كسلا تحتضر تحت وطأة الاوبئة

كسلا تحتضر تحت وطأة الاوبئة

#كسلا_تحتضر، هاشتاق أطلقه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في السودان خلال الأيام القليلة الماضية تضامنا مع ضحايا الاوبئة التي ضربت ولاية كسلا وراح ضحيتها عدد من المواطنين دون تدخل ملموس من قبل السلطات الصحية الولائية والاتحادية في البلاد. ورغم أن الولاية تعاني تاريخيا من أمراض مزمنة مثل السل والملاريا التى وصلت إلى معدلات عالية حتى كون المواطنون خبرة محلية في كيفية التعامل معها في ظل الغياب التاريخي للسلطات الصحية، إلا أن ظهور حمى الشيكونغونيا، مثل قاصمة ظهر كحالة جديدة غير معهودة لديهم. ولم تكن تلك الحمى هي الوباء الوحيد الذي ضرب الولاية إذ صاحبه ظهور حالات للحمى النزفية أدت لوفاة عدد من المواطنين في مدينة كسلا والقرى المجاورة لها.

وفيما تفاوتت أعداد الوفيات، تشير الاحصائيات الى تجاوز الإصابات 6000 حالة بالشيكونغونيا، حسب إدارة الطوارئ بوزارة الصحة الاتحادية. المرض انتشر الى مناطق خارج ولاية كسلا وسط تحذيرات من انتقاله إلى ولايات أخرى مجاورة إضافة لولاية الخرطوم المكتظة بملايين السكان، في وقت كشف فيه مواطنون عن اخفاء جهات غير معلومة للادوية مما أدى لنُدرتها وارتفاع اسعارها الي حوالي المائتي جنيه.

ورغم ازدياد الإصابات، وامتلاء أسرة المستشفيات والمنازل، ما تزال وزارة الصحة الاتحادية تقف مكتوفة الأيدي، في وقت يعجز فيه المواطن من القيام بتكلفة العلاج حيث وصلت الخطورة الى اصابات تجتاح كل أفراد العائلة الأمر الذي يعطل امكانية رعايتهم لبعضهم البعض. ورغم تكاثر الاوبئة على الولاية بشكل غير مسبوق إلا أن الحكومة السودانية تصر على عدم إعلان حالة طوارئ صحية في الولاية لوقف انتشار المرض وتمكين المنظمات الصحية العالمية من التدخل لاحتواء المرض.

كسلا تحتضر تحت وطأة الاوبئة

ماهو الشيكونغونيا؟

تُعرف منظمة الصحة العالمية هذا المرض بالقول الشيكونغونيا مرض فيروسي ينتقل إلى البشر عن طريق حشرات البعوض الحاملة للعدوى، والمرض يسبّب حمى وآلاماً مبرّحة في المفاصل. ومن أعراضه الأخرى الآلام العضلية والصداع والتقيّؤ والتعب والطفح الجلدي؛ إن الآلام المفاصل تكون مهلكة وتختلف في مدتها. ويظهر المرض بعض العلامات السريرية المشتركة مع حمى الضنك، كما يمكن أن يُشخّص خطأً في المناطق التي تنتشر فيها حمى الضنك لا يوجد دواء شاف من المرض ويركّز العلاج على تخفيف حدة الأعراض إن وجود أماكن تكاثر البعوض على مقربة من مساكن الناس من عوامل الخطر الرئيسية المؤدية إلى الإصابة بـ الشيكونغونيا محددة بأن المرض يحدث المرض في أفريقيا وآسيا وشبه القارة الهندية. ومع ذلك، ظهرت في عام 2015 بصورة متفشية في الأمريكتين.

البعوضة الًزاعجة

رغم هذه المعلومات لم يجاوب الطب السوداني على سؤال: من أين اتى المرض؟ أو متى ظهرت أولى الحالات في السودان؟ يقول الطبيب نور الدين علي من مستشفي كسلا لـ “عاين” ان اسباب المرض هو انتشار الذباب و البعوضة الزاعجة المصرية. قائلاً “ظهرت أول حالة قبل شهر وخمسة أيام من الآن. تظهر أعراضه حمى ، ألم في المفاصل وطفح جلدي، طمام يصل فيها الم الفاصل لدرجة انو بيكون في عدم قدرة على الحركة نتيجة للالم المبرح“، موضحاً انه مرض ليس بقاتل ولكن تتمثل خطورته في أنه قد يبقي إلى شهور أو سنوات بألم في المفاصل. قاطعا أنه ليس هنالك أي دليل على الجهة التي اتى منها هذا المرض. يواصل علي ويقول المرض مافي دليل على ظهور أول حالة كانت متين لكن الاعراض هي اعراض الشيكونغونيا خاصة أن كل الفحوصات التي أجريناها أكدت ذلك“. ويضيف الطبيب أن بعوضة الزاعجة المصرية متوفرة بكسلا من زمن، فالغالب ان يكون المصاب خارج كسلا وجاء يحمل المرض، ويؤكد أن الحالات التي تم استلامها بشكل رسمي حتى لحظة إجراء هذا الحوار كانت 6000 حالة قابلة للزيادة، مع انعدام تام للعلاج.

أما بخصوص العلاج اكتفي الطبيب بالقول “نحن بس بندي المرضى محاليل وريدية و مسكنات الم حقن وحبوب كوقاية“، موضحاً أن وزارة الصحة هي الجهة التي أكدت حالات الأصابة بالمرض عبر الفحوصات بجانب  التزامها توفير العلاج والكوادر الطبية مجاناً بنسبة كبيرة (محاليل وريدية و مسكنات حقن و حبوب). ويصف الطبيب الجانب الوقائي “الرش الذبابي قاموا بيهو بس الاصحاح البيئي ماف مجهود واضح و الخريف الأمطار ‘تزيد الطين بلة’ ولا يوجد دور للمحليات انها ردم البرك و تجفيفها. الدور العلاجي هو هدر للموارد لانو الحالات دي الاساس فيها هو محاربة الناقل. لانو ما ممكن انا اخلي المرض يجيك و اجي اساعدك بعد تمرض لمرض اكيد عندو علاقة بالخريف لانو الناقل دورة حياته فيها دورة مائية أي مياه الأمطار دي السبب الأساسي

“مرض الكنكشة”

يقول المواطن ضياء الدين ادم احد ضحايا المرض لـ(عاين) “عندي حمى ووجع في المفاصل وصداع وتعب مشيت المستشفى لكن ما رقدت؛ جيت رقدت 6 ايام في البيت بالأوجاع. وعرفنا انو مافي علاج للمرض إلا الصبر وكده” . وذهب ضياء الدين الى مستشفى كسلا التعليمي لكنه تفاجأ بعدم توفر اي نوع من العلاجات لهذا المرض “مشيت مستشفى كسلا التعليمي وقابلت الدكتور وادونا درب ومسكن بس وبرضو الادوية اسعارها مرتفعة شديد اشترينا الحقنة المسكن ب 20 ودربات بي 30 مافي علاجات من المستشفى. موضحاً أن المرض اصاب كافة افراد عائلته بسبب انتشار البعوض خاصة أنهم لم يتمكنوا من القيام بأي ردميات وانه ليست هنالك أي جهة رسمية. و اكتفي ضياء بدعوى االله لتخفيف المرض مناشدة جهات الاختصاص والمتطوعين بالاتجاه ناحية كسلا لمساعدة الناس.

كسلا تحتضر تحت وطأة الاوبئة
ميسرة عثمان: “شعرت بالملاريا وحمى إضافة لصداع تقيل مشيت للفحص لقيت كمية صفوف تقيلة وعرفت أن هذه وباء ظاهر جديد بكسلا واسمو الكنكشة”

متاجرة في الوباء

وذهب في ذات الاتجاه المريض ميسرة عثمان .قائلاً “شعرت بالملاريا وحمى إضافة لصداع تقيل مشيت للفحص لقيت كمية صفوف تقيلة وعرفت أن هذه وباء ظاهر جديد بكسلا واسمو الكنكشة“. وأختار ميسرة الاستشفاء بمستوصف خاص نسبة ازدحام المستشفيات، موضحاً أن السلطات المحلية لم تصل حتى الأحياء لرصد ومتابعة الأحوال، أو تقديم العون للسكان ، كحملات الرش بعد السيول التي ضربت الولاية. وزاد ميسرة أن أوضاع الناس المعيشية في غاية السوء ولا يمكن لأحد أن يقوم بمعالجة نفسه، كما كشف عن عدة حالات من داخل منزلهم، واصفاً الأوضاع بأنها وباء انتشر وسط الأحياء يستحق إعلان  حالة طوارئ فورية. ويضيف ميسرة “الادوية كانت متوفرة لكن هنالك ايدي أخفتها بالطمع حتى وصل السعر الى 200  جنيه رغم سوء الأوضاع المعيشية . وفى كثير من الأحيان غير متوفر في معظم الصيدليات داخل الولاية“.

الصحة اعتراف و عجز

في المقابل أقرت وزارة الصحة الاتحادية بوجود وبائى التشيكونغنيا اضافة لداء الحمى النزفية الذي أودي بحياة ثلاثة أشخاص، حسبما أفادت مدير ادارة الوبائيات بوزارة الصحة د. ليلى حمد النيل. قالت وزارة الصحة الاتحادية أنها عملت على زيادة عدد الأطباء وتوفير الأدوية المجانية الخاصة بدربات البندول ومسكن الألم لكل المرضى بالمدينة.  وبينت د. ليلى حمد النيل في تصريح لـ( عاين) ان الفحوصات الاولية اثبتت ان المرض هو مرض التشيكونغنيا إضافة إلى ظهور داء الحمى النزفية أيضا في بعض مناطق الولاية. مضيفة أن وزارة الصحة قامت بتوفير الدواء والعمل مع اصحاح البيئة لقتل البعوض من خلال الالتزام بالرش اليومي لتقليل المرض ولكن ظهور حالات من الحمى النزفية شكل عبء جديد علينا في الوزارة.

ووفق جولة قامت بها (عاين) حول مدينة كسلا اتضح ان الادوية هي عبارة عن مسكنات الألم وهي نفسها قد اختفت من الصيدليات أو تضاعف سعرها حيث وصل سعر الدرب الى 200 جنيه بعد أن كان 30 جنيه. وان المياه الراكدة مازالت تغطي مساحات كبيرة من المدينة مع غياب تام لهيئة اصحاح البيئة.

“كسلا تحتضر”

قبل أن يستفيق سكان كسلا من داء التشيكونغنيا ظهرت أمراض جديدة قاتلة حيث بلغت جملة الوفيات 110 وفاة مواطن وهي أمراض الحمى النزفية التي لا تمهل مريضها ساعات قبل الوفاة. الأمر الذي استدعى ناشطون لطلاق دعوى لحملات عاجلة بُغية إنقاذ حياة الناس بمدينة كسلا. مطلقين هاشتاق كسلا تحتضر بعد أن انتشرت الأمراض، واستشرت وسط المواطن خلال أيام معدودة، مؤدية بحياة 3 مواطنين بمنطقة الختمية.

وكشفت الناشطة ثويبة هاشم على حائطها بالفيس بوك عن وفاة أحد المتطوعين بسبب الحمى النزفية اضافة الى وفاة مواطنة بمنطقة الختمية وقالت في صفحتهاالوضع ماشي كارثي وأسوأ. .ظهور حالات في القضارف والخرطوم في الطريق ..من الصباح اتلقي أخبار الوفيات من كسلا و أرياف كسلا نتاج حمي ..ما معروف سببها من المرجح أنها الشيكونغونيا .. و أشك في ذلك مؤكدا أن المدينة مصابه بمرض آخر .. وهنالك العديد من حالات الوفيات داخل المدينة” وفي ذات الحملة طالب الناشط أمجد فريد على صفحته بتوسيع الحملة حتى تصل الى كل الجهات المعنية لإيقاف انتشار المرض وحفظ حياة الناس.