وباء غامض يتسبب في موت الدواب بدارفور
عاين- 18 ديسمبر 2024
تشهد منطقة طويلة في ولاية شمال دارفور غربي السودان، معدلات عالية في موت الحمير، وتكاد البلدة تكون خالية من هذه الدواب التي تمثل عنصراً أساسياً في حياة السكان، الأمر أدى إلى شلل في معاشهم اليومي.
ولم تكن الحمير مجرد حيوانات أليفة كغيرها في بلدة طويلة، بل تحولت بعد الحرب الحالية إلى وسيلة وحيدة للمواصلات ونقل مياه الشرب والمحصولات الزراعية، ومن دونها تزداد الحياة صعوبة وعناء على المواطنين.
ولا توجد أسباب واضحة للمعدل العالي لموت الحمير في طويلة، لكن معاوناً بيطرياً تحدث لـ(عاين) يعزو ذلك إلى مرض غامض سبه انتشار “ذباب الصعيد” في شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين كما رجح أن يكون ذلك نتاجاً لنقص العشب؛ مما أدى إلى الجوع.
وإلى جانب سكانها الأساسيين، تضم طويلة آلاف النازحين، وصلوها من الفاشر ومناطق أخرى من إقليم دارفور عقب اندلاع القتال الحالي بين الجيش وقوات الدعم السريع، بينما يوجد نازحون منذ حرب دارفور الأولى التي نشبت عام 2003م، وتعاني البلدة من وضع اقتصادي سيئ، ويعتمد المواطنون على الزراعة المحدودة والرعي لكسب معاشهم.
وتسبب موت الحمير في تفاقم الوضع الإنساني في المنطقة، حيث جعل النساء يذهبن ويجلبن مياه الشرب على رؤوسهن من مسافات بعيدة، وكان لذلك تداعيات على صحتهن، وذلك بحسب ما ترويه بحسرة بثينة يحيى ضو البيت، وهي نازحة من منطقة كنجارة تقيم في طويلة لـ(عاين).
أذى جسدي
وتقول بثينة “موت الحمير أثر فينا كأمهات بشكل أكبر، إذ نذهب إلى مصدر المياه، ونحمل جركانات المياه على رؤوسنا من مسافة بعيدة تصل إلى 2 كيلومتر على الأقل، كذلك نجلب الحطب للطبخ.
وشددت أن غياب الحمير أعاق حركتهم في الوصول إلى المزارع التي تبعد عن القرية مسافة ساعتين على الأقل، فمن الصعب قطع هذه المسافات سيرا على الأقدام بشكل يومي، مما يستوجب على المنظمات الإنسانية التدخل العاجل لمساعدة سكان طويلة بما في ذلك النازحين لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة.
وتحظ طويلة باستقرار في الأوضاع الأمنية لوقوعها ضمن مناطق سيطرة جيش حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد، وكانت قبلة للنازحين من مدينة الفاشر بعدما اشتد فيها القتال، لكنها لم تستطع تحمل الكم الهائل من الفارين نظرا لإمكانياتها الضعيفة، لذلك تشهد الأوضاع الإنسانية تدهوراً مستمراً.
وتروي النازحة الرضية إبراهيم التي تقيم في طويلة منذ العام 2003 لـ(عاين) قصة معاناة متواصلة، فاقمها موت الحمير التي كانت تساعدهم على الحركة والوصول إلى الزراعة، فقد تأثرت الحياة بشكل كبير.
من جهته، يقول المواطن عبد الله آدم إن 95% من الحمير في منطقة طويلة ماتت، مما خلق معاناة كبيرة للمواطنين الذين يعتمدون عليها كوسيلة أولى للمواصلات وجلب مياه الشرب وترحيل المحاصيل الزراعية، فالوضع أصبح صعباً، ويتطلب تدخلا عاجلا.
في ذات السياق، يقول المعاون البيطري أسامة آدم إبراهيم لـ(عاين): إن “الأسباب وراء موت الحمير، نقص في العشب، إضافة إلى الاستعمال القاسي تجاهها، وانتشار “ذباب الصعيد” في شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، فضلاً عن عدم توفر الأدوية البيطرية لمعالجة الأمراض التي تصيب الحمير.
وأشار إلى بعض المجهودات لإنقاذ الحيوانات من هذه الأمراض، باعتبارها الوسيلة الوحيدة في تقديم مساعدات جمة للإنسان، وبسبب انتشار هذا المرض، أصبح غالبية سكان طويلة بدون حمير، وعلى الخبراء في مجال الحيوان توفير المساعدات اللازمة في هذا الجانب.
ينصح بعدم الاستخدام السيئ للحمير، لما يسببه من التهاب الصدر، خاصة، عندما يربط الحمار بالكارو، إضافة إلى عدم العشب، وانتشار الذباب، يسبب فقر الدم للحيوان، وحتى الآن، لا يتوفر المضاد للمرض الذي يسببه الذباب، إما أصحاب الحمير الذين يهتمون بها، في الغالب، لا تصاب بالأمراض.