الحوار الوطني … مات سريرياً

 

الحوار الوطني ... مات سريرياً١٠يوليو ٢٠١٤

يبدو أن مبادرة الحوار الشامل مع القوى السياسية و منظمات المجتمع المدني، التى أطلقها الرئيس عمر البشير في مطلع العام الجاري، قد دخلت غرف الإنعاش، و بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة، خاصة بعد حديث البشير نفسه، في مؤتمر شوري حزبه، انه متمسك بتعديل قانون الإنتخابات و إجراءها في المواعيد المحددة العام المقبل ، وقد اجازها في مجلس الوزراء والبرلمان لتصبح امراً واقعاً .

وبذا يعتبر حديث البشير الاخير هي الطلقة ألاخيرة في جسد الحوار، في الوقت الذي أقر فيه مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم غندور بصعوبات تواجه مبادرة الحوار التي دعا لها الرئيس البشير. وقال نائب رئيس الحزب، ومساعده غندور،  ” بدأنا الترتيب لبداية الحوار في اللجنة المعروفة ب(7+7) لكن االاحزاب الممثلة في اللجنة مترددة في المشاركة، و نفى غندور أى إتجاه لتاجيل الانتخابات القادمة ، وقال ” انعقاد المؤتمر العام للمؤتمر الوطني سيكون في 23 اكتوبر المقبل وصولا الى المحطة الانتخابية التي ستجرى في موعدها”.

بداية تعثر مبادرة الحوار

وقد رفضت قوى سياسية معارضة على رأسها الحزب الشيوعي و حزب البعث، والجبهة الثورية  مبادرة وتشكيك في جديته في ظل أستمرار الحروب وسريان القوانين المقيدة للحريات، ومصادرة الحريات، ورهنت  تلك الاحزاب مشاركتها بتنفيذ عدد من الشروط، تتمثل في إلغاء القوانين المقيدة للحريات، ووقف الحرب في دارفور ، النيل الازرق وجبال النوبة، إضافة إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين و المحكومين سياسياً، و إتاحة الحريات الصحفية، وكانت أحزاب الامة ، الشعبي والاصلاح الان قد وافقت في بادئ الامر  الدخول في  الحوار دون قيد أو شرط، لكن اعتقال رئيس حزب الامة الصادق المهدي في منتصف مايو الماضي بتهمة الاساءة الى قوات الدعم السريع  قلل من حماس هذه الاحزاب الى ان قررت تجميد مشاركتها في هذا الحوار فيما عدا المؤتمر الشعبي الذي اعلن مواصلته .

وقد شهدت الفترة الماضية ردة كبيرة  في الحريات الصحفية، بعد عودة مصادرة  وإغلاق صحيفة “الصيحة”، بقرار من جهاز الأمن، عقب نشرها ملفات فساد تورط فيها مسؤولون كبار في الحزب الحاكم، علاوة على حملة اعتقالات واسعة وسط الطلاب والصحفيين و الناشطين ، ليمثل اعتقال رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ في النهود بتهمة الاساءة لقوات الدعم السريع، و إغلاق دار حزبه بالمدينة القشة التى قصمت ظهر الحوار.

تململ أحزاب الحوار

وقد أعلنت حركة الأصلاح الآن الحزب المنشق من الوطني برئاسة غازي صلاح الدين، تجميد مشاركتها وتعليق حوارها مع الحكومة بسبب ما وصفته بالردة البائنة في قضية الحوار والحريات العامة وحرية الصحافة وإستمرار إعتقالات السياسيين . وقالت الحركة  أنها ستسعي لإقناع القوى السياسية الأخرى لأتخاذ نفس الموقف الذي أعتبرته الاصح حتي تلتزم الحكومة بإستحقاقات الحوار المطلوبة.

و قال القيادي بحركة الاصلاح الآن أسامة توفيق لشبكة ـ(عاين) إن حركة  الاصلاح متمسكة بموقفها حول تجميد مشاركتها في الحوار، وأضاف قائلاً ” لم يتغير شئ سىوى إطلاق سراح الصادق المهدي، مازال هناك العديد من المعتقلين  على راسهم رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ ، كما أن تقيد الصحافة ما زال مستمراً ” .

وأوضح أن حزبه رفض دعوة البرلمان للمشاركة في تعديل قانون الانتخابات، وأعتبر أن الدعوة تمثل إستخفاف بالقوي السياسية من قبل البرلمان، و أضاف قائلاً “يريد البرلمان أن يستخدمنا كمساحيق تجميل لوجه المؤتمر الوطني”، وأكد أن إجازة قانون الانتخابات بهذه الطريقة لم تسهم في حل أزمة البلاد.

من جانبه وصف رئيس حزب الامة الصادق المهدي عقب إطلاق سراحه من المعتقل مبادرة الحوار  الوطنى الشامل بـ «الفجر الكاذب»، مشيراً إلى أنها انهارت أمام أول اختبار لحرية الرأي. وطالب المهدي أمام حشد من انصار بمسجد ودنوباوي بأمدرمان، بكفالة الحريات وإطلاق سراح كل المحبوسين لمساءلات سياسية، خاصة رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، وطلاب جامعة الخرطوم الثلاثة كواحدة من أهم استحقاقات الحوار. وأكد المهدى أن المبادرات العديدة التي قدمها أقنعت كثيرين بجدوى الحوار وحظيت بقبول أوساط دولية، وقال «مع كل هذه الإنجازات ضاق النظام ذرعاً بحرية الرأي والنصيحة الصادقة مما كشف عن هشاشة عملية الحوار الموءودة” ، وتابع الصادق المهدي عندما دعا الرئيس البشير لحوار بلا سقوف لا يستثنى أحداً ولا يسيطر عليه أحد عمت البلاد موجة من التفاؤل بفجر جديد فى الوطن، فالعملية انهارت أمام أول أختبار لحرية الرأي.

ومن جانبه أكد نائب رئيس حزب الامة فضل الله برمة ناصر، أن هناك عقبات في طريق الحوار، خاصة التراجع في الحريات العامة و إستمرار اعتقال السياسين والطلاب ، وقال لشبكة ـ(عاين) إن حزبه سيطرح رؤية كاملة ومفصلة خلال الفترة القادمة ، عبر مبادرة جديدة للحوار تعتمد على توحيد السودانيين، و تقديم حزمة مطلوبات للمجتمع الدولي، حتى نتمكن من تجاوز الأزمة السياسية الخانقة، ووصف الاسلوب الذي يتخذه المؤتمر الوطني في تعامله مع القوي السياسية بغير الجيد، وأكد أن الحزب الحاكم لا يعترف بالآخرين، قاطعاً بأن هذه الطريقة لن تقود إلى حل أزمة البلاد.

البحث عن شرعية تمدد عمر النظام

وعد الناشط الحقوقي صالح محمود الحوار الوطني الذي ظل الحزب الحاكم يكرر الحديث عنه، محاولة للبحث عن شرعية لبقاء النظام، خاصة بعد إنفصال الجنوب وتفاقم الازمة الاقتصادية واتساع دائرة الحرب.

وقال محمود لشبكة (عاين) إن فكرة مبادرة الحوار أن حزب المؤتمر الوطني، يبحث عن شرعية جديدة، عقب تأزم الاوضاع في البلاد سياسياً و اقتصادياً، و أضاف أن فقدان مورد النفط والعزله الخارجية التى يعيشها النظام حتى في محيطة الاقليمي، وتصاعد الحركة الجماهيرية في انتفاضة سبتمر الماضي ، أجبرت النظام على الانحناءة للعاصفة بإطلاق مبادرة الحوار، للخروج من الازمة و إرسال رسائل للمجتمع الدولي توحي باظهار جديته في الانتقال لمرحلة جديدة، بمشاركة قوي اليمين التقليدية، وعلى رأسهم حزبا الامة والمؤتمر الشعبي، وقال بعد تعثر مبادرة الحوار عقب التراجع عن الحريات واعتقال زعماء الاحزاب، فضلاً عن إشتداد الحرب في دارفور ، النيل الازرق وجبال النوبة  شرع المؤتمر الوطني في الإتجاة  نحو خطة بديلة ، بدءاً من اجازة التعديلات في قانون الانتخابات واجراءها في مواعيده، مبيناً أذا جرت الإنتخابات في ظل هذه الظروف ستؤدي إلى تعقيد الوضع السياسي المأزوم أصلاً، وكشف عن عدم إعتراف قوى دولية كبرى مثل الاتحاد الاوربي بانتخابات تجري في ظل هذه الطروف، مضيفاً أن الاتحاد الاوربي أبلغ الحكومة بعدم تمويل الإنتخابات في ظل عدم توافق سياسي بين السودانيين أوالمشاركة  في مراقبتها، ورهن صالح تجاوز أزمات البلاد، بأعتراف الوطني بخطورة الوضع الراهن، و تقديم تنازلات حقيقية، تتمثل في القبول بشروط المعارضة المدنية والمسلحة للوصول معهما إلى إتفاق يفضي إلى وضع إنتقالي كامل وحكومة انتقالية، تعيد ترتيب البيت من الداخل وتعمل على فك العزلة المضروبة على البلاد، حتى تقوم بصناعة دستور يشارك فيه الجميع وتنظيم انتخابات حرة و نزيهة.

فشل الحوار يقود إلى انتفاضة شعبية

ومن جانبه قال القيادي في حزب البعث محمد على جادين إن النظام شيع بنفسه   مبادرة الحوار بإصراره  في المضي قدماً بأجراء الانتخابات، في ظل وضع متأزم

واضاف لشبكة (عاين) إن هناك مشاكل وتحديات كبيرة تواجة النظام، على راسها الحروب في المناطق الثلاث، إضافة إلى تفاقم الازمة الاقتصادية، والمتغيرات الدولية ، واقليمياً بالتحالف ( السعودي المصري) ، والحرب في دولة الجنوب وتوتر الاوضاع في ليبيا، كل هذه الظروف لن تصب في مصلحة النظام، واذا أصر ان يسير في هذا الطريق سيواجه عزلة كبيرة قد تؤدي إلى تحريك الشارع ضده وقيام إنتفاضة شعبية تطيح به.

 

 

 This is debug window. Set define(‘DEBUG’, FALSE) in config.php file to hide it.