السودان: (مليونية 30 يونيو)..تسعة مسارات إلى قصر الرئاسة
28 يونيو 2022
يترقب السودانيون تظاهرات واسعة بعد غد الخميس في الذكرى الثالثة لـ”مليونية 30 يونيو 2019″ والتي أنهت انقلابا عسكريا بدأ بفض اعتصام القيادة واضطر القادة العسكريين تحت ضغط المحتجين إلى إبرام اتفاق بينهم والمدنيين في ذات العام.
ومنذ نحو اسبوع يستجيب المئات لدعوات لجان المقاومة بالمشاركة في مواكب دعائية بمدن واحياء العاصمة والولايات للاستعداد لتظاهرات الخميس.
وتأتي الذكرى الرابعة هذه المرة في ظل انقلاب عسكري نفذه قائد الجيش أطاح بالحكومة المدنية في 25 أكتوبر الماضي وما خلفه من فراغ حكومي وتدهور الاقتصاد والوضع المعيشي ومقتل نحو 102 من المتظاهرين برصاص قوات الأمن خلال ثمانية أشهر.
إجراءات مشددة
وبدأت السلطات الأمنية استباق “مليونية 30 يونيو” باعتقالات طالت عددا من النشطاء وأعضاء المقاومة وأوقفت الثلاثاء عضو لجان مقاومة البراري محمد عمر الملقب بفرنساوي.
وعلى ذات النسق الذي جربه العسكريون في أكتوبر ونوفمبر الماضيين ربما تعود الإجراءات الأمنية إلى إغلاق الجسور وعزل مدن العاصمة الثلاث وقطع خدمة الانترنت بالتزامن مع تظاهرات الخميس.
ومن المتوقع نشر القوات العسكرية في العاصمة اعتبارا من مساء الأربعاء إلى جانب وضع تعزيزات على الجسور مع إغلاقها بالحاويات خاصة جسري المك نمر وأم درمان.
وكانت وزارة الداخلية السودانية أعلنت في بيان مساء الاثنين أنها عقدت اجتماعا وقررت حماية المواكب السلمية الخميس وناشدت المتظاهرين بالتوجه إلى الساحات والميادين وتجنب التواجد في المرافق السيادية وسط العاصمة مشيرة إلى أنها ستتخذ إجراءات بالتأكد من تسليح القوات وقصرها على عبوات الغاز والهراوات.
دعوات واسعة
وتقول المتحدثة باسم لجان مقاومة أبو آدم جنوبي العاصمة السودانية سحر الجزولي في حديث لـ(عاين)، إن الرغبة في الخروج في “مليونية 30 يونيو” زادت في أوساط السودانيين لأسباب متفاوتة أبرزها ضعف السلطة العسكرية في إدارة الوضع الاقتصادي والسياسي وتهديد الوضع الأمني في البلاد إلى جانب “نضج الميثاق الثوري” لتنسيقيات لجان المقاومة على مستوى العاصمة والولايات أكثر من أي وقت مضى علاوة على وجود أرضية مشتركة بين القوى السياسية ولجان المقاومة عكس الشهور الماضية خاصة مع مراوغة العسكريين للقوى الراغبة في التفاوض.
وتوقعت الجزولي تدفق السودانيين صوب القصر الجمهوري وفي ذات الوقت توقعت إغلاق القوات الأمنية للشوارع وقالت : “في هذه الحالة لدينا خطط بديلة سنعلن عنها في حينها”.
وقالت سحر الجزولي إن المتظاهريين والقوى المناهضة للانقلاب وصلوا إلى مرحلة لا يمكن الالتقاء فيها مع العسكريين الحاليين لأنهم لن يسلموا السلطة إلا عبر ضغوط هائلة وكتلة حرجة .
وأشارت الجزولي، إلى أن مليونية 30 يونيو لا تعني نهاية المطاف بل ترتب المقاومة صفوفها مرة أخرى في الأحياء للعودة إلى شارع القصر.
وحول مقترح بالتفاوض مع المؤسسة العسكرية بدلا عن أعضاء المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي ترى سحر أن التفاوض السابق مع المؤسسة العسكرية هو الذي أتى بالانقلابيين لذلك لا فائدة من التفاوض مع المؤسسة العسكرية وقالت إن المكون العسكري الحالي لا مستقبل له في حكم البلاد.
مسارات إلى القصر
وحددت تنسيقيات لجان المقاومة ولاية الخرطوم نحو تسعة مسارات سيتخذها المتظاهرون إلى وسط العاصمة مقر القصر الجمهوري.
ويرى المحلل السياسي مصعب عبد الله في حديث لـ(عاين)، أن تصدع سلطة العسكريين هو الذي زاد من رغبة السودانيين في التظاهر لعدم وجود بارقة أمل في الوضع الراهن واستمرار التدهور الاقتصادي.
ويرهن عبد الله، نجاح مليونية 30 يونيو بوجود فعل سياسي على الأرض لوضع برنامج واضح يدخل الاطمئنان في نفوس من يتوقون إلى التغيير السياسي في البلاد.
ومع توسع رقعة الاحتجاجات هذا الأسبوع للترويج لمليونية 30 يونيو وضعت القوات الأمنية خططا تشمل قطع مدن العاصمة وعزلها وقطع شبكة الاتصالات والانترنت وهذه الإجراءات أتخذت بالتزامن مع الانقلاب العسكري ويرى أمنيون أنها نجحت في الحد من تدفق المتظاهرين إلى محيط القيادة العامة والقصر الجمهوري.
ليست نهاية المطاف
تقول الوزير السابقة بوزارة العمل في عهد حكومة عبد الله حمدوك – تيسير النوراني في حديث لـ(عاين)، إن مليونية 30 يونيو نقطة تحول في مسيرة الثورة لكنها لن تؤدي إلى إسقاط الانقلاب العسكري.
وأضافت النوراني: “قد لا تصل المليونية إلى نتائجها لكنها مهمة للاصطفاف بين المدنيين والتخلي عن التخوين ولاحظت حرص الناس على المشاركة في هذه التظاهرات وهذه بوادر وحدة بين قوى الثورة”.
وترى تيسير، أن المواكب مهمة لكنها غير كافية لاسقاط الانقلاب ولا بد من وضع برنامج سياسي أكثر تطورا من العامين السابقين وقبل ذلك إيقاف لغة التخوين والاتهامات بين المدنيين.
وتشير النوراني، إلى أن السلطة العسكرية لديها حلفاء اقليميين ومحاور ولديها السلطة والمال والسلاح وهذه عوامل مؤثرة في تغيير الوقائع على الأرض، وإذا أراد المدنيون اسقاط الانقلاب عليهم التوحد ووضع برنامج واضح لإدارة الدولة في مرحلة ما بعد إسقاط الانقلاب.
وتقول النوراني إن هناك حالة عداء بين القوات الأمنية والمتظاهرين ولذلك تتوقع حدوث عنف وفي ذات الوقت لا يمكن استمرار هذه الحالة خاصة إذا توحد المدنيون حول برنامج.
وأشارت النوراني، إلى أن الانقلاب بدأ ضعيفا لكنه استغل انشقاق المدنيين موضحة أن العسكريين لديهم رغبة قوية للاستمرار في السلطة ولا يمكنهم اسقاطهم الا بوحدة المدنيين.
قطع التسوية
في الاحتجاجات التي لم تتوقف منذ ثلاثة سنوات في السودان يقول الشبان والفتيات الذين لا علاقة لهم بالأحزاب السياسية إن مليونية 30 يونيو ستقطع الطريق على تسوية النخب السياسية مع العسكريين وكسر الحلقة الشريرة منذ الاستقلال قبل ستون عاما.
يقول متحدث تنسيقيات لجان المقاومة بالخارج حسام علي لـ(عاين)، إذا أردنا إسقاط الانقلاب لا بد من تكوين كتلة حرجة تكون 1% من عدد السكان إلى جانب خطاب سياسي لتحييد القوات النظامية.
وتابع: “نحن بحاجة إلى استغلال التناقضات بين العسكريين باستمالة القوات النظامية للانحياز إلى الثورة وتحقيق الحكم المدني نحن لا نعادي الجيش بل عدائنا ضد القيادات التي تختطف المؤسسة العسكرية”.
وأردف: “مليونية 30 يونيو ستؤدي إلى تشكيل الكتلة الحرجة لاسقاط الانقلاب وقطع التسوية الفوقية”.