مليشيا الدعم السريع ينشرون الرعب شمال الخرطوم

 

– شبكة عاين – ٧ سبتمبر ٢٠١٥ –

ساعات من الرعب والفوضي عاشتها منطقة الجيلي شمال الخرطوم نهار السبت الماضي بعد ان سيطرت قوات الجنجويد على الشارع الرئيسي بقوة السلاح وقطع الطريق السفري بين الخرطوم وعطبرة وشن هجوم مسلح على المواطنين وسلب ما خف وزنه وغلا ثمنه من ممتلكات المواطنين والاعتداء على المحال التجارية.

روايات شهود العيان، اكدت ان ما تم عمل فوضي جرى تحت ناظري قوات الشرطة التى لم تحرك ساكنا تجاه عمليات السلب التي بدأها جنود يتبعون لقوات الدعم السريع اتوا الى الشوارع الرئيسية قرب مصفاة الجيلي والسوق الرئيسية في المنطقة من معسكرهم الواقع شرق المصفاة، بغرض النهب بعد تاخر رواتب لاكثر من اربعة ايام.

شهود العيان : سرقة المواطن بقوة السلاح

وبحسب الشهود لـ(عاين) فان افراد الجنجويد انتشروا وهم مدججين بالسلاح على الشارع الرئيسى ومنعوا موظفي المصفاة من الدخول او الخروج الى عملهم، قبل ان تشرع مجموعة اخرى في توقيف السيارات الخاصة والبصات السفرية القادمة او المغادرة من والى الخرطوم وتفتيش ممتلكات المواطنين ونهب هواتفهم النقالة ونقودهم.

وابدى المواطنون اصحاب المحلات الذين تعرضوا لعمليات السلب استغربوا من عدم تحرك السلطات والعمل على منع هؤلاء الجنود من ممارسة النهب في وضح النهار، ويقول صاحب مطعم في سوق الجيلي لـ (عاين) ان المسلحين بدأوا عمليات توقيف السيارات والنهب من وقت مبكر من صباح السبت، ويضيف (استمر الامر لساعات رغم تبليغ شرطة المنطقة بالحادثة الا ان احد لم يتحرك والتزمت قوات الشرطة ثكناتها كأن شيئا لم يكن).

جهاز الامن يصف الاحداث بانها تصرفات غير مسؤولة

وفي اول تعليق له حول الحادثة، قلل بيان صادر عن دائرة الاعلام بجهاز الأمن والمُخابرات الوطني من الحادثة، وقال ان مستجدي مُعسّكر تدريبي في منطقة الجّيلي شمال قاموا بالخُروج مِن المعسكر وقطع الطّريق العام وعرقلة حركة السير فيه، بسبب تأخُّر صَرْف مستحقاتهم المالية.

واشار البيان، الى ان الجنود اتو ببعض التصرفات غير المسؤولة في مواجهة بعض المواطنين ومستخدمي الطريق وقال انه زمن قياسي تمت معالجة الأمر وإعادة الأمور الى نصابها وتشكيل مجلس تحقيق للإستقصاء وتقديم كافة المخالفين الى المحاكم العسكرية.

وعبر خبير عسكري وهو برتبة عميد فضل حجب اسمه لـ (عاين) عن استغرابه على ما اقدمت عليه مليشيا (الدعم السريع) التي قال انها هي في الاصل تجمع مليشيات قاتلت الى جانب صفوف القوات الحكومية في دارفور واشرف عليها جهاز الامن مؤخرا وانضم اليها مفصولون من القوات المسلحة، ويشير الى ان ما جاءت به هذه القوات وما ظلت تنتهجه منذ وقت طويل من سلب ونهب هو ديدنها بالنظر الى طبيعة تكوينها وثقافة منسوبيها في تدبير امورهم المالية او ما يعرف ب(الغنائم)، ويقول ان هذه القوات في ثقافتها خلال مشاركتها في القتال في دارفور لا تتورع تجاه عمليات السلب والنهب لممتلكات المواطنين وان سجل مليشيا الدعم السريع حافل في هذه العمليات، ويضيف “هناك عشرات الاحداث التي تورطت فيها هذا القوات من عمليات قتل ونهب واسعة في اقليم دارفور وتحولت الى جبال النوبة ايضاً والان في الخرطوم”.

نهج قوات الدعم السريع قائم على مثل لا اخلاقية

ويشير الخبير العسكري الى ان هذا النهج كان بالامكان ان يتبدل بعد ان تم وضع مليشيا الدعم السريع تحت مظلة قانونية بانضمامها اداريا الى جهاز الامن والمخابرات الوطني، ويقول (لكن الامر يبدو انه خارج السيطرة وحادثة الجيلي  ليست الاولى ولن تكون الاخيرة في سجل هذه القوات)، ويعتقد ان الثقافة والمثل التي ينتهجها افراد مليشيا الدعم السريع في دارفور تم بموافقة الحكومة وتحريضها للقيام باعمال السلب والنهب لارهاب المواطنين، ويرى ان هذا النهج قائم على سلوك لا اخلاقي، ويقول (لن يتخلى جنود وقادة هذه القوات عن هذا السلوك اللاخلاقي باعتبار انه سمة تكوينها وتزيد منها حالة السيولة الادارية وعدم الانضابط الى جانب حالة الزهو التي تنتابها بعد الانتصارات التي يزعم النظام انه حققها بفضل مليشيا الجنجويد في القتال في دارفور وجنوب كردفان).

ويقول الخبير العسكري ان قانون القوات المسلحة السودانية او اي قوات نظامية اخرى يمنع الاحتجاج ناهيك عن التجمع والخروج الى الشارع واستخدام القوة للتعبير عن هذا الاحتجاج، ويشير الى ان الجيش السوداني اي تجمع لاي خمس افراد يعتبر تمردا، ويضيف ( لكن الافراد يقدمون شكاواهم بشكل فردي وفقا للطرق المعروفة في الجيش، وان يتم رفع التظلم الى الحكمدار ومن ثم الى القائد بصورة فردية خلال ثلاثة ايام).

ولكن ان تنتقل مشاهد ممارسات هذه القوات الى ضواحي الخرطوم فهذا خطر كبير- والحديث للخبير العسكري – الذى يرى فيه نذر لتكرار ممارسات فوضوية لهذه القوات في مناطق النزاعات بالبلاد في ظل عدم وجود جهة مسؤولة عن هذه القوات تاتمر لأوامرها، ويشير الى انه في معظم الحالات المشابهة في وقت سابق احتكمت الحلول الى قادة هذه القوات عبر التفاوض وحل المسائل وديا ولم يسمع احد بتحقيق او اخضاع من تسببوا في ذلك الى القانون، ويرى ان وجود هذه القوات في معسكرات قريبة من المواطنين تعرضهم من وقت لآخر للسكان وينذر بخطر امني، ويعود ليقول (هذه قنبلة موقوتة لاسيما وان ممارسات هذه المليشيا معروفة في دارفور وقد رفض والي شمال كردفان احمد هارون بقاءها في ولايته وقام بطردها).

وما يزيد من خطر هذه القوات وخروجها عن القانون حيث يقول ناشط حقوقي  طلب عدم ذكر اسمه وهو يتحدث لـ (عاين) لاسباب امنية، حالة “التدليل ” الذى تمارسه الحكومة تجاه هذه القوات هذا الى جانب ان تكوينها البعيد عن اسس “العسكرية”، ويضيف (هذه قوات تقاتل من اجل المال وهذا لا يخفى على احد فعدتها وعتادها يفوق الجيش السوداني واي قوة نظامية أخرى).