الحرب على النشر الالكتروني … وليد الحسين الدود نموذجا
– شبكة عاين – ٢٢ اكتوبر ٢٠١٥ –
ضاعت وسط الركام السياسي في الخرطوم قضية اعتقال وليد الحسين الدود في المملكة العربية السعودية وهو احد مؤسسي موقع الراكوبة الالكتروني الذي تعتبره الحكومة السودانية موقعا معارضا، ورغم ان اعتقاله اثار موجة من السخط الاقليمي الدولي على حكومة السودان الا ان تلك الاثارة قد خبأت الى حين، ويتخوف الكثيرون من ان يتم تراجع قضية الوليد ووضعها الى الخلف ومن ثم يتم نقله بشكل مفاجئ الى الخرطوم.
الحكومة تتجه نحو سن قوانين عقابية للاعلام الالكتروني
كان وزير الاعلام السوداني احمد بلال قد كشف في وقت سابق عن اتجاه حكومته لانشاء مجلس للاعلام الالكتروني معني برصد ما ينشر على الشبكة العنكبوتية واكد اكتمال الترتيبات الخاصة بانشاء مجلس محكمة الصحافة والتي قال انها ستباشر عملها عقب اجازة قانون الصحافة والمطبوعات الجديد الذي قال ستقدمه الوزارة خلال دورة البرلمان في اكتوبر الحالي، لكن كثيرون يعتقدون ان الخطوة تعتبر غير موفقة لان دولاً كبيرة اخفقت في فرض هيمنتها على الاعلام الجديد الا عن طريق القرصنة.
وكانت اسرة وليد الحسين قد ناشدت امير امارة منطقة الدمام في السعودية باطلاق سراح الصحفي وليد الحسين، وكشف شقيقه حسين الدود لـ(عاين) ان ان اخر زيارة سجلتها اسرته كانت قبل اشهر، مبدياً تخوفه من نقل شقيقه الي الخرطوم في ظل الظروف الراهنة والتقارب بين الخرطوم والرياض، ولم يستبعد ان يتم ذلك في اي لحظة، مناشداً المنظمات الدولية الى اعادة النداءات وحملات التضامن من جديد.
وحق التعبير مكفول لكل انسان، والصحافة في ظل الواقع الراهن الان تقع تحت قيود سلطة الامن، وفي ذلك يقول بشارة منقو القيادي في حركة جيش تحرير السودان قيادة مني اركو مناوي لـ(عاين) ان حرية التعبير والاعلام يجب ان لا يتم مسها، والحكومة السودانية كل ما تخشاه هو الاعلام الحر، اكثر من خشيتها من الرصاص، ويضيف ان حرية الاعلام تكشف ما يقوم به النظام من انتهاكات ضد حقوق الانسان.
قوانين جديدة… ومزيد من تقييد حرية التعبير
يشير دكتور ربيع عبدالعاطي القيادي في المؤتمر الوطني الى ان سن قانون جديد للامن الوطني سيتم مناقشته ضمن الحوار الوطني الجاري، ويقول لـ(عاين) ان القوانين ليست مستديمة والى الابد وفي كل مرة تجرى تعديلات استجابة للتغييرات التي تتطرأ على الساحة السياسية، ويقول ان التعديلات التي يمكن ان تتم ستكون استجابة للوضع الراهن والمتغيرات التي تجري في البلاد، ويرى ان المنتقدين للقوانين انهم كانوا في فترة ماضية جزءاً من نظام الحكم في البلاد.
بينما انتقد المحامي والناشط الحقوقي عيسي كمبل القانون الجديد للنشر الالكتروني وعده بانه يحد من حرية الاعلام الالكتروني وليس دستوريا في حال اجازته، ويقول لـ(عاين) ان تمت اجازة للقانون فانه وعدد من المحامين سيتقدمون بطعن الى المحكمة الدستورية، ويبدو ان اجراءات اصدار قانون جديد كانت تتحرك سرا، وفي ذات الوقت التخطيط لاعتقال اصحاب مواقع الكترونية معارضة، مثلما جرى مع وليد الحسين احد مؤسسي موقع الراكوبة.
وكان وزير العدل عوض الحسن النور قد طلب في شهر يونيو الماضي ان يلجأ اي جهة متضررة من النشر الالكتروني الى القضاء مباشرة، بينما قال الصادق الرزيقي رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين في ورشة فعاليات الحريات الصحفية في الوطن العربي التي نظمتها لجنة الحريات باتحاد الصحفيين ان على الصحافة في العالم العربي ان تنظر بمنظار مختلف لا يتقاطع مع المصالح العليا للبلدان ولا يخل بامنها القومي.
الحكومة منزعجة من هذا الفضاء
الاعلام الالكتروني حاصر الحكومة التي اصبحت تتضايق منها، ويقول الكاتب الصحفي حيدر المكاشفي لـ(عاين) بعد احكام السيطرة على الاعلام في الداخل وهي منزعجة من اي وسائل اخري، ويضيف “النظام يريد تحجيم حتي لا تصل للقارئ”، ولم ينسى المكاشفي من يعملون في الاعلام الالكتروني وهم في الداخل من خطورة المضايقات، واكد انهم سيتعرضون للمضايقات، وقلل من امكانية النجاح في ذلك الا في حالة واحدة هي حجب المواقع نهائيا، ويقول “اما اذا فشلوا في ذلك، فانهم سيواجهون من هم في الداخل”.
وفي اشارة الي توعد الحكومة للاعلام الالكتروني برصد ومتابعة ما ينشر على الانترنت، اوضح مصدر في صحيفة (الحوش) الالكترونية ان الحكومة بعد التطور الذي حدث في تكنولوجيا الاعلام اصبح ليس في مقدورها محاربة النشر الالكتروني الا بالاستعانة بدول مثل روسيا، الصين وايران ومع ذلك فشلت في محاربة هذا النوع من النشر، ويضيف المصدر لـ(عاين) ان من المستحيل السيطرة على الاعلام الالكتروني خاصة ان اقصي شئ يمكن تفعل الحكومة هو حجب المواقع واما من يتعاملون ويكتبون في الداخل حيث من السهل جدا الكتابة باسماء مستعارة لان الفضاء الالكتروني هو خارج اطار السيطرة، ويؤكد الكاتب الصحفي في صحيفة (الميدان) كمال كرار ان وعيد النظام يعني مزيد من التقييد على حرية الصحافة والنشر، ويقول ان النظام عازم على تقييد حرية النشر بما فيه الالكتروني، ويشير الى ان الكتاب والصحفيين اغلقت امامهم ابواب النشر الورقي، واصبح الخيار المتبقي لهم.
الصحافة الالكترونية عدم الدقة في النشر
هناك من ينتقد تعامل الصحافة الالكترونية في النشر بدون حدود، ويقول الصحفي عبد الرحمن العاجب لـ(عاين) ان الصحافة الالكترونية لها تأثير في تشكيل الراي العام لانها تنتشر بسرعة وسط الجمهور لكنها تحتاج الى الدقة والضبط حتى لا يتم نشر معلومات مغلوطة، ولكنه يرى ان توظيف النشر الالكتروني يمكن الاستفادة منه في ارساء قيم الديموقراطية مع وضع قوانين لضبط النشر الالكتروني باشراك اصحاب المواقع المختلفة.
غير ان المحلل السياسي عبدالقادر بشير يرى ان اي محاولة من الحكومة في سن قوانين عقابية في النشر الالكتروني يعني تدمير هذا البديل لان هناك متابعة واسعة لها من قبل الجمهور بسبب التضييق على الصحف الورقية في الخرطوم، ويقول ان التضييق على النشر الالكتروني امر خطير للغاية.