“مسيرات وحصار”.. المخاوف تتصاعد في مدينتي الدلنج وكادوقلي

عاين- 2 أكتوبر 2025

تتفاقم الأوضاع العسكرية والإنسانية في مدينتي كادوقلي والدلنج بولاية جنوب كردفان، وباتت حياة المدنيين تحت التهديد المباشر لنيران المسيرات والقذائف وتداعيات حصار خانق مستمر لأكثر من عام. منذ بداية شهر أكتوبر، تصاعدت وتيرة الهجمات التي تشنها قوات “تأسيس” – التحالف الذي يضم قوات الدعم السريع والحركة الشعبية – على المدينتين، وتحولت مراكز إيواء النازحين والأعيان المدنية إلى أهداف عسكرية رئيسية.

ويقول عضو في لجان مقاومة كادوقلي (فضل حجب اسمه) في مقابلة مع (عاين): إن “استهداف مدينة كادوقلي عبر المسيرات بدأ منذ مطلع أكتوبر. وبينما كان الاستهداف في البداية يركز على “المناطق العسكرية”، تحول الهدف بشكل مأساوي ليطال المدنيون.

كان يوم 31 أكتوبر 2025م نقطة تحول دموية، ففي ذلك اليوم، استهدفت المسيرات “معسكراً للنازحين بمقر منظمة الهجرة الدولية” بمدينة كادوقلي، مما أدى إلى مقتل خمسة أطفال في اللحظة نفسها، ولحق بهم طفل سادس بعد يوم من الأحداث متأثراً بإصابته. ويضيف (عضو اللجان) أن خمسة منهم كانوا من أسرة واحدة. وبالتوازي، استهدفت مسيرات أخرى مدينة العباسية تقلي، ما أدى إلى مقتل عدد من النازحين في المدرسة الثانوية هناك، إضافة إلى ثلاثة من عناصر جهاز الأمن، وفقاً لعضو لجان المقاومة.

نزوح من كادوقلي

أدى هذا التصعيد العسكري، خاصة بعد ضرب معسكر النازحين، إلى زيادة كبيرة في حركة النزوح والخروج من كادوقلي، والتي كانت قد بدأت تتزايد بالفعل بعد سقوط بار والفاشر، وفقاً لعضو لجان المقاومة. يصف العضو عملية النزوح بأنها تنطوي على “مخاطر كبيرة” ليس فقط بسبب التضاريس الصعبة في موسم الخريف، بل لأن الخروج قد يوقع النازحين “في أيدي إحدى القوات”.

جانب من مدينة الدلنج

“أمام الساعين للخروج طريقان رئيسيان: إما الخروج إلى أراضي سيطرة الحركة الشعبية، أو الطريق عبر الريف الشرقي أو جهة غرب كردفان حيث تواجد قوات الدعم السريع”. يقول عضو لجان المقاومة لـ(عاين). ويضيف: “اختيار طريق الخروج “يأخذ في بعض الأحيان طابعاً إثنياً” حسب انتماء النازح”. ويؤكد، “الواضح أن هناك ترتيبات واضحة يجري تجهيزها لهجوم على كادوقلي في الفترة القادمة من جهة غرب كردفان وريف شرق”، في محاولة لقطع الطريق الرابط بين الأبيض والدلنج.

الحصار يقتل ببطء

من جانبه، يسرد الناشط الاجتماعي جمال كوكو لـ (عاين) واقع الحياة اليومية تحت الحصار. ويشير إلى إن المواد الغذائية كانت شحيحة حتى قبل المعارك الأخيرة بسبب التضييق الأمني، لكن القصف المستمر خلال شهر أكتوبر على كادوقلي والعباسية تقلي، الدلنج وأبو جبيهة، وتصاعد استخدام الطيران المسيّر، ضيّق الخناق أكثر. ورغم أن الأسواق لا تزال تعمل، إلا أن السلع المهربة تكون “غالية جداً”، والأهم من ذلك أن الخدمات الصحية “غير موجودة”.

وتؤكد عضوة في غرفة طوارئ الدلنج (فضلت حجب اسمها) أن الحصار المفروض، بالإضافة إلى المسيرات، “يضيق الخناق على المواطنين” بشكل كبير، مشيرة إلى “انعدام في المواد الطبية والأدوية وأيضاً شح في الغذاء”. وأضافت أنه في الدلنج، تصدت قوات الجيش لهجوم مسيرة يوم الأول من نوفمبر، ولم تَرِد معلومات عن إصابات وسط المدنيين وقتها، لكن المدينة ظلت تحت تحليق المسيرات خلال شهر أكتوبر، وقد أصيب عدد من المدنيين في وقت سابق.

وتشير التقارير المشتركة لغرف الطوارئ، استمرار الحصار لأكثر من عام، والذي أدى إلى “صعوبة الحصول على السلع والمواد الغذائية وارتفاع أسعارها”. تصل السلع “عبر الجبال في طرق وعرة وبأسعار مرتفعة”، بالتزامن مع انخفاض في القوة الشرائية، في حين تشهد المحليات الشرقية انسياباً للبضائع عبر ولاية النيل الأبيض.

الوضع الغذائي بلغ مرحلة الخطر الشديد، حيث أفاد أحدث تقرير لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC) بأن 40.2% من سكان محلية كادوقلي يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن 63,000 طفل يعانون من سوء التغذية، بينهم 10,000 حالة من النوع الأشد خطورة. وتتفاقم الأزمة بانتشار الكوليرا والأمراض الموسمية، مع تردي وضع المؤسسات الصحية وتأثر 70% من مرافق المياه والصرف الصحي بسبب الحرب.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *