تفاصيل جديدة حول فشل جولة التفاوض غير الرسمية مع “الحلو”

1 ديسمبر 2020

قال مستشار رئيس الوزراء السوداني لشؤون السلام، جمعة كندة كومي، إنه تم التوافق الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال، على صيغة ما يعبر عن مبدأ “فصل الدين عن الدولة” أو “العلاقة بين الدين والدولة” في السياق السوداني، ليقدم كمقترح يمكن إدراجه في إعلان المبادئ في المفاوضات الرسمية المرتقبة، خلال ورشة تفاوض غير رسمية جمعت الطرفين في وقت سابق.

وكانت عقدت ورشة تفاوض غير رسمية حول العلاقة بين الدين والدولة بين ممثلي وفد حكومة الفترة الانتقالية لمفاوضات السلام والوفد المفاوض للحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال بمدينة جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان، شارك بالتسهيل والتمويل والسكرتارية عدد من المنظمات والخبراء الوطنيين والدوليين، في الفترة ما بين 24 أكتوبر إلى الأول من نوفمبر الماضيين.

وأكد كومي في بيان له اليوم الثلاثاء، إن الورشة جاءت على اعتبار تعثر مفاوضات السلام بين الطرفين بسبب الخلاف حول موضوع فصل الدين عن الدولة، مصحوباً بالاختراق الذي أحدثه الاتفاق المشترك والبيان المشترك الموقعين بين رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك و رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، عبد العزيز الحلو  في سبتمبر الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وأكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون السلام، أن الورشة هدفت إلى الانخراط في حوار عميق بين الطرفين حول علاقة الدين بالدولة، ينتج عنه تفاهمات معرفية وعملية مشتركة للقضية وأهميتها في السياق السياسي والديني والاجتماعي والثقافي في السودان، فضلا عن التعرف على تجارب وتطبيقات دول أخرى حول قضية فصل الدين عن الدولة في عمليات مفاوضات السلام وصياغة الدساتير والآليات التي تم استخدامها في هذه العمليات للتعامل مع قضية فصل الدين عن الدولة.

وبحسب كومي فإن الورشة كانت قد هدفت للتعرف على كيفية تطبيق تجارب الدول الأخرى في التعامل مع قضية الدين والدولة في اتفاقيات السلام والأطر الدستورية على السياق السوداني السياسي والديني والثقافي والاجتماعي والثقافي، وأنه تم التوافق بنهاية الورشة على صيغة ما يعبر عن مبدأ “فصل الدين عن الدولة” أو “العلاقة بين الدين والدولة” في السياق السوداني، ليقدم كمقترح يمكن إدراجه في إعلان المبادئ في المفاوضات الرسمية المرتقبة.

وأكد أنه بنهاية الورشة أتفق كل المشاركين الحاضرين لجلسات الورشة على اعتراف الطرفين بأهمية الدين في حياة الشعب السوداني، وكذلك اتفق الطرفان على الحاجة إلى ضمانات لعدم استغلال الدين لأغراض سياسية أو أيدولوجية، إلى جانب الاتفاق على صيغة الدولة غير الانحيازية “وهي التي ترعى وتبني العلاقات مع كل الأديان، وتعترف بأهميتها للمجتمع، وتعمل على مساعدة سن قوانين الأحوال الشخصية والعبادات، بينما يستمد كل القوانين الأخرى من القانون العام والمبادئ فوق الدستورية”.

وأشار إلى أن الطرفين اتفقا على دولة المواطنة وهي التي تضمن قيم التوافق والحقوق والحرية والسلام والعدالة والمساواة والشمول والتنمية لجميع السودانيين، فضلاً عن ضرورة أن يكرس الدستور هذه الحقوق والحريات، مثلما يتوجَّب عليه أن يحمي المواطنين والمجموعات من أي ضرر أو أذى، فضلاً عن عمل الدستور على  توحيد الشعب السوداني وذلك بالاعتراف بالتعدد الثقافي الديني والإثني وبالطبيعة التعددية في السودان.

وشدد مسشتار رئيس الوزراء على أن الطرفين اتفقا على أن الدولة غير الانحيازية، ينبغي أن تقف على مسافة متساوية من كل الأديان، وأن تضمن حرية الاعتقاد والعبادات بلا أي إكراه، مثلما يتوجَّب عليها منع إلحاق أي أذى أو ضرر بكل المجموعات المؤمنة، حماية لها من خطاب الكراهية والإساءة، ويتوجَّب عليها كذلك أن تمنع التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو الإثنية. مثلما عليها أن توحِّد المجتمع من خلال التوافق لا من خلال الأغلبية العددية.

وأكد أن المشاركين لم يتمكنوا في الورشة من التوافق الكامل حول صيغة المقدمة في مقترح البيان الختامي، بسبب ظهور خلاف مفاجئ، عندما طلب رئيس الوفد الحكومي في الجلسة الختامية وبحضور رئيس ومقرر لجنة الوساطة، حذف عبارة “فصل الدين عن الدولة” وتبديلها بعبارة “علاقة الدين بالدولة”، كما طلب عدم الإشارة إلى “الاتفاقية المشتركة” الموقعة بأديس أبابا في الثالث من سبتمبر 2020م في البيان الختامي. عليه تم في الجلسة الختامية الاكتفاء بكلمات ختامية إيجابية من ممثلي الطرفين والوساطة دون إصدار البيان الختامي.

وبدأت أول مفاوضات بين الحكومة الانتقالية والمجموعات المسلحة في سبتمبر من العام الماضي، بمدينة جوبا وذلك بعد أيام من تشكيل مجلسي السيادة والوزراء.وفي وقت تعثرت فيه المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وقعت الحكومة الانتقالية وفصائل الجبهة الثورية اتفاق سلام نهائي في الثالث من اكتوبر الماضي.

ومع تعثر العملية التفاوضية بين الطرفين، التقى حمدوك بشكل مفاجئ الحلو في سبتمبر الماضي، ليسفر عن توقيع اتفاق وبيان مشترك، مهد لاستئناف التفاوض عن طريقة الورشة غير الرسمية.

وبعد انقضاء الورشة دون إجازة صيغتها الختامية من الجانب الحكومي، تبادل الطرفان الاتهامات حول مسؤولية فشلها.

وقال رئيس الوفد الحكومي وعضو مجلس السيادة الانتقالي، شمس الدين الكباشي، في مقابلة مع صحيفة محلية الشهر الماضي، إن اتفاق حمدوك ـ الحلو، هو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، ما تسبب في إثارة مزيد من تبادل الاتهامات بين الطرفين.

لكن رئيس الوزراء، كسر صمتاً امتد لأسابيع، حول القضية، عندما قال في مقابلة تلفزيونية بداية الأسبوع الحالي، إن ملف السلام هو من صميم عمله خاصة وأنه قد أتت به ثورة عظيمة، وأشار فيما بدا أنه رد على الكباشي، من هو الذي يُحدد الاستحقاق ومنحه.

ولا يبدو واضحاً حتى الآن  متى سيتم استئناف التفاوض بين الطرفين، لكن السكرتير العام للحركة الشعبية، عمار أمون كان قد قال في مؤتمر صحفي، قبل نحو أسبوعين عشية نشر تعديلات على الوثيقة الدستورية بتضمين اتفاق السلام فيها وجعله مرجعية أعلى حال التعارض، إن ذلك يعني قفل الطريق أمام حركته.