قتلى وجرحى في مليونية الحكم المدني
تقرير: عاين 30 يونيو 2019م
في تحول نوعي غير مسبوق خلال الثورة السودانية المستمرة لستة أشهر حتى الان، وصل مئات الآلاف -حسب شهود عيان- إلى محيط القصر الجمهوري من كافة الاتجاهات من العاصمة الخرطوم، وأبدى الثوارتصميما ما زال مستمرا حتى مساء يوم الأحد 30 يونيو في الوصول للقصر والاطاحة بحكم المجلس العسكري الانتقالي. وشهدت التظاهرات وفيات في كل من عطبرة وأم درمان إلى جانب إصابات بالرصاص الحي.
ورغم التعتيم الإعلامي وقطع الانترنت عن البلاد لما يقارب الشهر وحملات الاعتقالات الشرسة التي شنتها قوات الدعم السريع مدعومة بالاجهزة الامنية وفلول النظام السابق ضد قوى الثورة منذ فض اعتصام القيادة في ما عرف بمجزرة القيادة في الثالث من يونيو، إلا أن قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين برفقة لجان الأحياء استطاعت تجميع قواها من جديد وتهديد المجلس العسكري في العاصمة والولايات. وتدفق منذ نهار اليوم الأحد مئات الآلاف الى شوارع الخرطوم والولايات المختلفة مطالبين بتسليم السلطة في البلاد إلى حكومة مدنية ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين منذ ديسمبر الماضي.
حشود وقوات امنية
(عاين) قبل الموعد المحدد لانطلاق المواكب تجولت في منطقة السوق العربي والتي أعلن فيها ايضا تجمع المهنيين السودانيين بشكل سري تجمعا في منطقة جاكسون وسط الخرطوم، يرفع من حدة المطالبة بالحكم المدني في منطقة مكتظة، بجانب توقف الحركة التجارية في أكبر منطقة تجارية وسط العاصمة بالكامل قبل ساعات من انطلاق المواكب المحددة بالساعة الواحدة.
وانتشرت في المنطقة عشرات القوات المختلطة بين الدعم السريع والشرطة بازيائها المختلفة مكافحة الشغب، والاحتياطي المركزي، ومع انطلاق هتافات المدنية في موقف جاكسون انهمرت قنابل الغاز المسيل للدموع على المنطقة وتفرق العدد الكبير الذي كان في لحظات تجمعه الاولى بالمنطقة.و بتفريغ مظاهرات وسط الخرطوم، أخذ المجتمعين في عمليات إجراء اتصالات بنية التوجه الى اي منطقة يوجد بها مواكب اخرى، فكان مراسل (عاين) ضمن المتجهين الى منطقة جنوب الخرطوم التي التحمت فيها مواكب ضخمة من مناطق شرق الخرطوم وغربها.
“ وابل من الرصاص“
قال عضو لجنة احياء منطقة الشجرة، محمد عبد الرحمن، لـ(عاين)، ان التجمع بدأ في مناطق احياء غرب الخرطوم الشجرة وجابر وابو آدم وقرر الجميع التوجه الى منطقة الصحافة منزل الشهيد التاج محجوب. وأشار إلى أن الشرطة تصدت للمتظاهرين عند محطة الكهرباء بجبرة وأمطرتهم بوابل من الرصاص في الهواء والغاز المسيل للدموع لكنها لم تستطع تفريق المحتجين الذين توجهوا الى المنطقة المحددة وهناك التحمت الجماهير ببعضها البعض.
مراسل (عاين)، يقول إن المشهد كان مهيبا، في شارع المطار أحد أكبر الشوارع في العاصمة الخرطوم، ومن منطقة نفق السوق المركزي بالخرطوم وحتى منطقة عفراء شمالا امتلأ الشارع تماما وتجمعت مواكب غرب الخرطوم وجنوبها وشرقها في المنطقة وبقيت فيها لساعات قبل أن يقرر تجمع المهنيين القائد الرئيسي للاحتجاجات توجيه الجماهير التي تهدر في الشوارع الى القصر الجمهوري.
مواكب متفرقة بالعاصمة
رصد مراسل (عاين) عند مدخل نفق منطقة عفراء تمركز أعداد كبيرة من قوات الشرطة وقوات الدعم السريع لمنع المحتجين من العبور شمالا في طريق شارع المطار الذي يؤدي في نهايته الى القصر الجمهوري.ونقل شهود، من مدينة بحرى لـ(عاين)، احتشاد الملايين في أحياء المدينة في الموعد المحدد لانطلاق المواكب وتجمعت مواكب إحياء الدروشاب والسامراب والحلفاية وغيرها من أحياء المدينة في وسط منطقة بحرى سيما منطقة المؤسسة والدناقلة والصافية باتجاه القصر الجمهوري دون مقاومة تذكر من القوات العسكرية والشرطية الموجودة في المنطقة.
المشهد ذاته وفقا لما روى شهود لـ(عاين) من مدينة ام درمان، مشيرين الى أن الملايين احتلت الشوارع الرئيسية لاسيما شارع الاربعين-شارع الشهيد- عبد العظيم، و تمركزوا لساعات هناك قبل أن ينطلقوا نحو القصر الجمهوري واشتباكهم مع قوات الدعم السريع والشرطة التي تحرس كبري ام درمان.
فى محطة سبعة بمنطقة الصحافة زلط جنوبي الخرطوم تجمع الآف المحتجين يرددون هتافات مناوئة للمجلس العسكري “كباشي ياكذاب الثورة بدت ياداب ” فى مشهد يؤكد إصرار الشعب السوداني على إكمال ثورته ، وسط تحفظ القوات النظامية من الدعم السريع والجيش والشرطة كان ذلك منتصف النهار ، ومنها انحرف مراسل عاين الى الشارع الرئيسي للصحافة زلط وكان المئات يهتفون متوجهين نحو محطة سبعة للحاق بالموكب الكبير الذي كان على مد البصر، بالاضافة إلى سكان تلك المنطقة الذين كانوا يقفون على جنبات الشوارع الرئيسية ويلوحون بعلامات النصر .
بري وما جاورها
امام منزل الشهيد “معاوية” في بري احتشد مئات الثوار يهتفون “الدم قصاد الدم مابنقبل الدية ” ورفض واضح للمجلس العسكري وطالبته بتسليم مقاليد الحكم الى سلطة مدنية ، سكان منطقة بري خرجوا على طول شارع سوق أربعة وشارع المعرض ، قرأ الثوار الفاتحة على روح الشهيد “معاوية” بعد وقفة حداد دقيقة على روحه ومواساة لأسرة بالكلمات والهتافات ” دم الشهيد دمي ام الشهيد امي ” .
موكب اخر تحرك من منطقة اركويت لم يكن يقل عدداً عن المواكب الأخرى وموكب حاشد من تقاطع باشدار بمنطقة الديم ، والأضخم عدداً كان قادم من جنوب الحزام احياء مايو و السلمة والأزهري ، التقت جميع المواكب في شارع المطار و بإنضمام مواكب الأحياء المتاخمة لشارع الستين كان ملايين السودانيين قد تجمعوا فى شارع المطار احد اكبر الشوارع الرئيسية فى العاصمة السودانية وفى المنطقة الجغرافية لمطار الخرطوم الرئيسي .
إغلاق للكباري بالعاصمة
عند الثالثة من ظهر اليوم أغلقت القوات النظامية الكباري التي تربط مدن العاصمة السودانية الثلاث ، الخرطوم ، ام درمان ، ومدينة بحري ، حتي لايتمكن ملايين الثوار من مدينتي بحري وأم درمان من الالتحام مع ثوار الخرطوم ، ووقعت ثلاث إصابات برصاص القناصة بالقرب من السلاح الطبي بأم درمان بعد محاولة الثوار عبور كبري امدرمان الى مدينة الخرطوم امتدا الموكب الرئيسي بشارع المطار جنوبا حتي صينية السوق المركزي وشمالاً إلى المركز الطبي الحديث الذي يبعد أقل من كيلو متر من مبنى جهاز الأمن والمخابرات الوطني والمؤسسات العسكرية .
بحسب مراسل (عاين ) انا الحشود فاقت تلك التي كانت فى ستة ابريل ، خرج سكان الخرطوم من كل مدنها واحيائها بعد دعوة الحرية والتغيير لمليونية الحداد للشهداء ، وجوه الثوار خاليه من اي ملامح خوف ملؤها التفاؤل والإصرار على إجبار المجلس العسكري لتسليم السلطة الى المدنيين حيث كان الهتاف الأبرز “مدنيا و” . اغلقت المحال التجارية بأحياء الخرطوم أبوابها عدا القليل منها ، شارع بيو كوان ، وشارع الصحافة زلط ، وشارع محمد نجيب ، شارع عبيد ختم ، وكانت مواقف المواصلات العامة شبه خالية .
عنف مفرط بالأقاليم
الخرطوم ليست وحدها المدينة التي خرج فيها الملايين إلى الشوارع، في ود مدني وبورتسودان وكسلا وعطبرة التي استشهد فيها أحد المتظاهرين. خرج الآلاف في الشوارع مطالبين بالحكم المدني. وسقط الشهيد خالد في مدينة عطبرة حسب بيان من لجنة أطباء السودان المركزية بينما جرح اربعة اخرين في مدينة القضارف. وأكدت اللجنة أن قوات الدعم السريع والاجهزة الامنية داهمت مستشفي القضارف واعتدت بالضرب على الأطباء والمرضى والمرافقين.
وقال شاهد من مدينة ود مدني لـ(عاين)، جابت مظاهرات هادرة أحياء المدينة لكن قوات الشرطة والأمن منعت المتظاهرين من الوصول الى مقر الاعتصام السابق أمام قيادة الجيش وامانة الحكومة. وفي مدينة الابيض تحرك الآلاف الى ميدان الحرية حيث تم تحويل المسيرات الهادرة التي انطلقت من عدة أحياء طقت- الرديف- حي فلاتة- القبة تم تحويل المسيرات الى اعتصام بميدان الحرية وحتى اللحظات الاخيرة ظل الحشود في تزايد.ولكن القوات الامنية تصدت لهم بالرصاص مما أسفر عن 6 إصابات.
في ذات الإطار قال شهو عيان لـ(عاين) القوات الامنية متمثلة في الفرقة ال18 مشاه تصدت لمئات بالرصاص الحي في مدينة كادوقلي ولم يتسن لـ(عاين) معرفة اذا كانت هناك اصابات من عدمها ولكن تم تفريغ التظاهرات بالرصاص الحي. قال مصدر طبي بمدينة القضارف لـ(عاين) ان هناك اربعة إصابات وسط الثوار إحداها بعبوة غاز مسيل للدموع فيما اصيب الأخرين برصاص القوات النظامية ، وخرج الملايين بمدينة القضارف مطالبين المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين .
قناصة أعلى البنيات
وليس ببعيد عن التطورات الميدانية، خرج قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي، مؤكدا التزام قواته بحماية المدنيين، مشيرا لوجود قوى تعمل ضد الثورة وتريد أن تقود البلاد إلى الفتنة والفوضى حسب حديثه. وأبدي حميدتي استعداد المجلس لتسليم مجلس الوزراء لقوى الحرية والتغيير وتشكيل الحكومة الانتقالية فورا، فيما لم يبين موقفه من تقاسم مجلس السيادة والبرلمان.
وكشف حميدتي الذي كان يخاطب حشدا من انصاره بمنطقة شرق النيل عن وجود قناصة يتبعون لجهة لم يحددها، قاموا باستهداف المتظاهرين وقوات الدعم السريع لدى محاولة المتظاهرين القادمين من أمدرمان عبور كوبري النيل الأبيض وصولا للقصر الجمهوري. وفي سياق ذي صلة، أعلن المجلس العسكري في بيان مساء الاحد تسليمه ردا مكتوبا للوساطة الافريقية الاثيوبية،مؤكدا استعداده للانخراط الفوري في التفاوض مع قوى الحرية والتغيير من أجل تشكيل هياكل السلطة الانتقالية.