السودانيون في اوغندا … المعاناة تطاردهم

 

السودانيون في اوغندا … المعاناة تطاردهم٢يونيو ٢٠١٤

لم تكن دولة اوغندا غريبة عن السودانيين ، كما لم يكن اللجوء اليها واحدة من المداخل التي تلك الدولة ، حيث تعامل السودانيون معها بواسطة التجارة الى جانب هجرة قدمة حدثت في القرن التاسع عشر في العهد التركي – المصري  ، عندما اتجه سليم باشا بجنده من السودانيين الى مناطق اوغندا وكينيا ، واصبح السودانيون هناك يعرفون (بالنوبيين ) ، وما زالوا موجودون في نيروبي وكمبالا ومناطق اخرى في الدولتين، وكان المواطنون من جنوب السودان من اوائل اللاجئين الى اوغندا في فترة الحرب الاهلية الاولى في العام 1955 ثم بعد الحرب الاهلية الثانية (1983-2005 ) ، والان بعد اشتعال الحرب بعد استقلال جنوب السودان عادت اعداد كبيرة من الجنوبيين الى هناك واجتمعوا مرة اخرى مع السودانيين الذين هربوا ايضاً من اشتداد الحرب في دارفور ، النيل الازرق وجبال النوبة .

اذن اصبح سودانيو الدولتين لاجئون في اوغندا ، وقد انقسم فيها الناس الى قسمين ، الاول : له امكانيات مادية  فآثر الاستقرار بالعاصمة  كمبالا  والثاني هرب بنفسه طلباً للحماية وقد استقر به المقام في المعسكرات شمال اوغندا ومعظم الذين استقروا في المعسكرات هم من مواطني دولة جنوب السودان  وقليل من مواطني دولة شمال السودان ، وهم  الذين هربوا من الحرب بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية .

نسب غير مستقرة

على الرغم من صعوبة الحياة في اوغندا نجد ان السودانيين خلال فترة وجيزة استطاعوا ان  يتعايشوا  مع المتغيرات الجديدة  في هذه الدولة ، وقد قاموا بتنظيم انفسهم من خلال الروابط الاقليمية  لابناء دارفور ، ولابناء جبال النوبة  وتعمل هذه الروابط في تقديم بعض الخدمات الاجتماعية لمنسوبيها في كمبالا. وقال رئيس رابطة ابناء جبال النوبة بيوغندا عبد السلام الفيل لـ(عاين ) ان عدد اعضاء الرابطة يصل نحو ( 700 ) عضو  في كمبالا ، واضاف ان معظم اعضاء الرابطة غير مقيمين  في العاصمة كمبالا نسبة لصعوبة الحياة فيهاالى جانب عدم توفير اعانات من المنظمات الدولية ، ويذهب في ذات الاتجاه السكرتير الاجتماعي لرابطة ابناء دارفور شطة الذي  اكد (لعاين) عدم توفير اي اعانة من قبل المنظمات التى تكتفي فقط باستخراج بطاقات اللجوء دون غيرها  وقال ( يقتصر دورنا على بعض الجوانب الاجتماعية مثل توفير بعض الاعانات لاحد المرضى او في حال الوفيات وكذلك الافراح عبر الاشتراكات الشهرية لإعضاء الرابطة ) .

اما عن عدد اعضاء الرابطة  في اوغندا يقول شطة من الصعب تحديد اعداد العضوية لأن معظم ابناء دارفور يعملون في التجارة مما جعلهم في حالة تجوال دائم ، ويضيف ( مثلاً نجد ان اسرة بها إمراة وطفل او ما يزيد عنهم  ولكن الاب غيرموجود وهنالك بعض النساء ايضاً في حالة حركة دائمة لكسب العيش ) ، ويمضي قائلاً ( ولكن المستقرون في اوغندا لم يتجاوز عددهم (1000) مواطن  وهؤلاء مسجليين ضمن كشوفات الرابطة)

المشاكل التي تواجه السودانيين   

هناك بعض المشاكل التي تواجه الأسر السودانية في اوغندا من تعليم  وصحة وغيرهما خاصة وسط الاطفال ، ويتفق الجميع في أن هناك صعوبة بالغة في الحياة خاصة لدى الاسر الكبيرة والاطفال ، وتقول “حواء الدومة “من منطقة وادي صالح في دارفور ان الحياة في اوغندا بها اختلافات كثيرة  (مثلاً في البداية كنا نواجه مشكلة الطعام حيث ان الطعام السوداني غير متوفر يعني الاساسيات غير متوفره وطبيعة الطعام الاوغندي لم نعتاد عليها وهذا سبب بعض المشاكل عند الاطفال  كالامراض بسبب سوء التغذية ولكن الان اصبح امراً معتاداً ان نتذوق طعام هذا البلد  ).

المشكلة الثانية التي تواجه الاسر السودانية في اوغندا هي  تعليم الاطفال خاصة اختلاف المناهج واللغة المستخدمة ، حيث ان التدريس في اوغندا باللغة الانجليزية ، فيما درس الاطفال الذين جاءوا الى كمبالا في سن التعليم باللغة العربية ، وقالت حواء ( ابناءنا درسوا بمناهج دراسية مختلفة وكان التدريس باللغة العربية مما يتطلب ادخال ابناءنا الى كورسات اللغة الانجليزية وهذا امر بالغ التكلفة ) ، واغلب هذه الاسر لا تملك دخلاً ثابتا ، وتقول حواء ( والمصيبة ان شعب هذا البلد بعاملونا كأننا نملك اموالاً ورأينا ذلك في الاسوق خاصة نحن لا نتحدث بالانجليزية ) ، وتضيف ( مجرد ان يعلم البائع ان لغتك الانجليزية ضعيفة او معدومة فانه يزيد من سعر السلعة ونواجه ذلك في المواصلات خاصة (البودا بودا ) ، لذلك يفضل السودانيون هناك التعامل مع ( السوبر ماركت ) لان اسعارها موحدة ولا يوجد فيها تفاوض بين البائع والمشتري .

وازمة السكن واحدة من المشاكل الكبيرة التي تواجه السودانيين في كمبالا كما يقول ضرار آدم لـ (عاين ) ، خاصة بعد تزايد اعداد السودانيين بشكل يومي ورفضهم الاقامة في معسكرات اللاجئين ، ويضيف ان السودانيين يرفضون الاقامة في المعسكرات بسبب انعدام الامن وعدم وجود منظمة تقدم اليهم اعانات شهرية ، ويتابع ( اغلب هؤلاء يعتمدون على الاعانات التي تصلهم من اسرهم سواء في السودان او دول الخليج او اوربا وامريكا وهي اعانات بسيطة لا تفي اغراض الاعاشة والسكن )  ، واصفاً الاوضاع بالسيئة للغاية .

وفيما يختص بالجرائم والانتهاكات التي تحدث ضد بالسودانيين ، يقول  ضرار ان الانتهاكات ليست بالشيء المخيف ومعظمها حالات فردية وغالباً ما يكون فيها اللاجئي السوداني هو المخطئ ، حيث الذهاب الى الملاهي الليلة الى وقت متأخر من الليل يعرضهم الى مخاطر الوقوع في مشاكل وعنف ، لكنه لفت الة ان الشرطة لا تتعامل بشكل جيد لانها لا تقم بتدوين بلاغات على الفور .

الطلاب يصرخون.

قطع عدد من الطلاب السودانيين الذين لجأوا الى اوغندا تعليمهم الجامعي بسبب الاستهداف المباشر من قبل الاجهزة الامنية في السودان – كما قال عدد منهم – خاصة ان هناك هجمات شرسة مارسها جهاز الامن ضدهم واستهدافهم وفق خلفيات اثينة وسياسية ، وتروي الطالبة  شيماء التي تدرس الان في احدى الجامعات الاوغندية لـ(عاين ) انها كانت امام خيارين اما ان تسلم نفسها للاجهزة الامنية السودانية وقوات الجنجويد او تهرب وتنفذ بجلدها للحفاظ على حياتها   ،وتضيف ( على الرغم  من انني  كنت صغيرة السن الا انني اخترت النزوح وسرت على مدى سبعة ايام بليالها على الاقدام الى ان وصلت دولة جنوب السودان ) ، وتواصل في افادتها ( بعد ان وصلت حدود جنوب السودان وجدت سيارة اوصلتني الى جوبا التي استقريت فيها لمدة عام لكي احصل على المال من بعض اعانات الاهل حيث ان والدتي تعمل في احدى المطاعم وهذه الاعانات مكنتني من الوصول الى كمبالا )

وواجهت شيماء التي روت قصتها لـ(عاين ) مشاكل اخرى في كيفية الالتحاق بالجامعة وبدء الدراسة خاصة مشاكل الرسوم الدراسية واللغة الانجليزية والسكن ، وقالت ان اغلب الطلاب الذين لجأوا الى اوغندا يواجهون هذه الصعوبات حيث ان عليهم توفير الرسوم الدراسية التي تتفاوت بين الف دولار او اكثر الى جانب المصروفات اليومية والسكن ، وتضيف ان كمبالا لا يتوفر فيها السكن باسعار زهيدة وان الطلاب يعملون في الاعمال الهامشية لتوفير كل ذلك لا سيما في فترة الاجازات ، وتقول ( نحن  كطلاب  سودانيين  حقيقة نعاني ابشع  معاناة  ولكننا نحتمل  لان ليست  هنالك اي  جهة   قادرة على مساعدتنا)  

 

 

 This is debug window. Set define(‘DEBUG’, FALSE) in config.php file to hide it.