إنتهاكات حكومية مع إقتراب القرار الإمريكي بشأن العقوبات
شبكة عاين – ٢٠ يونيو ٢٠١٧
هي أيام ليست ببعيدة وتُعلن الولايات المتحدة ومن خلفها مجلس الأمن الدولي، قرار حاسم فيما يختص برفع العقوبات عن الحكومة السودانية، التي تم فرضَها في تسعينيات القرن الماضي. وكانت واشنطن قد ربطت رفع العقوبات بإحراز تقدم في ملفات متعددة، وهي ملف السلام، وإيقاف الحرب في السودان، التوقف عن دعم الإرهاب، فتح ممرات آمنة لإيصال الغذاء للمتضررين داخل السودان، إحقاق الحريات المختلفة.
ولكن مع إقتراب القرار، تراجع الملف السوداني على كافة الأصعدة، حيث شهدت منطقة (وادي) في شرق دارفور عمليات عسكرية كانت هي الأشرس، وعلى سبيل الحريات، قامت السلطات بتدمير عدد من الكنائس ومصادرة الصحف، وإستمر الأمن في الإعتقالات التعسفية، فضلاً عن الإتهامات في التمادي في دعم الارهاب وزعزعة المواطن في مناطق مختلفة. و للوقوف على ذلك إستضافت (شبكة عاين) أطراف مختلفة من مناطق الصراع للحديث حول أوضاع الناس ومدى تقدم وتقهقر الحكومة السودانية في الملفات المرتبطة برفع العقوبات.
رفض إيصال الاغاثة
أكدت الحركة الشعبية التي تقاتل الحكومة السودانية، وجود فجوة غذائية وبشكل متزايد بسبب عمليات القصف الجوي من الطرف الحكومي، الذي لم يتوقف على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار منذ بداية العام الجاري، وقال حاكم النيل الأزرق بمناطق سيطرة الحركة الشعبية، زايد عيسى زايد: (الأوضاع الإنسانية في غاية السوء، خاصة بعد إستهداف الطيران الحكومي مناطق الإنتاج الزراعي في الإقليم)، مضيفاُ إلى ذلك عملية إحراق المزارع بسبب القصف الجوي على مناطق آهلة بالسكان.
وقد خلفت العمليات العسكرية نزوح جديدة في شهري أبريل ومايو الماضيين، وكانت الحركة الشعبية قد إتهمت الحكومة السودانية بخرق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس عمر البشير، حيث هاجمت قوات الحكومة جبل كلقو، كما منعت الخرطوم فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية، ويرى زايد عيسى زايد بعدم فتح الممرات الآمنة مواصلة لإستهداف المواطن بشتى الطرق ومنها رفض إيصال الغذاء والدواء للمحتاجين، وكشف عن وفيات بسبب شح الغذاء وسط الأطفال وكبار السن على وجه الخصوص، في ظل غياب المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات بسبب رفض الحكومة، وهو ما زاد من عمليات النزوح.
وفي سياق آخر قالت حركة تحرير السودان، قيادة عبد الواحد محمد النور، إن الأوضاع الإنسانية في دارفور إزدادت سوءا بعد العمليات العسكرية الأخيرة التي شنتها الحكومة السودانية، وقال المتحدث باسم مكتب رئيس الحركة محمد عبد الرحمن الناير، إن أعداد النازحين داخل الاقليم في ازدياد مضطرد، ومع رفض الحكومة لتوصيل الغذاء وفتح معسكرات النازحين الأمر الذي خلّف أوضاعاً إنسانية سيئة وسط النساء والأطفال، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية لم تتوقف منذ يناير الماضي، وإستخدمت الحكومة فيها بعض الأسلحة المحرمة في الحروب، حيث إستخدمت السلاح الكيميائي في مناطق جبل مرة التي أصبحت خالية من السكان، وطالب الناير بإضافة هذه الحادثة الى جرائم الإبادة الجماعية التي تواجه حكومة الخرطوم.
معارك دفاع
ولكن الحكومة السودانية وصفت العمليات العسكرية في مناطق الصراع بالدفاع عن الأرض، وقال مجدي خلف رئيس مكتب متابعة دارفور، إن هناك محاولة من حركات المسلحة للتوغل داخل السودان لزعزعة الأمن والإستقرار في المنطقة التي بدأت تشهد إستقراراً كاملاً بعد أن تم كسر شوكة التمرد، وأضاف قائلاً: (القوات المسلحة ملتزمة بوقف إطلاق النار، وفي ذات الوقت لن تقف مكتوفة الأيدي عن هجمات بقايا الحركات المسلحة).
وشهدت ولاية شرق دارفورعمليات عسكرية بين قوات الدعم السريع من جهة وحركتي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والقائد طرادة من جهة ثانية، وتزامنت العمليات العسكرية مع رفع الحظر التي حددت واشنطن منتصف يوليو القادم، وطالبت الحركات المسلحة إبقاء العقوبات، وأوضح الناير أن الشروط الموضوعة لرفع العقوبات غير متوفرة، وفي مقدمتها الأمن في الإقليم وإستمرار الحرب، قال إن العمليات العسكرية في دارفور لم تتوقف منذ يناير الماضي، وتابع قائلاً: (العمليات العسكرية هذه المرة كانت هي الأشرس من نوعها في إقليم دارفور)، أما في قضية دعم الارهاب، إتهم الناير الحكومة بدعم الجماعات الإرهابية في كل بقاع العالم، وقال إن الحكومة السودانية متورطة في العمليات العسكرية التي تشهدها كل من ليبيا ومصر و جيش الرب المتمرد في شمال أوغندا.
الإستمرار في دعم الإرهاب
وبالعودة إلى حاكم النيل الأزرق، زايد عيسى زايد، فإنه يتهم الحكومة السودانية بعدم الإلتزام بالعهود والمواثيق، موضحاً أن هنالك عدداً من الخروقات التي قامت بها الحكومة أبرزها الهجوم على معسكرات اللاجئين السودانيين في جنوب السودان، ويعتقد أن هناك تنسيق بين الخرطوم وبعض المليشيات التي تحارب في جنوب السودان، موضحاً إن الإرهاب يأخذ عدة أشكال من الدعم غير المباشر باستضافة بعض القادة الذين يعملون معهم في تنسيق دائم، وكشف عن أن هناك أدلة دامغة تم العثور عليها بالقبض على أسرى من دول الجوار شاركوا في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع، وقال (يبدو أن هناك شيء ما خلف الستار يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية قد يؤدي إلى رفع الحظرعن الحكومة السودانية).
ومن جانبه قال الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية، أرنو لودي: (الحكومة السودانية مازالت تستخدم الغذاء كأداة للحرب في كل مناطق الصراع بالسودان)، موضحاً لـ(عاين) إن الفجوة الغذائية في حالة إتساع بشكل يومي دون وجود أي حلول في الأفق، وطالب أرنو الجهات المعنية بالقرار بالوقوف على الأوضاع ذات العلاقة بالإشتراطات المضروبة، إيفاد مبعوثين محايدين لمعرفة ما إذا كانت الحكومة السودانية حققت أي تقدم في الفترة الماضية.
إتفق متحدثي (عاين) على إن الإشتراطات التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية لرفع العقوبات لم يتم فيها إحراز أي تقدم، وطالبوا بالإبقاء العقوبات، وأجمغوا على أستفادة الحكومة فقط من رفعه، وستستخدمه ضد المواطن السوداني خاصة في مناطق النزاع، والناشطين الذين يعانون من التضييق في الحريات وحقوق الانسان، مثل أوضاع حرية التعبير، حرية الإعتقاد، حرية الإختيار للمرأة في الملبس وغيره، وأكدوا على إن رفع العقوبات يمكّن الحكومة من زيادة القبضة الأمنية على كافة الأصعدة، مجمعين على الإستمرار في الدفاع عن قضاياهم إلى حين إحقاقها.