الإثيوبيون في السودان .. لاجئون دون هوية

11 نوفمبر 2020

نفذ المئات من اللاجئين الإثيوبيين مواليد السودان، الأحد الماضي، وفقة احتجاجية أمام مكتب المندوب السامي لشؤون اللاجئين بالخرطوم، للمطالبة بتقنين أوضاعهم في البلاد، لاسيما عقب سحب المفوضية لبطاقات اللجوء الخاصة بأفراد أسرهم ومطالبتهم بتوفيق اوضاعهم في البلاد كأجانب.

وبعد أن فشلوا في الوصول إلى اتفاق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان، ومعتمدية شؤون اللاجئين التابعة للحكومة، قررّوا التوجه إلى مكتب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، لعلهم يجدوا عنده حلاً لمشكلتهم التي تطاول أمدها.

لجوء بالآلاف

وشهدت حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، لجوء آلاف الأسر الإثيوبية للأراضي السودانية، وذلك جراء الحروبات التي شهدتها بلادهم خلال تلك الفترة.

وفي العام 1995 نظمت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في السودان برنامجاً لعودة الطوعية للاجئين الإثيوبيين لبلادهم، إلا أن اعداد مقدرة منهم رفضت فضلت البقاء في السودان تحت صفة اللجوء، ما ادى لظهور اجيال من اللاجئين الإثيوبيين مواليد السودان، والذين تترواح اعمار معظمهم اليوم مابين 30 و40 عاماً.

يقول شومي كروس، وهو احد اللاجئين الإثيوبيين مواليد السودان، إن المفوضية السامية للاجئين في الخرطوم قررّت في العام 2016، ولأسباب غير معروفة، سحب صفة اللجوء من الأسر الإثيوبية في السودان، والتي كان يعتمد ابناءها على بطاقات اللجوء الخاصة بأسرهم، كأوراق لإثبات هويتهم، وطالبتهم بالذهاب لإدارة الهجرة التابعة للشرطة السودانية لتوفيق اوضاعهم كأجانب في البلاد، خلال 6 أشهر، وهي فترة السماح التي يمنحها القانون السوداني للاجئ لتوفيق وضعه.

ويضيف كروس لـ (عاين): “الآن أكثر من 80% من اللاجئين الإثيوبيين مواليد السودان، لايملكون مايثبت انهم لاجئين، وفي الوقت الذي تخيّرهم المفوضية بين توفيق اوضاعهم كأجانب أو العودة لبلادهم دون تنظيم برنامج للعودة الطوعية، يرون أن الظروف التي تعيشها إثيوبيا حالياً غير مواتية للعودة، لاسيما مع تجدد إندلاع الحرب في شمال البلاد”.

غرامات باهظة

وعلى الرغم من التعامل الجيد الذي يجده اللاجئين الإثيوبيين من المجتمعات المحلية في السودان، بحسب ما ذكر كروس، إلا انهم في المقابل يواجهون قمع قوات الشرطة ضمن حملات توقيف الأجانب التي يُطلق عليها محلياً (الكشّات)، عوضاً عن الغرامات الباهظة التي تفرضها المحاكم السودانية على الأجانب الذين يمارسون اعمالاً دون الحصول على تصاريح.

وتترواح غرامات الإقامة غير القانونية في المحاكم السودانية بحسب كروس بين 50 إلى 100 الف جنيه سوداني (ما يعادل 200 إلى 400 دولار أمريكي)، بينما تصل الغرامة حال ممارسة اللاجئ لأعمال إضطرارية دون الحصول على تصريح إلى 250 جنيه سوداني (ما يعادل 600 دولار أمريكي).

ويُشير كروس إلى أن الشرطة السودانية اصبحت تلجأ مؤخراً لمداهمة النسوة اللاجئات اللائي يصنعن (الأنجيرا) –  الكِسرة الإثيوبية – في منازلهن بغرض البيع، حيث تتم مصادرة ادواتهن وعرضهن على المحاكم.

ويؤكد كروس، وهو عضو ايضاً في رابطة الشباب الإثيوبي في السودان، أن معظم اللاجئين الإثيوبيين مواليد السودان يفضّلون البقاء في البلد الذي ولدوا وتربوا فيه، لكن بعد تقنين أوضاعهم القانونية كلاجئين، وحال تعذّر ذلك فإنهم يطالبون المفوضية السامية بإعادة توطينهم في بلد ثالث.

أفق مسدود

وفي ظل رفض المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للمقترحات التي تقدموا بها، يرى كروس، أن الأفق اصبح مسدوداً أمامهم لاسيما عقب مطالبة معتمدية اللاجئين التابعة للحكومة السودانية لهم بالإمتثال لقرارات المفوضية السامية للأمم المتحدة وتنفيذها.

ويواصل: “طرقنا ابواب جميع الجهات التي يمكن أن نجد عندها حلاً لمشكلتنا، وأخيراً قدمنا مذكرة لرئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، للتدخل وحل قضيتنا”.

وفي السياق يعتصم أمام مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالخرطوم، منذ أكثر من شهر، مجموعة كبيرة من اللاجئين من عدة دول هي الكونغو، إثيوبيا، إريتريا، افريقيا الوسطى، بورندي، جنوب السودان، اليمن، سوريا، الصومال.

ويطالب المعتصمون بإعادة توطينهم في بلد ثالث، نتيجة لما وصفوه بتدهور اوضاعهم المعيشية في السودان، وضعف المساعدات التي تقدمها لهم المفوضية السامية، وذلك عقب رفض الأخيرة عدة مقترحات تقدموا بها للمساعدة في تحسين اوضاعهم كلاجئين في البلاد.

إجتماع مُشترك

مدير الإعلام والعلاقات العامة بمعتمدية اللاجئين التابعة للحكومة عبد العال محمد أحمد، وفي رده على السؤال حول الإجراءات التي اتخذتها المعتمدية لحل مشكلات اللاجئين وتوفير الحماية لهم، أوضح بأنه تم تكوين وفد مشترك من إدارة الحماية بمعتمدية اللاجئين والمفوضية السامية لشئون اللاجئين و10 من ممثلي اللاجئين المحتجين.

وأضاف لـ (عاين): “خلص الإجتماع لعقد إجتماع مشترك بين الأطراف الثلاث يوم 15 نوفمبر الحالي، بمباني المفوضية السامية لإيجاد حلول عاجله فيما يخص اللاجئين الإثيوبيين كما أنه جاري النظر في حل قضية اللاجئين الكنغوليين لاحقاً”.

لكن الناطق بإسم اللاجئين المعتصمين أمام المفوضية يوسف فيصل جوزيف، أكد لـ (عاين) انهم ليسوا جزءً من الحراك الذي يقوده اللاجئين الإثيوبيين مواليد السودان، وأوضح ان قضيتهم ومطالبهم تختلفان عن ما يرفعها الإثيوبيين من مطالب.

واعتبر حوزيف أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحاول خلف تكتلات وسط اللاجئين من خلال التفاوض المنفصل مع الإثيوبيين، على الرغم من ان قضاياهم تبدو متشابهه، ويضيف: “لكن الفرق بيننا واللاجئين الإثيوبيين مواليد السودان، أن هؤلاء فقدوا صفة اللجوء بحسب المفوضية، وهم حالياً يطالبون بإيجاد صفة قانونية لوجودهم في السودان، بينما نحن لدينا صفة اللجوء ولكن نطالب بإعادة توطيننا في بلد ثالث بسبب تدهور اوضاعنا المعيشية”.