طلاب المؤتمر الوطني يعتدون على اساتذتهم في الجامعات

طلاب المؤتمر الوطني يعتدون على اساتذتهم في الجامعات

– شبكة عاين – ١٤ مارس ٢٠١٦ –

ابتدر الاسلاميون العنف الطلابي في الجامعات والمعاهد العليا السودانية منذ الستينيات، وادخل طلاب الحركة الاسلامية ادوات السيخ، العصي، السواطير، الملتوف الحارق والاسلحة النارية بعد وصول حزبهم إلى السلطة عبر الانقلاب العسكري في يونيو 1989. وخلال ربع قرن – منذ إنقلاب الجبهة الاسلامية وحتى تاريخ اليوم هذا – سجلت الجامعات احداث عنف غير مسبوقة قتل خلالها العديد من الطلاب المعارضين للنظام وشهدت اختفاء العديدين.

اعتداء طلاب الحركة الاسلامية على اساتذة الجامعات سنة قديمة

ولكن ما هو ليس اعتيادياً اعتداء طلاب الحركة الاسلامية على اساتذتهم في الجامعات الذي وجد استنكاراً واسعاً وسط الطلاب واساتذة الجامعات. والاعتداءات على اساتذة الجامعات من طلاب هذا التنظيم لم تبدأ في الاونة الاخير بل من وقت مبكر يعود إلى سبعينيات القرن الماضي. كما ذكر ذلك الدكتور عمر القراي في مقال نشره في صحيفة (سودانايل) على شبكة الانترنت في السادس والعشرين من فبراير الماضي، حيث كتب: (لقد سبق أن نبهناهم إلى سوء أدبهم مع أساتذتهم، حين كنا طلاباً في جامعة الخرطوم، وكانوا يهاجمون مدراء الجامعة بروفسير عبد الله الطيب، وبروفسير عمر بليل وغيرهم من العلماء الأجلاء، رحمهم الله)، ويضيف (رغم أن إساءاتهم في ذلك الوقت، لم تتجاوزالألفاظ … فقد كان خطباؤهم من أمثال: احمد عثمان مكي، وابن عمر محمد احمد، والتجاني عبد القادر، والتجاني سراج، وبشير آدم رحمة، وسيد الخطيب يصيحون في المايكرفونات بعبارت مثل (هذه الإدارة المهترئة الضعيفة سنهزها هزلاً حتى يتساقط مديرها ونائبه وعمداؤه وندك مكاتبهم فوق روؤسهم) إلى آخر هذه التهديدات الجوفاء.

ولقد تعرض عدد من اساتذة الجامعات إلى تهديد مباشر من قبل الطلاب المحسوبين على حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وبلغ الاعتداء حد تعريض البروفسيور حامد الدود مهدي والمحاضر عبد الرحمن عبودي اللذان يعملان في جامعة النيلين للضرب والتهديد بالتصفية الجسدية، وقد قوبلت الحادثتين استنكار واسع وسط الرأي العام السوداني.

طلاب المؤتمر الوطني في جامعة النيلين يهددون اساتذتهم بالقتل

ويقول رئيس قسم اللغة الانجليزية في كلية الآداب في جامعة النيلين البروفسور حامد الدود مهدي لـ(عاين) إن عدد من طلاب المؤتمر الوطني إعتدوا عليه وهددوه بالقتل، ويضيف (في الثامن عشر من فبراير الماضي وبعد انتهاء اليوم الدراسي كنت قد ذهبت إلى الحرس الجامعي لجمع بعض اغراضي حيث تعودت أن اترك “جهاز راديو صغير” في مكتب الحرس ثم اعود بعد نهاية اليوم لاخذه). ويشير إلى أن طلاب من المؤتمر الوطني قد اغلقوا الطريق أمامه من دخول مكتب الحرس الجامعي ومنعوه من الدخول، بيد أن الحرس الجامعي تدخل لوقف تحرش طلاب الحزب الحاكم على استاذهم. ويقول (قالوا لي إنهم يمكنهم فعل أي شئ وان في مقدورهم أن يصلوني إلى مكتبي)، وأخذوا يهللون ويكبرون في وجهه. ويضيف (لقد تحدثوا معي بطريقة تعكس قلة أدبهم حيث قاموا بتمزيق قميصي ثم قاموا بالاعتداء علي بالضرب وهم يرددون عبارات مثل: يا طابور … امثالك ننحرهم ونرمي به في الشارع … والآخرون كانوا يكبرون). وقام مهدي بفتح بلاغات في الشرطة ضد المعتدين كما طالب إدارة الجامعة بإجراء تحقيق حول الحادثة التي قال إنها أول حادثة تحدث له من قبل طلابه، وكشف عن مضايقات ظل يتعرض لها من قبل السلطات الأمنية وقد تم إعتقاله ثلاث مرات بتهمة إنتماءه إلى المعارضة.

وفي حادثة اخرى هجم عدد من طلاب حزب المؤتمر الوطني الحاكم على مكتب استاذ الاجتماع في جامعة النيلين عبد الرحمن عبودي، وشهر المهاجمين اسلحة بيضاء لتهديده، مما اضطره للمقاومة حتى تراجع الطلاب خارج المكتب. ويقول عبودي لـ(عاين) إنه فوجئ بعدد من الطلاب داخل مكتبه وطلبوا منه الخروج من المكتب وإنهم في حالة إعتصام، ويضيف (لقد شرحت لهم لهم إنني اسابق الزمن في مراجعة بحوث الطلاب … وابلغتهم انني سابقى داخل المكتب وأغلقه على نفسي نزولاً على رغبتهم). ويتابع (لقد رد أحدهم قائلاً: رجالة تطلع من الجامعة وليس المكتب فقط وحاول اخراح ألة من خلفية بنطاله ووقفت على الفور استعداداً للدفاع عن نفسي مما اضطرهم بأن يخرجوا من مكتبي بسرعة).

إشهار السيخ والسواطير في وجه محاضر جامعي

ويشير الاستاذ الجامعي عبودي إلى أن طلاب المؤتمر الوطني بعد أن خرجوا من مكتبه عادوا إليه مرة أخرى شاهرين (السواطير والسيخ)، وقاموا بتهديده. ويقول (عندما خرجت من المكتب وجدت دعاية وسط الطلاب فحواها أنني اخرجت سكيناً في وجه الطلاب… وفي اليوم التالي تم كسر درج مكتبي واخذت كافة الاشياء من المكتب)، مطالباً ادارة الجامعة إتخاذ الخطوات اللازمة لايقاف الاهانة التي ظل يتعرض لها الاساتذة من قبل طلاب المؤتمر الوطني الذين اصبحت لهم اليد المطلقة في تنفيذ ما يحلو لهم دون ان تتدخل الادارة. ويضيف (هذا يعكس مستوى التردئ الذي وصلت إليه بالبلاد وينبئ بأن المستقبل سيصبح أكثر فوضوية إذا لم يتدارك الناس ذلك)، ويعتقد أن اساتذة الجامعات الذين هاجروا إلى الخارج لديهم العذر ليحافظوا على كرامتهم. ويرى البروفسور حامد الدود أن السودان في حوجة للعودة إلى القيم والمبادئ التي كان عليها الشعب السوداني في الماضي.

فيما يعتقد الطالب فى كلية الحقوق في جامعة النيلين فيصل صلاح أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم غير راضٍ عن اساتذة الجامعات الذين يقدمون التنوير والوعي للطلاب، ويقول إن عمليات تهديد اخرى واجهها بعض الاساتذة لكنهم فضلوا الصمت. ويرى أن إدارة جامعة النيلين قمعية حيث إنها أصدرت عدة قرارات ولوائح إدارية تتعلق بزي الطالبات وشكل حلاقة الرأس للطلاب وتهديد بحظر بعض البرامج الثقافية التي تقوم بها (جمعيتي الفسلفة والمقشاشة الثقافية)، معتبراً هذه القرارات القصد منها اخضاع الطلاب لنهج النظام ومنع منابر التنوير والوعي. ويقول (مثل هذا المناخ جعل طلاب المؤتمر الوطني يتجرأون بتهديد اساتذتهم كما حدث مع البروفسيور حامد الدود والمحاضر عبودي).

ويقول الطالب في قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة النيلين موسى صالح لـ (عاين) إن طلاب المؤتمر الوطني اصبحوا يشكلون عصابة داخل المؤسسات التعليمية وهم يجدون المساندة والتأييد من قبل السلطات. ويضيف (هذا يعكس تربية التنظيم لهم ونتاج التفكير الاصولي الذي يبرر القمع وما حدث يجب الا يترك حتى لا نصبح يوماً ونجد ان الجامعات بدون اساتذة).

ويشير رئيس تحرير صحيفة (الجريدة) الاستاذ اشرف عبد العزير إلى أن الاعتداءات التى تعرض لها الدكتور حامد الدود استاذ اللغة الانجليزية بكلية الاداب بجامعة النيلين إذا ثبتت بانها فاعليها من طلاب المؤتمر الوطني الحاكم، فإن هذا يعنى ان العنف الطلابى تجاوز الحركة الطلابية وأنتقل إلى اساتذة الجامعات، ويضيف (هذا منحى خطير لم تعرفه البلاد من قبل).

العنف حجة الجماعات الاسلامية

 

هذه غطرسة الطلاب الاسلاميين على الاساتذة فى الجامعات السودانية ليس هو الاول من نوعه، حيث حدث من قبل ذات الشىء فى جامعتى ام درمان الاهلية والزعيم الازهرى من اعتداءات على اساتذة ومدراء الجامعات. وهذا العنف متجذر فى بنية وعي الحركة الاسلامية، يقول ذلك عبد السلام نورين لـ (عاين)، وكان الدكتور نافع علي نافع القيادي في الحزب الحاكم قد قام بتعذيب استاذه وزميله فيما بعد في كلية الزراعة بجامعة الخرطوم البروفسور فاروق محمد إبراهيم في العام 1989 في بيوت الاشباح عندما كان مديراً لجهاز الامن العام.