الامن السوداني يدخل طرق جديدة في التعذيب .. مفرج عنها تروي ما حدث سلمي .. تعاني من الدمامل والحساسية الشديدة
٢٠اكتوبر٢٠١٤
الخرطوم: عاين
تم ضربهن بالعصي الكهربائية، وإجبارهن على تناول حبوب مجهولة، وإساءات وتحرش لفظي وجسدي، ومعاملة غير لائقة ، كان هذا جزء من روايات طالبات داخلية ( الزهراء ) في جامعة الخرطوم اللائي تم اعقتالهن قبل اسبوعين ، وما تعرضن له داخل معتقل جهاز الأمن والمخابرات الوطني ، وفي وقت متأخر من مساء الخميس الماضي اطلقت سلطات جهاز الأمن سراح الطالبة سمية خميس ، بعد أن قضت (11 ) يوماً في الاعتقال ، وقد تدهورت حالتها الصحية الى حد بعيد
فريق (عاين ) استمع الى رواية (سمية) منذ اعتقالها وحتى اطلاق سراحها، والتي روت خلالها عن المعاملة الوحشية والفظة التي تعرضت لها ورفيقاتها المعتقلات داخل الزنازين من قبل افراد جهاز الأمن
التحقيق القاسي
تقول سمية لشبكة (عاين ) ان اعتقالها قد تم في اليوم التالي للأحداث التي جرت في داخلية ( الزهراء ) في جامعة الخرطوم ثاني ايام عيد الاضحى ، وتضيف ان اعتقالها جرى في المداهمة الثانية لعناصر جهاز الامن اي في ثالث ايام العيد ، وتقول (لقد تعرضنا للضرب الوحشي والتحرش بنا الى جانب الشتم والإساءات والتي كانت افظع من اليوم السابق .. حواء وحنان قد نلن القسط الأكبرمن هذه التحرشات حتى أن أحد رجال الامن قال لنا سنجري لكم كشف عن العذرية ونفضحكن جميعا ) ، وتضيف ( منعونا من أخذ امتعتنا وقالوا أننا نتحداهم لذلك سيتم تأديبنا، بعدها تم اخذنا في سيارات ، ومن هناك وجدنا أنفسنا في مكاتب جهاز الأمن بالخرطوم بحري ، واستمر التحقيق معنا من الساعة (12) ظهرا حتى (12) ليلا ، والتحقيق كان قاسيا جدا وتسبب في حالات بكاء وانهيارات وسط الطالبات) .
في سجن (أم درمان) معاملة سيئة
ومضت سمية تروى ما تعرضت له وزميلاتها قائلة ( بعد منتصف الليل قاموا بترحيلنا من مكاتب الأمن ببحري إلى سجن النساء في أم درمان وتم اعتقالنا في زنازين ضيقة علمنا في مابعد أنها تتبع لجهاز الأمن ) ، وتضيف ان فترة التحقيق التي امتدت حتى صباح اليوم التالي لم يتم تقديم الطعام اليهن ووصلن الى حالة مزرية ، وتشير الى ان الوجبة التي تم تقديمها اليهن كانت رديئة وقد رفضن تناول ذلك الطعام الذي كانت به رائحة غريبة رغم الجوع ، وتقول انها تناولت قليلاً من ذلك الطعام لانها تعاني من بعض الاضطرابات في السكر وهو ما عرضها الى معاناة وشكت من مغص اتضح ان قليل من الطعام الذي اخذته كان مسموماً ، وتابعت (بعد لحظات حضرت واحدة من الحرس واكتشفت أننا لم نأكل الفول، فبدأت بأجبارنا على الأكل وتهديدنا وإساءتنا ووصفتنا بالعاهرات وبألفاظ بذيئة وشتائم سيئة) ، وذكرت ان احدى رفيقاتها واسمها حواء سليمان تصدت للحارسة وقالت لها انهن طالبات ولا يجب عليها ان تتحدث بتلك اللغة ودخلت معها في مشادة ، وتضيف ( اتصلت الحارسة برئيسها ومن ثم جاءت قوة امنية وتم حبس المعتقلات في زانزانة ولم يمسح لهن حتى لقضاء الحاجة ورفضوا ادخال الماء في اليوم التالي لغسل الوجه ) .
تناول حبوبة مجهولة قسراً
تقول سمية ان عدد من المعتقلات حدثت لهن خدوش وتسلخات جلدية بسبب ضربهن وجرهن على الارض بعنف، وتضيف ( بعد أن عرضنا على طبيب أخذت عينات دم من الجميع وبعد العودة للزنازين حضرت حارسة وفي يدها مرهم وأخذت تمسح للمعتقلات في مناطق الخدوش والتسلخات دون أن نعرف ما هو نوع المرهم وفي المساء بدأت حكة شديدة لعدد من المعتقلات وتحولت المنطقة الجلدية إلى سواد داكن )، ومضت سمية في روايتها لم يقتصر الأمر على المرهم ولكن الحارسة كانت تحضر حبوبا لم نتبين ماهي وتجبرنا بالتهديد على تناولها أمامها وفورا.
أحوال المعتقلات
وبالسؤال عن من كان معها من المعتقلات قالت ( كانت معي في المعتقل سوزان عمر أبكر وفدوى عبد الله وحنان والثلاثة تم اطلاق سراحهن الأسبوع الماضي، وان من بقين حتى اليوم (15) معتقلة وهن حواء سليمان ، سلمى دقيس ،سمية يونس ، نهلة عبد الرحمن ، سعدية بخيت ، علياء حسون ، رحاب حامد ، مواهب أبكر، منال أبكر ، رقية موسى ، عرفة محمد إبراهيم ،إعتزاز ، رانيا ، إخلاص ونعمات أحمد هارون ، وعن أحوالهن قالت انهن يتعرضن للتعذيب اليومي واحوالهن سيئة ، وتضيف ( حواء سليمان كانت مستهدفة بشدة وضربت ضرباً مبرحاً وتأثرت عينها بالضرب واصبح فيها احمرار ، وتعاني من صداع شديد لأن أحدهم ضربها في رأسها ولا تستطيع أن تقف للصلاة وتصلي جالسة على الأرض، كما أنهم يستهدفونها بالشتائم والتحرش وأحدهم أثناء التحقيق قال لها : لو ما أديتك سبع سنين سجن يا حواء أحلق شنبي ده) ، أما سلمى فحدث لها طفح جلدي ودمامل في أجزاء كبيرة من جسدها ولا تستطيع النوم، ومضت سمية قائلة ( كادت علياء أن تتعرض لنوبة قلبية وهي أصلا تعاني من مرض بالغدة وعندما شكت من اطرابات أحضروا لها حبوبا تسببت لها في زيادة ضربات القلب وبقينا ساهرين عليها حتى تحسنت حالتها ) ، وتشير الى أن المعتقلة منال قد تدهورت حالتها الصحية واصبحت تعاني من إعياء وهزال وامتنعت عن الأكل وتم نقلها الى مستشفى الأمل التابع لجهاز الأمن، واشيع أنهم سيطلقون سراحها من المستشفى ولكن بعد تحسن حالتها أعيدت للمعتقل
كيفية اطلاق سراح سمية
وحول ما تعرضت له هي شخصياً داخل المعتقل وكيف تم إطلاق سراحها ، فقالت انها تعرضت للضرب مبرح أثناء التحقيق وان احدهم ضربها بقبضة اليد في بطنها أكثر من مرة مما تسبب لها بآلم حادة ما زالت تعاني منها حتى الآن، وتضيف انها تعرضت أيضا لضرب بعصى كهربائية في يدي اليسرى وتم تهديدي بسيخة مدببة وان احد افراد الامن قال لها انه سيدخل المدية في عينها ان ذلك سبب لها رعب شديد ، وتقول ان ضابط الامن كان يطالبهن ان يعترفن بالانتماء للحركات الدارفورية المسلحة وعن توجهاتهن السياسية وانهم ظلوا يرددون الاسئلة بطرق مختلفة ، وتضيف ( كانوا يقولون أنهم يعلمون أننا ننتمي الى حركات دارفورية مسلحة والحركات تدعمنا لإحداث فوضى وبلبلة في الداخليات ) ، ومضت سمية في حديثها تقول ( في التحقيق كان هناك قصد بإستفزازنا واتهمونا باننا نمارس الدعارة في الداخليات وحواء تديرها وتحضر لنا الرجال وهددني أحدهم بانه سيجري لي فحص للعذرية فتحديته بأن نذهب للمستشفى ونجري الفحص فورا فسكت )
وحول كيفية تم إطلاق سراحها قالت ( سأت حالتي الصحية وكنت أعاني ألم شديد في الرأس أثر تعرضي لضربة بجانب نفاخ شديد في البطن بعد أن تلقيت ضربات بقبضة اليد بصورة متكررة وبالذات تأثر منطقة عملية الزائدة التي كنت أجريتها في الماضي، وبت لا أستطيع الأكل والشرب ) ، وتؤكد ان حالتها الصحية بعد ان تدهورت تم نقلها الى مستشفى الامل وظلت تحت الرعاية الطبية لمدة اربعة ايام وان الطبيب اخبرها بانه سيجري عملية استكشافية للبطن لكنها رفضت ، وتقول ان احد افراد الامن حضر وقال ان العملية سيتم اجراءها بالقوة بعد تقييدها ، وتضيف ( لقد انهرت بعد ان سمعت ذلك التهديد وظلت ابكي وجاءني شعور بانهم يريدون قتلي خلال العملية التي قررها الطبيب ) ، وقالت في صبيحة الخامس عشر من اكتوبر الجاري سمعت هي نقاشا بين افراد الامن والطبيب الذي اعترض على نقلي الى المعتقل مرة اخرى وابلغ افراد الامن بضرورة اكمال العلاج في المستشفى والابقاء تحت المراقبة الطبيبة ، وتضيف ( وبعد النقاش ذهب أفراد الأمن وتركوني في المستشفى وفي المساء جاء أحدهم وقال لي أخرجي من المستشفى وأذهبي لأهلك وكانت معي منال لكنهم أخذوها من المستشفى وأعادوها للمعتقل..خرجت من المستشفى واتصلت بشقيقتي التي أحضرتني إلى هنا ) .
مدير الداخليات (فيصل) وزيارته في المستشفى
تقول سمية في افادتها انها اندهشت عندما سجل فيصل محمد احمد مدير مجمع داخلية الزهراء زيارة اليها في المتسشفى للاطمئنان عليها ، وتضيف ( المدهش انه ابلغني بقوله أنا سمحت لهم بدخول الداخلية ولكن لم أكن أعلم بانهم سيضربوا الطالبات ويتصرفوا بالطريقة التي تصرفوا بها ) ، وتقول لم يقدم اي مساعدة وبقي معها لدقائق ثم غادر مع مرافقه .
حالة نفسية سيئة
لاحظ فريق (عاين ) خلال زيارته الى سمية أن حالتها النفسية غير مستقرة، إذ أنها مشوشة ومحبطة ومكتئبة، زميلاتها في السكن قالوا أنها تهزئ أثناء النوم وتذكر أسماء ناس وتصرخ في بعض المرات، وقالت سمية عن نفسها أنها متأثرة جدا لتعرضها للتعذيب بعصى كهربائية وان ذلك سبب لها رعب شديد وكذلك تهديدها بضربها في عينها بالسيخة المدببة الى جانب أنها تعرضت لهزة وأنهيار شديد في المستشفى عندما أخبرها الطبيب أنه سيجري لها عملية استكشافية بالقوة ، وافادت زميلاتها لفريق ( عاين ) أن سمية اصبحت تتحدث قليلا منذ أن خرجت من المستشفى وشهيتها للطعام سيئة وعندما تتناول منه شيئاً تذهب فورا الى الحمام وتاكد لـ(عاين) أن سمية اعيدت يوم الجمعة الى المستشفى واستخرج لها أورنيك (8) ، وتحصلت (عاين ) على نسخة منه وأنها ستخضع لعلاج عضوي ونفسي خلال الأيام المقبلة تحت أشراف ناشطين ورابطة أبناء دارفور بالخرطوم .
تضامن وشكوى ضد جهاز الأمن
وفي السياق تضامن عدد من الناشطين والحقوقيين مع طالبات دارفور لما تعرضن له مؤخرا في مباني جهاز الامن، وقامت مجموعة (مبادرة لا لقهر النساء ) بتسليم المفوضية القومية لحقوق الأنسان بالخرطوم شكوى قانونية ضد جهاز الأمن وصندوق دعم الطلاب تطالب فيها المفوضية بتحريك إجراءات قانونية ضد الصندوق وجهاز الامن والمخابرات الوطني لما قاما به في حق طالبات ، ودعت المذكرة باطلاق سراح المعتقلات فورا بعد أن شرحت ظروف اعتقالهن التي وصفت بالسيئة ، وقبل تسليم المذكرة للمفوضية نظمت المبادرة مع رابطة أبناء دارفور وعدد من الحركات الشبابية منها (التغيير الآن ،قرفنا ،تجمع الشباب لمناهضة سدي كجبار ودال ) وقفة احتجاجة أمام المفوضية طالبت فيها لاطلاق سراح جميع المعتقلين من بينهم معتقلي سبتمبر الماضي ، ومن جانبها تسلمت مفوضية حقوق الانسان المذكرة المقدمة من مبادرة لا لقهر النساء واستمعت لطالبات تعرضن لانتهاكات من قبل جهاز الأمن ووعدت المفوضية بالنظرالفوري للشكوى .