“العودة إلى المزارع”.. مُهمة مستحيلة لنازحي دارفور  

17 يوليو 2022

يواجه آلاف النازحين باقليم دارفور، صعوبات كبيرة في الوصول إلى مزارعهم بسبب استمرار انعدام الأمن جراء هجمات المليشيات المسلحة على الرغم من الاقامة التي امتدت اكثر من شهر لنائب رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد قوات الدعم السريع في الإقليم بغرض فرض الأمن في الإقليم.

وأجبرت أعمال العنف التي شهدها اقليم دارفور مؤخراً المدنيين في (12) بلدة جنوب وغرب مدينة “الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور من الوصول إلى مزارعهم في الوقت الذي يعتمدون فيه كلياً على الزراعة في الغذاء واحتياجاتهم الضرورية لاسيما بعد خفض المنظمات الانسانية حصص الغذاء من النازحين.

الاثنين الفائت، خاطب والي ولاية شمال دارفور،  نمر محمد عبدالرحمن، نازحين في مخيم زمزم جنوبي الفاشر متعهدا  بتحويل نقاط شرطية صغيرة لتأمين المخيمات و قرى العودة الطوعية إلى أقسام شرطة وتزويدها بقوات كافية لتعمل في بسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وحماية المدنيين والموسم الزراعي، لكن نازحون قللوا من قدرات الشرطة في مواجهة مليشيات اكثر تسلحا.

تبادل اتهامات

وفي سياق الاتهامات المتبادلة بين الاطراف، تواجه قوات الدعم السريع بدارفور انتقادات حول دورها في حماية المدنيين بدارفور خاصة النازحين، وواجهت اتهامات في مرات عديدة بعدم الحياد واستخدام عتادها العسكري لصالح المكونات العربية. وبالمقابل يتهم الرعاة قوات الحركات المسلحة التي أصبحت جزء من العملية الامنية في دارفور بعد توقيع اتفاقية السلام في العام 2019 بمهاجمة الرعاة ونهب ممتلكاتهم وتتحصن داخل المخيمات و قرى العودة الطوعية.

وتحتفظ الحركات المسلحة بقواتها وبكامل عتادها العسكري خاصة في ولايتي شمال وغرب دارفور في انتظار تنفيذ بند الترتيبات الامنية.

يوليو من العام 2021 شهدت منطقة “كولقي” غرب مدينة الفاشر أول مواجهة بين عناصر الدعم السريع والحركات المسلحة أحداث سقط على إثرها العشرات من المزارعين والرعاة وتسببت في نزوح جديد بدارفور.

ومنذ ذلك التوقيت يحاول المزارعين الذين فروا من بلداتهم العودة إليها واستزراع أراضيهم بعد أن التزمت حكومة ولاية شمال دارفور بتشكيل قوات مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة والدعم السريع لحمايتهم لحين تشكيل قوات حماية المدنيين التي أشارت إليها الاتفاقية.

الخطر قائم

 “الخطر لازال قائماً لان الحكومة لم تف بوعدها بخصوص قوات الحماية – كلما جاءت القوات العسكرية للمنطقة يتفاجأ المزارعين بانسحاب قوات الدعم السريع والقوات المسلحة وبقاء قوات الشرطة فقط وهي غير قادرة على التعامل المليشيات المسلحة”. يقول المزارع عيسى آدم علي لـ(عاين).

ويشير عيسى إلى أن المليشيات مسلحة منعت مزارعين من الزراعة في مناطق “طويلة”، “تابت” ابودليك و”عد البيضة” جنوب الفاشر، علاوة على محاصرة النازحين داخل مخيم زمزم وهم غير قادرين على الخروج للزراعة.

تحصد الصراعات الاهلية القاتلة في اقليم دارفور غربي السودان بإستمرار مئات الأرواح وتتسبب في نزوح الآلاف علاوة على حرق القرى ونهب الممتلكات

أما في ولاية جنوب دارفور، تعرض المزارعين الى عمليات نهب التقاوي الزراعية والمعدات خاصة في المناطق الزراعية جنوب مدينة في محليتي “السلام” و”بليل”. ويقول المزارع علي أبكر حقار، لـ(عاين)، ” تعرضت لعملية نهب وتهديد من قبل مسلحين واستولوا على التقاوي وآليات الحراثة.. أبلغنا الشرطة بالحادثة لكنها لم تتمكن من ملاحقة الجناة”.

ويقول المدير التنفيذي لمحلية “بليّل” هارون علي ايدام، أن الاعتداءات المتكررة من المتفلتين تشكل مصدر قلق وتتسبب في عدم الاستقرار في بعض المواقع بالرغم أنها محدودة إلا أنها يمكن تسبب عدم ممارسة الزراعة.

ويؤكد هارون لـ(عاين)، حكومته تبذل قصارى جهدها لتوفير الأمن خاصة في المناطق الإنتاجية لضمان استزراع أكبر مساحات خلال هذا الموسم إلا أن الاحتكاكات والصراعات تشكل تحدي كبير.

وتعاني ولايات دارفور من ضعف في التمويل اللوجستي للقوات العسكرية المشتركة التي تقوم بمهمة الامن خاصة خلال القتال الأهلي بين القبائل، بجانب تحريك القوات إلى مواقع أخرى دون الرجوع الى لجان أمن المحليات أو الولاية

قوات حماية المدنيين

وفي مطلع يوليو الجاري تم تخريج نحو (2000) عنصرا من قوات حماية المدنيين من منسوبي الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية السلام، ينتظر أن تنضم إلى القوات المشتركة لحماية المدنيين التي نصت عليها إتفاقية”جوبا” للسلام، بجانب القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة.

وقلل ضابط معاشي في الجيش السوداني، من إنجاز مهمة حماية المدنيين عن طريق قوات الحركات المسلحة أو الدعم السريع لجهة أن الطرفين مشكوك في تكوينهما.

ويشير الضابط المعاشي في مقابلة مع (عاين) إلى أن هذه القوات تواجه انتقادات واسعة بسبب انتماءات قادتها وأفرادها إلى مكونات اثنية بعينها  ولا تشمل المكونات الاخرى في دارفور. وقال ” قدرة القوات في توفير الأمن ستكون محدودة بسبب ضعف التمويل والصلاحيات، لجهة أن نشر هذه القوات مرهون بالتمويل والدولة غير قادرة على ذلك دون المجتمع الدولي أو مساهمات الدول وهذا أمر غير وارد”.