الإعلان عن مفاوضات غير رسمية مع استعدادت عسكرية لحرب الصيف

 

الإعلان عن مفاوضات غير رسمية مع استعدادت عسكرية لحرب الصيف – شبكة عاين – ١٨ يناير ٢٠١٥ –

في كل عام ومنذ خمس سنوات يتبادل طرفا الصراع في السودان الحكومة والحركة الشعبية التصريحات الإعلامية بالإستعداد لموسم جديد من القتال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق، وتعود اسباب اندلاع الحرب بصدور قرار من القوات المسلحة بتجريد الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية في السودان من السلاح مع نهاية الفترة الانتقالية. وقد رفضت الحركة ذلك القرار باعتبار ان الإتفاقية تنص على بقاء الجيش الشعبي حتى ابريل 2012 بعد استكمال عمليات الدمج والتسريح، غير ان القوات الحكومية شنت هجوماً على مواقع الجيش الشعبي في منطقة (ام دورين) بجنوب كردفان في الرابع من يونيو 2011، من ثم اندلعت معركة أخرى في كادوقلي في السادس من ذات الشهر. اما في النيل الازرق اندلعت الحرب في سبتمبر 2011 بعد ان اصدر البشير قراراً بإعفاء والي النيل الازرق مالك عقار من منصبه، وتم عزل الوالي المنتخب أنذاك مالك عقار رئيس الحركة الشعبية ورفض الرئيس عمر البشير الإتفاق المبرم بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في يونيو 2011 والذي عرف باتفاق (نافع – عقار).

مفاوضات غير رسمية … واستعدادات لعمليات عسكرية

بدأ هذا العام (2016) وسط ترقب لمسار المفاوضات غير الرسمية بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية والتي يتوقع أن تبدأ الجولة الثانية في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من يناير الجاري في العاصمة الالمانية برلين، وفي المقابل بدأت الحكومة في حشد قواتها والمليشيات التابعة لها استعداداً لعملية ما يسمى بالصيف الحاسم، وفي ذات الوقت أكد الجيش الشعبي استعداده للتصدي للهجوم المتوقع.

وكان الرئيس عمر البشير قد أعلن بداية يناير الجاري وقف إطلاق نار لمدة شهر، غير ان الحشد العسكري من قبل الحكومة السودانية أخذ في الإزدياد على الضفتين الشرقية والغربية لجنوب كردفان بغرض محاصرة قوات الحركة الشعبية. فيما قام رئيس هيئة اركان الجيش الشعبي اللواء جقود مكوار مرادة بجولة الى المواقع الامامية لقواته، ليؤكد استعدادات الجيش الشعبي لمواجهة عمليات الصيف الحاسم.

وقد شهدت مدينة (العباسية تقلي) الواقعة في شمال ولاية جنوب كردفان حشوداً عسكرية ضخمة، ويقول شاهد عيان من المنطقة لـ(عاين) أن الحشد العسكري في مدينة العباسية وصل عشية ليلة رأس السنة الماضية، في قوة قوامها أربعة ألف جندي تصحبهم معدات عسكرية ثقيلة وسيارات ذات الدفع الرباعي قدرها بـ400، كل سيارة كانت تحمل ما بين (7 إلى 10) أفراد من هذه القوات وتحمل هذه السيارات ايضاً اسلحة مختلفة من بينها مدافع، ويمضي شاهد العيان قائلاً (هذه نفس القوة التي أحدثت فوضى في المدينة مع بداية هذا العام من نهب واغتصاب قبل أن تغادر إلى الناحية الجنوبية متوجهة الى منطقتي رشاد وابوجبيهة)، وفي الجانب الغربي لولاية جنوب كردفان، شهدت مناطق كادوقلي وما حولها حشداً عسكرياً في الناحية الشرقية ويقدرعدد الجنود بـ(5) الف جندي من قوات الجيش السوداني حسب مصدر تحدث لـ(عاين) من داخل كادوقلي، ويقول أن هنالك قوة اخرى تحركت في إتجاه منطقة الخرصانة.

انفلاتات وشكوى

ويشتكي مواطنو ولاية جنوب كردفان مما اسموه (انفلاتات الجيش والدعم السريع) وذلك بعد الإعتداءات التي جرت في منطقة (العباسية تقلي) من قبل هذه القوات، وقد تعرضت عدد من النساء للتحرش خاصة وسط (بائعات الشاي)، وإذا حاول اي مواطن التدخل يواجه باعتداء من قبل أفراد هذه القوات – بحسب مصادر مختلفة تحدثت لـ(عاين)، واعادت هذه الاعتداءات مع بداية هذا العام الجرائم التي وقعت في حق مواطني جنوب كردفان الاعوام الماضية قبيل بداية حرب الصيف.

وفي ولاية النيل الازرق، يقول شاهد عيان من داخل مدينة الدمازين عاصمة الولاية أن هذا العام شهد حشوداً عسكرية غير مسبوقة، ويضيف (لكن ليس في مقدور أحد أن يحدد حجمها بالضبط لأن هذه القوات تأتي الى الدمازين عابرة خلال فترة الليل وهي قوات ليست مقيمة)، ويقول (ما استطع قوله أن هنالك أرتال من الجنود ظلت تعبر الدمازين بشكل يومي)، ولم تحصل (عاين) على معلومات مؤكدة حول حجم القوات العسكرية في النيل الازرق رغم اشتداد المعارك فيها نهاية العام الماضي ومع بداية العام الحالي، وفقاً لبيانات الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان.

الجيش الشعبي يصف اعلان وقف اطلاق النار كذبة

كان رئيس هيئة اركان الجيش الشعبي اللواء جقود مكوار قد قام بجولة تفقدية في مواقع متقدمة لقواته ليطمئن على جاهزيتها للصيف الحاسم، مناشداً كافة مؤسسات واعضاء الحركة الشعبية لتوجيه امكانياتهم لرد عدوان الحكومة على المدنيين.

من ناحيته يقول الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد الدكتور احمد خليفة الشامي أن إستعدادات الجيش السوداني لمعارك الصيف هي للدفاع عن العقيدة والوطن، متهماً الجبهة الثورية باستغلال فُرصة وقف إطلاق النار التي أعلنها رئيس الجمهورية لإحراز تقدم عسكري على الارض، ويضيف (ما تقوم به الجبهة الثورية مرفوض من قبل القوات المسلحة السودانية بإعتبار أنها مسؤولة عن حماية الوطن)، ويقول لـ(عاين) أن قواته الأن على الارض وفي كافة الجبهات مستعدة لدحر التمرد، وتابع (الجيش السوداني يؤمن أي اطار سياسي تنتهجه الدولة وسيدافع عن سياسات الدولة)، ويقول (لكن هذا لا يعني ان نقف مكتوفي الايدي للاعتداءات التي تقوم بها الحركات المتمردة).

ورجح الشامي كفة الحلول السلمية عبر المسار السياسي للتوصل إلى اتفاق سلام، ولكن الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية ارنو نقوتلو وصف إعلان وقف اطلاق النار من قبل الحكومة “بالكذبة”، وقال إن حديث البشير عبارة عن تحصيل حاصل لتمويه الجيش الشعبي، ومحاولة إحراز تقدم عسكري حتى يصبح لهم اطار سياسي عند طاولة المفاوضات، واوضح لـ (عاين) إن بعد إعلان الرئيس عمر البشير عن وقف اطلاق النار مباشرة، صدت قوات الجيش الشعبي ثلاث محاولات هجوم قامت بها القوات الحكومية والمليشيات التابعة لها على مدينة كلقو في النيل الازرق، ويضيف (كما تصدت قوات الجيش الشعبي لهجوم القوات الحكومية على المدنيين في جنوب الكرمك، كاشفاً عن تحركات للجيش الحكومي في إتجاهات مناطق شرق كادقلي، دلامي، هيبان، تلودي، توسي، والخرصانة اضافة الى جرائم العباسية تقلي التي ارتكبها الجيش السوداني ومجذرة الجنينة في غرب دارفور وعمليات القصف الجوي التي لم تتوقف أبداً)، ومضى يقول أن الحكومة السودانية هي المهدد للامن والسلام الاقليمي والدول لدعمها كافة الجماعات الارهابية في العالم، ويضيف (ليس غريباً عليها أن ترتكب جرائم في حق مواطنيها).

استنكاراً للهجوم على المدنيين … دعوة لحمل السلاح

حشود وممارسات الجيش الحكومي في العباسية تقلي وجدت إستهجاناً من قبل الناشطين وبعض احزاب المعارضة فضلاً عن مناشدة نائب رئيس الحركة الشعبية الفريق عبد العزيز الحلو لكافة الشباب السوداني بالانضمام الى الكفاح المسلح. معلناً عن فتحة الباب على مصراعية للانضمام للكفاح المسلح للاسقاط النظام.

وفي الوقت الذي قلل فيه المتحدث باسم الجيش السوداني من دعوة الحلو للشباب بحمل السلاح، قال الشامي (هذه الدعوة لن تجد لها اذناً صاغية)، فيما حذر الخبير العسكري (الرائد معاش) الهادي فضل من مغبة الاستخفاف من دعوة عبد العزيز الحلو، وقال (يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، خاصة وان الرجل لا يتحدث كثيراً وانما يعمل)، موضحاً لـ(عاين) أن الجرائم التي اُرتُكبت في مدينتي الجنينة والعباسية تقلي أعادت إلى الإذهان جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية في دارفور قرابة (12) عاماً، ويضيف (هذا ما دفع الحلو للإدلاء بهذا التصريح الخطير)، وإستدرك قائلاً (الحكومة السودانية تمارس اللعب على الدقون بإطلاق يد الجيش والمليشيات ليفسدا في الارض وفي ذات الوقت تظهر للملأ عبر الفضائيات بأنها في اهبة الاستعداد للسلام والحوار) وتسائل قائلاً (كيف تطرح الحكومة مبادرات للحوار وتستعد الى القتال في آن واحد.

وفي رده على سؤال (لماذا لا ترفض القوات المسلحة الزج بها في الحرب على المدنيين)، قال فضل إن الجيش السوداني أصبحت عقيدته الدفاع عن الحزب الحاكم أكثر من الوطن، وأضاف (الجميع يعلم أن الحكومة الحالية قامت بإحالة كل المواطنين والمهنيين في الجيش الى المعاش، واصبح القبول للكلية الحربية من اعضاء التنظيم وهذه الخطة بدأت منذ العام 2000)، ويشير إلى ان هنالك (15) دفعة تخرجت من الكلية الحربية مهمتها حماية النظام الحاكم.