هجوم صيفي متبادل بين الجيش الحكومي والجبهة الثورية

 

هجوم صيفي متبادل بين الجيش الحكومي والجبهة الثورية٢٠ يناير ٢٠١٤

تشهد الفترة الصيفية في كل عام تصاعداً في وتيرة الهجمات بين الحكومة السودانية والمتمردين. وغالبا ما تكون هذه  الهجمات في شكل كر وفر بين الطرفين. فتارة يقوم الجيش الحكومي بشن سلسلة من الهجمات علي الجبهة الثورية في محاولة لاجبارها على التراجع، بينما تقوم الاخيرة بتركيز جهدها للتصدي لهذه الهجمات. ومن ثم نقل المعارك الى عمق المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ووضع الجيش السوداني من حالة الهجوم الى حالة الدفاع تارة اخرى.  وقد اصبحت هذه من الاشياء التي تتكرر مع مطلع كل صيف.

في ١٢ نوفمبر الماضي دخل ما يقارب الـ٢٧٠ جندياً من قوات الجبهة الثورية إلى بلدة كرتالا التي تبعد عدة كيلومترات جنوب الدلنج، ثاني أكبر مدينة في ولاية جنوب كردفان والواقعة تحديداً في الطريق الوحيد  بين كادوقلي، عاصمة الولاية، والأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان. و سرعان ما تقدمت الجبهة الثورية وحاصرت مناطق في شمال كردفان لتبدأ بذلك أولى الجولات العسكرية الصيفية.

وفي الوقت الذي قامت دفاعات الجيش السوداني بصد هجوم الجبهة الثورية على الدلنج قامت الجبهة الثورية بمفاجأت القوات الحكومية بإجتياز حدود الولاية إلى شمال كردفان وشن هجوم آخر في ١٧ نوفمبر على بلدة أبو زبد في اول هجوم من نوعه في الولاية الواسعة التي ترتبط بطريق مباشر بالعاصمة الخرطوم. وهو ما دفع الجيش السوداني للاستماتة في قصف المدينة جواً حتى انسحبت الجبهة الثورية منها بعد فقدانها القائد الثاني للعمليات في حركة العدل والمساواة فضيل محمد رحومة. ورغم الإنسحاب من أبو زبد، إلا أن الخسائر  لم تقتصر فقط على جانب الجبهة الثورية، خاصة وانها تمكنت من الاستيلاء على ٣ دبابات و ٢٠ مركبة عسكرية أخرى تابعة للجيش في هجوم استهدف منطقة أم كريشة الواقعة غرب جنوب كردفان في ٢٦ من نوفمبر.

و في اليوم نفسه، اي ٢٦ نوفمبر، وفي جبهة اخرى من جبهات القتال، استولت الجبهة الثورية على ٣ شاحنات محملة بالأسلحة الخفيفة تتبع للجيش السوداني في كمين بمحلية باو في ولاية النيل الأزرق. و قتل في الكمين ٥ جنود نظاميين، بينما فقدت الجبهة الثورية جنديان من جنود الحركة الشعبية – شمال. هذا وانحصرت العمليات العسكرية في ولاية النيل الأزرق خلال شهر ديسمبر على كمين آخر نصبته قوات الحركة الشعبية – شمال في بورقو، جنوب الدمازين عاصمة الولاية. و إستولت خلاله على عربة واحدة من طراز لاند كروزر تابعة للجيش كانت محملة بعدد من الأسلحة الخفيفة. 

و في ٩  ديسمبر قام الطيران الحربي السوداني باستهداف بلدة كيجا الخيل والقرى المجاورة لها قبل أن تقوم أعداد كبيرة من المركبات الناقلة للجنود والتابعة للجيش الحكومي بدخول البلدة وتدميرها بشكل كامل. بعض النازحين من سكان البلدة التي يسكنها قرابة ٣٠٠٠ نسمة، تحدثوا لمراسل (عاين) وأعطوا وصفاً للهجوم الأرضي الذي قام به الجيش قبل أن تقوم الجبهة الثورية بإستغلال عمليات النزوح ومهاجمة الجيش في البلدة المدمرة. إلا أن الأنباء الواردة لـ(عاين) حول نتيجة هذه المعركة غير واضحة.

دفعت هذه الهجمات المتكررة الجيش الحكومي للتمركز حول محلية هيبان. وكانت هذه القوات تخطط للاستيلاء على كاودا، معقل الجبهة الثورية ومقر قيادتها العسكرية، انطلاقاً من الفرشة. و لم تسجل أي هجمات لفترة قاربت ١٠ أيام، إلى أن عكر صفو حالة الهدنة غير المقصودة بين الطرفين هجوم قصير استمر لعدة دقائق من قبل الجيش السوداني استهدف بلدة أنقارتو بمحلية هيبان. ورغم صغر المعركة، تكمن أهمية الهجوم في أنه استهدف منطقة تبعد ٣٠ كيلومتراً فقط عن كاودا. وقد تصدت الحركة الشعبية – شمال إلى الهجوم ودفعت القوات الحكومية للإنسحاب حتى تلودي، في حين عززت الحركة من سيطرتها على بلدة أنقارتو. 

ومع بداية العام الجديد، حصل تغيير تكتيكي مفاجئ للجيش السوداني بالتخلي عن الهجوم على كاوده و تكثيف حدة الهجمات على عدة مناطق اخرى من بينها طمبيرة، مندي، أم برمبيطة، وديلامي. وكانت اكبر هذه المعارك يوم الرابع من يناير التي هاجم فيها الجيش السوداني قوات الجبهة الثورية في طروجي و قد استمر القتال قرابة الـ٢٤ ساعة. وصرح المتحدث العسكري باسم الجبهة الثورية، قادي ريمبوي، بأن ٨ متحركات من الجيش السوداني تألفت من حوالي ٣٠٠ مركبة لاند كروزر و١٠ دبابات انطلقت من بلدة خرسانة بالقرب من هجليج باتجاه طروجي الواقعة في الطريق الواصل بين جنوب كردفان وحدود جنوب السودان. وكانت (عاين) قد نشرت تقريراً مفصلاً حول معركة طروجي بعد زيارة ميدانية لمراسلها الذي شاهد  أكثر من ١٠٠ قتيل من افراد الجيش الحكومي وقتيلين من الجبهة الثورية. كما تمكن المراسل من التعرف على دبابتين بالاضافة الي ١٠عربة لاندكروز مدمرة تتبع للجيش الحكومي. يمكنك الإطلاع علي التقرير المفصل حول معارك طروجي عبر الرابط التالي: 

https://3ayin.com

 في ٨ يناير تحركت الجبهة الثورية الى دلامي. و ادلى ارنو نقتلو لودي الناطق الرسمي بإسم الحركة الشعبية – شمال بان هذه بداية تحول الهجوم الصيفي لصالح الجبهة الثورية. و عادة تستمر هجمات الصيف حتى تقفل الطرق بسبب الامطار في يوليو. وعندها يمكن حصر الانجازات و الاخفاقات لدى الطرفين. و فيما يبدو فان حكومة المؤتمر الوطني تحتاج لانجازات عسكرية لتحسين صورتها مع بدأ الاستعداد لانتخابات ٢٠١٥ خصوصاً مع اشتعال الحرب في جنوب السودان الذي ادى لمزيد من التدهور الاقتصادية في السودان. يضاف الى ذلك التعهدات المتكررة للبشير عن ما سماه بحسم التمرد قبل نهاية صيف العام الحالي. و الايام وحدها الكفيلة لمعرفة من يكسب هذه الجولة.

 This is debug window. Set define(‘DEBUG’, FALSE) in config.php file to hide it.