الخرطوم بعد حظر “كورونا”.. عودة تحفها المخاطر
عاين- 7 يوليو2020م
تنتظر بائعة الطعام، عائشة السيد، عودة الحياة إلى طبيعتها فى الخرطوم بعد حظر صحي يقارب الثلاثة أشهر لمجابهة فايروس “كورونا “، وبسبب تلك الاحترازات الصحية لم تتمكن من مزاولة عملها الذي تعتمد عليه أسرتها بالكامل.
عودة محفوفة بالمخاطر
وتتخوف عائشة من ان العودة الى العمل لن تكون سهلة بعد التغييرات الاقتصادية التى حدثت اثناء الحظر وإرتفاع اسعار السلع والمواد الأساسية التي تعتمد عليها فى اعداد الطعام خاصة وانها فقدت رأس المال واضطرت ان تصرفه طوال فترة توقفها، العودة إلى العمل بالنسبة اليها فى هذه الظروف اعادتها الى نقطة البداية والبحث عن تمويل لتغطية تكلفة إحتياجاتها .
وكانت لجنة الطوارئ الصحية السودانية لمواجهة فيروس كورونا، قد اعلنت أن البلاد ستعاود نشاطها الطبيعي اعتبارا من الثامن من يوليو المقبل، بحيث ينتهي الإغلاق المفروض منذ 16 أبريل الماضي للحد من إنتشار الوباء، وطلبت اللجنة من المؤسسات العامة والخاصة وضع ترتيبات العودة إلى الحياة الطبيعية خلال هذا الأسبوع وان اللجنة ستظل تراقب الاوضاع الصحية بالبلاد” .
وقبل صدور قرار رسمي برفع الحظر وعودة الحياة رصدت (عاين) حركة غير مسبوقة فى شوارع الخرطوم صباح اليوم الثلاثاء، اقرب إلى الحركة الطبيعية وشهدت الشوارع تكدساً للمركبات وحركة المواطنين والمحلات التجارية وازدياد الباعة المتجولين فى الأسواق الصغيرة .
لكن أصدر رئيس الغرفة المركزية المشتركة لطوارئ كورونا بولاية الخرطوم، الطيب الشيخ، اصدر بيانا حول إجراءات المرحلة القادمة للتعامل مع جائحة كورونا أعلن فيه بداية العودة التدريجية الآمنة للعمل والحركة بين محليات الولاية اعتبارا من يوم غد الاربعاء الثامن من يوليو يوميا من الساعة الخامسة صباحا وحتى الساعة السادسة مساءً شريطة الالتزام التام بالاشتراطات الصحية.
وأوضح البيان الذي طالعته (عاين)، ان الاشتراطات الصحية تشمل الالتزام بالتباعد الاجتماعي ولبس الكمامات والتعقيم المستمر، مشيرا الى ان هذا السماح خاضع للتقييم وفقا للمؤشرات الصحية مناشدا المواطنين الالتزام بالاشتراطات حتى لانعود للاغلاق التام.
ووجه رئيس الغرفة المركزية المشتركة لطوارئ كورونا رؤساء الوحدات الحكومية والقطاع الخاص بترتيب اوضاع العمل داخل وحداتهم بحيث تتراوح نسبة الحضور لتسيير دولاب العمل اليومي ما بين ٣٠٪الى ٥٠٪ بتطبيق نظام التناوب في حضور العاملين بالاضافة الى توفير الكمامات والتعقيم المستمر لمواقع العمل وإلزام جمهور المتعاملين بالتعقيم والكمامة، وشدد على ضرورة ان تلتزم الانشطة التجارية والخدمية التي تؤمها أعداد كبيرة من المواطنين بالاشتراطات الصحية وعلى المحليات مراقبة الاسواق ومدى التزامها بالاشتراطات الصحية .
اطمئنان حكومي
وبدا عضو اللجنة الاقتصادية العليا، إبراهيم الشيخ، مطمئنا لوفرة السلع الضرورية. وقال لـ(عاين)، ان الوضع مطمئن بالنسبة لموقف الوقود والدقيق والسلع مما يجعل حدوث اي ندرة او ازمات سيما السلع الإستراتجية امراً مستبعداً. وعلق الشيخ على ازمة الخبز الحالية، واكد انها مرتبطة بقطوعات الكهرباء لساعات طويلة استمرت اكثر من اسبوعين ما ادى الى تأثر الأفران التي تعمل بالكهرباء .
سلع بلا رقابة
وتسود هواجس وسط المواطنين مع غياب الرقابة على السلع من قبل السلطات المختصة والارتفاع غير المسبوق فى معدلات التضخم بالسودان . وبحسب المحلل الاقتصادي ،كمال كرار، ان الثلاثه اشهر الماضية كان الحظر فيها مجازي، وكانت هناك نشاط فردي لذوي الدخل المحدود مع وجود حركة كثيفة فى الأسواق والمحلات التي كانت تعمل أثناء فترة السماح، وعلى الرغم من إستمرار الحركة التجارية طوال الثلاثة اشهر الماضية، ستعود الحركة الى طبيعتها مع نشاط اكثر اذا لم تضع الحكومة تحسبها لهذه العودة من مخزونات كافية فى الوقود والسلع الإستراتيجية الأخرى والدواء، ويضيف، “سنشهد ازمات مثل التي شهدها السودان قبل إعلان الحظر “.
وقال كرار لـ(عاين) كان من المتوقع ان يحدث كسادا كبيرا فى الاسواق ولكن على العكس صاحب ذلك إرتفاع كبير في اسعار السلع باسواق الخرطوم والمدن الاخرى فى وقت تشهد فيه دول العالم تدني كبير فى الأسعار . ويعتقد كرار، ان ما مر به السودان خلال الثلاث اشهر الماضية يجب ان يكون درساً لإصلاح الإقتصاد وتوجيهه لمصلحة المواطن بالإنفاق الكافي لكل ما يحتاجه من دواء وغذاء وغيره من الإحتياجات الضرورية .
مبادرات لمجابهة جشع التجار
وتقر اللجنة العليا للطوارئ الصحية في السودان، بالأثر السالب لإجراءات الحظر على دولاب العمل وحياة الناس، في ظل ثقافة مجتمعية غير مساندة للتصدي للجائحة، و دعت للعودة الآمنة والمتدرجة للعمل والإجراءات التي يجب أن تصاحب العودة لاسيما ولاية الخرطوم التي تحتضن القدر الأكبر من السكان والأنشطة الاقتصادية والصناعية وأنشطة الحياة المختلفة .
ويعزو رئيس اللجنة الإقتصادية لجمعية حماية المستهلك السودانية، د. حسين القوني، فى مقابلة مع (عاين ) الغلاء الذي تشهده الأسواق لانتهاز بعض التجار هذا الظرف دون مراعاة للضوابط والمواصفات السعرية، ولم يقدروا الظروف المعيشية التي يمر بها المواطن واصبح الجشع السمة الغالبة على التجار.
“وزارة التجارة وهي الجهة المعنية بضبط الأسواق كانت بعيدة تماماً عن معاناة المواطن فى الأسواق التى لاتزال مستمرة لكن الحكم فى النهاية تكلفة الإنتاج” وفقا للقوني، الذي يشير، إلى وجود الوسطاء الذين يضعون ارباحهم مما يزيد التكلفة على المواطنين .
ويقول القوني، نشأت بعض المبادرات لمجابهة السماسرة عن طريق خفض الشراء او المقاطعة لكنها لم تجد تجاوباً من المواطنين لأن الخيارات محدودة خاصة مع وجود نسبة من المواطنين يستطيعون الشراء بأي سعر وهذا بدوره شجع التجار على الإستمرار فى الجشع، واضاف ” حماية المستهلك لم يكن لديها الكثير لتفعله للنقص الذي تعانيه فى الامكانيات.. لم يمكننا من القيام بمهمتنا”. وزاد القوني داعيا “جهات الاختصاص بالالتفات لجمعية حماية المستهلك ودعمها لتتمكن من القيام بدورها اذ انها اليد اليمنى للجهاز الحكومي فى المراقبة ” .
واكد القوني، ان القانون من أهم الجوانب التى تدعم الحكومات فى تنفيذ سياساتها فيما يتعلق بالسلع والخدمات ، ولابد من تطبيقه على ارض الواقع لضبط الاسواق ليساهم ذلك فى خفض الأسعار ويضمن جودة السلع ويحد من الإحتكار وذلك يصب فى تخفيف الضغط المعيشي على المواطن .
وفى منتصف يونيو الماضي أطلقت وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي بالسودان المرحلة التجريبية لمشروع الدعم النقدي المباشر للأسر السودانية، الذي يغطي نحو 80 % من جملة السكان، وينفذ المشروع بواسطة وزارة المالية بالتعاون مع الوزارات والهيئات ذات الصلة بتمويل من الحكومة السودانية والشركاء وبدعم فني وتقني من برنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي الذي يستفيد منه ٣٢ مليون شخص .