الاخوة والاخوان .. معركة كسر العظم

 

الاخوة والاخوان .. معركة كسر العظم

شبكة عاين – ٢٣ يونيو ٢٠١٥  

صراع الاخوة والاخوان ( المسلمون ) الى اين سينتهي وهل ستنجو بلادنا من شره ؟ سؤال بات يشغل حيزا كبيرا في تفكير الخبراء والمراقبين بل وحتى المواطنين ، لا سيما وان (الاخوان)  المدنيون  بدأوا في تضييق الخناق على (الاخوة)  العساكر بالازمات التي تكاثفت ابتداءا بالوقود ثم الكهرباء والمياه وفي الطريق الخبز ، ما  يشئ ان (الاخوان) يشهرون سلاح الخدمات الضرورية كرتاً احمراً في وجه (الاخوة) .

خيارات البشير تضيق على رفاق السلاح  

وضاقت على البشير خيارات كثيرا على نحو الذي تجلى اخيراً في اختياره لطاقمه المعاون اذ تقصلت خياراته لاهل الولاء في ضابطين اثنين احدهما  بكري حسن صالح الذي ابقاه الى جانبه نائبا اولا في القصر الجمهوري وهو الوحيد المتبقي من زمرة الضباط الذين ظهروا برفقة  البشير في مجلس قيادة  انقلاب 30 يونيو 1989م والاخر هو عبدالرحيم محمد حسين الذي رغب البشير بشدة في تجديد ثقته فيه لتولي وزارة الدفاع مرة اخرى ، باعتبار ان الجيش بؤرة الانقلابات العسكرية في العالم الثالث ولابد من وجود رجل من اهل الثقة وليس بالضرورة من اهل الكفاءة على رأسه ، لكن (الاخوان) بقيادة علي عثمان قطعوا الطريق امام رغبة البشير الذي لم يجد مفرا من سحب الرجل وتسميته واليا للخرطوم .

وكان البشير قد احرز اهدافا ذهبية في مرمى الاخوة منذ خطاب الوثبة الشهير حيث اقصى عتاة الاسلاميين الذين ظلوا وجوها دائمة وتحولوا الى رموز وايقونات منذ وثوب الاسلاميين الى السلطة حيث ابعد في مفاجأة من العيار الثقيل نائبه الاول علي عثمان ونائبه في الحزب نافع علي نافع الذي ظل ممسكا بالملفات الحساسة طيلة سنوات مابعد المفاصلة، وكان ابرز المدافعين عن البشير وحكم الاسلاميين وتحتفظ له اضابير السياسة السودانية بلغة جافة وعبارات مسيئة لايتورع عن الحاقها بخصومه السياسيين حتى اطلق عليه الامام الصادق المهدي لقب (ابوالعفين) .

الى جانب وجوه بارزة بينها عوض الجاز المسؤول الاول عن التشكيلات العسكرية والامنية بالانقاذ واسامة عبدالله القيم على ملف السدود وكمال عبدالطيف مسؤول الامن الشعبي وقبلهم صلاح عبدالله “قوش” مدير جهاز الامن والمخابرات ومستشار الامن القومي ، ورغم ثقل تلك الاسماء التي ازيحت تباعا عن المشهد السياسي بالسودان مضت الاحداث عادية حتى جاءت الانتخابات الاخيرة التي كشفت للبشير والمجموعة العسكرية مدى انعزالهم عن الشارع عكس ما كان يزينون له .

صدمة البشير من الانتخابات

وكشفت مصادر من داخل الحزب الحاكم فضلت حجب هويتها لـ (عاين ) ان البشير اصطحب صديقه عبدالرحيم محمد حسين في جولة سرية بدون حراسة الى بعض مراكز الاقتراع ، وهال على الرجل ومرافقه ضعف الاقبال على صناديق الاقتراع الذي اوشك ان يتحول الى مقاطعة شاملة ، وتؤكد المصادر ان الرجل افرغ صدمته في قولة غاضبة “الجماعة الديل ماقالوا لي الحكاية كدا” .

ويعتقد كثير من المراقبين ان تلك المسألة نفثت في روع البشير ان “الاخوان” يتآمرون ضده لاظهاره بمظهر الرئيس المعزول ولعل ذلك مادفع البشير لابعاد ابراهيم غندور من الحزب واستبداله بابراهيم محمود في التعديلات الاخيرة. وبدت تسمية  إبراهيم محمود للحزب تشبه تسمية الزبير أحمد الحسن أميناً عاماً للحركة الإسلامية في ذلك المؤتمر الفاصل، فكلاهما بات تحت قبضة الرئيس كما يؤكد المراقبون. وهو يشبه الى حد كبير تنسم ابراهيم احمد عمر واحمد ابراهيم الطاهر مقعدي الترابي في الحزب والبرلمان بعد المفاصلة  قبل عقد ونصف من الان وكان الناس يتندرون ان البشير استبدل حسن الترابي بـ(ابراهيم احمد) و(احمد ابراهيم) تماما مثل (احمد) و(حاج احمد) وهو قول يردده المواطنين السودانيين اذا ارادوا ان يؤكدوا عدم وجود فروق بين امرين او شخصين فيقول لك (احمد) و(حاج احمد). وساد اعتقاد قوي في الدوائر الضيقة لصنع القرار بالسودان ان البشير بتلك الخطوة – تعيين ابراهيم محمود- طوى الحزب تحت جناحه وحوله الى ادارة صغيرة داخل القصر الجمهوري.

عودا على بدء فان سحب البشير لعبدالرحيم محمد حسين الى الخرطوم اراد ان يرسل الى اعداء اليوم – اصدقاء الامس- من الاسلاميين انه حرس عاصمة بلاده بالرجل الذي المؤتمن لديه مع الاخذ في الاعتبار ان الانقلابات العسكرية تستهدف متحركاتها العاصمة بشكل مباشر فلسان حاله يقول :حتى لو تركت لكم الجيش فان الانقلاب لن ينجح لان العاصمة تحت سيطرتنا” ويبدو البشير متماهيا مع نهج نظام بشار الاسد الذي حافظ على دمشق متماسكة تحت قبضته تاركا العواصف تهب بشدة على غيرها من محافظات سورية طيلة الاعوام الماضية.

وحسب التسريبات فان علي عثمان ذكر البشير في اجتماع المكتب القيادي للحزب الحاكم الذي خصص لاختيار الطاقم الحكومي بوعده في المرة السابقة بانهاء خدمة عبدالرحيم محمد حسين في وزارة الدفاع فاضطر البشير تحت وطأة الغضب لرفع الاجتماع قبل ان يعود مرة اخرى ويعلن  استجابته الى الطلب ويعلن تعيين عبدالرحيم واليا للخرطوم رادا الصفعة لعلي عثمان اذ يعتبر الوالي عبدالرحمن الخضر احد ابرز رجاله واكدت التسريبات ان الخضر يعيش في حالة نفسية سيئة لأن اسمه كان مطروحا بقوة حتى اللحظات الاخيرة وان امر اعادة تسميته واليا للخرطوم كانت مسألة وقت ليس الا.

ويؤكد المحلل السياسي احمد الساري لـ (عاين ) ان العسكر ينتظرهم صيف ساخن من قبل اخوتهم الاسلاميين المدنيين الذين لن يتوقفوا كما تدل الوقائع اليومية عن تدبير المكائد ونصب الفخاخ لاولئك حيث اتسعت دائرة قطوعات المياه وظلت احياء في الخرطوم ، بحري وامدرمان تعاني طوال الاسابيع الماضية من شح بل وانعدام مياه الشرب حيث وصل سعر برميل المياه في بعض احياء العاصمة الى (35) جنيها في حين تفاقمت ازمة الوقود وكشفت الهيئة الفرعية لمواصلات ولاية الخرطوم عن تشكيل آلية مشتركة لحل مشكلة المواصلات وتأكد رئيس الهيئة دياب قسم السيد لـ”المركز السوداني للخدمات الصحافية” المقرب من جهاز الامن والمخابرات يوم السبت الماضي أن اللجنة التي تم تكوينها شرعت في إجراء اتصالات مع إدارة النقل والبترول والجهات ذات الصلة للاتفاق حول رؤية وحلول عملية لتوزيع الوقود على المواصلات بالخرطوم، مضيفاً أنهم بصدد تخصيص طلمبات محددة لمد المركبات بالوقود كي لا تتأثر بمشكلات التوزيع.

واعتبر محللون وخبراء اقتصاديون ان تخصيص طلمبات بعينها لتزويد مركبات النقل العام بالوقود مقدمة لعودة (الكوتة) والصرف عبر (البطاقة) كما كان في سنوات الانقاذ الاولى حيث كان يخصص لكل مركبة حصة يومية تصرف عبر (البطاقة) ، واتحدت ازمة الكهرباء مع ازمة المياه والخبز التي بدأت تطل برأسها واتساع الاحتجاجات المناطقية بسبب نزاعات الاراضي بالحلفاية والحماداب والشجرة والجريف شرق التي شهد سقوط ثلاثة قتلى نهار الجمعة الماضية لتجعل الارض تهتز تحت اقدام المجموعة العسكرية باضلاعها الثلاثة (البشير وبكري وعبدالرحيم) .

ويؤكد محلل سياسي طلب حجب هويته لحساسية الموضوع متحدثاً لـ (عاين ) أن العسكريين بطبيعة خلفايتهم لايحسنون اللعب في مضمار السياسة وان اخوتهم السابقين الذين وصفهم بـ(تحالف الغاضبين) بارعون في مكائد السياسة وتأليب المواطنين على السلطة ، وضرب مثلا بتصرفات الجبهة الاسلامية بزعامة الترابي ابان كارثة السيول والامطار الشهيرة في 1988م حيث كانوا يشترون الخبز ويلقون به في مصرف مائي في ام درمان ( خور ابوعنجة ) لاحكام الازمة وتضييق الخناق على حكومة الصادق المهدي، كما اتخذوا من البنوك الاسلامية وسيلة لتخرين الذرة (العيش) التي تشكل الغذاء الرئيسي لاهل السودان حتى اشتهرت في البنوك الاسلامية في صحافة ذلك الزمان بـ(بنوك العيش) .

ويضيف المحلل السياسي يبدو جلياً ان صدمة الانتخابات جعلت البشير يعيد التفكير بقوة في تحالفاته في الحكم سيما مع تزايد خطر الترابي الذي بدأ تلاميذه السابقون الاتصال به سراً ، وبمكر شديد حاول البشير تبني شعار ” انه رئيس لكل السودانيين” في محاولة مكشوفة لخداع المواطنين واجتهدت المجموعة التي تحيط بالبشير في ابعاد اي مظاهر اسلامية عن احتفالات التنصيب حيث خلت اللافتات التي ارتفعت في ارجاء الخرطوم وطرقاتها الرئيسة من اي شعارات اسلامية وحلت بدلا عنها شعارات وطنية بل اشعار واغنيات  لمبدعين عرفوا بميولهم اليسارية الصارخة كمحمد وردي ومصطفى سيد احمد وعبدالكريم الكابلي والشاعر محمد الحسن سالم “حميد”.