فوضى الجيش والجنجويد في العباسية تقلي

فوضى الجيش والجنجويد في العباسية تقلي

– شبكة عاين – ١١ يناير ٢٠١٥ –

قصة موت الطفلة فاطمة

“لم نعد نستطع العيش هنا بعد أن شاهدنا طفلة تموت، بعد ان قام وحش كاسر بإغتصابها وهي تبلغ من العمر (11) عاماً  لم تعرف للحياة سوى اللعب واللهو مع أقرانها”، قالت بحزن يتملكها وهي احدى شهود العيان على وفاة فاطمة القاصر التي توفيت بسبب اغتصابها من قبل القوات العسكرية التي وصلت العباسية تقلي في جنوب كردفان عشية آخر يوم في العام الماضي.

وسردت شاهدة العيان التي تحدثت لـ(عاين) عن مأساة  فاطمة التي خرجت الى “متجر الحي” حوالي السادسة مساءاً لشراء بعض الاحتياجات المنزلية كما جرت العادة، الا انها تأخرت في عودتها الى المنزل.

وتضيف شاهدة العيان (خرج أهل الطفلة فاطمة للبحث عنها لكنهم لم يعثروا عليها وشارك المواطنون من سكان حي (المدارس) في عملية البحث عنها وعثروا عليها ملقاة على الارض فاقدة القدرة على الحركة اوالحديث، حاولوا نقلها إلى المستشفى)، وتقول (عندما افاقت بعد ذلك كشفت عن  تعرضها لإستدراج من ثلاثة افراد يرتدون زياً عسكرياًً فقاموا بالتناوب في اغتصابها)، وجرى البحث عن الجناة من قبل المواطنين لكنهم فشلوا في العثور عليهم، وفي صبيحة اليوم التالي عندما فارقت الطفلة فاطمة الحياة، قامت عائلتها بفتح بلاغ في مركز شرطة المنطقة ضد مجهول بالرغم إن كافة الادلة تشير الى إن من قام بعملية الاغتصاب هم من قوات الجنجويد.

مسلسل عمليات الإغتصاب والنهب

لم تكن مأساة الطفلة فاطمة التي تعرضت للاغتصاب في حي (المدارس) في محلية العباسية تقلي هي الوحيدة التي وقع عليها ذلك، بل أن بعض سكان المنطقة اكدوا لـ(عاين) أن هنالك جرائم إغتصاب وقعت في الفترة من (الاول من الشهر الجاري وحتى الرابع منه)، وكشف الشهود عن أن عملية اغتصاب طالت امراة طاعنة في السن تبلغ من العمر 70 عام وثلاثة فتيات اخريات في منطقة (ثبوت) ريفي العباسية تقلي تم تجريدهن من الملابس بعد الاغتصاب. وفي ذات الوقت قامت القوات العسكرية بالإعتداء على كل من اسرة (ايليا) التي تعرضت لعملية نهب، وقامت هذه القوة العسكرية بضرب المواطن ادريس الجكس امام منزله وكسر ذراعه قبل ان يتم سلب كافة امواله وهاتفه الجوال.

وقال شاهد عيان لـ(عاين) طلب عدم ذكر اسمه لدواعي امنية، إن عدد جرائم النهب طالت ثلاثة اسر، واربعة محال تجارية، فضلاً عن نهب وتهديد عدد من (بائعات الشاي) واصحاب المطاعم، الامر الذي ادى الى اغلاق سوق العباسية تقلي ليومين على التوالي، وبعد تدخل قوات الهجانة التابعة للقوات المسلحة لايقاف فوضى القوات المختلطة من بعض قوات الجيش الحكومي ومليشيات الجنجويد، وقد قتل أحد افراد القوة المختلطة الحكومية في اشتباك مع قوات الهجانة.

فوضى القوات الحكومية يعيد الاذهان لما وقع قبل عام

وتعود تفاصيل الاحداث وفق مصادر تحدثت لـ (عاين) عند  وصول (3) الف فرد من القوات المسلحة والف من قوات الجنجويد (الدعم السريع)، وارتكزت هذه القوات في منطقة (جوضيا) شمال العباسية تقلي لانتظار عدد (3) ألف اخرون ليتم توزيعهم على المنطقة الشرقية لمواصلة العمليات العسكرية ضد الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية في مناطق (جبال النوبة)، ولكن القوات الحكومية ومليشيا الدعم السريع قامت بإقتحام المدينة مُحدثة فوضى اعادت الي لاذهان جرائم قوات الدعم السريع العام الماضي بمنطقة العباسية تقلي، والتي طالب فيها والي جنوب كردفان انذاك ادم الفكي المواطنيين بترك منازلهم لتستغلها قوات الدعم السريع كمساكن لهم، وادت تلك الاحداث إلى تشريد عدد من سكان تلك القرى التي لجأ سكانها إلى المدينة حفاظاً على ارواحهم.

اعتراف حكومي

ويقول مسؤول حكومي ضليع بحكومة ولاية جنوب كردفان أن سلوك قوات الدعم السريع مع المواطنين اصبح امراً مقلق بالنسبة لهم مستدركاً في حديث ل(عاين) انهم في حكومة الولاية غير قادرين على تغيير شيء بسبب السياسات الموضوعة من مركز السلطة، ويضيف (ما حصل امر غريب وغير مقبول)، ويقول (لكن ما في طريقة ان نتحدث عن ذلك لان هذه مناطق عمليات حربية حرب لكن هذا الصمت لن يطول).

من جهته قال معتمد العباسية تقلي داؤد ابو كلام  أن ترويع أمن مواطني محليته العباسية تقلي مرفوض، موضحاً لـ(عاين) ان هنالك اجراءات ستتخذها حكومته  بشأن المنطقة التى كانت سبباً في احداث الفوضى، في اشارة منه لحي (الجو) وهو مكان صنع الخمور البلدية الذي يعتبره المعتمد بؤرة من بؤر الفوضى بالمنطقة، حيث يذهب بعض الجنود لشرب الخمر في ذلك الحي ثم يقومون بعمليات النهب والاغتصاب والتحرش بالناس.

ولكن خالد محمد احمد من شباب العباسية اعتبر حديث معتمد العباسية بمثابة الخطة المحكمة لاذلال السكان وتهجيرهم قسراً واستجلاب آخرين  في مكانهم، منوهاً الى ان جميع سكان العباسية من الاهالي والمواطنين يسكنون حسب الخطة الاسكانية وقانون الاراضي وحمايتهم وعدم المساس بهم واجب على المعتمد وحكومته، مناشداً المعتمد القيام بواجبه او التنازل عن منصبه لمن هو اجدر محملاً المعتمد تبني خطة تهجير السكان  لاستجلاب اخرين تنفيذا لخطط النظام وهو ما حذر عنه ابناء العباسية مراراً وتكراراً.

الحركة تدين وتتوعد

من جهتها ادانت الحركة الشعبية لتحرير السودان الاعتداءات على المدنيين بمدينة بالعباسية تقلي، وقال الناطق الرسمي باسمها ارنو نقوتلو لودي لـ(عاين) إن ما حدث في العباسية يؤكد أن النظام الحاكم في السودان غير مهتم بالمواطنين حتى من هم في المناطق التي تقع تحت سيطرته، مضيفاً ان الحكومة تسعي لخلق منظومة ارهباية لتكرار ما حدث في دارفور وشمال كرفان في السنوات الماضية وتابع (الجيش الشعبي في غاية الاستعداد لحماية مواطني جنوب كردفان بالرد العاجل على هذه الاعتداءات)، موضحاً ان شعب العباسية تقلي يعتبر من الشعوب التي لعبت دوراً بارزاً في السلام الاجتماعي بالمنطقة خلال تعايشها السلمي مع كافة مكونات جبال النوبة، وهي ذات المنطقة التي تعتبر شعبها اكبر داعية للدين الاسلامي في السودان، مبدياً إستغرابه لإستهداف شعب مثل شعب تقلي، وفي الاثناء حاولت (عاين) الاتصال بالناطق الرسمي باسم القوات المسلحة لكنه لم يرد على هاتفه.

 

واختلف شباب منطقة العباسية تقلي حول تسمية احداث يناير بالفوضوية ففي الوقت الذي وصف فيه ياسر أحمد المحسوب على حزب المؤتمر الوطني الحاكم الحادثة بالسلوك الفردي من بعض المتفلتين من القوات المسلحة تم ردعه، فيما إعتبر خالد محمد احمد احد أبناء المنطقة سلوك الجيش بالمشين والقبيح وما بدر من قبل من أسماهم القوات الهجين من الجيش ومليشيا الدعم السريع  مرفوض، محملاُ معتمد المحلية مسؤولية ما حدث من فوضى وإغتصاب الطفلة فاطمة والتي توفيت بسبب عملية الإغتصاب إلى جانب عمليات النهب والسلب وترهيب المواطنين، وقال ان معتمد المحلية يتحمل كامل المسؤولية باعتباره رئيس لجنة أمن المحلية بإمكانه ان يرفض دخول هذه القوات التي جاءت لتعيش وسط المدنين وهذا أمر مخالف، وتابع (واللوم ايضاً يقع على قائد المنطقة العسكرية).