رغم تكرار الحكومة تمديد وقفها اطلاق النار في كافة جبهات القتال في السودان، الا ان العمليات العسكرية في جبل مرة لم تتوقف بل ازدادت وتيرة الهجمات منذ منتصف مارس، وبالاخص في مناطق شرق الجبل الأمر الذي أدى لتشريد جديد لآلاف المدنيين.
وفي اطار سعيها المحموم لتأكيد خلو دارفور من التمرد واستتباب الامن في الاقليم أمام المجتمع الدولي، شددت الحكومة ومليشيات الدعم السريع من الهجمات في جبل مره التي تعد احد اخر معاقل التمرد في الاقليم.وأسفر الهجوم الاخير حسب تقارير دولية وافادات شهود عيان عن حرق عدد من القري وتشريد الاف المدنيين في ظل ظروف انسانية سيئة وانعدام للغوث الانساني ومنع لدخول منظمات الاغاثة للمنطقة جراء استمرار القتال.
بدأت المليشيات الحكومية سلسلة هجمات في 18 من مارس الماضي علي قري (دوبو العمدة سواني باركور ترونقفوقي أورو فينا ليهى)، الامر الذي ادى الى اشتباكات بين قوات حركة عبد الواحد ومليشيات الحكومة.
ويشهد الاقليم محاولات حكومية حثيثة لفرض سياسة الامر الواقع وتطبيق خطته الرامية لانهاء وجود أزمة دارفور علي مستوي الاعلام العالمي ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات الاغاثة الدولية والحكومات الغربية. وفي سبيل ذلك تعمل الحكومة علي تعديل موازين القوي عن طريق جمع السلاح علي الارض بهدف تغيير موازين القوي علي الارض تماما واحراز نصر نهائي ضد كافة من تعتبرهم الحكومة اعداء لها في الاقليم، بما في ذلك الحركات المسلحة، منظمات الاغاثة، اليوناميد.(رابط لتقرير المجموعة السوداية للديمقراطية أولا: سلاح أمراء الحرب في دارفور: زراعة الحرب وحصاد العاصفة).
وتعتمد الخطة الحكومية كذلك علي اقناع المجتمع الدولي بانتهاء الحرب في الاقليم وعودة الاستقرار وجدوي اتفاق الدوحة كمرجعية اساسية للسلام يمكن البناء عليها لاعادة اعمار الاقليم وعودة النازحين الي قراهم وحواكيرهم. في اطار ذلك تسعي الحكومة ايضا في الضغط من أجل تخفيض عدد ومهام قوات بعثة اليوناميد عن طريق التفاوض المستمرة بين الحكومة والأمم المتحدة والاتحاد الافريقي الامر الذي تري فيه عدد من المنظمات تطورا سلبيا يحدث تغرة امنية وانسانية اضافية في الاقليم.
ورغم موافقة الحكومة علي انشاء مركز لقوات اليوناميد في منطقة قولو بجبل مره باعتبارها احدي أسوأ المناطق تعرضا للمصاعب الامنية والانسانية الا ان الحكومة ما تزال تراوح مكانها في توفير الارض وفتح المسارات وتسهيل الاغاثة لتلك المنطقة. يذكر ان بعثة اليوناميد وحكومة السودان وقعتا اتفاقا في يناير الماضي بشأن إنشاء مقرا لليوناميد في قولو لمراقبة الاوضاع الامنية والانسانية في المنقطقة.
ويقول مصدر ببعثة الامم المتحدة اشترط عدم الافصاح عن هويته ل (عاين) لانه غير مخول بالحديث لاجهزة الاعلام ان الحكومة مضت خطوات ايجابية في فتح المسارات الانسانية بجبل مره، وتجهيز الارض لانشاء قاعدة اليوناميد بالمنطقة خلال الفترة التي سبقت رفع الحظر الامريكي عن السودان ، باعتبار االمر أحد شروط ما سمي بصفقة (المسارات الخمسة بين الحكومة والادارة الامريكية). ويقول المصدر ان الحكومة لم تتخلي عن خطتها الاساسية في اخلاء جبل مره من التمرد والمواطنين الذين تعتقد بانتماءهم لحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد، لكنها أجلت الخطة بهدف تمويه المجتمع الدولي والجانب الامريكي. مشيرا الي عودة الحكومة للحرب عقب أشهر قليلة من قرار رفع الحظر في اكتوبر الماضي.
قتل واغتصاب
وصف المواطن محمد عبد الجبار من منطقة دوبو العمدة أحداث الهجوم على منطقتهم بالعشوائية من قوات لا يعرفونها لأنهم اصبحوا على اصوات الرصاص. “داهمت مليشيات الجنجويد حوالي الساعة الخامسة والنصف صباح السبت حصل هجوم على المنطقة جرينا بهدوم النوم وتانين مرقو عرايا حرقوا البيوت وكتلو الناس واغتصبوا النساء”.
موضحاً ان هذه القوات عاودت الهجوم يوم الأحد حيث ركزوا على نهب ما تبقى من ممتلكات. ولم يقتصر الهجوم على منطقة دوبو العمدة حيث تواصل الى منطقة سواني الواقعة بين جبل مرة ومنطقة الملم ويقول المواطن عز الدين امام أحد ضحايا الهجوم، “قوات الدعم السريع هاجمت منطقة سواني وشردت الناس وحرق بيوتهم” كاشفاً عن العملية كانت للانتقام من سكان القرى وتشريدهم وضربهم قبل ان يقع القتل الاغتصاب والتشريد بقوات ضخمة.
” الهجوم كان الصباح جو راكبين 165 حصان و 250 لاندكروزر حرقو 8 اطفال وقتلو في الحين 12 طفل بالرصاص ، وفي 8 حالات اغتصاب لنساء تتراوح اعمارهم ما بين 18 الة 25 شالو 11 ألف جنيه 25 حمار و 60 راس ابل كانوا لكن ديل القوات دي ما جيش العملية كانت عبارة عن نهب لمنطقة تعدادها السكاني 5 الف الان نفتقد لكل شي”
اتهامات ونفي
وكانت حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور قد اتهمت الحكومة السودانية بالهجوم على قواعدها في مناطق شرق جبل مرة. وقال الناطق الرسمي باسم حركة وجيش تحرير السودان قيادة عبد الواحد. محمد عبد الرحمن الناير ان قواتهم تصدت للهجوم واستطاعت هزيمة قوات العدو وإجباره على التراجع . موضحاً ” أن قوات العدو خلفت وراءها عدد من القتلى والعتاد العسكري بينما احتسبت قواتنا عدد 4 قتيل من بينهم قائد ميداني بعد ان حرق العدو 15 قرية وشرد الالاف المواطنين ” ووصف الناير الهجوم بالمواصلة في عمليات الابادة الجماعية والعقاب الذي ينتهجه بحق قوميات سودانية بغرض تهجيرهم من مناطقهم لاستبدالها بمليشيات بغية التغيير الديمغرافي . وزاد ” تصدت قوات الحركة للهجوم واستطاعت هزيمة العدو وإجباره على التراجع مخلفاً قتلاه في ارض المعارك وقد استولت قواتنا على عدد من سيارات العدو وكميات من الاسلحة والذخائر”. لكن مصدر حكومي في ولاية وسط دارفور قال في تصريحات صحفية، بأن القوات النظامية تتعامل الآن مع “فلول” تتبع لحركة عبد الواحد، تنزل من أعلى الجبل من اتجاه الشرق لأغراض النهب.
وأكد المصدر أن جبل مرة في الأجزاء التابعة لولاية وسط دارفور “نظيف” ولا توجد أي مناطق تحت سيطرة عبد الواحد محمد نور، مبينا أن المناطق التي ذكرتها الحركة تتبع لولاية جنوب دارفور.مرجحاً أن يكون نشاط حركة تحرير السودان بقصد تسليط الأضواء سياسيا على عبد الواحد “بعد أن فقد المعارضة والحكومة”.
معارك الأهداف الأساسية
ولكن الباحث بكلية القانون بجامعة لندن احمد حسين ادم اتفق مع المتحدث الرسمي لحركة جيش تحرير السودان في ان ما يجري في دارفور منطقة جبل مرة هو محاولة لتكملة الأهداف الأساسية والابادة الجماعية، موضحاً أن ما يجري الآن هو المرحلة الأخيرة للابادة وعملية تغيير التركيبة الديمغرافية.
وأضاف “الحكومة مستفيدة من اشياء اساسية اولها غض طرف المجتمع الدولي عن شاكلة هذه الجرائم الذي أصبح منشغلاً بالإرهاب والهجرة وغياب دور اليونميد وغض طرف الإعلام بكافة مكوناته عن ما يحدث، فما يقع على المواطنين بدافور عو عبارة عن عملية تامر مزدوج بين اليوناميد والمجتمع الدولي ووسائل الإعلام”.
. هذه مرحلة خطيرة تجعل من دارفور مستعمرة جنجويديه. وفي التعليق على تصريحات الحكومة السودانية القائلة بان دارفور مستقرة ولا حرب فيها قال حسين “دارفور ليست مستقرة وما يجري الان هو خير دليل والاستمرار في هذا سيقود الى تفكيك السودان.
” الخطة الجهنمية هي الأرض المحروقة هي انتقام ضد المدنيين وانتهاك حقيقي للقانون الدولي الإنساني متهماً الحكومة بالاهتمام بالموارد بالمنطقة على حساب المواطن”.