ترشّح البشير لإنتخابات 2020 … محاذير ومخاطر

تقرير شبكة عاين – الثلاثاء 4 سبتمبر 2018

اتسعت رقعة الخلافات داخل الحزب الحاكم والحركة الإسلامية السودانية، وحلفائها بشأن ترشيح الرئيس الحالي عمر البشير لدورة رئاسية ثالثة في 2020. وارتفعت أصوات العديد من القيادات المؤثرة في الحزب، رافضة جهارا الترشيح الذي وصفه البعض بالمخالفة الدستورية. فيما ذهب آخرون لاعتباره خيانة من إخوان لهم تعاهدوا سويا على مقاومة الترشيح.

وبدأت دوائر عديدة بينها بعض ائمة المساجد، وتيارات دينية مختلفة محسوبة على التيارات التكفيرية والداعشية في الخرطوم بقيادة الداعية محمد علي الجزولي وغيره في الرفض العلني للترشيح وتأكيد الذهاب إلى مقاومته بمختلف السبل.

ويحذر مراقبون من تطور الصراع بشأن بقاء البشير في السلطة إلى حالة عنف عامة لا سيما في ظل توجهات العنف المعروفة للطرفين (الرافضين والداعمين) في حسم الخلافات السياسية بالاضافة لتفاقم الأوضاع المعيشية المتدهورة واجماع أحزاب المعارضة علي رفض ترشيح البشير.

مُقارنات

يقول مراقبون بأن الحالة السودانية ربما تتطور إلى وضع كارثي ومواجهات وعنف مثلما حدث في بوروندي رفضا لترشيح الرئيس لدورة رئاسية لا يستحقها دستوريا، وليس بعيدا كذلك الاحتقانات الموجودة لذات السبب في بعض دول الجوار مثل اوغندا و الكنغو التي تراجع رئيسها جوزيف كابيلا بعد ضغوط كثيرة عن الترشح. وكان مجلس شورى الحزب الحاكم في السودان قد وافق أغسطس الماضي، على إدخال تعديلات على نظامه الأساسي ، يسمح باختيار البشير (74 عاما) مرشحا لولاية رئاسية ثالثة، حيث كان النظام الأساسي السابق للحزب يسمح بتولي الرئاسة لفترتين رئاسيتين فقط.

ويصف مراقبون الخطوة في هذا التوقيت، بالغير دستورية حيث لا سند قانوني لها بموجب دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 الذي يحدد فترتين لا ثالثة لهما لرئيس الجمهورية.

وفيما نادت أصوات من داخل الحزب الحاكم برفض ترشيح البشير ، دفع قرار الترشيح أحزاب المعارضة التي كانت منقسمة حيال الانتخابات المقبلة بين مشارك وغير مشارك إلى التوحد حول رفض ترشيح البشير.

استطلاع على صفحة القوات المسلحة - http://bit.ly/2MOpP7z
استطلاع ترشيح البشير على صفحة القوات المسلحة – http://bit.ly/2MOpP7z

خيانة

في حديث حصري لشبكة (عاين) اتهم القيادي بالمؤتمر الوطني أمين حسن عمر اعضاء مجلس الشورى بـ”الخيانة” ، مشيرا الى اتفاق مسبق بين عدد من قيادات الحزب. وأعضاء مجلس الشورى برفض الترشيح باعتباره مخالفا لدستور الحزب ولوائحه الداخلية. وألمح القيادي المعروف إلى ممارسة ضغوط على بعض القيادات من أجل تغيير ارائهم تجاه القضية. ويؤكد عمر قائلا “كنا على قلب رجل واحد فيما يختص بتعديل اللوائح الداخلية و دستور الحزب ولكن شي ما بدل الاوجه في دورة الانعقاد الاخيرة التى لم اكن حضور فيها بسبب اجتماعات البرلمان الأفريقي بجوهانسبرج. ولكن ولهؤلاء أقول الافكار أبقى من الأشخاص” كاشفاً أن الأمر مازال داخل الحزب وعن أنهم سيتبعون كافة الخطوات لثبيت القوانين وعدم خيانة المبادئ.

القيادي بالمؤتمر الوطني أمين حسن
في حديث حصري لشبكة (عاين) اتهم القيادي بالمؤتمر الوطني أمين حسن عمر اعضاء مجلس الشورى بـ”الخيانة” ، مشيرا الى اتفاق مسبق بين عدد من قيادات الحزب. وأعضاء مجلس الشورى برفض الترشيح باعتباره مخالفا لدستور الحزب ولوائحه الداخلية. . ويؤكد عمر قائلا “كنا على قلب رجل واحد فيما يختص بتعديل اللوائح الداخلية و دستور الحزب ولكن شي ما بدل الاوجه في دورة الانعقاد الاخيرة التى لم اكن حضور فيها بسبب اجتماعات البرلمان الأفريقي بجوهانسبرج. ولكن ولهؤلاء أقول الافكار أبقى من الأشخاص”

ويعد القيادي البارز بالحزب الحاكم وعضو مجلس الشورى ومسئول ملف دارفور ووزير شؤون الرئاسة الأسبق، أمين حسن عمر. أحد أبرز المعارضين لترشيح البشير لدورة جديدة. بجانب تقارير عديدة تحدثت عن رفض القيادي الأبرز في المؤتمر الوطني نافع علي نافع ، القيادي الإسلامي السابق الطيب زين العابدين أمر الترشيح.

“تخويف”

وكان القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني قد فاجأ حتى عضوية الحزب، وهو يخرج إلى الصحافة منتصف يوليو الماضي، باعتماده البشير مرشحاً للحزب في الانتخابات التي ستجرى بعد أقل من عامين، متجاوزاً بذلك المؤتمر العام في أبريل 2019، وعلى إثر ذلك انبرت قيادات للتشكيك في صحة الإجراء من ناحية اللوائح والنظم المقيدة للحزب، ونشط قادة المؤتمر الوطني في وسائط التواصل الاجتماعي .. فضلا عن المقالات المنشورة بالوسائل الاعلامية التي تنادي بالحيلولة دون ترشيح البشير، التي أحدث ضجة وجلبة داخل أروقة التنظيم الحاكم، وفتح الباب واسعا أمام احتمال زيادة عدد الرافضين لترشيح البشير داخل حزبه نفسه.

رفض يتزعمه اثنين من أبرز قادة الحركة الإسلامية في شقيها التنظيمي والفكري يبشر بقائمة سوف تطول من الرافضين والمعارضين لتولي البشير رئاسة البلاد من جديد، غير أن مؤشرات أخري ذهبت إلى أن سلاح التخويف الذي اعتمده البشير عبر محاربة الفساد قد نجح تماما في إسكات الأصوات، ولو إلى حين، لا سيما وأن قرار ترشيح البشير مر بمراحل عديدة داخل أروقة الحزب الحاكم، إذ كان مجلس الشورى رفض في يناير الماضي توصية باعادة ترشيح البشير.

ورطة قانونية 

نصاً، و إعمالا للدستور الانتقالي في السودان، البشير حالياً لا يحق له الترشح لدورة مقبلة، ورغم محاولات المؤيدون له الترويج لفكرة إمكانية تعديل الدستور، فقد كشف مصدر قانوني بالحزب الحاكم فضل حجب إسمه أنه “فعلياً لا يوجد ما يمنع تعديل الدستور ولكنه يكون معيباً عندما يتم تعديله لمصلحة شخص واحد“، وأردف ذات المصدر أن أغلبية الأصوات الرافضة للترشيح تنظر من هذه الزاوية…وكانت هناك اصوات بالوطني أعلنت رفضها لترشيح البشير في انتخابات 2020.

من جانبه اعتبر القانوني، صالح محمود ترشيح البشير تقويضا لقيمة الديمقراطية، وأضاف في تصريح لـ (عاين) أن “هذا الترشيح يعتبر التفاف على قيمة الديمقراطية لأن الرجل استنفذ كل فرصه الدستورية لرئاسة السودان“. وأكد صالح على أنه “لا يجوز تعديل الدستور من أجل إبقاء أحد في السلطة لأن القوانين والدساتير هي ممارسة إنسانية في الأساس”.

المعارضة .. رفض بالإجماع

اعادة ترشيح البشير، دفع كافة قوى المعارضة للرفض بل والبدء بخطوات اضافية من أجل التوحد ضده، وفي بيان مشترك لتحالف نداء السودان أعلنت الاحزاب رفضها لترشيح البشير وأعدت خطة لم تفصح عنها لمقاومة هذا الترشيح . ووصف زعيم التحالف ورئيس حزب الأمة القومي المعارض، الصادق المهدي، إعادة انتخاب البشير بـ”السيناريو الانتحاري”، وكان المهدي حذر سابقا بأن السيناريو الذي يتبناه النظام الآن بطبخ انتخابات لإعادة انتخاب الرئيس الحالي سيناريو انتحاري، لأنه يضع السودان ضمن الدول التي تصمم الدساتير للأشخاص، ولأن ذلك يعني استمرار معاقبة السودان بسبب اتهام المحكمة الجنائية الدولية. وعلى ذات النسق، رفض حزب المؤتمر السوداني المعارض مساعي تعديل دستور 2005 للسماح باستمرار البشير في الحكم، مؤكدا في بيان صحفي عقب إعلان شورى الحزب الحاكم أن مجلسه المركزي قد “وجه أجهزة الحزب بمقاومة تعديل الدستور للسماح بترشيح البشير في الانتخابات المقررة في 2020”.

وفي ذات الوجهة مضى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، صدقي كبلو، مشددا على أن “وحدة المعارضة أصبحت الآن أكثر الحاحاً أهمية من أي وقت مضى من أجل مقاطعة الانتخابات بشكل فعال وجاد يكشف عزلة البشير ونظامه”، مبينا في تصريح لـ(عاين) أن “أحلام الهبوط الناعم تمني نفسها بهذا الترشيح والحديث عن حل سلمي شامل أصبح من المستحيلات”، ولفت كبلو إلى أن البشير استخدم تكتيك التخويف بالمحاسبة عبر بوابة محاربة الفساد لكل قيادات منظومته ونجح في هذا الأمر.

فرصة للإبتزاز الدولي

وقف البشير في منصة إعلان ترشيحه وهو يتوكأ على اتفاق سلام جنوب السودان الذي كان له دوراً في توقيعه قبل أيام قلائل من إجتماع الشورى، ولكن يبدو أن هذا الدور المفترض أن يكون رصيداً إقليمياً ودولياً للرجل سوف يكون وبالاً عليه، فمنذ البداية و كرسالة أولى، أرسلت دول أمريكا وبريطانيا والنرويج إشارات سالبة حول هذا الاتفاق الذي يقف ورائه البشير، وقالت الدول الثلاثة في بيان مشترك أن هذه الترتيبات غير واقعية أو مستدامة، وشككت الدول في كيفية توفير الأمن خلال المرحلة الانتقالية في العاصمة جوبا ومدى فاعلية الرقابة على السلطة التنفيذية.

وفي سياق ذو صلة انتقدت منظمة كفاية الامريكية اعادة ترشيح البشير ووصفت تصويت شورى المؤتمر الوطني الأخير وتعديله للدستور بمحاولة ابقاء البشير رئيسا على السودان مدى الحياة. وقال جون بريندير جست، المدير المؤسس لمشروع كفاية (Enough Project)، والمؤسس المشارك بـ (The Sentry)، وفي منشور تحصلت عليه (عاين) ان خطوة اعادة انتخاب البشير تهدف هذه الخطوة إلى إلغاء القيود المعنية بالمدة الزمنية لفترة الرئاسة وهو ما يمثل سعيًا من جهة الرئيس البشير إلى تولي الرئاسة مدى الحياة، طامحًا بذلك إلى مواصلة السرقة الحكومية التي تسلب السودان جميع مواردها.

وعلى هذا المنوال، اعتبر كبلو أن “المجتمع الدولي سوف يضغط و ستتوقف كل المجهودات والخطوات في إتجاه إصلاح العلاقات الخارجية، سوف يظل اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وربما يتم فرض مزيد من العقوبات عليه“، لافتاً إلى أن تأخر إصدار بيان بخصوص ترشيح البشير لا يخرج عن كونه مسألة زمن نسبة لطول الإجراءات التي تسير دواليب تلك الدول.

الاقتصاد… انهيار كلي

واصل كبلو في إفادته مقدماً تحليلاً إقتصادياً عطفاً على هذا الأمر، مبيناً أن “خطاب البشير بعد إعلان ترشيحه حمل وعود مكررة لا معنى له وأرسل إشارات سالبة للداعمين في الخارج”.

مشيراً إلى أن البشير بدأ من الآن في فقد أرقام هائلة كانت تأتيه في شكل إعانات من دول الخليج بعد تأكيده على أسلمة الدولة، وأضاف كبلو أن “التراجع الذي حمله الخطاب سوف يدفع الدول الداعمة للسودان بالتوقف عن الدعم وهو ما يقود إلى غرق الدولة مجددا في ضغط المطالبات والديون“. واعتبر كبلو أن الوضع الاقتصادي هو أسوأ من انتخابات 2015، لافتاً إلى أن “كل المؤشرات تقول أن الأزمة المعيشية مرتبطة ببقاء أو رحيل البشير“.

مردفاً أن كل الديون الخارجية وكل المنح التي تقدم للسودان يمكن أن تتوقف في حال أصر البشير على الجلوس على كرسي الحكم مجدداً، ورسم كبلو صورة قاتمة للأوضاع في حال تمكن البشير من الاستمرار في الحكم، موضحاً أنه مع سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية وتدهورها، سوف يحتاج النظام للمزيد من القهر وربما يعود لسنينه الأولى أو قد يزداد عنفه. وفي هذا الصدد تقول المواطنة فاطمة اسحق أن “سعر الرغيف كان أقل من الآن وسعر المواصلات والزيت وكل شي، لماذا يواصل البشير في حكم البلاد؟!!”، وأضافت فاطمة وهي ربة منزل أنها لم تصوت في الانتخابات السابقة لا تنوي التصويت في المقبلة، مبينا أن “إذا صوتنا أو لم نصوت البشير سيحكم والحالة ستصبح أسوأ”.