الرصد الاسبوعي لحرب الصيف
معارك شرسة وإرتباك وسط القوات المسلحة
– شبكة عاين – ٧ ابريل ٢٠١٦ –
تصاعدت العمليات العسكرية في جنوب كردفان بصورة أشرس في الأيام الثلاثة الماضية في شهر أبريل الحالي بين الجيش السوداني والجيش الشعبي لتحرير السودان في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وظل الطرفان يتبادلان الوعيد بالحسم في هذا الصيف. وقصف سلاح الجو التابع للجيش الحكومي عدة مناطق في جبال النوبة، وأكد رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي مالك عقار ان قواته دحرت الجيش الحكومي والمليشيات التابعة، نافياً وجود أي دعم من قبل دولة جنوب السودان لجيشه، معتبراً أن الحكومة تقوم بتضليل الرأي العام المحلي والاقليمي والدولي بحديثها عن وجود دعم عسكري من جوبا للجيش الشعبي.
عقار : دمرنا خمس محاور في جنوب كردفان واثنين في النيل الازرق
يقول رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان مالك عقار لـ(عاين) إن التصعيد الحادث في منطقتي النيل الازرق وجبال النوبة لا علاقة لها بخارطة الطريق التي طرحها ثابو مبيكي رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة، ويضيف (لأن الحكومة كانت تقوم باستعداداتها وتجهيزاتها العسكرية سنوياً منذ ان بدأت الحرب في المنطقتين قبل خمس سنوات، وفي هذا العام تحركت القوات الحكومية والمليشيات التابعة من وقت مبكر، عبر ثمانية محاور لضرب الجيش الشعبي). ويقول (اؤكد لكم إن ما تبقى للقوات الحكومية ثلاثة محاور فقط، وفي النيل الازرق بدأت بأربعة محاور وقد فشلت محاولاتها وتبقى لها محورين وقواتنا الآن على بعد 20 كلم من الدمازين عاصمة الولاية). وسخر من تصريحات مسؤولين في الحكومة قولهم إن ما تبقى من الحركة الشعبية جيوب، ويضيف (هذه اسطوانة مشروخة ومكررة منذ العام 2011 نسمع بها واذا كانت هذه الجيوب يتحدثون عنها سنوياً لأصبحت جيوباً ضخمة. ربما تتحدث الحكومة عن جيوب ملابس وليس جيوب الجيش الشعبي)، مؤكداً أن الجيش الشعبي لم تتم هزيمته في معارك جبال النوبة والنيل الازرق.
وفي الأول من أبريل الجاري، قامت حكومة ولاية جنوب كردفان بتنظيم مسيرة من مقر حكومة الولاية إلى مقر الفرقة (14) في مدينة كادوقلي عاصمة الولاية، إحتفالاً بإنتصار الجيش الحكومي على الحركة الشعبية في منطقة (ام سردبة)، وتقدم المسيرة والي الولاية اللواء أمن عيسي آدم ابكر. غير أن الجيش الشعبي نفى استعادة القوات الحكومية المنطقة، وقالت على لسان المتحدث باسمها ارنو نقولتو لودي لـ (عاين) ان الجيش الحكومي حاول دخول المنطقة ولكن تصدى له الجيش الشعبي، مشيراً إلى ان الحكومة تكذب بتصريحاتها لرفع معنويات قواتها.
وقال الوالي إن نجاح الجيش السوداني في توسعة الدائرة الأمنية حول عاصمة الولاية كادوقلي جعلها آمنة من عمليات القصف التي كان ينفذها متمردي الحركة الشعبية ـ شمال. فيما أكد قائد الفرقة (14) مشاه بجنوب كردفان، اللواء ياسر العطا، حرص القوات المسلحة على تطهير محليات الولاية كافة من التمرد. وأشار العطا إلى تماسك قواته وانسجامها في أداء المهام القتالية لـ “تفكيك صواميل” العدو، على حد تعبيره، مشيدأً بسكان كادوقلي.
ولكن لم تمضي سوى ايام قليلة على مخاطبة والي جنوب كردفان للمسيرة حتى قصفت الحركة الشعبية عاصمة الولاية من مسافة (20) كيلو غرب كادوقلي. ويروي شاهد عيان على القصف المدفعي قصته لـ(عاين) إن المواطنين إستيقظوا في تمام السادسة والنصف صباح الأحد الماضي على صوت دوي المدافع والقصف. واضاف الشاهد (بالقرب من منزلنا في حي الموظفين الغربي سمعنا اصوات المدافع، ولم تمضي ثواني وتوالى القصف الذي بلغ 15 دانة كاتيوشا من الجهة الغربية لكادوقلي وقد أسفر القصف عن مقتل شخصين وإصابة ثلاثة آخرين). وقال شاهد العيان والذي يعمل موظفاً في الولاية (نعم كمواطنين في الولاية خرجنا للمسيرة، ولكننا نعلم جيداً ان قوات الحركة الشعبية على مسافات ليست بالبعيدة، ولكن لا أحد يمكنه الحديث). وتابع الشاهد (الأن الاوضاع عادت إلى عدم الاستقرار، ويفكر المواطنون الخروج من كادوقلي التي من المؤكد انها ستصبح منطقة عمليات عسكرية في مقبل الأيام).
وأكدت الحركة الشعبية لتحرير السودان قصف مدينة كادوقلي عبر الناطق الرسمى بأسمها العميد ارنو لودى الذي قال لـ(عاين) إن قوات الحركة ارادت ان تبلغ السودانيين رسالة بأن النظام يكذب ويضلل الرأي العام. واضاف لودى (وأردنا أن نوضح إن المسيرة التي أخرجتها الحكومة في كادوقلي ما هي ألا نوع من رفع المعنويات لجيش المؤتمر الوطني المهزوم) وزاد (قصف كادوقلي كان رداً مباشر على الهجمة العسكرية بالقصف الجوي ضد المدنينين في جنوب كردفان )، مشيراً إلى ان النظام تكبد خسائر فادحة في الأرواح خلال المعارك التي جرت خلال إسبوعين.
سلاح الجو السوداني يقصف أهداف مدنية
وكان الناطق الرسمي بأسم القوات المسلحة العميد احمد خليفة الشامي قد قال في تصريح صحفي إن (القوات المسلحة تسيطر على الاوضاع في جنوب كردفان والنيل الازرق وتعمل على حماية المدنيين). ولكن القصف الجوي الذي تعرضت له منطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق إستهدف مواقع مدنية. وقال مراسل (عاين) في جنوب كردفان أن محافطة البرام تعرضت لقصف جوي من قبل سلاح الجو السوداني في الثاني من أبريل الجاري، وقد أدى القصف إلى وفاة إمراة مسنة وهي كجي اتيم (80)عاماً، وجرح الطفل المهنا (12) عاماً.
ومن جهته قال المتحدث باسم الحركة الشعبية ارنو نقولتو لودي في بيان صحفي أن طائرات الجيش الحكومي استمرت في إستهداف المدنيين العزل وممتلكاتهم إلى جانب المؤسسات والمنشأت الخدمية. مؤكداً استهداف عدد من المناطق بطائرة ميج مقاتلة غارت على قرية (كمو فوق) وقصفتها بقنابل، قتلت الطفلة نجلاء عمر (16) سنة، وإصابة ستة أشخاص آخرين وهم : الطفل اجابي علي (13) سنة، عمر عبد اللطيف (55) عام ، اولشيم لالو كودي (30) سنة، أشاي عباس إنجليز (42) سنة، حواء عبد الله (41)، وكالو إسماعيل (30) سنة ونفوق أبقار وماعز.كاشفاً عن القصف أحدث القصف دماراً جزئياً لمبنى مدرسة (حكيمة) للتمريض. إن قصفاً من قبل طائرة (أنتنوف) وقع على منطقة (كُجُر الشعبية) بعدد (13) قنبلة، وفي (كُورجي) قنبلة واحدة، وقنبلتان على (ام سردبة) محدثاً هلع وسط السكان.
الحركة تعلن تقدمها في المعارك
وكشف لودي عن تحرير قوات الجيش الشعبية منطقة كركراي إلى جانب انتصارها فى منطقة (أنقولو) في جبال النوبة. وأكد لودي في بيان له إن قوات الجيش الحكومي المحاصرة داخل منطقة (كركراى) في مقاطعة ام دورين قد هربت من المنطقة بعد أن أحرقت قريتى (الهبيل وكركراى)، وتم نهب ممتلكات المواطنين والجيش الشعبي في مطاردة هذه القوات.
وفي محور النيل الأزرق، الذي شهد تعبئة عسكرية ومدنية في الاسابيع الماضية بكل من عاصمة الولاية الدمازين، ومحلية التضامن وبوط، إندلع قتال بين القوات المسلحة والحركة الشعبية في محلية الكرمك بموفو. وقال الناطق الرسمي بأسم الحركة الشعبية أرنو لودي في بيان له، ان المعارك في محور موفو بالنيل الازرق، اسفرت عن سيطرة الحركة الشعبية على المنطقة، بعد أن منيت القوات المسلحة بخسائر في الارواح والعتاد.
وحسب مراسل (عاين) بالنيل الأزرق، فأن طيران سلاح الجو السوداني قد أمطر مناطق النيل الأزرق بوابل من قنابل الأنتنوف تركزت في مناطق محلية الكرمك التي تشهد اقتتال دامي. موضحاً أنه في الأول من أبريل تعرضت موفو لعدد (6) قنابل برميلية لم تسفر عن اصابات، والقت ذات الطائرة طراز انتنوف 12 قنبلة على منطقة القنيزية لم تسفر عن اي اصابة.
توتر وسط الجيش الحكومي
من جانبه إستبعد الفريق إبراهيم الرشيد خسارة القوات المسلحة للمعارك إن إستخدمت التكتيكات العسكرية اللازمة في حرب العصابات. ويقول الرشيد لـ(عاين) إن القوات المسلحة لديها الإمكانيات الكافية والقدرة القتالية في حرب العصابات لخبرتها الطويلة في هذا النوع من الحروب على مدى (51) عاماً. و قال أن انتصارها على الجيش الشعبي في المنطقتين اصبحت عامل وقت، مؤكداً أن الجيش الشعبي يعتمد على الحرب الخاطفة الإستنزافية وعدم إمتلاك الأرض لوقت طويل لذلك فلا يمكنه إمتلاك زمام المبادرة وإنزال الهزيمة بالقوات المسلحة. وأوضح أن طبيعة المنطقة الجبلية في جبال النوبة تشكل عاملاً مساعد للجيش الشعبي الذي يستخدمها بمعرفة وطالب الحركة الشعبية والحكومة بالجلوس للتفاوض لإيقاف الحرب.
ولكن مصدر من داخل القوات المسلحة برتبة رائد، فضل حجب إسمه، أكد لـ(عاين) مدى الإضطراب الذي أحدثته معارك جنوب كرفان وسط الجيش الحكومي. ويقول المصدر أن الجيش فقد خلال اسبوعين خيرة ضباط المشاه في مناطق (ام سردبة، مردس والخرصانة) وايضاً في الشهر الماضي فقد افضل ضباطه في النيل الازرق، مشيراً إلى وجود إحباط وسط الضباط والجنود. وأفاد بأن سيطرة قوات الحركة على معظم المناطق التي دار فيها قتال مع إصابات قدرها ب(400) فرد من ضباط الصف والجنود، كاشفاً عن أن الصبغة الغالبة على مقاتلي الحكومة هي مليشيات الدفاع الشعبي والدعم السريع. ويقول المصدر (لذلك لن تتوقف الهزائم حتى يتم استئصال هذه المليشيات)، وأعتبر ان قيادة هذه المعارك اذا تركت للجيش الحكومي فإن النتائج ستصبح مختلفة.