الطفلة ايمان العودة الى الاهل بعد انتهاء المعركة

 

الطفلة ايمان العودة الى الاهل بعد انتهاء المعركة

– شبكة عاين – ٨ سبتمبر ٢٠١٥ –

اعادت الحركة الشعبية في السودان الطفلة ايمان الى ذويها في منطقة (ود ابوك) في ولاية النيل الازرق بعد ان إنقطعت بها السبل عندما دارت معركة عسكرية بين الجيش الشعبي التابع للحركة والقوات الحكومية في يوليو الماضي، وتقول الحركة الشعبية انها تتعامل مع اسرى الحرب من القوات الحكومية والمليشيات التابعة لها وفق المواثيق الدولية الخاصة بالاسرى، وتشير الى انها وقعت من قبل اتفاقاً لتسليم اسرى بواسطة اللجنة الدولية للصليب الاحمر مع مبادرة (السائحون) وهم مجموعة كانت حاربت ضمن قوات الدفاع الشعبي خلال الحرب الاهلية الاولى والتي استمرت لاكثر من (22) عاماً قبل توقيع اتفاق السلام الشامل في العام 2005، غير ان قضية الطفلة ايمان والتي عادت الى ذويها الذين فقدوا الامل في ان تكون ابنتهم على قيد الحياة تعتبر قضية انسانية في المقام الاول …

البداية من معركة ود ابوك

وتعود قصة الطفلة ايمان الى المعارك الضارية التي وقعت بين قوات الحركة والجيش السوداني ، في منطقة (ود أبوك) في ولاية النيل الازرق ، وقد انسحبت القوات الحكومية من المنطقة حسب الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية ارنو لودي، وقد وجهت الحكومة السودانية اتهاماتها الى الحركة الشعبية بإرتكاب جرائم في حق المدنيين، الامر الذي استدعى الحركة الى تشكيل لجنة تحقيق دحضت فيها اتهامات الحكومة.

ووجدت ايمان فضل المولى (5) سنوات نفسها بين خيارين اما الصمت امام اصوات الرصاص او الفرار الى مكان آخر تخبئ نفسها من لعلعة الرصاص والمصير المخيف، وهي لا تدرى معنى الحرب ولا معناها، وخلال هروبها وجدت الصغيرة نفسها في مواقع الحركة الشعبية التي احسنت تعاملها، وقد تم وضعها مع اسرة اخرى والتي اعتنت بها الى أن تم تسليمها الى احدى اللجنة الدولية للصليب الاحمر التي قامت بدورها بإعادتها الى ذويها.

قلق الاسرة لمصير الطفلة ايمان

يقول حسن فضل المولى والد الطفلة ايمان عبر الهاتف لـ (عاين) إن اسرته عاشت حالة من القلق حول مصير ابنته وقد فقدت الامل تماماً في امكانية عودتها الى الاسرة مرة اخرى في ظل الحرب الدائرة والاوضاع السيئة، ويضيف ان الامر ازداد سوءاً بعد انتهاء المعركة وعدم عثور الطفلة او جثتها بين القتلى، ويشير الى ان التفكير اتجه الى ان ايمان يكون قد تم اختطافها او انها لجأت الى الغابات المجاورة واصبحت في عداد المفقودين مع صغر سنها.

ويكشف فضل المولى لـ (عاين) عن تلقيه انباء بوجود طفلة صغيرة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية، ويقول: (لكن المشكلة كانت في كيفية الوصول الى مناطق الحركة في ظل التصنيفات التي ظلت تقوم بها السلطات في المواقع التي تقع تحت سيطرتها)، ويشير الى أن افراداً كانت لديهم معلومات في كيفية الوصول الى مواقع الحركة وذلك عبر منظمات اخرى ساعدت في الامر، ويقول انه اجرى اتصالات مع منظمات وطنية التي ساهمت في توصيل رسالته الى قيادة الحركة الشعبية في المنطقة، ويضيف: (بعد ذلك اجرينا اتصالاتنا مع منظمات وطنية وهي التي ساهمت في إيصال رسالتنا الى الحركة الشعبية وقد فحددنا ملامح طفلتنا ايمان وعمرها وأسمها واسم عائلتها)، ويتابع (كانت المفاجاة ان ردت ابنتنا ايمان عليهم قبل أن تستعين الحركة بالصليب الاحمر لتسليمنا إياها).

سعادة لا توصف عند استقبال الاسرة لطفلتهم

ويمضي فضل المولى في وصف اللحظات السعيدة عندما اطمأن ان ابنته ايمان ما زالت حية وفي مأمن بعد ان فقد الامل ، ويقول (بعد تلقينا خبر ان ابنتنا ايمان ما زالت على قيد الحياة وانها صحتها جيدة وبرعاية جيدة من الحركة الشعبية والمنظمات الموجودة في مناطقها وان عودتها سالمة اصبح مؤكداً غمرتنا سعادة لا توصف خاصة اننا فقدنا الامل نهائياً عند اندلاع المعارك العسكرية)، واصفاً طريقة تعامل الحركة الشعبية مع قضية ابنته إيمان وكذلك اسرى الحرب بشكل عام بالراقي، ويضيف (هذا المنهج يعكس اهتماماً متعاظما في الحفاظ على حياة المواطن وحمايته من الاضرار، ويقول (فوق ذلك اتضح لنا جلياً ان الحركة الشعبية تفصل بين العدو وغيره فكل من هو اسير من المدنين تعاملت معه الحركة الشعبية بطريقة لائقة ومحترمة).

ويرى المحاضر في جامعة النيل الازرق حسن حمزة في حديثه مع (عاين) ان قضية الطفلة ايمان من المواضيع الاكثر انسانية والتي شغلت الراي العام المحلي، ويقول (لا سيما ان اسرتها كانت تعيش حالة من القلق بسبب المصير المجهول لطفلتهم في منطقة فيها عمليات عسكرية)، ويشير الى انه يمكن قراءة ما حدث من عدة زوايا، ويقول (اولها احترام تنظيم الحركة الشعبية للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الاسرى والمدنيين وقوانين الخاصة بالاطفال في مناطق النزاع خاصة، وثانياً توقيع الحركة على اتفاقية حقوق الطفل في جينيف مؤخراً).

ويؤكد حمزة ان النهج الجيد الذي سلكته الحركة الشعبية في التعامل مع قضية الطفل ايمان وجد صدىً وارتياحاً كبيراً وسط مواطني النيل الازرق وقد تناولوه في مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت وفي اللقاءات الاجتماعية ووسط مثقفي المنطقة، لكنه اعرب عن اسفه بان مثل هذه القضية الانسانية لم تجد لها وقعاً في الاعلام المقروء والمرئي والمسموع، ويقول (رغم ان هذه القضية انسانية في المقام الاول بغض النظر من الذي يقف وراءها سواء … والحركة الشعبية تعاملت بشكل حكيم واستطاعت ان تكسب ود المواطن البسيط الذي اشاد بهذا الموقف الانساني)، داعياً اطراف النزاع الابتعاد عن كل ما يضر المواطن في حياته وممتلكاته .

الحركة تستنكر

من جهته يقول حاكم النيل الازرق في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في السودان زايد عيسى زايد لـ (عاين) ان عملية تسليم الطفلة ايمان الى عائلتها ليس بالشيء الجديد في ادبيات الحركة ومواقفها ومنهجها منذ تأـسيسها، ويضيف (هذا هو نهجنا في التعامل مع الاسرى وفق قيمنا واخلاقنا والتي تتوافق مع المواثيق الدولية في كيفية التعامل مع الاسير ونحن ملتزمون بذلك وسجلاتنا تتحدث)، ويضيف (في حالة وقوع اي اسير في ايدي الحركة الشعبية تقوم الدنيا ولا تقعد وتأتينا اتصالات ورسائل واسئلة في الاعلام ولكن في حال ان يقع اسير تحت قبضة الحكومة تصمت كل هذه الوسائل والعالم)، ويؤكد ان حركته ليس لديها معلومات عن اسراها بطرف القوات الحكومية، ويتابع (ما هو الفرق بين اسير واخر ؟ … الان بطرفنا عدد كبير من اسرى الجيش السوداني ومليشيا الدفاع الشعبي ويعيشون في سلام … بل ان بعضاً منهم طلب الانضمام الى الحركة الشعبية ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي).