تقرير شبكة عاين – الاثنين 5 مارس 2018
إرتفاع الأسعار في السلع الاستهلاكية اليومية في الخرطوم أصاب الجميع، إذ امتدت آثار الأزمة إلى مدن سودانية أخرى غير العاصمة، حيث كان لولاية شمال دارفور النصيب الأكبر من هذا الارتفاع المتسارع، إذ يشكو مواطنو مدينة الفاشر من الغلاء الغير المبرر، إذ يتهم البعض التجار بإحتكار السلع، في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة أن تضبط هذه الفوضى المتزايدة. يري طرف اخر ان الحل في كيفية تعامل الدولة مع هذا الوضع، وتقديم أسعار مناسبة كي تكون في متناول يد المواطن البسيط.
لا توجد أسعار ثابتة
المواطن ادم محمد ادم رمضان يقول: “في السابق رطل السكر 6 جنيه، الآن 12 جنيه، والدخن ربع الملوة 30 جنيه، الان 100 جنيه، اللبن البدرة الوقية 3 جنيه، الان 7 جنيه”، ثم يشير رمضان الي ان زجاجة الزيت كانت 22 جنيه، الان 40 جنيه، الارز الكيلو 15 جنيه، الان 35 جنيه، اما كوم البصل ظل سعره هو 5 جنيه، وكيس المكرونة وصل سعره من 6 جنيه الي 12 جنيه.
بينما يشير تاجر الزيت محمد هارون عبدالله الي انه في السابق الاسعار في متناول اليد (سمحة شديد)، واتهم التجار بزيادة الأسعار في الولاية. محمد هارون طالب الدولة ان تضبط التسعيرة في أسواق الولاية، وقال ل( عاين) ان المواطن يشكو من هذه الفوضى في التسعيرة، ويتفق مع المواطن ادم محمد ان سعر قزازة الزيت في السابق كانت 20 جنيه، واشار الي ان اصحاب معاصر الزيوت اضافوا 20 جنيه علي اي جركانة يشتريها تاجر القطاعي، ثم وصلت جركانة الزيت الي 900 جنيه، ثم تراجعت السعر الي 750 جنيه، حد علي قول بائع الزيت انه يشتري في اليوم 3 جركانات في اليوم، كي يعول الأسرة، وكيس الخضار اليوم ب 10 جنيه، ويوضح ان اسباب ارتفاع الاسعار كل تاجر (يتمسك بي حقو وما داير يفك حقو)، يرى أن الحلول تكمن في ضبط الأسعار، وتخفيض الاسعار ايضا، ولا توجد أسعار ثابتة.
في شهر يناير الماضي في السنة الجديدة ليست المرة الأولي التي يعاني منها سكان شمال دارفور من ارتفاع السلع الاستهلاكية. في أغسطس الماضي، ذكر في تقرير لراديو دبنقا من مدينة الفاشر ان ارتفاع السلع سبب معاناة كبيرة للمواطن، حيث بلغ سعر مد الدخن الي 65 جنيه، والذرة الفتريتة بلغ سعره 55 جنيه، ويشكو المواطنون من ارتفاع اسعار اللحمة، بلغ سعر كيلو اللحمة 80 جنيه، والشرموط 100 جنيه.
الاحتكار وارتفاع الأسعار
توضح كلتوم الدومة اسحق، وهي صانعة اعمال يدوية، ان دخل هذا العمل لا يكفي، وتكاليف المعيشة صارت كثيرة وصعبة. قالت اسحق لـ(عاين) ان قبل 2004 الاسعار كانت كويسة، وجبة العشاء في حدود 100 جنيه، كورة العيش 5 جنيه، كيلو اللحمة 40 جنيه، اما الان البضائع قلت وارتفع سعرها في السوق، مثالا لذلك، ان مواد الاعمال اليدوية من الصعب ان توجد في السوق، وباتت نادرة، وتبين كي تتفادى زيادة الاسعار الحالية تقول ان اسرتها تقلل من الاستهلاك اليومي، وتوقفت الاسرة من تعاطي اللبن، وبدل الاطفال ان يفطروا في المدرسة، باتوا يفطروا في البيت، ولا نستهلك الخبز، وتبديل الملاح بالزبادي، وحلة ملاح العصيدة قرابة 20 جنيه.
اتهمت كلتوم الحكومة والتجار انهم سبب هذا الارتفاع في الأسعار، مشيرة الى ان بامكان الحكومة حسم هذه الفوضى، واذا ضبط التاجر من جانب الحكومة بامكانه ان يقلل من ارتفاع الاسعار. بعض التجار احتكروا البضاعة عندما ارتفعت الأسعار وأدخلوها السوق، ثم طالبت الحكومة بوضع اسعار مناسبة للتجار، وتتمنى ان تضع الحكومة ضوابط.
من جهته صرّح والي ولاية شمال دارفور عبدالواحد يوسف قائلاً ان ولايته تعاني من ارتفاع متزايد في أسعار السلع الاستهلاكية، وأوضح أن حكومته بصدد اصدار قرار يمنع هذا الاحتكار في جميع انحاء الولاية، وبينما اتخذت حكومته حزمة تدابير الهدف منها تخفيف أعباء معيشية علي المواطن.
ويستنكر تاجر القطاعي ابراهيم ادم ابراهيم ارتفاع الأسعار، ووصولها الي هذا المستوي، إذ يقول “في ولاية شمال دارفور يزرع الدخن، والعيش، والفول السوداني”. وأضاف قائلا لـ(عاين) “لا يوجد مبرر لارتفاع الأسعار، الاسعار المتداولة في السوق غير حقيقية، ووهمية”، واتهم التجار بتخزين السلع الرئيسية في المخازن، ومذكرا أن السبب في ذلك، عدم مراقبة السلطة للتجار، في ذات الوقت اتهم التجار باحتكار الزيوت والدقيق، والسكر، ثم الدقيق،مضيفا أنها موجودة في المخازن، ويقدر ان بعض المخازن تحوي قرابة 200 جركانة زيت.
الإنتاج من أجل الاستهلاك
الفاشر تعتبر من المناطق الرائدة في مجال الانتاج الزراعي والحيواني، الا انها تفتقد الى الاستغلال الأساسي للموارد، باعتباره أساس نهضة وتنمية المناطق. في بحث نشر قبل سنوات بعنوان (التنمية الاقتصادية والاجتماعية في محلية الفاشر– ولاية شمال دارفور)، وقام بالدراسة الطالب عبدالغفار عبدالله محمد بريمة يعرف فيه مفهوم التنمية الاقتصادية، وارتباطها المعاش اليومي للأفراد، ويوضح فيه أن مفهوم التنمية الاقتصادي.
“كمـا يقـول (1975 Goulet Denis) تعنـي تنشيط الاقتصاد القومي وتحويله من حالة الركود والثبات إلى مرحلة الحركـة والديناميكيـة عـن طريق زيادة مقدرة الاقتصاد القومي لتحقيق زيادة سنوية في إجمالي الناتج القومي بمعدل يتراوح بين (3% إلى 7%) أو أكثر مع تغيير هياكل الإنتاج ووسائله ومستوى العمالـة يصحاب ذلك تناقص في الاعتماد على القطاع الزراعي وتزايد الاعتماد علـى القطـاع الصناعي والخدمي وزيادة السيولة النقدية وحفظ التوازن في ميزان المدفوعات بحيث لايزيد تصدير العملة الصعبة للخارج عن وار العملة الصعبة واستخدامها لأغراض الاستثمار”.
ويشير البحث ان الحرفة الرئيسية لسكان الولاية الزراعة، والمحاصيل المستهلكة تتمثل في الدخن والذرة الشامي وبعض الحبوب. وتشير الدراسة ايضا الي ان التنمية الزراعية في ولاية شمال دارفور، بالاخص الفاشر، لم تشهد اي تطور اقتصادي واجتماعي ملموس علما تزخر بموارد اقتصادية واجتماعية. وقد ظل النشاط الاقتصادي فيها نشاطاً اقتصادياً معيشياً، أي الإنتاج من أجل الاستهلاك.
التمويل الزراعي والإنتاجي
في فبراير الحالي ناشد النائب البرلماني عن دائرة الطويشة بولاية شمال دارفور سليمان مختار الحكومة عن الاعلان في مواجهة الفجوة الغذائية، ويجب علي الحكومة ان تتدخل سريعا كي تجد حلولا لهذه الازمة، واتهم مختار حكومة ولاية شمال دارفور انها لم تتحرك سريعا، والان الولاية تشهد هذه المأساة.
في ذات الدراسة أعلاه، تذكر أهمية دور المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في تطور القطاع الاقتصادي في الولاية والمساهمة في تنمية المجتمع. تشير ايضا ان الي البنك الزراعي يعتبر أحد البنوك المتخصصة في تمويل المزارعين والمنتجين، وهم أكبر القطاعات عضوية وقاعدة وتأثر في الاقتصاد القومي، ويقدم خدماته الائتمانية للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وذلك في شكل تمويل نقدي وعينـي.
من جانب الدراسة تشير إلى أن تجاوز الازمة في المنطقة يكمن في مضاعفة الجهود لزيادة الإنتاج والإنتاجية تأميناً للغذاء وزيادة الصادرات الزراعية مع تحقيق العائد المجزي المنتج، والتركيز على دعم قطاعات المنتج الصغير والمرأة الريفية والاسر المنتجة كأنماط أساسية لإحداث التنمية الريفية المتوازنة، إضافة إلى دعم وتشجيع صناعات المنتجات الزراعية، وتنفيذ برامج التجميع والتصنيع للآلات والمعدات الزراعية.