توتر في أبيي عقب مقتل زعيم دينكا-نقوك
٨ مايو ٢٠١٣
شهدت مدينة أبيي يوم أمس الثلاثاء مراسم دفن زعيم قبيلة دينكا-نقوك كوال دينق مجوك، في مراسم تشييع تاريخية حضرها عدد كبير من مسئولي حكومة الجنوب ووزارءها، والآلاف من أبناء قبيلته في أبيي، وكان لافتا غياب المسئولين السودانيين عن المراسم وسط توتر شديد بالمدينة التي شهدت إجراءات أمنية مشددة، وانتشار كبير للقوات الأممية الموجودة فيها، وردد المشيعون هتافات مناوئة للحكومة السودانية مطالبين بالقصاص العادل من قتلة زعيمهم.
وكانت حدة التوتر ارتفعت في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان عقب مقتل زعيم قبيلة دينكا-نقوك السطان كوال دينق مجوك على أيدي مليشيات من قبيلة المسيرية يوم السبت الماضي، وفيما قالت البعثة الدولية لحفظ السلام في أبيي (يونيسفا) أن 3 من جنودها قتلوا خلال تبادل إطلاق النار الذي وقع بين المسلحين والدورية التي كانت تحمي قافلة السلطان المقتول. أكدت قيادات من قبيلة المسيرية أن خمسة من أفرادها قتلوا أيضاً اثناء تبادل إطلاق النار.
وفي تطورات لاحقة وقعت اشتباكات بين أبناء القبيلتين بوسط المدينة أدت لإحراق عدد من المحلات التجارية في السوق،. فيما أعلنت بعثة اليونيسفا حظر التجوال، وكثفت من دورياتها واضعة نقاطاً للتفتيش والمراقبة في المدينة وما حولها.
وتعد الحادثة الأكثر عنفاً في أبيي منذ الهجوم الذي شنته القوات المسلحة على المنطقة واحتلالها بالكامل في مارس من العام 2011، وحذر مراقبون بأن الأوضاع في أبيي مرشحة للإنفجار. بل قد تقود لإشتعال كافة الشريط الحدودي بين الدولتين. كما حدث في مرات سابقة بسبب النزاعات القبلية المتكررة المدعومة من حكومتي البلدين.
وأعلنت قبيلة دينكا-نقوك اختيار السلطان بالبيك دينق مجوك، الأخ الشقيق للسلطان المقتول، زعيماً جديداً لها، وحث الزعيم الجديد المجتمع الدولي وحكومتي السودان وجنوب السودان لخلق الأجواء المواتية لإجراء الاستفتاء على تبعية المنطقة كحل دائم ونهائي للنزاع في المنطقة.
هذا وكانت حكومة جنوب السودان قد اتهمت الحكومة السودانية بالوقوف وراء مقتل كوال دينق مجوك، وقال الأمين العام للحركة الشعبية الحزب الحاكم في الجنوب وكبير مفاوضي الجنوب بشأن القضايا العالقة مع السودان باقان أموم، أن : “الحكومة السودانية هي المسئولة عن مقتل السلطان كوال” مشيراً إلى أن الخرطوم ظلت تقدم السلاح لمليشيات المسيرية في حربهم في أبيي، وأكد أموم أن الرد الحقيقي والقصاص لمقتل مجوك يتمثل في إثبات جنوبية أبيي. داعياً كافة أبناء المنطقة من داخل وخارج السودان للتوحد والعودة لأبيي والتصويت من أجل عودتها للجنوب.
الإعتداء
يروي رئيس اللجنة الإشرافية المشتركة لأبيي من جانب جنوب السودان إدوارد لينو، أن زعيم دينكا-نقوك المقتول كان في مهمة تفقدية متفق عليها بين طرفي اللجنة المشتركة بين السودان وجنوب السودان، ويقول لينو في تصريحات صحافية في جوبا أن اجتماعات عقدت يومي الجمعة والسبت الماضيين بين وفدين من السودان وجنوب السودان بحضور قيادات من القبيلتين قضت بعدة ترتيبات إدارية ذهب في إطارها السلطان كوال دينق في مهمة رسمية بعلم قيادات المسيرية، وبصحبة دورية من بعثة (يونيسفا) وبحضور قائد قوات البعثة نفسها الجنرال يوهانس تيسفا ماريام. لزيارة عدد من القري والمناطق بشمال محلية أبيي, ويوضح ادوارد لينو القيادي بقبيلة دينكا-نقوك أن مليشيا من المسيرية اعترضت طريق القافلة وطالبتهم بتسليم السلطان كوال مجوك، وعدد من مرافقيه من أبناء الدينكا، وعقب مفاوضات استمرت لساعات توتر الموقف ما قاد أفراد المسيرية لاعتلاء العربة التي كان يستقلها السلطان وإطلاق النار عليه وعلى جنود البعثة.
وفي المقابل رفض القيادي في قبيلة المسيرية محمد علي الأنصاري تلك الاتهامات، وأنحى باللائمة على البعثة الدولية التي خرجت في دورية لحماية قافلة زعيم دينكا-نقوك المقتول كوال دينق مجوك. رغم علمها بأنه مطلوب للمسيرية بسبب تورطه في عمليات نهب للأبقار وقعت في أوقات سابقة ولم يتم حسمها حتى وقوع الحادثة، وأضاف محمد علي الأنصاري في تصريح هاتفي لـ (عاين) أن خمسة من أبناء المسيرية قتلوا في الحادثة التي لم يبادروا فيها بإطلاق النار بل دافعوا عن أنفسهم عقب اعتراضهم للقافلة وإطلاق النار عليهم من قبل جنود البعثة.
أجواء قاتمة
وكان عدد من مواطني أبيي الذين تحدثوا لـ (عاين) عبر الهاتف قالوا أن الأوضاع على وشك الإشتعال، وأكدوا أن حرائقاً اشتعلت في عدد من المحلات التجارية التابعة لعدد من أبناء المسيرية في سوق البلدة عقب مناوشات بين عدد من شباب القبيلتين احتوتها قوات بعثة ( يونيسفا) بسرعة ظهر الأحد، وأكد مصدر من البعثة الدولية لـ (عاين) أن الأوضاع محتقنة بشدة، وتوقع أن يحدث انفجار وشيك ما لم تتدخل القيادات العليا في السودان وجنوب السودان لاحتواء الأمر، وقال المصدر أن البعثة رفعت درجة استعدادها للمرحلة الرابعة، وفرضت حظر التجول في البلدة ومنعت التجمعات وزادت من عدد دورياتها ناشرةً عدداً كبيراً من نقاط التفتيش. في محاولة لاحتواء الانفجار المحتمل للأوضاع الأمنية.
في الأثناء حذرت الحركة الشعبية من حرب شاملة ستجتاح المنطقة ما لم يتم حل سريع للأزمة وتقديم المتورطين للعدالة على وجه السرعة، وطالبت الحركة الشعبية في بيان تلقت (عاين) نسخة منه بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة من البعثة الدولية وحكومتي السودان وجنوب السودان بالإضافة إلى قيادات قبيلتي دينكا-نقوك والمسيرية لكشف ملابسات الحادثة. متهمين حكومة الخرطوم بمحاولة ممارسة الإرهاب في المنطقة لإحداث تغيير سكاني وديمغرافي بإرغام أبناء دينكا-نقوك على هجر مناطقهم قبل موعد الاستفتاء على تبعية المنطقة المزمع إجراءه في أكتوبر المقبل.