سلسلة حلقات عن الافروعمومية الحلقة الاولى: فك القيود – بدايات الافروعمومية

 يذهب قصي همرور إلى  الاشارة للصعوبات التي تواجه دائماً  التعريف بالبدايات الاولى للحركات الاجتماعية من خلال واقعة تاريخية معينة بعتبارها نقطة انطلاقة  انما يري أن ذلك يرتبط بسلسلة من الاحداث والافكار المتفرقة حول قضايا معينة، لكننا بالطبع نستطيع وصف البدايات الاولى للحركة  الافروعمومية بالتزامن مع التجربة المشتركة الناتجة عن ” الاضهاد، الغزو، الاستعمار” لقارة افريقيا ثم تجربة الاسترقاق عبر المحيط الاطلنطي.

فقد قاد تشابه التجربة بين هولاء الشعوب الذين خاضوا تجربة الاسترقاق  إلى توحيد مشاعرهم والالتفاف حول مناهضة العبودية واظاهر أشكال من المقاومة توكد القواسم المشتركة كما تدفعهم للعمل سويا للتخلص من المستعمر الاروبي. 

 بالأضاف إلى  ” أن الحنين إلى القارة  الام لم يتخذ شكل اومكان محدد بالنسبة للمسترقين انما اخذ رمزية الارض  كتوصيف لاوطانهم وهي الواقعة على طول القارة الافريقية كامله “. ربما في البدايات كان يعرف المسترقين ذواتهم بناءاً على المناطق، او القبائل.. القادميين منها، لكن تلك الهويات الضيقة لم تستمر سرعان ما تلاشت بفعل عاملين  هما التجربة والمصير المشتركان في مواجهة الاستعمار الاروبي. 

وهنالك العديد من الايضاحات والشواهد التاريخية التي توكد أن الكفاح ضد الاسترقاق قد بدء مبكرا ضد المستعمر الاروبي.  كل تلك المطامح، والمشاعر سرعان ما بدات في اخذ منحى اكثر جدية لتتحول إلى منظومة من الأفكار  عندما تعرف الافارقة على أدوات التواصل واللمام باساليب الكتابة والقراءة بالاضافة إلى اقوي العوامل وقتها الكفاح والتمرد

يري همرور أن البدايات الاولي للحركة الافروعمومية  والتطبيقات العملية لها يمكن أن نجدها ذات صلة بـ” ثورة  هايتي (1791-1804)في بداية القرن التاسع عشر وتتمييز ثورة هايتي  لأسباب عديدة ليست فقط باعتبارها ثورة أغلبية مسترقيين من ذوي أصول أفريقيا فقط، بل لانها اول ثورة ناجحة ضد الاستعمار الاروبي في التاريخ المعاصر،  وللمفارقة لم يقم المسترقين باعادة تجربة الأسترقاق على الاروبيين انما وقفوا ضد الاسترقاق مع الاحتفاظ بسجناء الحرب في كفاحهم ضد المستعمر.

و لاحقاً أصبحت اول دولة يحرم فيها الرق مع ترسيخ مبداء المساواة بين جميع البشر، وبذلك اصبح تحريم امتلك البشر للبشر قانون يسري في البلد وهو ما يعرف اليوم بمنظومة حقوق الانسان

يقول قصي ” أن الاستفادة من الحماس المعرفي لتطابق بواكير الحركة الافروعمومية  بالاستناد على ثورة هايتي مهمه جداً للحركة الافروعمومية في أيضاح المعالم الاولى لبدايات تشكل الحركة وبروزها” بعتبارها احدى التحولات العظيمة في التاريخ البشري وان لم تجد حظها من التوثيق والبحث بشمول .

ثم بدات بعض الكتابات والشخصيات من ذوي  القدرات العالية  علي التعبير  في الظهور منهم “إدورد بليدن”  1832 – 1912 الذي يطلق عليه لقب ابو الافروعمومية وهو من أصول غرب افريقية ينحدر من قبائل “الايبو” ولد بمنطقة الكاريبي ثم هاجر إلى “ليبيريا” عندما كانت معدة الاستقبال الافارقة العائدون من الشتات وقتها فكان “بليدن” احد الاوائل الذين قدموا إلى ليبيريا. ثم بدء كتاباته حول الشخصية الافريقية  بالتركيز على عاملي التاريخ والحضارة بعتبارهما جوهريين في تشكيل وفهم الشخصية الافريقية كوحدة متكاملة. كما انه من اوائل الاصوات الدعاية إلى الوحدة الافريقية. والتي جاءت  كرد فعل  لسياسات الاضطهاد والتمييز العنصري التي عانى منها الأفارقة في أوروبا وأمريكا.

وقد مضت معظم الكتابات في ذلك التوقيت إلى ذات الاتجاه الذي ذهب اليه “بليدون” فقد انصب معظم جهودهم الاولى حول تثبيت الكينونة الافريقية  لاستشراف عهد جديد يعرف فيه الانسان الافريقي خارج قوالب الاستعمار، وتاكيد انتزاع حق المساواة والتمييز الحضاري…!

الخلاص نستطيع القول أن البدايات الاولي للحركة الافروعمومية أرتبطت  بثورة هايتي والثورات اللاحقة لها، كما يعد “أدورد بليدن” من اوائل الكتاب الذين اساهموا في بروزالافروعمومية كحركة اجتماعية.