استهداف جديد لطالبات دارفور في داخليات جامعة الخرطوم
الخرطوم: عاين
١٢اكتوبر٢٠١٤
شهدت جامعة الخرطوم أحداث وصفت بالمؤسفة كان مسرحها سكن الطالبات بوسط الخرطوم ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، عندما داهمت قوات الأمن داخليات مجمع الزهراء (البركس) وأجبرت الطالبات بإخلاء السكن بالقوة، مما أسفر عن إعتقال 50 طالبة وتعرض عدد منهن للضرب والتحرش الجسدي واللفظي ، وليست هي المرة الاولى التي تعتدي فيها الشرطة على داخليات الطالبات ، حيث تم الاعتداء العام الماضي ابان فترة الاعياد على داخليات الطالبات واجبرن على الرحيل قسراً .
وأفاد شهود عيان من الطالبات تحدثن لشبكة (عاين) أن مداهمة كبيرة تمت لمقر سكنهن بداخليات البركس -شرق جامعة الخرطوم – في صباح الأثنين الخامس من اكتوبر ، واشارت الطالبات إلى أن القوة التي داهمت الداخلية تتكون من أفراد يتبعون الى جهاز الأمن وشرطة مكافحة الشغب وقوات الدعم السريع وبقيادة الصندوق القومي لرعاية الطلاب وإداريين مسئوولين عن الداخليات، وأن القوة قامت باعتقال طالبات وضرب الآخريات والتحرش بهن.
مداهمات واعتقال اكثر من ( 50 ) طالبة
وتقول طالبة تدرس في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا فضلت عدم تعريف اسمها لشبكة ( عاين ) انه في تمام الساعة 11 صباحا تفاجأنا بأعداد كبيرة من أفراد جهاز الأمن بالزي المدني يحملون عصي وهراوات يقتحمون الداخليات وبرفقتهم افراد من قوات شرطة مكافحة الشغب التي ظلت ترابط أمام بوابة الداخلية منذ أحداث سبتمبر في العام الماضي ، وتضيف ان مسؤولين من إدراة صندوق رعاية الطلاب ومسؤول الداخلية فيصل محمد أحمد شاركوا في عملية الاقتحام ، وتؤكد ان جميع الطالبات في الداخلية من بنات دارفور، ليس لديهن من يستضيفهن أيام العيد آثرن البقاء في الداخلية ، وتقول ان السلطات الامنية التي داهمت الداخلية امرت الطالبات إخلاءها فورا، بعد تعرضهم للطالبات بالضرب بالعصي والترهيب والتحرش بهن لفظيا وجسديا بحسب افادات الطالبات، كما تم اعتقال (50) طالبة .
فيما عبرت طالبة اخرى في حديثها لشبكة ( عاين ) عن قلقها على مصير شقيقها الذي اعتقل في الأحداث ، وقالت ( أخي كان موجوداً بالصدفة وحاول أن يساعدنا في الخروج من الوضع الحرج الذي تعرضنا له ولكنه اعتقل ولا ندري مصيره حتى الان وانا قلقة عليه) ، وأكدت أن التحرش الجسدي وقع على طالبات خلال مداهمة السلطات للداخليات ، خاصة الطالبات من دارفور وقالت ( تم اعتقال أربع طالبات أمام أعيننا بعد أن تم ضربهن بقسوة وشتهمن بالفاظ بذيئة) ، واردفت (حواء تمت تعريتها وضربها كانت ترتدي توب وجلباب فأمسكوا بها وخلعوا عنها التوب ثم رفعوا جلباباها من الخلف وانهالوا عليها ضربا، واحدهم يشتمها ويقول لها : الليلة نهايتك ياحواء ونهايتكم يابنات دافور ) وتتابع ( لقد وصفونا بالمجرمات ) ، وأشارت الى أن مدير داخلية الزهراء فيصل محمد احمد كان ضمن القوة التي داهمت الداخلية وتوعد الطالبات بالتحرش والاعتقال
السلطات تعترف باعتقال 22 طالبة فقط
وأكدت لجنة مكونة من طالبات دارفور عقب الاحداث ان عدد الطالبات اللائي اعتقلن هن (50) طالبة ، غير أن السلطات اقرت باعتقال (22) منهن بينما لا يعلم أحد بمصير البقية، وتقول عضو اللجنة (سعدية) لشبكة (عاين ) ان لجنتها تأكدت من ان ( 22 ) من الطالبات قد تم احتجازهن في مكاتب جهاز الأمن ، وتضيف ان عدد المحتجزات في سجل اللجنة هن (50 ) طالبة ، وعدت ان بقية الطالبات المحتجزات بعد اعتراف السلطات الامنية باعتقال (22 ) اصبحن في عداد المفقودات ولا يعرف مصيرهن ، وتقول ( وضع المفقودات هو الاخطر الان ) ، وأشارت سعدية إلى أن عدد من طالبات دارفور قد تم استضافتهن عند صديقات وناشطات في الخرطوم ، كما استضاف حزب المؤتمر السوداني في داره بشمبات (24) طالبة وأكدت أن رئيس الحزب إبراهيم الشيخ تعهد بتوفير سكن بالايجار للطالبات المقيمات في دار الحزب إلى حين توفيق أوضاعهن
طالبات دارفور يصفن تعامل السلطات معهن بالعنصرية
ووجهت طالبات دارفور اتهامات ضد السلطات الامنية في الخرطوم باستهداف طلاب وطالبات دارفور، وكشفن عن أن قوات جهازالأمن تتعمد أساءتهن بألفاظ عنصرية، وقالت طالبة طلبت ان يرمز لها بالاحرف (م.أ ) وتدرس في جامعة السودان (السلطات تستهدفنا كدارفوريات وتعمدوا الإساءة إلينا بالفاظ عنصرية – يا بنات دارفور يا مجرمات يبتعات المشاكل) ، وتضيف ( وسبق أن حذروا الطالبات في الداخليات الأخرى من التعامل معنا والكل يذكر أحداث جامعة الجزيرة التي راح ضحيتها عدد من طلاب دارفور) .
من جانبها تقول سعدية في كل قضية تتعلق بدارفور تتعامل السلطات الامنية مع طالبات وطلاب دارفور بقسوة ، وتضيف ان المذكرة التي تقدم بها نواب البرلمان من الاقليم الى مجلس الولايات في اغسطس الماضي احتجاجاً على تجاهل الدولة للحرب الاهلية في دارفور والاشتباكات القبلية بين المعاليا والرزيقات ،وتقول ( غيرأننا فوجئنا بتعامل غريب من السلطات معنا حيث أنهالوا علينا ضربا بالعصي والغاز المسيل للدموع ) ، وتورد واقعة حدثت لها في ذلك اليوم وتضيف ( عندما حاولت الهرب طاردني أحد أفراد جاهز الأمن ومعه شرطي لأنني أحمل كاميرا وقد امسكا بي جوار قصر الشباب والأطفال وتم ضربي من قبل فرد الأمن بآلة حادة وشج رأسي وسالت الدماء بغزارة وعندما تجمهر الناس قال لهم :دي حرامية أمسكنا بها) ، وتقول (المفارقة أنهم اضطروا لاستخراج أورنيك 8 لعلاجي وقمت بتصويرهم بالكاميرا ولا زلت احتفظ بالأورنيك وبالصورة التي لم يتمكنوا من إزالتها بعد ان أربكهم منظر الدماء التي سالت من رأسي) .
المعارضة تستنكر وتحمل جهاز الامن المسؤولية
ومن جانبه استنكر تحالف قوى الاجماع الوطني الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع طالبات داخليات (البركس ) خلال أخلائهن من السكن بالقوة ، ووصف رئيس الهيئة العليا والناطق الرسمي باسم التجمع فاروق أبوعيسى تصرف السلطات مع الطالبات بالمسيء مشيرا إلى أن جهاز الأمن تحول إلى جهاز عنصري، وقال أبوعيسى لشبكة(عاين) ان المنظر الذي رسمه جهاز الأمن كان قبيحاً ومسيئاً ) ، وأضاف (الطالبات يعانين كثيرا لأجل تحصيل العلم والمعرفة وكان من الواجب إكرامهن بدلاً من الأساءة لهن ) ، ويردف (هذا التصرف غريب على أخلاق أهل السودان ولكنه ليس بغريب على جهاز الأمن الذي أصبح جهاز عنصري من الدرجة الأولى ويسعى للتفرقة بين السودانيين من خلال هذه التصرفات) ، داعياً من وصفهم بالعقلاء في الحكومة التدخل لتدارك ما حدث للطالبات ، ويقول ( أناشد العقلاء في هذه الحكومة – إن وجدوا- أن يتدخلوا بأخلاق أهل السودان لأجل الطالبات وحمياتهن) ، مشدداً على أن تحالف قوى الأجماع سيطرح قضية الطالبات في أجتماعه المقبل ، ويضيف ان التحالف كلف لجنة منه بدراسة الاحداث
مشاداة بين افراد الدعم السريع مع الشرطة
المفارقة أن عدد من الطلبات أكدن أن أفراد من قوات الدعم السريع قاموا بحمايتهن من أمن وشرطة النظام وقالت (م.أ) ( منعوني من أن احمل أغراضي وأغراض أختي الصغرى وتوجهت للشارع العام للحصول على عربة أجرى – أمجاد- لنخرج بها أنا واختي ورفيقاتي، غير أن أحدهم طلب من الشرطة أن تقبض علي وبالفعل هجم أثنين منهم علي ووضعوا يدي خلف ظهري ليرفعوني في البوكس، هنا تدخل عدد من أولادنا من دارفور في قوات الدعم السريع وأمروهم بأطلاق سراحي فورا لأنني لم أفعل شيء على حد قولهم ووقعت مشادة بينهم ولكنهم أطلقوا سراحي آخر الأمر).
صندوق رعاية الطلاب يهدم الداخليات لتشييد ابراح سكنية
وكان صندوق رعاية الطلاب قد أصدر تصريحا صحفياً عبر المركز السوداني للخدمات الصحفية التابع لجهاز الأمن ، وذكرمسؤول في الصندوق أن إخلاء داخليات الطالبات كان بغرض بناء (5) أبراج رأسية بعد أن تبين أن هنالك (5) داخليات في المجمع آيلة للسقوط ، وقال مسؤول الإدارة الهندسية في صندوق رعاية الطلاب عبد الرازق عبداللطيف أن فريق من الإدارة الهندسية خلص إلى أن هنالك خمس بنيات آلية للسقوط وأن العمل على إزالتها يتطلب أسبوعاً ، مشيرا إلى أنهم بصدد تشييد خمس أبراج عوضا عن الداخليات التي هدمت، ومن جانبه قال مدير مجمع الزهراء فيصل محمد أحمد – الذي اتهم من قبل الطالبات بإرشاد قوات الأمن – أن الطالبات تم إبلاغهن بإغلاق القسم (ب) من الداخليات قبل شهر بالتنسيق مع إدارة الصندوق في ولاية الخرطوم، وأشاد فيصل بحسب المركز السوداني للخدمات الصحفية بسلوك الطالبات واعدا بأن الصندوق سيوفر لهن سكناً في مجمعات سكنية أخرى، الجدير بالذكر أن التصريح تجاهل الأحداث التي تعرضت لها الطالبات إبان المداهمة بغرض إجلائهن عن الداخليات
وفي هذا الخصوص أكدت الطالبة سعدية أن الطالبات لم يتم أخطارهن بإخلاء الداخليات إلا في يوم 25 من سبتمبر الماضي دون توضيح أسباب أو توفيق أوضاعهن ، وتقول انهن علمن من مصادر خاصة أن الصندوق القومي المسؤول عن سكن طلاب الجامعات يسعى إلى أنشأ مباني استثمارية مكان الداخليات على حد قولها مشيرة إلى أن الطالبات يعشن أوضاعاً صعبة منذ ان تم طردهن من الداخليات وأن عدد من الطالبات سيجلسن للأمتحانات الفصلية عقب عطلة العيد مباشرة .
مطالب باجراء تحقيق فوري حول الاحداث
مبادرة “لا لقهر النساء” – وهي مبادرة نسوية تضم عدد من الناشطات في مجال حقوق المرأة- أدانت عبر بيان سلوك الحكومة تجاه طالبات داخليات (البركس ) ، وجاء في بيان “لا لقهر النساء ” (تأتي أحداث داخلية البركس المبتدئة في ثاني أيام العيد الأحد الخامس من أكتوبر الجاري والمستمرة حتى الآن ، كملمح إضافي لبربرية وعنصرية النظام ولا أخلاقية النظام) ، وطالبت المجموعة بإطلاق سراح المعتقلات فورا ، وأكد البيان أن عدد من الطالبات تم التحرش بهن وتصويرهن عراة بغرض ابتزازهن في المستقبل ، ودعت المجموعة الى مساءلة المتسببين في الأحداث
وفي ذات السياق أدان هيئة محامو دارفور في بيان ما جرى للطالبات ، وطالبت الهيئة باجراء تحقيق فوري حول الحادثة ، ورفض المحامون تلفيقات الاتهامات من قبل جهاز الامن ضد الطالبات والتي تم نشرها في صحيفة (الانتباهة ) ، ومن بينها اتهام طالبات من دارفور بتحريض زميلاتهن بعدم إخلاء الداخليات وانهن هددن الطالبات بتعرضهن للضرب وسرقة هواتفهن في حال عدم الاستجابة ، وجاء في الاتهام ان طالبات دارفور استخدامهن للأسلحة اليبضاء، وذكر البيان بأن الهيئة قامت بمراجعة كافة اقسام الشرطة ولم تعثر على إي طالبة مما يؤكد أن الطالبات محتجزات لدى جهاز الأمن ، واوردت الهيئة اسماء المحتجزات التي توفرت لديهم حتى أمس وهن : أعتزاز محمد عبد الكريم ، رحاب حامد آدم ، نهلة علي ، سوزان عمر، سعدية بخيت، حواء سليمان، سوزان عمر ، علياء حسون ، عرفة محمد إبراهيم، منال أبكر ، سلمى دقيس، فدوى أحمد، سمية خميس ، حنان، مواهب نجلاء، أماني وأخريات، وطالب البيان بضرورة الضغط على حكومة المؤتمر الوطني لاطلاق سراح الطالبات ولأجل عدم تكرار الحادثة مستقبلا .
ولم تتمكن شبكة (عاين) من الحصول على تصريح على الأحداث من قبل مسؤولي السلطة الانتقالية لدرافور بسبب أن عدداً منهم خارج البلاد بمن فيهم رئيس السلطة الانتقالية الدكتور التجاني سيسي الذي يؤدي شعيرة الحج هذه الأيام، وتمسك البعض بعدم التعليق بحجة عدم درايته بالحادثة.