن أستاذ العلوم السياسية إعتبر أن “حمدوك” هدف بهذه الخطوة الإستقلال عن المكون المدني.

“الإعلان السياسي الإطاري، نص على أن الوثيقة الدستورية هي المرجعية  الأساسية لإكمال الفترة الانتقالية، مع تعديلها بما يتوافق مع المشاركة السياسية الشاملة، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، مصعب محمد علي، ويضيف لـ(عاين)،” أن الإتفاق السياسي الإطاري ألزم الأطراف بتغيير النصوص التي تشير الى الحرية والتغيير، في الوثيقة الدستورية، وإضافة جملة “المشاركة السياسية الشاملة”.

ولفت علي، إلى أن الإتفاق لن يُخفف التوتر بين المكون العسكري، وقوى الحرية والتغيير، التي أعلنت رفضها لما ورد في الإتفاق، مشيراً إلى أن ذلك ربما يقودها لمعارضة الإتفاق وما يترتب عليه.

لكن أستاذ العلوم السياسية، عاد وإعتبر أن التباينات في قوى الحرية والتغيير، يمكن أن تؤدي للتأثير على موقفها بالقبول والرفض، إذا ما وجدت ضمانات من “حمدوك” الأمر الذي سيجعلها تُشارك في المجلس التشريعي، مع تعديل نسبة المشاركة التي نصت عليها الوثيقة الدستورية سابقاُ.

الاتفاق بين البرهان وحمدوك لم يشير الى إبعاد القوى السياسية من المشاركة في العملية السياسية، لكنه حدد مشاركتها في المجلس التشريعي، وترك الجهاز التنفيذي لحكومة تكنوقراط”،  يقول علي، ويلفت إلى أن هذه النقطة تحتاج لحوار بين كل الأطراف حتى لا تكون الحكومة القادمة معزولة وغير مرحب به.

كما أن الاتفاق أشار الى الشراكة بين المدنيين والعسكريين لكنه لم يحدد إنتقال رئاسة المجلس السيادي الانتقالي بالتناوب بينهما، يوضح ” علي” مشيراً إلى أن الإتفاق أشار إلى أن المجلس يشرف على الفترة الانتقالية ومهامها حتى قيام الانتخابات.

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن الإتفاق حدد إدارة المرحلة الانتقالية في الفترة المقبلة بموجب إتفاق سياسي، لكن الإتفاق بحاجة إلى توافق عن طريق الحوار، الذي من المتوقع إنطلاقه الفترة المقبلة، بعقد لقاءات بين القوى السياسية والإدارات الأهلية والشباب.

 أيضاً فإن الإتفاق نص على تعديل الوثيقة بالتوافق لكنه لم يحدد الآلية التي  يتم بها، هل بواسطة  المجلس التشريعي أم المجلس السيادي أم القوى السياسية، الأمر الذي ربما يقود لجدل يؤخر تكوين مؤسسات الحكم الانتقالي، بحسب أستاذ العلوم السياسية.

عضو المبادرة نبيل أديب : الإتفاقات السياسية لا تلغي الوثيقة الدستورية ولا تعدلها، وما تم التوقيع عليه من قبل “حمدوك والبرهان” هو “إتفاق سياسي” يهدف إلى إدارة الدولة، كما يهدف إلى تعديل الوثيقة الدستورية، وفقاً لأحكامها.

اتفاق غير ملزم ونصوص معيبة

ومنذ التوقيع عليه طُرحت أسئلة تتصل بمدى دستورية وقانونية الإتفاق السياسي، وفي هذا الصدد ينزع القانوني والناشط في الشأن العام، عبد الباسط الحاج، الصفة الدستورية للاتفاق السياسي الموقع بين الطرفين، مشيراً إلى أن الإتفاق غير مُلزم لأعضاء الحكومة الإنتقالية المعزولة.

عسكر السودان.. مخالفة محتملة للدستور تهدد بفض شراكة الحكم

وقال الحاج في حديث لـ(عاين): “أن الإجراءات التي قام بها البرهان في الـ 25 من اكتوبر، تعد إنقلاباً على الوثيقة الدستورية وحكومة الفترة الإنتقالية” مشيراً إلى عدم وجود نص في الوثيقة الدستورية، يتيح للبرهان حل مجلسي الوزراء والسيادة أو إعفاء عضويتهما، كما لا يجوز له إعلان حالة الطوارئ.

ويُتهم القائد العام للجيش بالسعي عبر الإنقلاب لاحتكار السلطة عن طريق تشكيل حكومة من الإنقلابيين، وبقايا النظام البائد، ويرى الحاج أن الإتفاق السياسي الإطاري بين حمدوك والبرهان، مثل إحدى الخطوات  المكملة للإنقلاب على حكومة الفترة الانتقالية.

ونص البند الأول في الإتفاق السياسي الإطاري، على أن الوثيقة الدستورية، هي المرجعية الأساسية القائمة لاستكمال الفترة الانتقالية. واعتبر الحاج أن البند الأول من “الإتفاق السياسي” ذكر أن الوثيقة الدستورية 2019 تعديل 2020 هي المرجعية الأساسية، ما يشير إلى أن هناك مرجعيات أخرى غير الوثيقة الدستورية، مثل الإتفاق السياسي الأخير، والقرارات التي قام بها القائد العام للجيش، الأمر الذي يعد محاولة لشرعنة الإنقلاب.

وبالإشارة إلى البند الثاني من الإتفاق السياسي والمتعلق بتعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق، يرى الحاج أن النص لم يحدد كيفية إجراء التعديل، كما لم يحدد طبيعة الجهات التي سيتم التوافق معها.

وعلق البرهان صبيحة إنقلاب 25 أكتوبر عدد من مواد الوثيقة الدستورية، وأشار الحاج إلى أن الاتفاق السياسي ، تفادي ذكر قوي إعلان الحرية والتغيير، كما لم يتعرض لذكر المواد التي علقها البرهان عشية الانقلاب، الأمر الذي يعني أنه يسعى  لاستبدال أطراف الفترة الانتقالية، بفلول النظام البائد.

ونص البند الخامس من الإتفاق السياسي الإطاري بين ” البرهان” و”حمدوك” على ” ضمان انتقال السلطة الانتقالية في موعدها المحدد لحكومة مدنية منتخبة. (جملة مشطوبة: في نهاية الفترة الانتقالية في يوليو 2023م). ويرى الحاج أن النص بهذه الصيغة يعزز استمرار “البرهان” كرئيس إلي حين قيام انتخابات، لذلك تم حذف جملة (في نهاية الفترة الانتقالية في يوليو 2023) .

أما البند السابع فنص على أن ” التحقيق في الأحداث التي جرت أثناء التظاهرات من إصابات ووفيات للمدنيين والعسكريين وتقديم الجناة للمحاكمة. ويلفت الحاج إلى أن النص لم يُسمي الجهة التي تقوم بالتحقيق و متى سيبدأ عملها و ما هي صلاحياتها.

ونص البند الثالث عشر على ” العمل على بناء جيش قومي موحد، الأمر الذي يعلق عليه الحاج بالقول إن البند المذكور لم يشر لكيفية بناء الجيش، كما لم يُشر للجهة المناط بها القيام بذلك، كما لم يوضح النص ما إذا كان النص يشمل قوات الدعم السريع أم لا.

المحامي عبد الباسط الحاج: البند الخاص ببناء جيش وطني في الاتفاق السياسي لا معنى له، لأن “البرهان” قاد الجيش مجددا للتورط في انقلاب بالاتفاق مع قائد الدعم السريع.

وأشار الحاج، إلى أن النص بهذا الطريقة لا معنى له لجهة أن البرهان عبر انقلابه قاد “الجيش” مرة أخرى للتورط في انقلاب ضد إرادة الشعب، بالاتفاق مع قائد الدعم السريع وقادة بعض حركات الكفاح المسلح، الذين وقفوا ضد التحول الديمقراطي والإستقرار السياسي تنفيذاَ لمصالح المحاور الإقليمية في السودان.

هل أذعن (حمدوك) لإرادة العسكريين في الانفراد بالسلطة في السودان؟

مبادرة واتفاق سياسي جديد

وتكونت المبادرة الوطنية الجامعة، التي قادت التوصل لاتفاق سياسي إطاري بين “البرهان” وحمدوك” من عدة أشخاص بينهم، المحامي نبيل أديب، الاكاديمي، مضوي إبراهيم، والقيادي بالحزب الجمهوري السوداني، حيدر الصافي، والقيادي في الحزب الوطني الاتحادي، يوسف محمد زين، بالإضافة لوزيرة المالية المكلفة السابقة هبة محمد علي، والنائب العام الأسبق،  تاج السر الحبر.

رئيس اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير، وعضو المبادرة الوطنية الجامعة، نبيل أديب يقول في تصريح لـ(عاين) رداً على سؤال حول إلغاء “الاتفاق السياسي” للوثيقة الدستورية؟: أن الاتفاق لم يلغ الوثيقة الموقعة بين المدنيين والعسكريين. مشيراً أن أول بنود الاتفاق السياسي أوضح أن الوثيقة الدستورية هي الحاكمة للفترة الإنتقالية.

وبحسب أديب، فإنه لا يوجد تعارض بين التوقيع على الإتفاق السياسي الإطاري، وبين الوثيقة الدستورية، مشيراً إلى أن هناك “سلطة تأسيسية أصلية” قامت بإصدار الوثيقة الدستورية، لافتاً إلى أن الجهة التي أصدرتها، إنتهى واجبها بإنتهاء الإصدار، لتصبح الوثيقة في أعقاب ذلك ملكاً للشعب وللدولة.

وأوضح أديب، أنه لا يجوز تعديل الوثيقة الدستورية أو تغييرها، إلا بواسطة “السلطة التأسيسية الفرعية” التي أنشأتها الوثيقة، ممثلة في المجلس التشريعي، الذي بموجب المادة (78) من الوثيقة الدستورية يجوز له أن يعدل أو يُلغي الوثيقة الدستورية بأغلبية الثلثين.

عضو المبادرة نبيل أديب : الإتفاقات السياسية لا تلغي الوثيقة الدستورية ولا تعدلها، وما تم التوقيع عليه من قبل “حمدوك والبرهان” هو “إتفاق سياسي” يهدف إلى إدارة الدولة، كما يهدف إلى تعديل الوثيقة الدستورية، وفقاً لأحكامها.

وأكد أديب، أن الإتفاقات السياسية لا تلغي الوثيقة الدستورية ولا تعدلها، مشيراً إلى أن ما تم التوقيع عليه من قبل حمدوك والبرهان هو “إتفاق سياسي” يهدف إلى إدارة الدولة، كما يهدف إلى تعديل الوثيقة الدستورية، وفقاً لأحكامها. موضحاً أحقية أحد الأطراف الموقعة على الوثيقة الدستورية، في إقتراح أي تعديل عليها، وفقاً لأحكامها، التي حددت الطريقة التي يتم بها ذلك.

ولفت عضو المبادرة إلى  وجود خطوات، يجب القيام بها عقب التوقيع على الإتفاق السياسي الإطاري، تتوقف على السلطة السياسية الموجودة، بينها إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وإتاحة الحريات العامة، مشيراً إلى أمكانية تنفيذها مباشرة.

عضو المبادرة الجامعة: هياكل الدولة، مثل المجلس التشريعي وأجهزة العدالة المختلفة، يجب تشكيلها  عن طريق التوافق بين المكونين المدني والعسكري.

وعاد أديب وقال، أن بقية البنود التي أوردها الإتفاق والمتصلة بهياكل الدولة، مثل المجلس التشريعي وأجهزة العدالة المختلفة، يجب أن تتم عن طريق التوافق بين المكونين المدني والعسكري.

نبيل أديب: المكون المدني بموجب الاتفاق السياسي غير محدد، فهو يشمل جميع القوى السياسية، عدا المؤتمر الوطني المحلول، والإتفاق أتاح للقوى المدنية التَشكُل كشريك في الفترة الانتقالية.

وأشار أديب، إلى أن المكون المدني بموجب الاتفاق السياسي غير محدد، فهو يشمل جميع القوى السياسية، عدا المؤتمر الوطني المحلول، وقوى المجتمع المدني والنقابات والأجسام المهنية، الداعمة لثورة ديسمبر المجيدة، التي ستكون شريكاً في إدارة الفترة الإنتقالية، كما دعا أديب المكون المدني لإنفاذ ذلك، بإعتبار أن الإتفاق السياسي الإطاري أتاح للقوى المدنية المشاركة  في الفترة الانتقالية.

ولفت أديب، إلى أنه إذا تم تكوين هياكل السلطة الإنتقالية، وتم الإتفاق على وجود ما يستدعي تعديل الوثيقة الدستورية، فسيتم تضمين الاتفاق السياسي في الوثيقة الدستورية، لإعتبار أن الوثيقة “جهد  بشري” وبالتالي إمكانية نشوء ظروف تستدعي  إيجاد أحكام غير موجودة أو تغيير أحكام موجودة ، مشيراً إلى أنه حال نشوء صراع يتوجب على شركاء الفترة الإنتقالية، إحالة الصراع للمجلس التشريعي، من أجل البت فيه، لأنه يمثل السلطة الرقابية على السلطات التنفيذية.

نبيل أديب:  ما تم بين اللجنة الوطنية الجامعة، ورئيس الوزراء والمكون العسكري، إتفاق سياسي، لا يعلو على الوثيقة الدستورية ولا يتم تنفيذه مباشرة، بل عن طريق تعديل الوثيقة لتنفيذ البند المحدد أو رفضه، وهو إتفاق بين طرفين عليهما تحويله إلى دستور.

صفقة ومصالح غربية

ويرى خبير الإقتصاد السياسي حاج حمد محمد خير، إن “حمدوك” برر قبوله الإتفاق مع القائد العام للجيش بالسعي لحقن دماء السودانيين، لافتاً لعدم فاعلية هذا التبرير، أخذاً في الإعتبار أن “حمدوك” ليس طرفاً في صراع عسكري، بل يمثل الحكومة المدنية ذات المرجعية السياسية.

خبير في الاقتصاد السياسي:  توقيع حمدوك على الإتفاق السياسي اراد به التخلص من المرجعية السياسية وتمرير برنامجه الإقتصادي الهادف إلى “تغريب الإقتصاد” الامر الذي لا يمانعه العسكريين ذوي الإرتباطات الأمنية الغربية.

وتابع الخبير بقوله أن حمدوك أراد المحافظة على المصالح الغربية، التي على رأسها المصالح الأمريكية بالإضافة للكارتيلات المالية التي أتاح لها “حمدوك” الدخول للسودان بهدف الإستثمار. مشيراً إلى أن هذا الامر سيخرج السودان من نمط الإنتاج الطفيلي إلى راسمالية منتجة، لكن تحت إدارة شمولية خالية من الحواضن السياسية.

ويلفت الخبير في الاقتصاد السياسي إلى أن هذه المعادلة السياسية التي تتضمن توفر الأمن في البلاد، لتمرير هذا المشروع، يقابلها عامل أساسي، ممثلاً في “الشارع” الذي بات يرى أن الفاعلين السياسيين خلال الفترة الماضية من عمر الإنتقال لا يسعون لتحقيق الحرية والسلام والعدالة، بل يسعون لتحقيق مصالح “مرتبطة” وليست “مستقلة” في قرارها السياسي .

هل أذعن (حمدوك) لإرادة العسكريين في الانفراد بالسلطة في السودان؟
ما تم بين “حمدوك” و”البرهان” يُعد إتفاقاً إطارياً، ومن المتوقع أن تعقبه خطوات أخرى.

انتقال كامل

من جهة أخرى فإن  أستاذة العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدبلوماسية،بجامعة الخرطوم، تماضر الطيب، ترى أن الأنباء رشحت أثناء إقامة “حمدوك” الجبرية بأن موقفه تجاه الإنقلاب سيكون متسقاً مع الشارع، الأمر الذي لم يحدث.

وقالت الطيب، في مقابلة مع (عاين) أن حمدوك لم يوقع مع البرهان طلباً لمشاركة المدنيين في السلطة، بل وقع رغبةً أنه في خروج البلاد إلى بر الأمان عن طريق رئاسة حكومة مدنية، تمهيداً للإنتقال الديمقراطي، مؤكدة على أن ما تم بين “حمدوك” و”البرهان” يُعد إتفاقاً إطارياً، ومن المتوقع أن تعقبه خطوات أخرى.

استاذة علاقات دولية: المجتمع الدولي يرى أن “الإتفاق السياسي” مقبول إلا أنه ناقص، ويشدد على ضرورة إكمال خطوات الاتفاق  بتكوين حكومة مدنية، كما يستصحب موقف الشارع الرافض للإنقلاب والإتفاق السياسي.

وترى الطيب، أن الولايات المتحدة الأمريكية، ترغب في الإنتقال لحكومة مدنية كاملة، خاصة أن الإدارة الأمريكية تشدد على أنه لن يكون هناك مساعدات مالية للسودان لم يحدث إنتقال حقيقي في السودان، مشيرة إلى هذا يعني أنها تريد أن ترى حكومة مدنية برئاسة حمدوك، مشيرة إلى أن ذلك مثل الموقف الدولي من البداية.