التفاهم بين الحركة الشعبية وجماعة موسى هلال .. هل يصمد ؟
١٤يوليو٢٠١٤
اثار توقيع الحركة الشعبية في السودان ومجلس الصحوة الثوري بقيادة الزعيم القبلي موسى هلال مذكرة تفاهم بينهما ردود فعل متباينة بين رافض للاتفاق باعتبار ان هلال احد قادة مليشيات الجنجويد التي قاتلت مع الحكومة السودانية في دارفور ، واخرون ايدوا الاتفاق لجهة ان تقسيم حلفاء نظام البشير يساعد بتعجيل سقوطه ، لا سيما ان هلال من حلفاءه الاقوياء لما يمتلكه من زعامة قبلية في دارفور ونفوذ يمتد الى داخل تشاد للمصاهرة بينه والرئيس ادريس ديبي .
ويعتقد اسماعيل اغبش القيادي في مجلس الصحوة الثوري وهو الذي وقع على المذكرة انابة عن موسى هلال في حديثه لشبكة ( عاين ) ان توقيع المجلس مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية ليس تاكتيكاً سياسياً وانما اتجاه حقيقي لانهاء الحروب في السودان ، ويقول ( هي مذكرة سياسية اكثر من كونها عسكرية وتدعو الى اجراء حوار وتحقيق السلام ) ، غير انه يرى ان المؤتمر الوطني الحاكم ما زال يناور ويماطل في تحقيق طموحات الشعب السوداني ، ويضيف ( ما ظل يلعبه الحزب الحاكم هو خلق الفتن بين القبائل ونحن بهذه المذكرة واخريات سنوقعها مع مختلف القوى السياسية بما حركات دارفور سنفرض ارادة السلام ولذلك نحن متمسكون بكل بنود مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية وسنعمل على تطويرها وتنفيذها )
ويشدد اغبش على ان مجلس الصحوة بقيادة موسى هلال ليس تنظيما قبلياً رغم ان هلال زعيم قبلي ، ويقول ان المجلس مشروع سياسي بدأ لاحداث اصلاح سياسي وعقد المصالحات القبلية التي مزقت البلاد ، نافياً ان يكون هلال مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وان اسمه لم يرد ضمن المطلوبين ، ويضيف ( لم يكن هلال قائد لمليشيا الجنجود لانه ليس قائداً عسكرياً صحيح هو زعيم قبلي والحرب التي اندلعت في دارفور عام 2003 فرضت عليه بان يتخذ موقفاً واضحاً خاصة بعد ان استهدفت حركة العدل والمساواة التي تكونت من مليشيا الدفاع الشعبي التابع للنظام مناطق البدو ) ، وعد ان المؤتمرين الوطني بقيادة الرئيس عمر البشير والشعبي بزعامة حسن الترابي مسؤولان عن ما حدث من هتك للنسيج الاجتماعي ، وتابع ( هذه المجموعة لها اجندة شيطانية في السودان وهي التي دمرته )
ولم يستطع المتحدث الرسمي للقوات المسلحة السودانية الصورامي خالد سعد ادانة توقيع مجموعة موسى هلال على مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية بشكل مباشر ، بل انه ردد في حديث مع شبكة ( عاين ) ان هلال والقوات التي يقودها ما زال هناك ود خاص معها ، وان هلال ليس جهة معادية للجيش الحكومي حتى الان ، ويضيف ( القيادة السياسية والعسكرية ستدرس مذكرة التفاهم وستقرر ان كان هلال متمرداً ام لا ، خاصة انه ما زال مستشاراً في الحكومة وعضواً في البرلمان ) ، لكنه عاد ليقول ان قانون القوات المسلحة سنص على ان اي شخص يتعاون او يتفق مع التمرد فانه يصبح جزءاً من المتمردين
ويرى السودانيون المؤيدون لمذكرة التفاهم بين الحركة الشعبية ومجلس الصحوة بقيادة موسى هلال بانها تصب في خانة انهاء النظام الحاكم بسرعة وانها نوع جديد من التحالفات ضد الخرطوم اذا مضت قدماً لما يمثله هلال من ثقل قيادي كزعيم قبلي في دارفور ، وقال عدد منهم تحدثوا لشبكة ( عاين) ان المذكرة ستخلق حيوية سياسية في السودان بعد الجمود الذي حدث والركون في قضية الحوار الوطني ، ويقول المؤيدون ( اذا مضت المذكرة الى الامام سيكون لها تأثير كبير على الارض باعتبار انها محاولة جادة لعزل القبائل العربية عن الخرطوم بعد ان تضررت من سياسات النظام الذي استخدم هذه القبائل ضد جيرانها ” ، واضافوا ان التحالف الجديد سيحاصر قوات الدعم السريع التي ظلت الخرطوم وما زالت تستخدمها في القتال ضد الجبهة الثورية في جبال النوبة ودارفور .
اما الرافضون للمذكرة مثل المحلل السياسي فوزي امين الذي رأى ان من حق الحركة الشعبية ان توقع ما شاءت من مذكرات تفاهم او تنسيق مع من تشاء من القوى السياسية او القبلية غض النظر عن المسميات حسب التوقيت الذي تراه مناسباً او الجهة التي تراها مناسبة ، ويقول ان من حق الاخرين الاعتراض او توسيع المشاركة تحت ذات المظلة او من خارجها ، ويضيف ( على الرفاق في الحركة الشعبية ان تتسع صدورهم في الاجابة على الاسئلة التي تطرحها المذكرة ) .
ويقول فوزي امين لشبكة ( عاين ) ان مجلس الصحوة بقيادة موسى هلال انه مجلس عشائري او قبلي وهذا يقدح فيه لان اغلب الكيانات بفعل سياسات نظام البشير الذي اتخذ هذا المنحى في التحالف مع القبائل ، ويضيف ( هل الشيخ موسى هلال مؤهل للعب هذا الدور ؟ ) ، ويقول (هلال هو جزء من الذين هتكوا النسيج الاجتماعي وممن خلقوا المرارات والعداوات وان كان صادقاً عليه ان يبدأ بنفسه بكل ممن حوله من قبائل عربية او افريقية في مجالسها ويعلن امامها مسؤوليته عن ما هو مسئول عنه ويطلب الصفح عن جرائمه ) ، ويضيف ( هلال يعلم ان العمل علي تقوية اواصر الاخوة الشريف بين السودانيين لا تاتي عن طريق فوهة البندقية ولا الاماني الطيبة ) ، ويتابع ( لماذا لم تتطرق المذكرة الي اعادة الاراضي المغتصبة من القبائل الافريقية والتي تم احلالها بقبائل عربية من داخل السودان او خارجه او ما يسمي بعودة النازحيين الي قراهم ) ، ويقول ( شخصياً انا مع استيعاب معارضة اللحظة الاخيرة شريطة عدم ارتكابها جرائم ضد الشعب السوداني وحتي لا نفتح باب عفا الله عن ما سلف )
وتعد المذكرة هي الاولى من نوعها بعد ان اتخذ هلال مواقفاً مناهضة ضد الحكومة السودانية قرابة العام ما يشئ بانه اقرب الى التمرد ، غير ان الموقف الحكومي لم يتضح بعد بصورة جلية ، سوى ان ارسل المتحدث الرسمي باسم الجيش رسائل مبطنة الى موسى هلال فيها الوعيد والتحذير ، واخرى فيها اللين بان القوات المسلحة لن تتعامل معه في الوقت الراهن باعتباره متمرد رغم توقيعه اتفاقاً مع حركة متمردة .
والمذكرة التي احتوت على بنود كثيرة ونشرت في عدد من المواقع حددت العمل المشترك بين الطرفين في انهاء الحروب في البلاد وقيام دولة المواطنة ، وانهاء النظام الشمولي واحلاله باخر ديموقراطي ورتق النسيج الاجتماعي والحفاظ على وحدة السودان شعباً وارضاً على اسس جديدة وقيام علاقات متوزانة بين المركز والاقاليم ، واتفق الطرفان على ضرورة ان يمضي مجلس الصحوة الثوري قدماً في حواراته ومباحثاته الجادة والعميقة مع الجبهة الثورية وقوى الاجماع الوطني والاحزاب السياسية الاخرى وصولاً الى اجماع وطني ورؤية مشتركة تعبر بالبلاد الى آفاق السلام ال