القرصنة على المواقع السودانية … اسلوب حكومي لمحاربة المعلومات

 

القرصنة على المواقع السودانية ... اسلوب حكومي لمحاربة المعلومات٢٤يوليو٢٠١٤

تعرض موقع شبكة ( عاين ) لعمليات قرصنة مقصودة ومتكررة وعلى فترات متقطعة في ابريل الماضي واستمرت لكن بوتيرة اقل بعد ان قام الفنيون بعمليات حماية ومتابعة ، وتهدف هذه العملية الى تعطيل الموقع ، وقد تمت ازالة بعض التقارير التي لا تعجب بعض الجهات الحكومية ، على الرغم من ان السياسة التحريرية التي تلتزم بها ( عاين ) هي رصد الحقائق ونقلها الى الجمهور دون الاخلال بقواعد العمل الصحفي واولها مبدأ الحيادية والاستقلالية والابتعاد عن الاثارة ، وليس موقع ( عاين ) هو وحده الذي تعرض الى القرصنة وانما تعرضت مواقع سودانية اخرى ( سودانايل ، سودانيز اون لاين والراكوبة ) على سبيل المثال لا الحصر ، وهذه المواقع ظلت الحكومة تصنفها بانها تعمل ضدها وتحرض المواطنين للاطاحة بها .

وقد تمكن الفريق التقني (لعاين)، بعد البحث والتقصي، من تحديد الجهة والتقنية التي استخدمت في اختراق الموقع بناء علي الادلة الالكترونية والنتائج المستخلصة من المصادر والرموز المطبقة في عملية الاختراق، ويؤكد الفريق التقني انه تم اتخاذ كافة التدابير اللازمة لاسيما التقنية منها لضمان سلامة الموقع بالاضافة الي القيام بخطوات اخري لرصد الجهات التي تتربص بالموقع وتعمل علي تعطيله ، وتهكير (عاين) جاء في سياق هجمة منظمة علي عدة مواقع الكترونية  صنفت بعضها علي انها “غير مرغوبة” من قبل السلطات السودانية،.

وقد كشف وزير الاعلام احمد بلال عثمان نوايا الحكومة وتفكيرها في محاولة اسكات المواقع التي لا تتوافق معها ، حيث انتقد في ورشة عن الاعلام الالكتروني بالخرطوم قبل فترة، بعض  المواقع الإلكترونية  وصفحات التواصل الإجتماعي ونعتها  ب “الشاذة” و”المأجورة”، حيث خص بالذكر ( الفيس بوك والراكوبة وحريات وسودانيز أون لاين )، وقال ان هذه المواقع قد شوهت صورة السودان في شتي المجالات حتي بات في آخر مصاف الدول الفقيرة والمفسدة وانها كانت وراء اغلاق الباب امام المستثمرين واصبحت تهدد الحوار بين الحكومة ومعارضيها ،  وهدد الوزير بان هذه المواقع وغيرها وضعت الآن تحت الرقابة الأمنية الحكومية وقد تم أجازة مشروع قانون لمحاربتها ومواجه كتابها بثلاثة تهم وهي إثارة الفتنة و وإثارة الحرب ضد الدولة و الخيانة العظمي

جدير بالذكر ان ادارة موقع  الفيسبوك كانت قد كشفت في تقريرها الثاني حول شفافية الحكومات في التعامل مع مستخدمي الموقع، و الذي يغطي الفترة ما بين (يوليو – ديسمبر) من عام 2013  عن انها  تلقت طلبات رسمية من الحكومة السودانية للكشف عن بيانات أربعة من مستخدميها من داخل السودان ،الى جانب ذلك المؤسسة الوطنية للاتصالات (NTC)، برعاية مركز الاعلام السوداني (SMC) كثفت عملياتها لمراقبة متسخدمي الانترنت من النشطاء والمجموعات الشبابية لدرء من تراه الحكومة من مخاطر امنية وسياسية . وتقول منظمة مراسلون بلا حدود  في تقريرها للعام  2014 بان السلطات الامنية السودانية قامت بانشاء ما يسمى ب عمليات الدفاع على الانترنت عن طريق  “وحدة سايبر الجهادية او وحدة الجهاد الالكتروني”، وتقع هذه الوحدة  تحت ادارة جهاز المخابرات والامن الوطني الذي يعتبر التعامل مع الانترنت مسألة امن وطني.

ويشير التقرير ايضا الي التعاون الوثيق بين السودان وروسيا  في مجال الفضاء الإلكتروني، فضلا عن علاقتهما العسكرية.  وتضم “وحدة  سايبرالجهادية ” حوالي 200 من وكلاء جهاز الامن حيث تعززت قدراتها بشكل كبير منذ العام 2012 ، ويتناوب موظفوها للعمل علي مدار اليوم  لضمان مراقبة الانترنت ل 24 ساعة، وتنشط  الوحدة تحت الحرية الكاملة المعطي لها بموجب قانون الأمن الوطني السوداني من عام 2010.

وفي هذا الجانب يقول طارق الجزولي رئيس تحرير موقع ( سودانايل ) وهو اول موقع اخباري سوداني يعمل من داخل الخرطوم لشبكة ( عاين ) ان موقعه تعرض لعملية قرصنة ” قذرة ” من جهات مريضة ، لكنه لم يسمها ، ويضيف ان تلك الجهات ظلت تترصد الموقع وتعمل على “تهكيره ” في محاولة منها لاسكات صوت الحق الذي ظلت تصدح به سودانايل، ويشير الى ان السياسة التحريرية  لموقع ” سودانايل ” تنأى عن الاسفاف والمهاترة والتناول الشخصي، الى جانب الحياد الايجابي  ، ويقول (اصرارنا على الصدور من داخل الخرطوم متحملين كثير من العنت والمضايقات إلا أن هذه الجهات ظلت تستهدف الموقع وترسل مئات الرسائل الالكترونية يومياً بهدف تعطيل البريد الالكتروني وتهكير الموقع ) ، ويضيف (بعد التهكير الذي تعرض له الموقع في شهر اكتوبر الماضي من جهة اسمت نفسها (جيش السودان الاسفيري) قامت بتعطيل الموقع لمدة عشرة ايام مع اتلاف العديد من الملفات الهامة ) ، ويتابع ( كما قامت جهة اخرى قبل ايام يقف خلفها مجموعة من الهنود بتهكير الموقع والاستيلاء على الصفحة الرئيسية وظلت تقوم بتحويل الموقع بعد فتحه بثوان قليلة الى موقع اخر) ، مؤكداً ان ادارة الموقع استطاعت فنياً من السيطرة على الهكر واستعادته  ، واوضح ان خسارة الموقع كانت في ضياع ارشيف ثلاثة اسابيع ليعود الموقع بتاريخ 4 مارس 2012، ويقول ( سنعمل على اعادة هذا الارشيف مرة اخرى ).

ويقول الجزولي ان عمليات القرصنة التي طالت الموقع الالكتروني كثيرة ومتنوعة ومن جهات ” أمنية مختلفة ” تسمى نفسها مرة  “بجيش الردع الالكتروني ” ،  ومرة اخرى ” بجيش السودان الاسفيري (Sudan Cyber Army)  وتضع صورة صقر الجديان في الصفحة الرئيسية لها ، ويضيف ( واحيانا تقوم بمسح كل البيانات الموجودة وأحيانا اخرى تقوم بإنزال مواد معينة بقصد ضرب مصداقية الموقع والحط من قدره ) ، ويشير الى ان اول عملية قرصنة، قد تمت في العام 2003م إبان أحداث مطار الفاشر ومن ثم استمرت ، ويقول ( كان أكثرها تأثيرا وضررا التي تمت في اكتوبر عام 2011م ويناير 2012 ثم مارس 2012 ثم يونيو ويوليو 2012م حيث قام القراصنة بمسح بيانات ضخمة من الموقع الى جانب استيلائها على الموقع لعدة أيام تلاحظ أن وان تدمير البيانات كان القصد منه مواد معينة ممثلة في تقارير ووثائق كما تم مسح عدد كبير ارشيف بعض كتاب المعارضة ) .

ويعتقد الجزولي في افادته لشبكة ( عاين )  ان الجهات التي تقوم بالقرصنة هي جهات لها مصلحة مباشرة في تعطيل الموقع ولديها إمكانيات ضخمة وذلك خلال التقرير الذي كانت ترسله الشركة التي تستضيف الموقع في امريكا ، ويقول (والشركة لم تسلم هي من القرصنة رغم امكانياتها الضخمة ) ، ويضيف ( اوضحت لنا شركة أن جهات لها امكانيات ضخمة هي من تقف وراء القرصنة وان اخر عمليتين كانتا الاشد فتكا حيث تمت من الهند وأوكرانيا ) ، ويقول (اعتقد أن من يقوم بذلك هو مرتزق يعمل لمصلحة جهة لها امكانيات دولة ) ، ويكشف بانه فتح بلاغات جنائية واستعان بالمحامي كمال الجزولي والمحامية هالة عبد الحليم اللذان قدما له مساعدات قانونية ، ويقول ( لكنني لم اجد اي تعاون من الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الاتصالات ونيابة الجرائم الالكترونية ) ، ويضيف ( من واقع تجربتي في محاربة القرصنة الاستعانة بشركة استضافة تكون لها امكانيات ضخمة ورغم ان ذلك له تكلفة مالية قد تكون صعبة بالنسبة لنا بسبب ظروفنا المالية قمنا بتحويل الشركة المضيفة لنا من امريكيا الى المانيا والتي تتضمن خدمة حماية كاملة وعلى مدار الساعة وتبلغ التكلفة اكثر من 200 دولار شهرياً ) .

ويوصي صاحب موقع سودانايل ان عمل التحديث اليومي وكلمة المرور يجب ان تكون محصورة على نطاق ضيق للغاية مع تغيير كلمة المرور باستمرار ، ويقول ( عدم استعمال كلمة المرور الواحدة لاكثر من غرض بمعنى ان يكون للبريد الالكتروني كلمة مرور خاصة به ولتحديث الموقع واحدة منفصلة وكذلك للفيس بوك والاسكايب ) ، ويضيف ان تكون كلمة المرور في كل الاحوال معقدة وتحتوي على ارقام وحروف والا تحفظ في الجهاز مع عدم السماح لاي شخص لا علاقة له بالموقع استخدام الجهاز الخاص والمتخصص لتحديث الموقع .

من جانبه يقول مدير موقع ( الراكوبة ) وليد الحسين في افادته حول عمليات القرصنة لشبكة ( عاين ) ان القراصنة وهم تابعون لجهاز الامن والمخابرات السوداني استطاعوا اختراق الموقع عبر سرقة البريد الالكتروني للمسؤول الفني للموقع ، ويضيف ( من خلال ذلك تم تعديل كلمة المرور وتحويله الى شركة اخرى وتم التوصل الى البيانات الاساسية للمشغل )  ، ويقول ان عمل القراصنة يتم عادة من خلال فريق وعمل متواصل، دقيق، أهدافه هي التخريب وتدمير المحتويات، وتستمر المتابعة الصارمة في عدم عودة الموقع للعمل مجدداً .

ويكشف الحسين عن تعرضه لتهديدات عبر الرسائل أحياناً، ويقول ان تهديدات الاتصالات الهاتفية انقطعت لأكثر من عام، ويضيف ( كانت هناك محاولات لسرقة البريد الالكتروني أيضاً توقفت منذ أكثر من عام ) ، ويتابع ( أكثر شيء كان متواصلاً هو هجوم (الدووظ ) وهذا لم يتوقف حتى تم الاستعانة بشركات حماية متخصصة )  ، يوضح ان جهاز الأمن قام باستغلال (الجوكر )  وهو من يقوم عادة بعمليات التخريب .

ويدفع الحسين بتوصيات لتفادي عمليات القرصنة ، ويقول ان الدعم الفني للمواقع ينبغي أن يحرص على عدة أمور أهمها تحديث برامج التشغيل وتثبيت برامج تأمين للانترنت ، ويضيف  الا يتم استخدام البرامج المراسلة الفورية، وعدم فتح البريد الالكتروني المشفر مع استخدام كلمة مرور يصعب تكنهها وعدم حفظ كلمات مرور في الجهاز.A