١٥يوليو ٢٠١٤
قامت السلطات السودانية بازالة كنيسة المسيح السودانية التي انشئت في العام (1983 ) في منطقة ( طيبة الاحامدة ) بالخرطوم بحري الاثنين الماضي وسط اجراءات امنية غير مسبوقة بعدد اكثر من اربع سيارات محملة بالجنود من شرطة وجيش واجهزة امنية ، وكادت ان تقع اشتباكات بين مواطني المنطقة وتلك الحشود العسكرية ، لكن لولا تدخل كبار رجال الكنيسة لوقع ما لا تحمد عقباه ، وبرر معتمد بحري قرار ازالة للكنيسة التي تقدم خدماتها لاكثر من (2 ) الف مواطن مسيحي في المناسبات الكبيرة جميعهم من النازحين من جبال النوبة التي تشهد حرباً لاكثر من ثلاث سنوات بان الكنيسة غير مصدق لها بالعمل .
ازالة اكثر من (10 ) كنائس بعد انفصال جنوب السودان
ويقول برنابا كوكو رئيس قساوسة كنيسة المسيح السوداني لشبكة ( عاين ) ان السودان يشهد هجمة كبيرة على الكنائس بعد انفصال جنوب السودان حيث تمت ازالة اكثر من ( 10 ) منها في منطقة الحاج يوسف في الخرطوم بحري ازليت (4 ) كنائس ، وام درمان (3 ) ومثلها في منطقة العزبة بحري وهناك عدد كبير في مناطق السكن العشوائي ، ويضيف ان السلطات ترفض منح التصديق لبناء كنيسة جديدة ، ويتابع ( بل هم يهددون بان الكنائس الموجودة سيتم نزعها ) .
كنيسة عمرها 31 عاماً تتم ازالتها في 24 ساعة
ويقول رئيس قساوسة كنيسة المسيح السوداني برنابا كوكو في حديثه لشبكة ( عاين ) ان الكنيسة التي تمت ازالتها الاسبوع الماضي في منطقة طيبة الاحامدة في الخرطوم بحري يؤمها اكثر من (2 ) الف مواطن في المناسبات الدينية الكبيرة وان اكثر من (400 ) شخص من المسيحيين وان صلاة الاحد لوحدها تستقبل الكنيسة اكثر من ( 700 ) من المؤمنين ، وتساءل ( اين سيمارس هؤلاء شعائراهم الدينية بعد ازالة الكنيسة ؟ ) ، ويقول ( هذه الكنيسة تم بناؤها في مايو من العام 1983 والسلطات رفضت منحنا فرصة لنجمع اثاثات الكنيسة وموجوداتها ) ، ويضيف ( يبدو ان وجودنا كمسيحيين اصبح في خطر خاصة بعد انفصال جنوب السودان وظللنا نسمع من قيادات الحكومة ان المسيحيين في السودان اقل من (3% ) وهذا غير صحيح).
ورفض كوكو تبريرات السلطات السودانية بعدم تصديق الكنيسة ، ويقول ان الكنيسة – مساحتها (200 ) متر مربع – ظلت تلهث وراء التصديق النهائي من السلطات دون جدوى ، ويقول ( لكن معتمد بحري ابلغنا انه لن يصدق ببناء كنيسة مرة اخرى ) ، ويضيف ( كان هناك اصرار من المعتمد بازالة الكنيسة بيد ان مسؤول شؤون الكنائيس في ولاية الخرطوم رفض مقابلتنا وابلغونا ان من طلب بازالة الكنيسة هي اللجنة الشعبية في الحي ) ، مشيراً الى ان آليات الازالة بدأت عمليات التدمير تحت حراسة عسكرية وامنية مشددة وكانت توجه اسلحتها نحو المواطنين ، ويضيف ( كادت ان تنفجر الاوضاع لولا تدخلنا وتهدئتنا للمؤمنين بعدم المواجهة مع الشرطة والامن ) ، ويقول كوكو ( هذه الكنيسة تم التصديق لها بادخال الكهرباء ووزارة الارشاد اكدت ان الكنيسة مسجلة ) ويضيف ( الحكومة ترفض تصديق الكنائس وتوافق للمساجد )
طريقة مهينة عند ازالة الكنيسة
ويعلق احد المصلين في الكنيسة تحدث لشبكة (عاين ) وفضل حجب اسمه لظروف امنية على ازالة الكنائس بقوله ان عدد من سكان الحي من بينهم اعضاء في اللجنة الشعبية من المتشددين الاسلاميين هم الذين طالبوا بازالة الكنيسة بحجة ان غالبية السكان من المسلمين ، غير انه نفى وجود اي اعتداءات تمت من قبلهم على مبنى الكنيسة او المسيحيين ، ويقول ( هناك مسلمون في الحي يتعاملون معنا بشكل جيد للغاية ويرفضون اتجاه هذه المجموعة) .
فيما يرى كوة شمال كودي رئيس الكنيسة التي تمت ازالتها في حديثه لشبكة ( عاين ) وجود ارتباط قوي بين ازالة الكنيسة وقضية مريم يحيى ، ويقول ( ليس قضية مريم وحدها بل الحرب الدائرة في جنوب كردفان منذ اكثر من ثلاث سنوات ) ، ويضيف ان طريقة تعامل السلطات في ازالة الكنيسة اوضحت نوايا النظام تجاه المسيحيين خاصة ابناء النوبة ، ويقول ( لقد تم مداهمة الكنيسة في طيبة الاحامدة بقوة السلاح من شرطة وجيش وامن وذلك يوم الاحد قبل يوم من الازالة وكان هناك مصلون في مبنى الكنيسة ) ، ويشير الى ان احد المسؤولين سلمه خطاب وطلب منه التوقيع عليه بالموافقة على الازالة ، ويتابع ( رفضت التوقيع على ورقة ازالة الكنيسة لانه لا يوجد بديل ولكن السلطات رفضت تحديد مكان جديد واصبحنا نصلي في العراء ) ويضيف ( لقد تمت الازالة واستطعنا فقط ان نخرج بعض من المقاعد واشياء تخص الكنيسة ) .
التعايش الديني في خطر
وقد استنكر امام مسجد كاودا في جبال النوبة ابوبكر هارون في حديثه لشبكة ( عاين ) ازالة كنيسة المسيح السوداني ، ويقول المواطنين في جنوب كردفان يتعايشون مع بعضهم البعض بغض النظر عن الدين او العرق ، ويضيف ( الحكومة السودانية هي التي تستهدف الاديان لانها تعتدي ايضاً على المساجد كما تعتدي على الكنائيس هنا في جبال النوبة ) ، ويشير الى ان القرآن الكريم نص في احدى آياته ( الا اكراه في الدين ) ، ويقول ان تعريف المسيحيين في الاسلام انهم اهل كتاب يحق ان تجاورهم وتتعامل معهم المعاملة الحسنة ، ويضيف ( نحن نعرف ان الدين لله والدولة للجميع سواء كان مسلم او مسيحي او لا ديني على الدولة ان تتعامل معهم سواسية ) ، ويتابع ( لكن الحكومة هي التي تتدخل وهي تستهدفنا جميعاً هنا في جبال النوبة بالقصف والقتل وتدمير الكنائس والمساجد ) .
من جانبه يقول كوة شمال كودي ان السلطات التي يفترض ان تقوم بحماية الكنيسة هي التي حضرت بالاسلحة الثقيلة لازالتها ، ويشير الى ان المسيحيين والمسلمين في جبال النوبة يتعايشون في سلام واحترام متبادل خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية التي لم تشهد فيها اي ازالة للمساجد او الكنائس ، ويضيف ( لكن هنا في الخرطوم تتم الازالة الكنائس والقضية مرتبطة بالحرب في جنوب كردفان ونحن نواجه هذا الاضطهاد الديني ) ، ويقول ( الحكومة تركت المسجد الذي يجاور الكنيسة التي تمت ازالتها ) ، ويتابع ( وبعد كل ذلك يتحدثون عن التعايش الديني ) ، وقد تمت ازالة عدد من المنازل غير المصدق لها بالبناء .
غير ان مسؤول ادارة الكنائس في ولاية الخرطوم ابوعبيدة عثمان نفى لشبكة ( عاين ) وجود استهداف تجاه المسيحيين في السودان ، ويقول ان ازالة الكنيسة تم بناء على اسس صحيحة لان اصحابها تم اخطارهم قبل وقت كافي خاصة انهم قاموا ببناء الكنيسة في موقع لم يكن مصدقاً به ، نافياً ربط قرار الازالة مع الحرب الدائرة في جنوب كردفان ، ويضيف ان اسباب الازلة اعادة تخطيط المنطقة لان الكنيسة في منطقة عشوائية وان ادارته ابلغت المسؤولين عن ، ويتابع (لا يوجد خيار وفقوس بين الكنيسة والمسجد ووزارة التخطيط عندما تعيد تخطيط اي منطقة فانها تزيل البناء غير الصحيح سواء كان فيها مسجداً او كنيسة ) ، مؤكداً ان الكنيسة التي تمت ازالتها تعود الى العام 1983 وان هناك عدد آخر من الكنائس مهددة بالازالة في مربع (5 ) بالحاج يوسف وامكان اخرى ، ويقر المسؤول بعدم معرفته بعدد الكنائس ولا يملك احصاء بعدد المسيحيين في العاصمة .
ويشدد عثمان على ان المسيحيين لهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية دون حجر من اي جهة وان الرئيس عمر البشير يشارك في احتفالات المسيحيين، ويشير الى افطارات شهر رمضان التي تقيمها عدد من الطوائف المسيحية ويدعى لها البشير والمسؤولين في الدولة ، وينفي بشدة اضطهاد الحكومة للمسيحيين ، ويقول ان تصديق الكنائس له شروط واضحة منها معرفة اتباع الكنيسة للطائفة المعينة وان ذات الشئ متبع لدى التصديق ببناء مسجد للمسلمين وان الازالة للمباني غير مستوفية للشروط ، ويضيف عدد كبير من ابناء
النوبة من المسيحيين في الخرطوم وكذلك هنالك الاقباط يتم احترام ممارسة شعائرهم الدينية)
لكن كوة شمال كودي وصف مبررات مسؤول الكنائس بغير المنطقية ، ويقول ان الكنيسة عملت كافة الاجراءات مع وزارة التخطيط العمراني حتى العام 1996 ولكن الوزارة ماطلت في التصديق ، ويضيف ان المسؤولين اكدوا بانهم لن يمنحوا تصديق للكنيسة ، ويتابع ( اين نمارس شعائرنا الدينية ؟ اذا كان جهاز الامن يرفض لنا حتى الصلاة في خيمة في ميدان )