سلسلة حلقات عن الافروعمومية – مرحلة الانتقال من أفكار الي حركة
خلال الحلقة الثانية من سلسلة حلقات عن الافروعمومية نحاول تتبع تاريخ الحركة الافروعمومية Pan-Africanism واستبيان المراحل الاولى للانتقال من أفكار إلى حركة بغرض وضع أطار تاريخي لذكر مصطلح الافروعمومية وتداوله والذي يتناول فيه (همرور) من خلال شبكة عاين الحديث عن اول مؤتمر أفروعمومي في العام 1900م الذي أقيم في لندن و قد ضم المؤتمر العديد من افارقى الشتات والقارة رجال ونساء وبدوا الحديث جدياً عن تقرير المصير الافريقي. كما ناقش قضايا منهاضة العبودية والاستعمار باعتبارهما يعتمدان على التصنيفات السلبية والقائمة على أساس العرق وبذلك تضهد قيم الشعوب الإفريقية.
أدت هذه المعتقدات التدميرية بدورها كما يرون إلى توليد أشكال مضاعفة من العنصرية، والتي حاول الافارقة مناهضتها عبر مفهوم سياسي أوسع، بالتاكيد على ان جذور الوحدة الأفريقية تكمن في التجارب الجماعية للمنحدرين من أصل أفريقي في العالم الجديد. والذين ارتبطت تجاربهم بحملات الاسترقاق عبر المحيط الاطلنطي تاريخيا كما اشرنا في الحلقة السابقة
مؤتمر لندن ١٩٠٠م
في عام 1897، قام هنري سيلفستر وليامز، المحامي والكاتب في ترينيدادان لندن، بتأسيس الرابطة الإفريقية وكانت الجمعية بمثابة أساس لتثقيف نشطاء الشتات الأفريقي حول القضايا التي تؤثر على أفريقيا والحاجة إلى تحرير القارة وأدى نجاح الجمعية إلى تطوير الحركة الإفريقية .
وفى ذلك يشير( قصي) فى معرض حديثه عن مؤتمر لندن1900م، وبدايات ظهور مصطلح الافروعمومية أو ما يعدلها الـPan-Africanism إلى أنه سبق ذلك ظهور الكثير من الشخصيات ذوي التوجه الافروعمومي خصوصاً من الناحية الادبية، و أيضاً تصاعد الخطاب السياسي المطالب بتحسين أوضاع الافارقة في المهجر وتحرر الافارقة في القارة، قد ساعد علي استنهاض المثقافين للاهتمام بقضايا التنمية والتحرر لشعوبهم.
في 23 يوليو 1900 من ذات العام نجحت الرابطة الأفريقية في جمع مجتمع كبير من عموم إفريقيا في الشتات. و عُقد أول مؤتمر لعموم أفريقيا في لندن. جمع الحدث الذي استمر ثلاثة أيام ثلاثين قائدًا وناشطًا من مختلف أنحاء إفريقيا وإنجلترا وأمريكا وجزر الهند الغربية، وكان بمثابة أرضية مشتركة لبدء الحديث حول إفريقيا ومستقبلها. ومن هذا المؤتمر بدأ الاستخدام الواسع لكلمة الافروعمومية، تتخذ مسارها وأهدافها الخاصة في إفريقيا. كما ركز المؤتمر على بناء الحركة الافروعمومية. و كان من ابرز اهداف المؤتمر تأمين الحقوق المدنية والسياسية؛ وتعزيز العلاقات الودية بين شعوب العالم؛ بالاضافة الى تشجيع الشعوب الأفريقية في التعليم والصناعة والأعمال؛ و الضغط على الحكومات نيابة عن الشعوب الأفريقية لتحسين اوضاعهم في إفريقيا وأمريكا والإمبراطورية البريطانية وأجزاء أخرى من العالم.
ومن ابرز المشاركين في المؤتمر (وليم دي بويز) W.E.B. Du Bois الذي يعتبر من الجيل الاول للافروعموميين، وقد لعب (دي بويز) دوراً رائداً في صياغة الخطاب الذي وجهه المؤتمر إلى أوروبا انذاك والذي يدعوى فيه لمناهضة العنصرية ومنح المستعمرات في إفريقيا وجزر الهند الغربية الحق في الحكم الذاتي. ومن ابرز المطالب التى خرج بها المؤتمر الدعوة لصياغة قانون للحماية الدولية لسكان إفريقيا، والإشراف على المستعمرات من قبل عصبة الأمم لمنع الاستغلال الاقتصادي.بعد انتهاء المؤتمر، أنشأ وليامز فروعًا لرابطة عموم إفريقيا في جامايكا وترينيداد والولايات المتحدة الأمريكية. كما أطلق أيضًا مجلة، The Pan-African، في أكتوبر 1901.
استمرت المؤتمرات الإفروعمومية حتى أكتوبر 1945 وكان العديد من النشطاء الأفارقة الذين يناضلون من أجل الاستقلال على اتصال جيد مع الناشطين في الشتات. و تحت شعار المؤتمر الإفريقي ، عُقدت بعد ذلك سلسلة من الاجتماعات – في 1919 في باريس، 1921 في لندن، 1923 في لندن،1927 في مدينة نيويورك،1945 في مانشستر،1974 في دار السلام، و 1994 في كمبالا – والتي كانت تهدف إلى معالجة القضايا التي تواجه أفريقيا نتيجة الاستعمار الأوروبي. فقد شهد اجتماع المؤتمر الخامس في أكتوبر 1945 حضور كوامي نكروما، والذي اصبح لاحقاُ رئيس لغانا بعد حصولها على الاستقلال من البريطانيين بنجاح في عام 1957، أي بعد 12 عامًا.
رمز الاستقلال الافريقي (اثيوبيا)
كان الغزو الايطالي لاثيوبيا في العام 1935م والذي تزامن مع كفاح الافارقة في الشتات من أجل الانعتاق ونيل حريتهم نقطة تحول بارزة في الانتقال بأهداف الحركة إلى داخل القارة والدعوة إلى الوحدة الافريقية فقد كان يعلم الافارقة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي بالفعل أن إثيوبيا هي الدولة الوحيدة التي قاومت بنجاح التدافع الأوروبي و هزيمة الجيش الإيطالي منذ 1896.
ويشير قصي ان “اثيوبيا كانت تمثل رمز الاستقلال لدي الافارقة بعتبارها الدولة الوحيدة التي لم يستطيع الاستعمار الاروبي السيطرة عليها”. وقد عرفوا إثيوبيا كدولة أفريقية تاريخياً ظلت مستقلة باستثناء الاحتلال الإيطالي 1936-1941، الأمر الذي أثار احتجاجات قوية. ثم توحدة الجهود الافروعمومية لاحقاً بالرغم من مدارسها المختلفة في ذلك التوقيت حول قضية اثيوبيا ولم يستمر الاحتلال طويلاً في مواجهة كفاح اثيوبيا ضد ايطاليا.
ثم بدات تنتقل راية الافروعموميين من الشتات إلى القارة بالتزامن مع ظهور حركات التحرر الافريقية ضد الاستعمار. وبحلول عام 1963، تم تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية في عهد ما يعرفون بالجيل الثاني للافروعموميين. في أديس أبابا في 25 مايو 1963م بتوقيع ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية تتويجا لسنوات من الجهود التي بذلها القادة الأفارقة، حيث لعب كل من الرئيس كوامي نكروما رئيس غانا والإمبراطور هيلا سيلاسي من إثيوبيا أدوارا بارزة في تجقيق ذلك، وهم ضمن ما يعرفون بالجيل الثاني من الافروعموميين وقد تراس معظمهم دولته في تواريخ لاحقة، مثل ” كوامي نكروما، جوليوس جريري، جوما كينيتا”. و خلال هذه الفترة بدات الافكار الافروعمومية تنتشر مرتكزة على حركات التحرير الافريقي داخل القارة وسرعان ما بدأ الحديث عن الافروعمومية اكثر تركيزاً يبحث جوهرياًعن مفاهيم بناء الدولة الافريقية.
*موسيقي الحلقات – Genuine Mezziga Band