رغم دمار السودان.. الإسلاميون يقودون مجددًا التعبئة للحرب
عاين- 2 أكتوبر 2025
في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات الداعية لوقف الحرب المدمرة في السودان، انخرط نظام المؤتمر الوطني، الذراع السياسي للحركة الإسلامية، في حملة تستهدف تعبئة المواطنين واستنفارهم للقتال ضد قوات الدعم السريع، على خلفية سيطرة الأخيرة على مدينتي الفاشر وبارا في إقليمي دارفور وكردفان.
مُسارعة الإسلاميين بإعلان التعبئة العامة والاستنفار للقتال، جاءت بالتزامن مع بروز ملامح التسوية السلمية للنزاع في السودان، والتي تقصي نظام الحركة الإسلامية بالكامل عن التمثيل في مرحلة ما بعد الحرب، وذلك وفق ما أقرته خارطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية الدولية، وحظيت بدعم دولي وإقليمي واسع.
وعقب سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر وبارا، أعلنت تسع ولايات التعبئة العامة والاستنفار، كما أصدر حزب المؤتمر الوطني “المحلول” بياناً دعا خلاله إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى في جميع أنحاء البلاد، وإعلان التعبئة العامة لجميع قطاعات الشعب السوداني.
كما طالب جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها بما في ذلك مجالس الوزراء والأمن والدفاع، وحكومات الأقاليم والولايات، الاطلاع بمسؤولياتهم الدستورية والقانونية لحماية أمن ووحدة البلاد، وتجهيز القوات المسلحة والقوات المساندة لها، وتعبئة الشعب بقيام وتفعيل مؤسساته الشعبية بالمحليات والولايات وتوجيه كل الموارد المتاحة، لمواجهة ما أسماها بالمؤامرة التي تستهدف وحدة البلاد.
دعوات التعبئة والاستنفار أكدها ضمنيا الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، خلال تسجيل صوت بثه عقب سقوط مدينة الفاشر في يد قوات الدعم السريع، كما دعا القيادي الإسلامي المقيم في تركيا عبد الحي يوسف إلى الشيء نفسه. وبعد لحظات من خطابات الإسلاميين، أصدر رئيس الوزراء في الحكومة التي يقودها الجيش، كامل إدريس بياناً أعلن خلاله التعبئة العامة والاستنفار.
وشهدت ولاية كسلا ونهر النيل الأسبوع الماضي، عمليات استنفار واسعة قادها كبار المسؤولين مع تعطيل مؤسسات الدولة، وجرى افتتاح معسكر لتدريب المستنفرين قرب المناقل في ولاية الجزيرة. وعلمت (عاين) من مصادر محلية، أن توجيهاً صدر إلى أئمة المساجد في المناطق الخاضعة إلى سيطرة الجيش، لتخصيص خُطبة الجمعة الماضية للحديث عن الاستنفار والتعبئة العامة للقتال.
كان الاستنفار بمثابة ورقة رابحة استخدمها الإسلاميون لتأجيج الحرب في المرحلة الأولى لاندلاعها، بعدما انخرطوا في تجنيد المدنيين بالتزامن مع مساعي إقليمية كانت ترمي إلى احتواء الصراع في وقت مبكر من تفجره، وبعد مضي أكثر من عامين ونصف على القتال وما خلفه من كارثة إنسانية، يطل كرت التعبئة العامة وتجييش المواطنين برأسه مجدداً في المشهد السوداني، ما يثير التساؤلات حول إمكانية نجاحه مرة أخرى في تغذية القتال في البلاد.
ويرى المحلل السياسي عبد الواحد إبراهيم أن فرص نجاح الإسلاميين في جر السودانيين ليكونوا وقوداً للحرب مجدداً ضئيلة، فهم يستطيعون شراء بعض الذمم واختراق التنظيمات المتحالفة معهم مسبقاً وبعض القابلين للتلاعب بعقولهم، لكن هذه فئة قليلة من الكتلة السياسية والشعب السوداني المؤيد لوقف القتال ولديه مواقف رافضة لطرفي الصراع، عبر عنها صراحة خلال ثورة ديسمبر “العسكر للثكنات والجنجويد يتحل”.

ويقول إبراهيم في مقابلة مع (عاين): “سيعمل الإسلاميون مجدداً في الاستنفار على استثارة العواطف الدينية والقومية والوطنية لدى فئات محدودة المعرفة والقدرات العلمية لتحليل الصراع في الوقت الراهن، لكن من حسن الحظ أن معظم الشعب السوداني مدرك لأساليب الحركة الإسلامية، ولديه قناعات بالطرق السلمية لتحقيق تطلعاته، ولا يدعم العنف والعمل العسكري الذي هو من ديدن البرهان ومجموعته”.
من جهته، يقول المحلل السياسي صلاح حسن جمعة، لـ(عاين) إن “ألاعيب الحركة الإسلامية لن تنطلي على الشعب السوداني، ولن يخدعوا مرة أخرى، فقد كانت نتائج الاستنفار في بداية الحرب واضحة، وقد دفع ثمنها المواطنين الأبرياء بتطاول مدة الصراع، والذي أدى إلى تدهور الوضع الإنساني، والقتل والانتهاكات بحق المدنيين”.
ويشير جمعة إلى أن بعض الأصوات في وسائل التواصل الاجتماعي تطالب الإسلاميين بإعادة أبنائهم المقيمين في مناطق آمنة خارج البلاد في تركيا وغيره، ليتقدموا صفوف القتال، قبل دعوة المواطنين الآخرين للانخراط في الاستنفار، وهو ما يعكس وعياً عالياً ومتقدماً تجاه ألاعيب الحركة الإسلامية وفق تقديره.
وتوقع أن تلجأ الحركة الإسلامية إلى عمليات تجنيد إجباري مثلما فعلت في عقود سابقة إبان الحرب في جنوب السودان، لإنجاح خطتها لاستمرار الحرب، وقد تردد على نطاق واسع، بتخصيص حصص في المدارس الثانوية لتدريب الطلاب عسكرياً داخل أسوار المدارس في المناطق الخاضعة إلى سيطرة الجيش دون علم أسرهم، وفق صلاح.






















