أيقونة الحركة الطلابية عاصم عمر يتعرض للقتل البطيء
ان كان للثورات والانتفاضات الشعبية في السودان ايقونات رسخت في وجدان وقلوب السودانيون العاشقون للحرية أمثال القرشي ومحمود محمد طه وغيرهم، فان عاصم عمر رغم صغر سنوات عمره التي لم تتجاوز 24 عاما إلا أنه دون شك قد حفر اسمه ضمن لائحة الشرف، صمودا أمام التعذيب الوحشي والاعتقالات المتكررة والاتهام بالقتل الذي كلف عاصم سنوات من عمره خلف القضبان.
ولم يكن اتهام عاصم بالقتل الذي ألغته المحكمة الدستورية منذ ثلاثة أشهر، الانتهاك الأول الذي تعرض له منذ أن نذر حياته لقيادة حركة المقاومة وسط طلاب الجامعات. فقد شهد عاصم صنوفا من الاعتقالات والجلد وغيرها من الاهانات والملاحقة بل والفصل من الدراسة منذ العام 2015، لكن إصرار عاصم على المقاومة دفع السلطات إلى تصعيد الاستهداف ضده واتهامه بالقتل وتعذيبه حاليا من قبل إدارة سجن كوبر في سابقة جديدة لمخالفة القوانين في السودان بصورة أوصلت عاصم الى وضع صحي مزري.
ورغم إعلان المحكمة الدستورية منذ أغسطس الماضي الغاء حكم الاعدام الصادر بحقه واعادة محكمة القضية لمحكمة الموضوع للنظر فيها من جديد إلا أن ادارة سجن كوبر وضعته في الانتظار منذ ذلك الحين. ولم يتوقف الأمر بادارة سجن كوبر عند ذلك الحد الذي يصفه الكثير من المعارضين بالتواطؤ إلى درجة ممارسة العنف والتعذيب الوحشي المستمر ضده.
فقدان التوازن
يقبع عاصم بالسجن لأكثر من عامين حتى الآن منذ أن وجهت له النيابة تهمة القتل العمد تحت المادة 130 من القانون الجنائي. وقالت أنه رمى عبوة حارقة (ملتوف) على عربة تتبع للشرطة أثناء مظاهرات طلاب جامعة الخرطوم احتجاجا على بيع أراضي الجامعة وتحويل موقعها في أبريل 2016 مما اودى بحياة شرطي كان على متنها.
ووصلت درجة التعذيب هذه المرة إلى مرحلة غير مسبوقة اذا تعرض للعنف بكافة اشكاله مما ادى الى اصابته اصابات متفاوتة في جسده وصلت الى فقدان التوازن، وسيلان صديد من الأذن اليمنى التي تعرضت لإصابة في العصب السابع، وعدم قدرة على النظر بسبب اصابة الاذن، وضرب بالسياط حتى ادى إلى تسلخ بشرته. وضرب بالايدي ادى الى اصابة جهازه التناسلي “الخصيتين”. ومنعته سلطات السجن من تلقي العلاج إلا بعد تدخل أسرته. ولم تزل جلسات محكمة عاصم عمر قيد الاستمرار في الوقت الذي وجد فيه سلوك العنف داخل السجن حملة رفض واسعة من قبل القوى السياسية وناشطين في العمل المدني. وتطالب أسرة عاصم بالتحري الدقيق حول العنف الذي تعرض له ابنها لتقديم الجناة الى العدالة ولكن كافة مساعيهم لم تجد الرد الشافي حتى الآن.
قلق والدة عاصم
تسرد والدة عاصم عمر، نعمة اسماعيل طاهر لـ(عاين) قصة التعذيب الوحشي الذي تعرض له ابنها بالقول “مشينا زيارة لعاصم وكنا في الانتظار، فعرفنا انو في مشكلة داخل السجن، بعد داك عرفنا انو عصام عندو مشكلة مع أحد العساكر” موضحة أنه تم إلغاء الزيارة.
وفي صبيحة اليوم الثاني قام والده بمتابعة الامر، الا انه واجه بعض الاستفزاز من قبل أفراد الشرطة ورفض بعض العساكر إحضاره لمقابلة والده. مضيفة أنهم كأسرة توصلو الى معلومة ان عاصم تلقى كافة انواع الضرب في لحظة خروجه لمعاينة الطبيب بعد ان تم جلده 25 جلده أدت إلى تسلخ جسده. وتقول والدة عاصم في حديثها الحصري لشبكة (عاين) أنه في تلك الليلة لم يغمض جفنها حتى الصباح بسبب التفكير والقلق والخوف على ابنها وتردف بالقول “أنا للصباح ما نمته”!!
انتهاكات أفراد الشرطة
من جهته يقول والد عاصم أنه رغم شطب بلاغ الإعدام بحق ابنه لكن في الفترة الاخيرة تمادى أفراد الشرطة في ضربه، موضحاً انهم كأسرة وصلوا الى مسئول ادارة سجن كوبر وهو ضابط رفيع برتبة عقيد الذي عرفو من خلاله إن ادارة السجن لها انطباع عن عاصم ولم يستمعوا اليه لمعرفة المشكلة من الطرفين.
وأضاف “وقف الجميع ضد عاصم وتم تغيبه عن جلسة المحكمة يوم 9 لانو كان مصاب شديد ما جابو عن قصد في اليوم الثاني تحركنا كاسرة وجدنا عاصم في منظر صعب عدم سماع وآثار ضرب تسببت في جروح في مناطق مختلفة من الجسم، بادرنا بإبلاغ القاضي بضرورة معالجته شكل لكي نتمكن من إنقاذه، مضيف “ولكن في ذات اليوم تعرض عاصم لاصابة في الأذن الوسطى والوش ليس في وضع طبيعي حتى استطعنا ان نصل الى مستشفى الانف والاذن والحنجرة وعرفنا أنه فقد السمع في الأذن اليمنى ويعاني من التهاب حاد في العصب السابع وطلبت الطبيبة إحضاره في اليوم الثاني بالفعل خضع الى معالجة سريعة بمعدل 10 حبات في اليوم”.
تآمر وإستدراج
اما شقيقته ندى عمر اوضحت لـ(عاين) ان عاصم تعرض لاستدراج من قبل أفراد الشرطة بعد أن اعتدوا على بعض احتياجاته الخاصة في غيابه الامر الذي ادى الى رفضه لهذا المسلك موضحة “كان يرفض التفتيش وتم سحب بعض أدواته المصدقة من قبل إدارة السجن”.
وأضافت “بسبب هذا الاستدراج تم الاحتكاك بعاصم وأفرغ على رأسه كيس مليء بالأوساخ بما فيها الامواس من أجل جره الى العنف وتامر عليه مجموعة عساكر بالضرب العنيف ضرب قاتل في مناطق حساسة ومؤذية الرأس الوجه والخصيتين”. مشيرة إلى أن الأسرة سلكت كافة الطرق القانونية، لكنها لم تجد استجابة مؤكدة ” قابلنا كافة القنوات وصلنا وكيل النيابة الأعلى ولكن ليس هنالك رد حتى الآن”، موضحة أن السجن لم يغير في عاصم كثير وهو مازال متماسك”.
حملات واسعة
واطلقت القوى السياسية حملات تضامن واسعة مع الطالب عاصم عمر أبرزها الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، وطالب نائب رئيسها ياسر عرمان بتحويل محاكمة عاصم عمر الى اوسع حملة تضامن مع الحركة الطلابية ومحاكمة النظام.
وشهدت دول المهجر حملات تضامن واسعة في كل من بريطانيا وفرنسا كانت المطالبة فيها بإطلاق سراح عاصم عمر. من جهته أطلق حزب المؤتمر السوداني الذي ينتمي له عاصم عمر حملة ضد تعذيبه، وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني الباشمهندس عمر الدقير لـ(عاين) “ظل عاصم يتعرض لاستهداف منهجى بسبب التزامه السياسي ومواقفه منذ مدة طويلة”، موضحاً انه قبل المحاكمة الحالية تعرض للفصل السياسي من جامعة بحرى ولأكثر من اعتقال وتعذيب، وفى عام ٢٠١٥م حكم بالجلد لاشتراكه في مخاطبة جماهيرية لحزب المؤتمر السوداني مع مستور أحمد محمد نائب رئيس الحزب الحالي.
وأضاف الدقير ان الاعتقال والمحاكمة المتطاولة فى حد ذاتها تعذيب نفسي وبدني لشخص بريء، يؤسفنا تعذيبه الوحشي الأخير بالسجن وقد وجهنا القطاع القانوني بالحزب و طلبنا من هيئة الدفاع أيضا العمل على ملاحقة المعتدين من شرطة السجون ووزارة الداخلية، كما تواصلنا مع المنظمات الحقوقية للتضامن مع عاصم، لن نصمت على ذلك، مضيفا “حالته الان مقلقة. تعذر إجراء عملية جراحية بسبب حالته الصحية ونتابع مع الطبيب المعالج تطور حالته، نتمنى له تمام الشفاء، ونتمنى أن نراه حراً طليقاً كما ينبغي له”.