دارفور وغرب كردفان .. العنف القبلي المستمر
١٠سبتمبر٢٠١٤
تنامت في الأونة الأخيرة ظاهرة الإقتتال القبلي في جزء كبير من البلاد ، لا سيما في دارفور وغرب كردفان ، دون معرفة الاسباب الجذرية لدوافعه ، وهذا ما يشير الى مستقبل مليء بالثأر خاصة عند المجموعات التي تمارسه كثفافة
ويتضح جلياً إن اقليم دارفور الكبرى هو الأوسع هوة من حيث التباين الثقافي الذي يمتاز به، لتوافد مجموعات مختلفة من خارج الإقليم بحثاً عن الإستقرار في حقب زمنية ماضية ، ولكن هذه المجموعات أصبحت تتقاتل فيما بينها لاسباب غير موضوعية، كما أشار الى ذلك بعض الذين تحدثوا الى (عاين) ، وتكمن الخطورة في أن الأمر قد إنسحب الى كردفان الكبرى التي أصبحت تعتريها بعض التصدعات القبلية التي ادت الى مئات القتلى والجرحى نتيجة هذه الصراعات غير معروفة الدوافع ، غير انهم اشاروا الى ان التسليح الواسع من قبل الحكومة لمجموعات قبلية في الحروب التي تدور في دارفور ، النيل الازرق وجنوب كردفان
صراع القبائل العربية
الصراع بين قبيلتي المعاليا والرزيقات كبرى المجموعات العربية في دارفور ، واللتان تصنفان ضمن قائمة مجموعة ( الأبلة )، صراع تمتد جذوره الى سنوات بعيدة، فكلُ من المجموعتين يدعي أنه صاحب أرض وان القبيلة الاخرى هي الدخيلة على المنطقة ، وهذا هو الاعتقاد السائد عند قبيلة الرزيقات ، ويقول احد أعيانهم لـ(عاين) إن قبائل ( المعاليا ، الزيادية والمعاقلة ) تمتد اصولهم الى دار حامد، وهي القبائل التى إستقرت بالقرب من منطقة عديلة ، بعد ان وهبهم الرزيقات هذه الرقعة أيام حكم عبود، ولكن أعيان المعاليا يرون غير ذلك مؤكدين إن المشكلة الحقيقية تعود جذورها الى امتلاك الحواكير (الاراضي) رافضين دعوى الرزيقات بملكية الارض ، ويقول عبد الحميد تكس إن المشكلة الحقيقة هي ادعاء كل طرف لمكية الارض ، فضلاً عن تاكيده لنسب المعاليا والمعاقلة بان ينتمون الى اثنية واحدة ، وان اسماء القبيلة هي تقسيمات داخلية
إتهامات عمد ومشائخ متبادلة
وتجدر الإشارة الى أن قبيلتي المعاليا والرزيقات قد “أدمنوا” الإقتتال فيما بينهم بسبب الأراضي ، كان أخرها مجزرة “ام راكوبة” الوقعة شمال شرق الضعين في اغسطس الماضي، والتى راح ضحيتها حسب الإحصائيات القبلية أكثر من 400 مواطن. بينما وصل عدد الجرحي الى 200 منهم من هو طريح الفراش بمستشفيات الضعين وعديلة. ومنهم من تم نقله الى الخرطوم لتلقي العلاج. فيما قالت الأمم المتحدة في بيان رسمي لها تلقت (عاين ) نسخة منه ، إن عدد القتلي في معركة “ام راكوبة” بولاية شرق دارفور وصل الى 200 قتيل من قبيلة المعاليا ، ومن قبيلة الرزيقات ( 120 ) قتيلاً ،في هجوم قامت به قبيلة الرزيقات على منطقة “ام ركوبة ” .
ويقول العمدة “الحسن حامد “من قبيلة المعاليا في إتصال هاتفي مع (عاين) ان الدم قد وصل الى حد الركب ، ويضيف ( لا طريق امامنا غير الثأر لكل من قٌتل ابناءنا لان الهجوم وقع علينا ونحن نيام ) ، واصفاً قبيلة الرزيقات ( بالغدارين ) ، فضلاً عن انه اتهم الحكومة بدعمهم مما ادى لحدوث وفيات كثيرة) وإستدرك قائلاً: (نحن ما ناس حرب، ومشاكل لكن البوصلنا فوق بكانا ما بندي ضهرنا) . . ولكن العمدة “نحولة “من الزريقات قال لـ(عاين) (نحن ما ناس موت بين االقبائل لانو العدو ما المعاليا ولكن إغلاق الطرق ووضع رسوم على السعية ‘إستفز العيال وإنقلبت دواس) . رافضا أن يتهمهم المعاليا بالغدر ،وبوقف الحكومة من خلفهم مهدداً بإشراك مجموعات أكثر قوة وعتاد في إشارة منه لمجوعتي موسى هلال وحميدتي حيث قال (اخوك كان مات الفزع بحيب التار). غير إن كلٌ من العمدة (الحسن من المعاليا ونحولة من الرزيقات) إتفقا على إنتظار ما تسفر عنه لجنة العشرين التى بدأت نشاطها ، وتوقعا أن تصل الاطراف الى حل وسط .
وتجدر الإشارة الى ان السلطة الانتقالية لإقليم داروفور كانت قد اوفدت لجنة مشتركة من اعيان القبليتين لإيقاف الإقتتال والتي بأشرت أعمالها إلا أنها لم تقدم تقرير حتى الأن
إتهام واضح للحكومة
ويبقي لمثقفي القبلتين أدواراً بارزةً لرأب الصدع ، حيث يرجع الدكتور “الوليد مادبو” أحداث “ام راكوبة” الى الحاكمية السالبة ، التي ألقت بظلالها على الصراعات القبلية الطبيعة. التي كان يتم إحتواها في الإطار الأهلي قبل أن تستفحل .ولكن إستطاعت الدولة أن تزكي نار الفتنة بهندسة هذه الصراعات. عبر إيفاد ضابط من جهاز الامن لايمتون للمنطقة اوالقبائل بصلة. يحضرون النقاشات الداخلية لكل مجموعة وبالتالي يجدو فرصهم للعب أدوار سالبة
الى ذلك إنتقد “مادبو “موقف المثقفين الذين اكتفوا بشعارات ولافتات امام القصر الجمهوري قائلاً: مثل هؤلاء ينفذون أجندة حكومة الإنقاذ التى تسعي جاهدة لعكس صورة سيئة عن شعب الهامش ، وذلك يتأتي بالتهافت الذي يتم من بعض (النفعيين) حسب تعبيره ، وإستطرد قائلاً (النظام الحاكم له اليد الطولى، في تأجيج هذا الصراع ،وذلك بدعمة السخي، غير المعلن لكل المجموعات، بهدف تفتيت النسيج الاجتماعي) ، وزاد في حديثة لـ(عاين) إذا ما إستمرالحال كماهوعليه فإن الإقتتال سيكون إلى ما لانهاية في إشارة منه إلى إبادة جماعية تستهدف إحدى المجموعتين
خيارات
وفي إجابة على سؤالنا حول دور المثقفين في رأب الصداع ، اتهم مادبو الحكومة السودانية بالتضييق عليهم، لإضعاف دور المستنيرين في المجموعيتين وذلك عبر ثلاثة طرق الاول هو الخيار المسلح والإنضمام الى الجبهة الثورية والثاني هو الهروب من بطشها وهي الحالة التي نحن عليها الان ، اما الخيار الثالث فهو البقاء تحت سطوتها ، والصمت عن كل مايحدث ، مستشهداً في ذلك بعدة إستدعاءات إستهدفته من قبل جهاز الأمن خلال زيارته لمنطقة عديلة ، فضلاً عن الإعتراضات التي واجهته اثناء القيام بأنشطة إجتماعية ثقافية، تعمل على رتق النسيج الاجتماعي
واتهم مادبو افراد من خارج الإقليم بتنفيذ أجندة الحكومة في الإبادة التى تستهدف إنسان دارفور وذلك بالمتلثمين الذين يقاتلون ، قائلاً ( التلثم وإغتصاب النساء ليس من شيمتنا في دارفور هذه الظاهرة بدرت مع الإنقاذ ) ، في إشارة منه جلب الحكومة لمقاتلين من الخارج ليست لهم علاقة بقبيلتي الرزيقات او المعاليا او اى اثنية اخري في الاقليم ، مشيراً الى أن الحل يكمن في إرجاع الإدارات الأهلية لادارة الازمة التي يمكن أن تٌعالج في اي وقت، ويتابع – ليس الإدارات الاهلية التى تنفذ اوامر الأجهزة الأمنية المستوردة من حجر العسل
ويذهب في ذات الإتجاه عبد الحميد تكس الذي إتهم الحكومة بتزكية الفتنة بين كافة المجموعات الإثنية في داروفور والتضييق على المستنيرين من ابناء المنطقة، لمنعهم من لعب اي دور إيجابي واصفا في حديثة لـ(عاين ) المثقفين من أبناء المجموعتين بالسلبية والانزواء تحت الشعارات القبلية النتنة ، مطالباً تشكيل فريق مشترك يعمل على وقف العدائيات بين المجموعتين ليتوج ذلك بمصالحة دون أن تتدخل الحكومة التي وصفها بمهندسة الموت
خروج ورفض
هذا وكان أعيان قبيلة المعاليا قد خرجوا في مظاهرات منددة في منطقتي “عديلة وابو كارنكا” ، عبروا فيها عن رفضهم تشكيل حكومة ولاية شرق دارفور ، التي شملت عدد من أبنائهم ، الى جانب رفضهم البقاء مع الرزيقات في حكومة واحدة ، وطالبوا بالإنضمام الى غرب كردفان او شمال دارفور ، ويقول على النيل من شباب تنسيق المظاهرات لـ(عاين) ان قبيلته المعاليا ترفض البقاء مع قبيلة الرزيقات في مكان واحد ، مطالبا الذين تم ترشيحهم كوزراء في الحكومة الولائية تقديم استقالتهم فوراً إستجابة لنداء القبلية ، وكشف عن ان المتظاهرين اغلقوا الشوارع الرئيسية والفرعية ، واستولوا على سيارة دفع رباعي تتبع لجهة دستورية ، مؤكداً ان استهداف الحكومة اصبح مشروعاُ لانها منحازة الى قبيلة الرزيقات
كردفان تتصدع ومطالبة بالرحيل
وإمتدت أزمة الصراع القبلي شمالاً لتشمل مناطق كثيره من ولاية كردفان بكافة مسمياتها جنوباً وغرباً وشمالاً ، ففضلاً عن الصراع بين قبائل الحمر والزريقات ، المسيرية وعيال احمد، وتقلي واولاد تدو ، وقد اندلع العنف القبلي في حدود ولايتي جنوب وشمال كردفان بين كل من قبيلة “اولاد تدو” احدي مجموعات (البقارة ) و (كروبات ) احد مجموعات قبائل تقلي والتي راح ضحيته شخصان من ابناء كروبات ، ويرجع العمدة محمد المنصور عمدة عموم مناطق تبسه التابعة لمحلية العباسية تقلي في حديثه لـ (عاين ) أسباب الصراع لتدخل “اولا تدو” في المناطق الزراعية التابعة لكروبات ، ويقول انهم قاموا بإتلاف المزراع مما ادى الى إشتباك راح ضحيته احد الرعاة من اولاد تدو ، ويضيف ( بينما نحن في تحركات لإحتواء الامر قامت مجموعة على ظهر سيارتين ذات الدفع الرباعي بالهجوم على منطقة كروبات، واطلقوا النار من الاتجاه الشمالي وقد ادي الهجوم الى ونزوح كل سكان قرية كروبات جنوباً ) ، ويقول ( نحن الان شكلنا لجنة لمعرفة الطريقة التى حصل بها العرب على هذه الاسلحة الثقيلة والخفيفة التي تم استخدامها في هذه الصراعات الصغيرة ) ، مطالباً (اولاد تدو ) بالرحيل فوراً الى المكان الذي اتوا منه طالما ان الامر وصل الى هذه المرحلة
ويبقي الامر في حالة استفحال بالثأر الذي تضربه كافة المجموعات القبلية المتناحرة مما يشكل خطرا داهماُ علي التعايش السلمي في الرقعة التي تمتاز بتباين اثني لايمكن ان يتعايش فيما بينه الا بالتصالح والتغاضي عن الصغائر وبتدخل الحكماء من كل المجموعات للاتفاق على معاهدات تضمن لكل مجموعة ممارسة نشاطها دون ان تضرر الاخري