سجين هارب يتحدث عن الانتهاكات في سجن كادوقلي

عبد الرحمن واحد من ثماني رجال هربوا من سجن كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان. ثلاثة فقط استطاعوا الوصول إلى الأماكن الآمنة التابعة لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال، في الولاية. عبد الرحمن المتزوج والعائل الوحيد لأسرته أخبر قصته لـ(عاين) والمتشابهة مع كثيرين من زملاءه المعتقلين، ورغم عمله كمزارع منذ سنوات. أعتقل لتسعة أشهر لاتهامه بالإنتماء للحركة الشعبية. في 21 سبتمبر 2011 أختطف عبد الرحمن من حقله الذي أضرمت فيه النيران من قبل مليشيات مسلحة ببنادق كلاشنكوف موالية للحكومة، وتم اقتياده إلى منطقة عسكرية (مقر الوحدة 309) للاستجواب ولاحقاً إلى كادوقلي، ووفقاً لإفادته فقد تم التحقيق معه هناك مراراً وتحت التعذيب من أفراد في الاستخبارات جاءوا من العاصمة الخرطوم. بالإضافة إلى جنود في الجيش السوداني استطاع عبد الرحمن التعرف على بعضهم لانتماءهم لنفس المنطقة، وبعد اقتياده إلى معتقل الفرقة 14 لمزيد من الاستجواب التقى بعدد أكبر من المعتقلين. يقول : “كان المعتقل ممتلئاً غالبيته بالنوبا والدينكا وأبناء دارفور. للاشتباه بانتماءهم للحركة الشعبية”.
 
في معتقل الفرقة 14، والذي يحتوي على 11 زنزانة. واجه عدداً من المعتقلين الذين تعرضوا للضرب المبرح مثله. “لقد تم تعذيبهم تماماً”. يصف عبد الرحمن التعذيب الواقع عليه بالقول : “تم جلدي بأسلاك كهربائية وخراطيم المياه بعد تجريدي من ملابسي لإجباري على الاعتراف” طوال التعذيب كان الحارس يهدده : “لن نخسر رصاصة واحدة فيك. لكننا سنترك تموت من الجوع”. بعد الاستجاوب تم احتجازه في زنزانة بطول وعرض أربعة أمتار. يشاركه فيها حوالي أربعين لخمسين سجيناً آخر. كان الطعام والماء شحيحاً، والرعاية الصحية منعدمة. السجناء الآخرين اعتنوا بجراحه بالموارد المتاحة لديهم داخل الزنزانة. “في الصباح التالي” يقول عبد الرحمن : “التصق قميصي بجسدي نتيجةً لجراحي النازفة” واضطر زملاءه لاستخدام الماء الشحيح والمخصص للشرب لاقتلاع القماش من جلده. 
من المقدر أن هنالك 200 سجين في كادوقلي 66 منهم قضى نحبه نتيجة الجوع والمرض أو تحت التعذيب المباشر. استطاع عبد الرحمن حصرهم، وهو يؤكد أنه لم يتم دفن الجثامين بطريقة لائقة. حيث أخبر الحراس عبد الرحمن : “سوف تموت هنا وسوف يلقى بجثتك في خور عفن [مصرف مائي] فهذه وظيفة النهر”، ولكن يعتقد عبد الرحمن أن الجثث تدفن في مقبرة جماعية.
هنالك العديد من الندوب التي لا تزال باقية من فترة اعتقاله. الإصابات التي لحقت برأسه وعينه اليسرى لا تزال واضحة، وبعض الكدمات لا تزال على جلده. فوقاً عن معاناته النفسية لتجربة الاعتقال. لكن أقسى ما يواجهه هو ابتعاده عن زوجته وأبناءه : “أسرتي لا تعلم إن كنت لا أزال حياً أم لا، ولا أعلم إن كانوا هم أحياءً أم ماتوا” ويواصل بعد سؤاله إن كان قادراً على تجاوز تلك الفترة : “لا أستطيع أن أسامح. إن الله يغفر، لكني لن أستطيع أبداً أن أغفر لهم ما فعلوه بي حتى آخر يوم في حياتي”. 
 

نشر في١٤ مايو  ٢٠١٣