المواطن والغاز
مر النصف الأول من شهر رمضان مع إستمرار معاناة المواطن السوداني من إرتفاع أسعار السلع، خاصة المائدة الرمضانية، حيث يعد شهر الصيام من اكثر الشهور التي تزداد فيها معدلات الطبخ اليومي في البيت السوداني. فإن كانت الاسرة الواحدة تطبخ بمعدل نوعين من الأكل في الايام العادية لكن في شهر رمضان يتضاعف عدد المأكولات والمشروبات بعد صيام يوم طويل. يعتقد الصائمون أن زيادة المائدة بكل أصناف الطعام والشراب سيعوضهم ما فقدوه خلال اليوم، غير أن هذا العام شهد أرتفاعاً كبيراُ في أسعار غاز الطهي، علاوة على ندرته في عدد من المدن الطرفية. ويتوقع أن ترتفع أسعاره مع قرب عيد الفطر، وأتجه الكثيرون إلى إستخدام الفحم النباتي والذي أيضاً شهد شحاً في الأسواق.
تردي الخدمات الأساسية
وقال مواطنون إستطلعتهم (عاين) أن الخدمات الأساسية إزدادت تدهوراً بعد وصول الحركة الاسلامية إلى الحكم عبر إنقلابها في يونيو 1989. وقياس ذلك يتم بالنظر إلى سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، والتي شهدت إنخفاضا بخطى متسارعة على مدى ربع قرن من حكم الإنقاذ، مع إنخفاض مستوى دخل الفرد الذي وبحسب تقديرات وصل إلى نحو (الف) جنيه. فيما وصل الجنيه إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار حيث بلغ (13) جنيه، وهذا أنعكس على السلع الأساسية التي يصفها المواطنون بأنها وصلت “مرحلة جنونية”، إلى جانب إنقطاع يومي للكهرباء وشح في مياه الشرب في عدد من المناطق السكنية داخل العاصمة الخرطوم، ويجأر المواطنون من الشكوى لما آلت اليه الحالة اليومية.
غاز الطهي يصل أعلى أسعاره
وقد صل سعر غاز الطهي إلى أعلى مستوياته، حيث بلغ سعره من المصدر بـ(75) جنيه للأسطوانة الواحدة، ليبيعه الوكيل بمبلغ (100) جنيه للاسطوانة وزن (8) كيلو، خلاف تكاليف الترحيل من مكان الإستهلاك التي تتراوح حسب مسافات السكان. ومتوسط إستهلاك الأنبوب ال(8) كيلو قد يصل الى (45) يوماً حسب إفادات المستهلكين، اما في الولايات تتراوح أسعار الأسطوانة الواحدة في مدينتي مدني والأبيض مابين (100) إلى (120) جنيه. أما في ولايات جنوب كردفان والنيل الازرق يتراوح السعر ما بين (150) إلى (190) جنيه، وتنعدم الرقابة، وفي دارفور وصل سعر أسطوانة الغاز إلى (200) جنيه في بعض المدن، مثل مدينة الجنينة في غرب دارفور، فيما تتراوح أسعار أسطوانة الغاز في اقصى شمال السودان ما بين (100) إلى (120) جنيه، بحسب إفادات المواطنين.
فساد وغياب للسلطات الرقابية.
ويعتبر إنفصال جنوب السودان قبل خمس سنوات العامل الرئيسي في تدهور الأوضاع الإقتصادية في السودان بذهاب عائدات النفط التي كان تعتمد عليها الحكومة المركزية في الميزانية العامة بنسبة (90%)، والتي إنعكست على الكثير من الخدمات الأساسية ومن بينها الغاز الذي ظل في حالة إرتفاع مستمر. ويرى مراقبون تحدثوا لـ(عاين) أن الحكومة هي المحتكر الأول في أسعار سلعة الغاز إلى جانب فساد الموزعين الذين يتحكمون في الأسعار.
وقد اتهمت وزارة النفط في عام 2014م شركات الغاز ووكلاء التوزيع بإفتعال الأزمة التي شهدها ذلك العام بالتلاعب فى الأسعار بحجة توقف المصفاة للصيانة. الجدير بالذكر بأن المصفاة تتوقف عن العمل لإجراء عمليات الصيانة الدورية كل (30) شهراً، وإعترف وزير النفط بعجزه في معالجة أزمة الغاز، وقطعه بعدم إمكانية الوزارة وضع آلية لضبط التلاعب والتضارب في توزيع الغاز.