اطلاق سراح “موسى هلال”.. الضحايا منسيون
٢٣ مارس ٢٠٢١
تسوية غامضة افرجت على إثرها السلطات السودانية عن الزعيم الأهلي بدارفور في الحادي عشر من مارس الجاري، موسى هلال عبد الله. المنسيون من ضحايا الحرب في إقليم دارفور تنتابهم شكوك تحقيق العدالة التي حملتها شعارات الثورة السودانية.
ذاكرة ضحايا الحرب في إقليم دارفور تختزن انتهاكات جسيمة بحقهم على وقع قيادة الزعيم العشائري موسى هلال لما يعرف بمليشيا “الجنجويد” ذائعة الصيت إبان بدايات الحرب الأولى في الاقليم خلال العام 2003 والأعوام اللاحقة، ووثقت منظمات حقوقية دولية لهذه الجرائم. وصدر قرار من مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على هلال و3 أشخاص آخرين تشمل قيود سفر وتجميد أموال، ضمن قرار بشأن دارفور عام 2006م.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش في 2005 أن هلال هو العمود الفقري لاستراتيجية الحكومة لتجنيد الميليشيات، ودوره رئيسي في العديد من الهجمات ضد المدنيين في شمال دارفور في 2003-2004، بمساعدة ودعم من القوات الحكومية في كثير من الأحيان. تحدث شهود عيان عن تورطه المباشر في الانتهاكات، على سبيل المثال رؤية هلال يأسر نساءً في سوق عام 2004، كان ما يزال مكانهن مجهولا بعد عام.
التسوية غير المعلنة التي افرج بموجبها عن الزعيم الأهلي موسى هلال مع عدد من أعوانه بعد أن أمضى نحو 3 سنوات في الاحتجاز بتهم تتعلق بمقاومة نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، اعتبرها ضحايا حرب تحدثت اليهم (عاين)، لا تخدم تحقيق العدالة بالاقليم. غموض التسوية التي خرج بها موسى هلال من المعتقل، وقصة اعتقاله إبان عهد الرئيس المخلوع وفقا للقضايا المعلنة وقتها من مقاومته لعملية جمع للسلاح في الاقليم، وصراع النفوذ الخفي بينه وقائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس المجلس السيادي الحالي محمد حمدان دقلو، يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة لضحايا حرب دارفور.
وبينما تعلن الحكومة الانتقالية في السودان استعدادها للتعاون مع محكمة الجنايات الدولية وتسليمها قائمة المطلوبين لديها على راسهم الرئيس المخلوع عمر البشير وآخرين تنظر مجموعات من الضحايا بيقين ان محاكمة البشير ومعاونيه ستجر لا محالة قائد المليشيا وقتها موسى هلال.
“موسى هلال كان له خصومات سياسية مع النظام السابق، وحاول التمرد على المركز، ما أدى إلى اعتقاله، وسجنه تحت إجراءات النظام السابق بمعاونة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وايضا لفرض سيطرته على المنطقة”. يقول عضو هيئة محامي دارفور عبد الباسط الحاج لـ(عاين). عضو بهيئة محاميي دارفور: “جنرالات المجلس السيادي لجأوا إلى تسوية سياسية فيما بينهم وهذا يوفر لهم جميعا الحماية بوجود السلطة الحاكمة الآن”.
ويعتقد عبدالباسط، أن موسى هلال، في يده الكثير من الملفات الحساسة ذات الصلة بالحرب في دارفور، وبما انه كان احد قادة المليشيات المسلحة، وهذا ما يخشاه عدد من جنرالات المجلس السيادي، لذلك لجأوا إلى تسوية سياسية فيما بينهم وهذا يوفر لهم جميعا الحماية بوجود السلطة الحاكمة الآن.
استغراب
النازحة عايدة هارون آدم، تنظر باستغراب لإطلاق سراح موسى هلال، وتقول لـ(عاين، ” المجرمون في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية، يجب أن لا يطلق سراحهم”. وتطالب آدم بتتحقق العدالة لآلاف أسر الضحايا وتتهم الحكومة الانتقالية بعدم الجدية في تسليم المجرمين إلى العدالة الدولية.
الأعوام من 2003 وحتى 2005 كانت مأساوية في حياة النازح يعقوب ابكر عبدالكريم، من معسكر كلمة للنازحين، حسب وصف لـ(عاين)، ويقول “قتلت المليشيات العشرات من سكانه قريته، وبين قرى فتا برنو وكتم وبعض الأماكن الأخرى تورط المليشيات في عمليات الإخلاء القسري”.
ويشير إلى انه من ارتكب جرائم الحرب يحب أن لا يطلق سراحه، وعلى الحكومة الحالية ان تقدمه الى المحكمة ودون ذلك سيمتلك المجرمين الشجاعة على مواصلة أفعالهم. بينما يستبعد عضو هيئة محامي دارفور عبد الباسط الحاج، وثوق ضحايا الحرب بالإقليم الغربي في هذه الحكومة. ويقول حتى الآن لم تقم بأي خطوات عملية لإنصاف الضحايا، متمثلة في تسليم المجرمين الصادرة في حقهم مذكرات اعتقال الى المحكمة الجنائية الدولية.
فرصة إثبات
يضيف عبد الباسط، هذه الحكومة لديها فرصة لإثبات أنها تسعى حقيقة لانصاف ضحايا الحرب، ويجب عليها فتح تحقيق شامل وشفاف عن الجرائم التي ارتكبت في عهد الرئيس السابق عمر حسن البشير، وتسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح، الحاج انه اذا عجز القضاء عن محاكمة الجناة والتحقيق مع كل المشتبه بهم. ضحايا الحرب لن يشعروا بالأمان، اذا كان المجرم القاتل وكل الجناة طلقاء. يكرر عبدالباسط على الحكومة ان تسلم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وأن تفتح تحقيق شامل وشفاف عن الجرائم التي وقعت في دارفور، وبالتالي محاسبة كل المتورطين تباعا، وتأتي عملية العدالة الانتقالية إجراءات شاملة بأركانها وجوانبها.