الرسوم الدراسية لطلاب دارفور في الجامعات بين الشد والجذب

 

الرسوم الدراسية لطلاب دارفور في الجامعات بين الشد والجذب

– شبكة عاين – ٢٩ يونيو ٢٠١٥ –

اصبحت قضية رسوم طلاب دارفور في الجامعات السودانية في الفترة الاخيرة من القضايا الاكثر تعقيدا، حتى قادت الحكومة لتنفيذ عمليات اغتيال وسط الطلاب في الشهرين الماضيين، وهجوم على سكن الطالبات والطلاب وحرقها، وعدد كبير منهم حرم من الدخول الي قاعات الامتحانات، والحرمان من الشهادات الجامعية كما حدث اخيرا في جامعة السودان للعلوم والتنكولوجيا في الاول من يونيو الحالي، وحرمت ادارة الجامعة المئات من طلاب دارفور من تسليم شهاداتهم بسبب عدم تسديد الرسوم الدراسية .

جدال حول الجهة المسؤولة عن تسديد رسوم الطلاب

ودار جدل كبير حول الجهة المسؤولة عن تسديد رسوم طلاب دارفور في الجامعات وفق اتفاقية ابوجا (2006 ) الموقعة بين حركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي والحكومة السودانية والتي نصت فيما يخص طلاب دارفور في الجامعات : على مبدأ التمييز الايجابي، اي الاعفاء من دفع الرسوم، ان يقوم الطرفين بدفع رسوم الطلاب، لكن يبدو ان اتفاقية الدوحة الاخيرة بدولة قطر سارت في اتجاه آخر، اي ستقوم بدفع رسوم الطلاب المشار اليهم في اتفاقية الدوحة فقط، ولا علاقة لها بسابقتها. يرى اخرون ان اتفاقية الدوحة الغت الرسوم التي تضمنتها ابوجا النيجيرية، كما ابدى اخرون مخاوفهم من ينتقل قرار جامعة السودان الاخير الي جامعات اخري، مع وجود صمت من القيادات في السلطة الاقليمية لما يدور في الجامعات، الا ان هناك اختلاف كبير حول عدد الطلاب الحقيقي المحرومين .

وقد اصدرت ادارة جامعة السودان للعلوم والتنكولوجيا في الاول من شهر يونيو الحالي قرارا بحجب شهادات الطلاب الخريجين من ابناء دارفور البالغ عددهم (600) خريج بسبب عدم تسديدهم الرسوم، ويشير الخبر الى ان الطلاب تم قبولهم في الجامعة حسب اتفاقية ابوجا (2006 ) والتي نصت على مجانية تعليم ابناء الاقليم في الجامعات والمعاهد العليا بمبدأ التمييز الايجابي .

وكان رئيس رابطة طلاب دارفور قد ذكر ان ادارة الجامعة رفضت تسليم الطلاب شهاداتهم بعد التخرج، طالبت الجهات المعنية بتسديد رسوم الطلاب، من دون ان يحدد تلك الجهات، مناشداً الجامعة وكافة الجهات التدخل لحل المشكلة .

الطلاب المذكورين في الدوحة وحدهم قيد الدراسة

تقول مسؤولة ملف الطلاب في السلطة الاقليمية آسيا لـ( عاين ) ان اتفاقية الدوحة لسلام دارفور بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة تتعامل وفق المادة (14 ) من الاتفاقية باعفاء طلاب دارفور، وتضيف ان الاتفاقية ومنذ توقيعها في العام 2011 لم يتخرج اي طالب او طالبة من الذين شملتهم وثيقة الاتفاق، واكدت انها مسؤولة فقط من الطلاب المذكورين وفق اتفاقية الدوحة .

ووصف مصدر مقرب من ادارة جامعة السودان للعلوم التنكلوجيا مفضلا حجب اسمه ان قرار ادارة الجامعة بالمعقول جدا، وقال لـ(عاين) انه من المستحيل ان تقبل اي مؤسسة تعليمية تراكم المستحقات المالية التي لا يتم سدادها لفترة طويلة موضحا ان الادارة تنتظر تسديد رسومها من الطالبات والطلاب لمواجهة اعباء ادارية اخرى، داعياً الحكومة والسلطة الاقليمية مراعاة مصالح الخريجين .

وفي ذات السياق اوضح طالب فضل حجب اسمه خوفا من اتخاذ اجراءات ادارية ضده، ان ادارة جامعة السودان استغلت بعض الفراغ داخل رابطة طلاب دارفور بالجامعة وقامت باصدار قرار منع تسليم الشهادات للخريجين، ويقول لـ(عاين) ان الان مؤسسة الطلاب شرعت في ملء الفراغ للقيام بدورها في الجامعة والدفاع والمطالبة بحقوق طلاب اقليم دارفور، وابدي تخوفه من ان يمتد هذا القرار الي خريجي السنوات القادمة .

وتنص المادة (14 ) الخاصة بالمؤسسات التعليمية في الفقرة (86 ) من اتفاقية ابوجا للسلام الموقعة بين حركة جيش تحرير السودان بقيادة مناوي وحكومة السودان عام 2006 والتي اصبحت غير موجودة بعد تمرد مناوي مرة اخرى، ” تتفق الاطراف على الحاجة التعليمية كمسألة ذات اولوية الي معالجة المشاكل المرتبطة بتردي نوعية التعليم والافتقار الي فرص القبول بالنسبة للدارفوريين على مستويات التعليم الابتدائي والمتوسطي والثانوي والجامعي، ويجب من بين امور اخري اعتماد مبدأ التمييز الايجابي لتشجيع المجموعات الدارفورية المحرومة على الاقبال من خلال اولا : مراعاة المرونة في تطبيق معيار الاهلية في القبول في الجامعات والمؤسسات الاخري للتعليم العالي في البلاد، ثانيا: الغاء الرسوم المدرسية على كافة الطلاب الجدد من دارفور على جميع المستويات لفترة خمس سنوات ” .

المستحقات المالية للجامعات (3 ) مليار جنيه

ويكشف عضو لجنة الخريجين عبدالعزيز شغف لـ (عاين ) ان الخريجين عقدوا اجتماعاً مع مدير جامعة السودان للعلوم والتنكلولوجيا، ويضيف ان الجامعة طالبت بدفع مستحقاتها المالية والتي بلغت ( 3 ) مليار جنيه سوداني لم يتم تسديدها حتى الان، ويشير الى ان عدد خريجي العام 2014 يصل نحو (50 ) خريجا، ويقول ” بعد ان تخرجنا منذ اكثر من ( 8 ) اشهر تفاجأنا بان الادارة ترفض ان تسليمنا الشهادات حيث اصدر المدير قرارا بذلك بحجة ان مستحقاتهم المالية اصبحت كبيرة “، ويضيف ” طالبنا من المدير توضيح ذلك، لكنه رفض ان يلتقي بنا وكان رده ان نلتقي باتحاد الطلاب “، واوضح ان الاتحاد شكل لجنة من الخريجين لمتابعة القضية، ويقول ” لقد ذهبنا للسلطة الاقليمية التي طالبتنا بحصر عدد الطلاب الخريجين “، ونوه الى ان ادارة الجامعة اصدرت بياناً اشارت فيه الى ان عدد طلاب دارفور اكبر بكثير بينما سجلات الرابطة تؤكد ان عددهم ( 50 ) خريجاً فقط للسنة الماضية، ويقول ” غير ان مدير الجامعة ابلغ بعض الخريجين انه اعفى مليار جنيه من جملة ( 3 ) مليار كمستحقات ” .

ويقول المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر لـ(عاين) ان اتفاقية ( الدوحة ) تري ان الطلاب استفادوا من اتفاقية ( ابوجا ) السابقة من دون مقاييس او معايير، ويضيف ” كان هناك نوع من التحفظات بين الطلاب في معسكرات النازحين او في المدن “، ويشير الى ان الجميع اصبح في حوجة للمساعدة، ويقول ان الحوار اصبح مفقوداً بين شركاء الاتفاقية والطلاب ومنظمات المجتمع المدني والاجهزة الامنية، واصفاً ذلك بانه نوع من التردي في العلاقات بين المكونات التي يفترض عليها ان تجري حواراً فيما بينها، ويقول ان القضية ليست لها علاقة في نصوص اتفاقيتي ابوجا او الدوحة، ويتابع ” الامر فقط ان ممارسة الحوار اصبحت معدومة واذا تم الاتفاق بين هذه المكونات فان ذلك سيؤدي الى تقليل عدد الطلاب الضحايا ” .

تفاصيل معقدة وغموض حول رسوم الطلاب

في ذات السياق يقول عضو المكتب الاستشاري السابق لرابطة طلاب دارفور في جامعة السودان للعلوم والتنكلوجيا عبدالماجد ازرق لـ (عاين ) ان الفترات السابقة لم يحدث ان اتخذت جامعة سودانية قرارا بمنع تسليم الشهادات، ويضيف ان قرار الادارة له ما يبرره لان وزارة المالية لم توفي بدفع الاستحقاقا المالية المتعلقة بسداد الرسوم للجامعة، ويشير الى ان السلطة الاقليمية لا صلة لها بالموضوع وهي بعيدة كل البعد عن الطلاب، ويقول ان اتفاقية الدوحة الغت مضمون اتفاق ابوجا الذي اعفي الطلاب من دفع الرسوم الجامعية وان الحديث عن المتضررين من الحرب في دارفور غير واضح في الاتفاقية، ويضيف ” هل يقصد به الطالبة او الطالب في معسكرات النازحين واللاجئين ؟ ” .

ويؤكد ازرق ان هناك اجتماعاً سيلتئم في الايام القادمة مع مدير جامعة السودان لمناقشة الوضع، ويقول ” في حالة فشل اللقاء سنذهب الي السلطة الاقليمية “، وحول سؤاله لماذا لا يذهب الطلاب الى وزير المالية، رد قائلا ” ليس للطلاب علاقة بوزارة المالية “، وكشف عن عقبات تواجه طلاب دارفور من ادارة السلطة الاقليمية، ويشير الى ان السلطة الاقليمية عندما يصل اليها الطلاب تقدم لهم استمارة فيها تفاصيل حول مكان اسرة الطالبة او الطالب، ويقول ” الاستمارة فيها تفاصيل معقدة بل مستحيلة ” .

ومن جانبه يقول الطالب نصرالدين بيلو ادم في حديثه لـ (عاين ) ان رفض ادارة الجامعة تسليم شهادات لخريجيها تعني بداية حرمان طلاب دارفور الاخرين من الاعفاء في كل الجامعات رغم وجود قرار الزم الحكومة والسلطة الاقليمية بسداد رسوم طلاب الاقليم وفق اتفاق (ابوجا )، ويضيف ” هذه القرارات قد تؤدي الي مواجهات مع ادارة الجامعة ومليشيات النظام “، ويشدد على ان ابناء دارفور لن يقبلوا بالغاء الاستثناء الذي تم منحه لهم في اتفاقية ( ابوجا )، ويقول ” وزارة المالية بعد مماحكات كانت تساهم في تسديد الرسوم وكانت الروابط الطلابية تستعين بالسلطة الانتقالية “، ويتابع ” هناك غموض في مسالة تسديد رسوم طلاب دارفور لابد من فك طلاسمه ” .