هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟

هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟
في عهد الانقاذ 1989، حدث توسع غير مسبوق في تاريخ السودان، وأصبحت القوات المسلحة تعتمد اعتمادا كاملا على المليشيات القبلية في مواجهة التمرد، كما فعلت مع مليشيات الجنجويد، كي تتصدى للمقاومة المسلحة 2003 -2004،

فتح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي النار في كل الاتجاهات، كاشفا عن خلافات واسعة بين المكونات العسكرية في البلاد من أجهزة أمنية وشرطية وقوات مسلحة ومليشيات، مهدداً بأن قوات الدعم السريع لن تقبل ما وصفه باستهدافها ممن أسماهم الطابور الخامس داخل النظام. وشدد حميدتي على ان قواته لن تخرج من المدن لا سيما الخرطوم من أجل حماية نفسها من المؤامرات.

وقدم حميدتي شهادة غير مسبوقة ضد كافة المكونات العسكرية في البلاد متهماً القوات المسلحة والأمن والشرطة وغيرهم بارتكاب جرائم قتل واغتصاب. ووجه حميدتي انتقادات لاذعة ضد والي شمال كردفان المطلوب للمحكمة الجنائية أحمد هارون، وقد المح إلى تورط هارون في جرائم قتل.

وقد تحدث في مقابلة تعد الأولى من نوعها من حيث الإفادات التي قدمت فيها منذ قدوم الانقاذ الي السلطة، متهما القوات المسلحة وجهاز الأمن بارتكاب جرائم قتل واغتصاب عديدة في مناطق نزاعات مختلفة في البلاد بصورة تفوق مخالفات الدعم السريع.

ويحذر مراقبون بان مواجهات باتت وشيكة بين التكوينات العسكرية للنظام في ظل تصاعد الصراعات وتشابكها مع صراع المصالح والقوى المختلفة داخل الدولة لاسيما مع اتجاه البلاد نحو انتخابات 2020.

هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟
يقول الخبير في مجال حقوق الانسان سليمان بلدو إن النظام في الخرطوم بدأ في تجنيد المليشيات لمواجهة التمرد على عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري لقمع تمرد الحركة الشعبية في العام 1983.

حماية تاريخية للخرطوم

ويرى خبراء أن النظام السوداني الذي صمم مشروعه الفكري والسياسي على تركيز السلطة والثروة في وسط البلاد ودمر القطاعات المنتجة في الريف من القطاعين الزراعي والرعوي، قد زاد من حجم الاختلالات الهيكلية والتنموية في جسد الدولة السودانية الأمر الذي وسع من رقعة الحرب على الأسس الإثنية والدينية في البلاد، مما اضطره لتخصيص ميزانيات ضخمة للدفاع عن نفسه وتجنيد مليشيات على أسس عرقية لمواجهة التمرد في مناطق النزاعات. و ارتكبت المليشيات التي كونت على أسس عرقية في جنوب السودان ، ثم تجنيد أبناء بعض القبائل العربية في دارفور وأبيي وجنوب كردفان والنيل الازرق، مجازر وانتهاكات واسعة في جبهات الحروب الواسعة في البلاد.

ويقول الخبير في مجال حقوق الانسان سليمان بلدو إن النظام في الخرطوم بدأ في تجنيد المليشيات لمواجهة التمرد على عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري لقمع تمرد الحركة الشعبية في العام 1983.

“أول استغلال للمليشيات القبلية تاريخيا في مواجهة التمرد، كان من قبل القوات المسلحة، في عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري، وكانت تسمى في ذلك الوقت القوات الصديقة، وقد كانت بترتيب من هيئة الاستخبارات العسكرية للقوات المسلحة، لمواجهة الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الراحل جون قرنق، في ذلك الوقت و الانقسامات التي حدثت في بداية تكوين الحركة الشعبية عام “1983.

ويمضي بلدو في مقابلة خاصة مع (عاين) إلى القول بأن حكومة الديمقراطية الثالثة (1985-1989) سارت على ذات الدرب وقامت بتجنيد قبائل المسيرية في جنوب كردفان والرزيقات في جنوب دارفور، الأمر الذي نتج عنه مذبحة الضعينضد الدينكا في مدينة الضعين 1987

“كرد فعل من رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الصادق المهدي، وكان أيضا وزيرا للدفاع، ووزير الدولة بالدفاع فضل الله برمة ناصر، قاموا بتجنيد قبائل المراحيل من قبيلتي المسيرية في جنوب كردفان، والرزيقات في جنوب دارفور، واستغلوها في ضرب قبيلة الدينكا كشعب، من المفهوم الضيق ان الدينكا هم قادة التمرد والعمود الفقري له، وارتكبت المليشيات فظائع دون حدود، ضد المواطنين المسالمين، وليس لهم علاقة بالجيش الشعبي، وليسوا مجندين، حرقت قراهم، واسترق النساء والأطفال من شمال بحر الغزال، في فترتي نميري والصادق المهدي”.

ويتمسك حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي بنفي تجنيد للمليشيات أو فيما عرف ب“قوات المراحيل” في الثمانينات.

بينما يرى الباحث والأستاذ المشارك بكلية القانون بجامعة لندن أحمد حسين آدم في مقابلة حصرية مع (عاين) أن القوات المسلحة التي خرجت منهكة من الحرب الطويلة في جنوب السودان، اضافة للإرهاق الذي أصاب الخزينة المركزية للدولة، رأت أن أسهل الحلول هو تشكيل المليشيات من جزء من القبائل العربية الأمر الذي قاد إلى مجازر وجرائم الحرب والإبادة في دارفور.

“الجيش جاء من حرب طويلة ومنهكة في جنوب السودان، النظام يستوعب ان الجيش ليس راغب في التصدي للحركات بالقوة، لذلك لجأ الى المليشيات الاثنية التي تنتمي إلى بعض القبائل العربية، و ليست كل القبائل العربية في دارفور متورطة في الانتهاكات ضد المدنيين، والحكومة حفزهم بامتيازات كبيرة، للاستيلاء على الأراضي، بدلا من استخدام الدواب كما في السابق، ومدهم بالأسلحة الصغيرة”.

هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟

دولة المليشيات

ويمضي متحدثوا (عاين) للتأكيد بأن تجنيد المليشيات اتسع أفقيا ورأسيا عقب قدوم الانقاذ للسلطة واستمرت الأوضاع في تدهور إلى أن أصبحت المليشيات نفسها دولة داخل الدولة في ظل تجاهل للقوات المسلحة. ويرى المتحدثون بأن الدعم السريع هو النسخة الاخيرة والأسوأ من صور ومسميات مليشيات الجنجويد التي حولت إلى حرس الحدود وتم هيكلتها تحت قيادة للقوات المسلحة لاخفاء اثار جرائمها ثم جاءت مرحلة الدعم السريع الذي انتقل من العمل تحت قيادة جهاز الامن الى القوات المسلحة ثم أصبحت تابعة لرئاسة الجمهورية مباشرة في الفترة الأخيرة.

ويقول بلدو أن القوات المسلحة في عهد الإنقاذ أصبحت تعتمد اعتمادا كاملا على المليشيات حتي أصبحت تهدد الدولة نفسها.

“في عهد الانقاذ 1989، حدث توسع غير مسبوق في تاريخ السودان، وأصبحت القوات المسلحة تعتمد اعتمادا كاملا على المليشيات القبلية في مواجهة التمرد، كما فعلت مع مليشيات الجنجويد، كي تتصدى للمقاومة المسلحة 2003 و 2004، السلطة المركزية قامت بتجنيد هذه القبائل ومدها بالسلاح، في عقاب جماعي للقبائل التي ينتمي اليها ابناء الفور والزغاوة والمساليت، نتيجة لذلك عوقبت هذه الشعوب عقابا جماعيا”.

وفي ذات السياق يحمل أحمد حسين مسئولية توسع نفوذ تلك المليشيات لمسئولين بعينهم في الدولة، مشيرا إلى أن المليشيات أصبحت المسؤول الحصري عن حماية النظام.

“مسألة تكوين مليشيات الجنجويد في دارفور بدأت عن طريق نائب رئيس الجمهورية السابق حسبو محمد عبدالرحمن هو ممثل الجنجويد في رئاسة الجمهورية، مليشيات قوات الدعم السريع هي النواة او التكوين الاخير من فصول الجنجويد، في البداية كانت تحت امرة جهاز الامن والمخابرات الوطني، والان تحت قيادة رئاسة الجمهورية”.

هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟

جيش الرئيس

ومع تضافر عوامل العزلة الداخلية للنظام واتساع رقعة العمل المسلح وتظاهرات المدن في البلاد، اندفع النظام بصورة أكثر شراسة نحو تكوين المليشيات وتوسيع مهامها ونفوذها، ورفع قدراتها التسليحية والعملياتية في كافة أرجاء البلاد. ومنذ تشكيلها اندفعت مليشيات الدعم السريع تحت رعاية رئيس الجمهورية شخصيا للانتشار في المدن لمنع أي انتفاضة محتملة تحت ضغوط القهر السياسي والغلاء، اضافة  الى تسارع وتيرة الصراعات الداخلية مع اقتراب انتخابات 2020.

وبدأت حدة الصراعات الداخلية بين مكونات النظام في الظهور إلى العلن مؤخرا على شكل حملات محاربة الفساد فيما عرف بحرب “القطط السمان” ، وحلاقة رؤوس الشباب التي تبرأت منها كافة المكونات العسكرية للنظام بما فيها الدعم السريع نفسه.

ويقول أحمد حسين في هذا السياق ان البشير بات يعتمد اعتمادا كاملا على الدعم السريع لحمايته في ظل انفراط وعدم ثقة في منظومة المجموعة الحاكمة وتصاعد خلافاتها.

“الرئيس البشير يرى الدعم السريع قوة حامية له في هذه الفترة، لا سيما فقد أصبح خائفا من كل شيء، حتى الجيش العقائدي الذي أتى به، النظام يفتقد للاستراتيجية، لكن له القدرة على الاستمرار والبقاء والمحافظة على الوجود، والحكومة تعتقد أن المليشيات تساهم في استمرارها في الحكم، والرئيس عمر البشير يثق في قائد قوات الدعم السريع حميدتي، باعتبارها توازن للقوى وتحمي النظام، لكن النظام يتعامل بحذر شديد مع المليشيات وبدقة.

ويقول بلدو ان قوات الدعم السريع التي انتشرت في معظم المدن أصبحت مشكلة ومهدد أمني بحد ذاتها، مشيرا إلى مخالفة وجودها للاتفاقيات الدولية  وتهديدها لأي حراك سلمي معارض للنظام.

“قوات الدعم السريع، أصبحت قوة يعتمد عليها النظام للبقاء في السلطة، مثلا عندما بدأت الدولة في اجازة ميزانية 2018، استدعت الحكومة قوات الدعم السريع ونشرتها في عدة مواقع في العاصمة الخرطوم، كي ترسل رسائل للمعارضين وغيرهم، انها لن تكون مقبولة، وعمر البشير نفسه يريد إعادة الترشح مرة أخرى، أي تظاهرات سيتم التصدي لها بقوة ستتصدى لها بقوة كما حدث في عام 2013”.

 هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟

حميدتي يشعر بالخطر

ويقول الخبير العسكري عبدالعزيز خالد ان اتهامات حميدتي للأجهزة النظامية الاخرى مثل القوات المسلحة والأمن بارتكاب جرائم قتل واغتصاب يعد صحيحا، لجهة انه – أي حميدتي – قال ما يعلمه باعتباره جزءا من النظام. مشددا بالقول ان تصريحات حميدتي مجردة من الأغراض، “الراجل قال النصيحة البعرفها”.

ويفسر خالد في تصريح لـ(عاين) خروج حميدتي للعلن بمثل تلك التصريحات إلى شعوره بالخطر والاستخدام السئ من قبل البشير ومليشيات الحركة الاسلامية لقوات الدعم السريع وارتكاب كافة الجرائم من خلف ستار الدعم السريع.

ويمضي الخبير العسكري للتأكيد بان “قوات حميدتي مليشيا من مليشيات الجبهة الاسلامية مثل الدفاع الشعبي، التي يتم استخدامها لتغطية الأعمال السيئة التي تقوم بها كوادر الجبهة الاسلامية مثل ضرب شباب سبتمبر وحلاقة الرؤوس وسط الخرطوم وكافة هذه المظاهر تقوم به الجبهة الإسلامية التي تحتكر الاسلحة داخل بيوتها وعندما عرف حميدتي أنه متهم بجناية لم يرتكبها خرج وقال الحق”. ويضيف خالد بان اغلاق البرنامج الذي خرج به حميدتي ليدلي بشهادته الصادقة للجمهور تعد دليلا إضافيا على انزعاج دوائر كثيرة داخل السلطة من تصريحاته التي فضحت الكثير.

“حميدتي نفسه لم تتح له الفرصة لتوضيح الرأي إلا عبر قناة الطاهر وهي الوحيدة التي عبر عبرها حميدتي لذلك اغلق البرنامج”.

ويدعو عبدالعزيز خالد إلى تحقيق أكثر شفافية بشأن قتلي تظاهرات سبتمبر بعد أن برأ حميدتي قواته من تلك المجزرة، مرجحا تورط مليشيات التنظيم الخاصة بالجبهة الاسلامية في قتل متظاهري سبتمبر.

“لاول مرة الناس تعرف ان حميدتي او الدعم السريع لم يقومو بضرب الشباب في سبتمبر. هذا يعني ان هنالك جهة اخرى هي من أطلقت الرصاص على شباب سبتمبر وعلى الناس أن تبحث عنها خاصة بعد أن حدد حميدتي المهام المناطة بقواته”.

هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟
ويقول الخبير العسكري عبدالعزيز خالد ان اتهامات حميدتي للأجهزة النظامية الاخري مثل القوات المسلحة والأمن بارتكاب جرائم قتل واغتصاب يعد صحيحا، لجهة انه -أي حميدتي- قال ما يعلمه باعتباره جزءا من النظام. مشددا بالقول” تصريحات حميدتي مجردة من الأغراض “الراجل قال النصيحة البعرفها”.

مواجهة

ولا يستبعد عبدالعزيز خالد حدوث مواجهات مباشرة بين المكونات العسكرية للنظام بسبب تأكد حميدتي من استخدام النظام له وشعوره بامكانية استبعاده مثلما حدث لموسى هلال وغيره من قادة المليشيات. ويمضي خالد للاشارة بأن خروج حميدتي للعلن وتصريحاته الأخيرة دليل على استيعابه للعبة. وتوقع الخبير العسكري أن تحاول مليشيات الجبهة الاسلامية التي وصفها بأنها اللاعب الأساسي التخلص من حميدتي.

“السلطة السياسية تريد ان توجه الانظار صوب حميدتي لذلك خرج ونفى وقوات الجبهة الاسلامية هي اللاعب الاساسي في كل هذه الفوضى ولكن البشير يتخذ حميدتي للتغطية على الأعمال التي تقوم بها المليشيات وسيتم التخلص منه وقتما شاء”.

واتسعت مهام الدعم السريع في الآونة الاخيرة عقب نشرها في كافة انحاء البلاد وتكليفها بمهام اضافية الى جانب محاربة التمرد مثل محاربة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر ليبيا وما يصاحبها من جرائم الاتجار بالبشر،  حماية الحدود السودانية مع أريتريا وتشاد ومصر، القيام بحملة جمع السلاح في كافة ولايات السودان، محاربة تجارة المخدرات ، محاربة التهريب ، حماية بعض مواقع تعدين الذهب مثل جبل عامر ، وغيرها من المهام التي تتداخل مع اختصاصات الأجهزة النظامية الاخرى كالجيش والأمن والشرطة. كما شملت مهام الدعم السريع – في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ السودان – في حرب اليمن.

ومع اتساع وتشعب وتداخل مهامها بدأت قوات الدعم السريع في الدخول في عدة مناوشات وصراعات مباشرة مع القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الامنية في عدد من المناطق في السودان. ومع حالة عدم الانضباط العسكري لتلك القوات بحسب طبيعتها القبلية اتسعة رقعة المواجهات تدريجيا لتشمل مناطق مختلفة مثل المواجهات التي وقعت في منطقة الجيلي شمال الخرطوم في ديسمبر 2014 ، كما شملت المواجهات إقليم دارفور مثل مدن زالنجي في مارس 2017، منطقة مستريحة بشمال دارفور ضد مليشيات حرس الحدود بقيادة موسى هلال التابعة للقوات المسلحة، عد الفرسان بولاية جنوب دارفور في فبراير 2018، كتم بشمال دارفور في سبتمبر 2018، اضافة الى مناطق أخري بوسط السودان بينها العاصمة الخرطوم مثل المواجهات التي وقعت بين قوة من الدعم السريع والأجهزة الامنية بمطار الخرطوم في في أغسطس 2018 مثل المواجهات التي وقعت بين الدعم السريع من ناحية وقوات الشرطة والجيش في منطقة القطينة بولاية النيل الأبيض في نوفمبر 2016، وفي يوليو 2016 اشتبكت قوات حميدتي مع الشرطة في مدينة نيالا بجنوب دارفور وطردتها من أحد أقسام الشرطة بالمدينة.

موازين القوى لصالح الجيش

ويرى مراقبون أن موازين القوى تميل إلى صالح القوات المسلحة دون مواربة في حال حدوث مواجهات مباشرة بين الدعم السريع والنظام، لا سيما في ظل تعدد المواجهات بين الدعم السريع والمواطنين في عدد كبير من مدن البلاد وبالأخص في مناطق النزاعات.

ويشدد عبد العزيز خالد على ان لا فرص لحميدتي في القدرة على مواجهة النظام في حالة نشوب مواجهات مباشرة بينه القوات المسلحة عقب التصريحات الأخيرة، حاثا القوات المسلحة على ضرورة لعب دورها التاريخي في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ السودان لا سيما عقب تغييبها المتعمد لمدة ثلاثين عاما.

 “لا حميدتي لاغيره يمكن ان يعمل شي في السودان غير الجيش وعلى القوات المسلحة ان تعي ان لها دور يجب أن تقوم به لمصلحة هذا الوطن وليس الصمت الذي طال  ثلاثين عام. ويستدرك الخبير بأن حميدتي ربما يحاول تفادي مواجهة القوات المسلحة في الفترة المقبلة، لأنه يعلم أنه لا يستطيع ذلك.

“حميدتي يعلم قدره جيداً لذلك لن يقدم على الاحتكاك مع الجيش وحتى اذا ما احتك الغلبة ستكون لمصلحة القوات المسلحة لأنها قوة رسمية”.

يشدد عبد العزيز خالد الى ضرورة ان تسيطر القوات المسلحة على الأوضاع الأمنية في البلاد لضمان الاستقرار المستقبلي للبلاد، مشيرا إلى ضرورة تفكيك كافة الميليشيات والأجهزة الأمنية والحزبية وابقاء أمن واستقرار السودان في يد القوات المسلحة فقط.

“مستقبل السودان مرتبط بالقوات المسلحة، مافي قوة غير الجيش ستكون لها السيطرة في كل الأحوال لا دفاع شعبي لا حميدتي ولا الأمن حتى”.

هل باتت المواجهة بين مكونات النظام وشيكة؟
نيران صديقة

ولم تتوقف نيران الاصدقاء القادمة من قوات الدعم السريع في داخل البلاد، بل اشتبكت أيضا في أكتوبر من العام 2017 مع القوات الاماراتية التي تشارك بجانبها في حرب اليمن ما أدى إلى مقتل أربعة عشر جنديا سودانيا وثلاثة ضباط إماراتيين في المعارك التي وقعت في مدينة المخا اليمنية، قبل أن يتم احتواء الأزمة من قبل قيادتي البلدين.

ووصلت تفلتات الدعم السريع إلى درجة الاقتتال الداخلي على أسس عرقية بين وحداتها العسكرية نفسها المكونة في مجملها من قبائل عربية مختلفة تسيطر عليها قبيلة الرزيقات وبصورة أكثر تحديد عشيرة الماهرية التي ينتمي إليها زعيم الدعم السريع الحالي محمد حمدان حميدتي، فيما تعزو بعض التقارير تلك الصراعات الداخلية الى ردود الأفعال العنيفة التي أعقبت القبض على موسي هلال زعيم عشيرة المحاميد التي تعتبر ايضا من بطون قبيلة الرزيقات في نوفمبر 2017.

ويقول الخبير في مجال حقوق الإنسان وكبير الباحثين في منظمة كفاية الامريكية سليمان بلدو ان مليشيات الدعم السريع التي قامت بالأساس على أسس قبلية بدأت في الصراع بينها من أجل السيطرة على القوات ودعم كل منها لقبيلته إذ لا توجد أيديولوجيا أو عقيدة عسكرية مشتركة تجمع تلك القوات، محذرا من مخاطر انقسام تلك المليشيات على نفسها على أسس قبلية.

“إن أخطر الافرازات المباشرات لهذه المليشيات، عند حدوث صراع قبلي تقليدي، تنقسم هذه المليشيات، وتذهب الى مساندة أفراد قبيلتها، بأسلحة توفرها الدولة، من دون محاسبة لسلوكهم على أفراد الطرف الآخر، من سرق وتدمير للممتلكات، والسبب الآخر، هو إضعاف هيبة الدولة، ومؤسساتها، وانظمة الضبط والمتابعة الدولة، ومسؤوليتها كدولة”.