صدمة في الشارع السوداني بعد التحرير الجزئي للوقود

28 أكتوبر 2020

“سأعرض سيارتي للبيع اليوم قبل الغد. هذا العمل، إذا احتسبت تكاليفه الإضافية، من قطع الغيار وتكلفة المعيشة اليومية لي ولأسرتي، فإنه غير مجدٍ، سأبحث عن عمل آخر”، يقول سائق سيارة الأجرة في العاصمة السودانية الخرطوم عبدالله محمد، بعد مضاعفة الحكومة أسعار الوقود.

وأعلنت الحكومة السودانية أمس الثلاثاء، عن تحرير سعر الوقود جزئياً، في ظل ارتفاع عال لنسبة التضخم بالبلاد وصلت في الشهر الماضي 212 في المئة، وهو الأمر الذي يتوقع أن يزيد الأعباء على ملايين المواطنين، الذين ظلوا يعيشون تحت رحمة متوالية ارتفاع الأسعار منذ  موازنة العام 2018 في عهد النظام السابق، مروراً بفترة الثورة، وحكم المجلس العسكري المحلول، وصولاً للحكومة الانتقالية.

وحددت وزارة الطاقة الأسعار الحالية للمنتجات البترولية التجارية والخدمية ليصبح سعر لتر الجازولين الخدمي 46 جنيها والبنزين 56 جنيها فيما يبلغ سعر لتر الجازولين التجاري 106جنيها و120 جنيها للبنزين. وإعتماد سعر الاستيراد الخاص 106 للتر الجازولين و120 للتر البنزين.

وتثير الخطوة مخاوف ملايين السودانيين، من أن تمنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، بما فيها المخاوف، من عدم قدرتهم على تلبية حاجياتهم الأساسية، من الغذاء والترحيل الذي ينعكس على الأسعار، بالإضافة إلى انعكاساته الخطيرة على قطاع النقل.

ويمتد تأثير تحرير سعر الوقود، إلى ممارسة المواطنين لأعمالهم، والوصول إلى أماكن عملهم التي قد بدأت زيادة تكاليفها بعد يوم واحد فقط من إعلان تحرير سعر الوقود.

واصطف اليوم الأربعاء،  مئات المواطنين، بمنطقة الشهداء وهي المركز التجاري الرئيسي، بمدينة أم درمان، غربي العاصمة السودانية الخرطوم، في انتظار وسائل مواصلات تقلهم إلى الخرطوم، حيث تضاعفت تكلفة النقل بنسبة مائة في المئة، بالنسبة للحافلات الصغيرة، سعة 14 راكباً، كما تضاعفت تكلفة النقل عبر نظام التاكسي 4 ركاب بنسبة مئة في المئة، من مائة جنيه إلى مئتي جنيه، وسط ندرة في وسائل المواصلات.

ويعزو سائقو الحافلات والتاكسي،  زيادة التعريفة “غير الرسمية”، إلى شرائهم الوقود من السوق الموازي، وفي ظل ندرة للوقود بمحطات البترول بالعاصمة، وتخوفهم من انعكاس التعرفة الجديدة على عملهم.

ويقول محمد عثمان، سائق سيارة أجرة، لـ(عاين)، وهو موظف في الأصل، يقف بسيارته الملاكي بمنطقة الشهداء، إن الزيادات الجديدة لسعر الوقود ستنعكس سلباً على عمله وعلى المواطنين بشكل أكثر تأثيراً.

ويضيف عثمان في العقد الرابع، وهو يجلس على مقود عربته، بمنطقة الشهداء، أنه يتوقع أن يكون هناك عزوفاً  للزبائن، لعدم مقدرتهم على دفع تكاليف ستصبح باهظة  في ظل تنامي موجات الغلاء لجميع السلع، “إذا طلبني أي مواطن لنقله إلى الخرطوم، وقلت له إن هذا يكلفك نحو 1500 جنيه، فإنه في الغالب لن يوافق، سيصبح عملنا مهدداً بالكساد.

فيما يقول عبد الله محمد، هو يعمل سائق عربة سعة 7 ركاب، تُعرف محلياً بـ”الأمجاد”، إن قطاع النقل في المواصلات المحلية قد يخرج من الخدمة تماماً، في ظل ندرة الوقود، وتعريفته الجديدة”.

ويضيف محمد، أن سيارته متوقفة منذ الأمس، نسبة لعدم حصوله على الوقود في محطات البترول، والذي يبلغ سعر  اللتر الواحد منه بالنسبة للبنزين بحسب لائحة الأسعار الجديدة، 46 جنيهاً للتر الجازولين، و56 جنيهاً بالنسبة للتر البنزين، كما اعتمدت الحكومة سعراً آخر لبيع الوقود تبيع بسعر السوق الحر، حيث بلغ سعر لتر الجازولين وفقاً لهذا النظام، 106 جنيهات، مقابل 120 جنيهاً لسعر البنزين.

لا طعام لشهر رمضان – تأثير كورونا القاتل على أسعار المواد الغذائية

وتزدهر تجارة الوقود عبر السوق الموازية، كما تشكو الحكومة انخفاض اسعاره يُساهم في تهريبه إلى خارج البلاد عبر الحدود.

وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، قد قال إن الحكومة لن تقوم بتحرير سعر الوقود، دون موافقة مواطنيه.

وتقول موظفة بإحدى المدارس الخاصة، إنها تدفع نحو 400 جنيه يومياً للوصول إلى مقر عملها، من خلال تنقلها “بالتكتك” يُطلق عليها محلياً “{كشة”، نسبة لانعدام وسائل مواصلات أخرى أقل سعراً، مشيرة إلى أنها تُفكر في تقليل عدد أيام ذهابها للعمل إلى أقل حد ممكن. وستلجأ للعمل من المنزل.

وتضيف الموظفة في حديث لـ(عاين)، إن إحدى زميلاتها قررت منذ الأمس، ترك العمل، نسبة لارتفاع تكلفة الترحيل، والتي تتجاوز الأجر الذي تتقاضاه بنسة كبيرة، موضحة، أنهم كعاملين سيواجهون إدارة المدرسة باستحالة استمرار عملهم في ظل الظروف الحالية، ما لم تتم معالجة الأمر عن طريق تخصيص ترحيل يقلهم من منازلهم إلى مكان العمل والعكس، أو زيادة الإدارة لبدل الترحيل.